انها ليست نكته أو مزحه انما هي حقيقة غريبة، يؤكدها التاريخ وتبرهن عليها الجغرافيا فاليابان مثلا لا يوجد بها ثروات طبيعية، وأغلب مناطقها ذات مناخ قاس عاصف وأراضيها مهيأة للزلازل والهزات الأرضية ، ومن منا ينسي اعصار تسونامي الاخير الذي دمر فى طريقه كل شئ وكبد اليابان خسائر تجاوزت 100 مليار دولار.
أما الصومال فتتميز بمساحات منبسطة من التلال والهضاب ، وفي الجنوب نهري “جوبا” و”شبيلي”، كما أن المراعي الطبيعية تغطي 50% من مساحتها مما يجعلها من الدول الغنية بالثروة الحيوانية، وكذلك الثروة السمكية لإمتلاكها سواحل ممتدة على المحيط الهندي وخليج عدن، بالإضافة إلى قدر كبير من الثروات المعدنية ومنها اليورانيوم والغاز الطبيعي. وللصومال أيضا موقعا استراتيجيا هاما لسيطرتها على بوغاز باب المندب وطرق التجارة العابرة له.
أما اليابان فبعد الضربة التي لحقت بها في عام 1945 والتي أدت الى مقتل 700 ألف نسمة، أصبح الإنتاج الياباني لايزيد عن10%، ولم يكن يتوفر لديها أنذاك سوى مورد واحد هو زراعة الأرز، فكانوا يبيعونه بسعر عال ويستوردون أرزاً من الخارج بسعر أقل، كما توجهت البلاد لاستقطاب الشركات الأمريكية لإنشاء قاعدة صناعية، وقامت بتحويل جميع المصانع الحربية إلى مصانع للسيارات وصناعات أخرى، وقامت الإدارة اليابانية باستقدام خبراء أمريكان وخصصت لكل خبير ثلاثة يابانيين، يعملون معه ويلاصقونه كظله، يتعلمون منه، ويحملون حقيبته ويقرؤون أفكاره حتى وصلت بهم إلى حد البحث في مسوداته ، وابتكرت ما يسمى بالوظيفة الدائمة وهي درجة تمنح لكل موظف أمضى عشر سنوات في عمله حتى يتحقق له الاستقرار في حياته، ويترسخ لديه الولاء لشركته، ولإفساح المجال لتجديد الدماء ودخول الأفكار الشابة حددت اليابان سن التقاعد عند 55 عاماً، وبعد ذلك يتم الاستفادة من تلك الخبرات في الشركات والمؤسسات الصغيرة لتنميتها وتطويرها.
اعتقد أننا الان عرفنا كلمة السر ومفتاح اللغز في أن تتحول اليابان الفقيرة ذات الطبيعة المقفرة المجدبة لتتصدر كبري اقتصادات العالم، وتتحول الصومال الغنية الى مدينة أشباح تنتظر المساعدات من كافة الدول.. في الحقيقة السر الكبير هو “الإدارة“… وأشياء أخرى.