الهدوء وتاثيره في بناء الشخصية .
الهدوء :
ركن ترتكز عليه جميع الدارسات,
في كل تكوين نفسي صحيح.
والهدوء نفسه أكبر عامل مؤثر في تحصيل
التأثير على الآخرين. نحن نأتي جميعاً,
على هذه الدنيا, ولكل منا مزاج خاص,
يسيطر عليه لون خاص من ألوان الهدوء أو القلق
و لا مفر للجميع من تحصيل السيطرة على النفس
ودراسة وسائل هذه السيطرة,
والقيام بما تقتضيه من جهود,
بغية الوصول إلى الهدوء النفسي.
معنى الهدوء :
ولكن ما هو الهدوء الذي ننشده؟
وما هو معناه؟
إذا كان كل ما حولك من ظروف وحالات وأوضاع شخصية,
يحتم الهدوء ويفرضه, يصبح من السهل أن تكون هادئاً,
غير أن الهدوء الذي أدعو إليه شيء غير هذا:
أنه موقف تتخذه في داخلك, في سريرتك,
في قرارة نفسك رغم المعارضات التي تقاومك,
والمصاعب التي تواجهك, والمزعجات التي تبلبلك,
والأحزان والمصائب والأرزاء التي تتألب عليك
في ساعة أو ظرف أو زمن.
إنه ضرب من “التماسك” الذاتي الصميم
يجعلك تجاه الحادث المؤلم, كأنه لم يحدث.
هذا الهدوء لا يتم في أن تحلم به,
وإنما يتحقق بالاجتهاد الدائم الدائب في كل لحظة,
بالانقطاع عن الماضي وما فيه من دواعي
الندم والأسى والاضطراب,
بتغيير نظام الحياة اليومية,
واقتلاع العادات المتأصلة,
والانصراف أخيراً إلى العمل والإنتاج,
ثم يجب أن لا تخلط بين الهدوء واللامبالاة,
أو بين الهدوء وبلادة الحس
فالهادئ هو :
الذي يضع السدود أمام أحاسيسه ويحفر لها القنوات
التي تسير فيها,
ويوجهها لما فيه سروره وسرور الناس من حوله,
وبلادة الحس تعني عدم المبالاة بأي حدث
مهما كان وعدم اتخاذ أي موقف حيال الحدث.
الولع بالهدوء :
أفضل ما يساعد على بلوغ هذا الهدوء الذي اصف,
أن تتمثل دوماُ الفوائد التي تعود عليك منه,
والمتاعب التي تتجنبها بواسطته.
إليك صفات الإنسان الهادئ مفصلة واضحة
يمكنك أن تجعلها قاعدة تنطلق منها :
– أعصاب الهادئ :
وعضلاته مرنة شديدة,
وهي تحتفظ دوماً بتوازن عادي,
ودرجة معتدلة من الراحة والاسترخاء,
وذلك مما يسهل عليها أداء وظائفها الطبيعية في
داخل الكيان الجسمي.
– الهادئ يفكر :
باستقامة, نحو هدف تلتقي عنده
جميع الأفكار الفرعية.
ويظل انتباهه منصباً على ما ينفذ من قرارات,
ولا يبذر طاقته الفكرية سدى.
– استقامة الهادئ :
تبدو في عاداته, وتتمثل في مسلكه اليومي,
فهو يبدأ عمله في ساعة موقوتة,
ويسير فيه دون إسراع,
ويشتغل بما يعود بالنفع عليه وعلى غيره,
وينال أقصى ما يستطيع من إنتاج
بأقل ما يمكن من التعب.
– الهادئ يفيد :
من أيام راحته وساعات فراغه
لأنه يعيش متملياً من حاضره
ولا يرهق نفسه بأحزان الماضي
ولا بمخاوف المستقبل.
– الهادئ يمتنع :
بطبيعته من إظهارتبرمه في حضور الآخرين
كما يمتنع عن إبراز انهماكه بهم.
وهو يصغي لما يلقى إليه دون أن يبالغ في التعجب
أو التواضع أو الامتنان أو أي رد فعل داخلي.
– الهادئ يسيطر :
على ما قد يشعر به من فراغ صبر أو غضب,
أو حدة, ويحتفظ في جميع محادثاته,
باعتدال موزون كي يتمكن من التأثير في الناس.
– الهادئ يتكلم :
بدقة ووضوح وإيجاز.
وليس لكلامه تدفق العجول الذي يريد التخلص
من عبء يرهقه, ولذا,
يفهم كلامه كل من يسمعه.
– حضور الهادئ :
يشيع الطمأنينة في نفوس الحاضرين,
ويجعلهم يشعرون معه بأنس,
وإقبال على الحياة.
– لا يتقبل الهادئ :
شيئاً مما يعرض عليه من أفكار وآراء,
إلا ويطيل النظر فيه,
ويتثبت من صحة ما يوحى إليه,
كائناً من كان الموحي.
ولا يوافق أحد إلى فرض اقتناع عليه
انتزاع قرار منه,
فهو في يقظة دائمة تتيح له تدبر الآراء,
وتأمل العواقب.
-المفاجآت,
والمعاكسات,
وخيبة الأمل,
والصدمات
وما إليها من الأحداث أشياء لا تزعزع كيانه,
ولا تضعضع توازنه.
فهو يبتعد عن مواطن الضجة والصخب,
دون أن ينفق طاقاته في النواح والعويل
والارتباك والشكوى,
ويتخذ بكل برود,…
و يجب علينا ان نكون هادئين