كان للتحولات الفكرية الجذرية في مفاهيم وتقنيات الإدارة المعاصرة تأثيراتها الواضحة على مفاهيم إدارة الموارد البشرية بدرجة واضحة. وتتمثل أهم تلك التأثيرات فيما يلي:- تغير النظرة إلى إدارة الموارد البشرية من كونها مجموعة أعمال إجرائية تتعلق بتنفيذ سياسات ونظم العاملين، إلى اعتبارها وظيفة استراتيجية تتعامل مع أهم موارد المنظمة وتتشابك مع الأهداف والاستراتيجيات العامة لها.- الانطلاق بفكر إدارة الموارد البشرية من الانحصار في مشكلات الاستقطاب والتوظيف للعاملين حسب احتياجات الإدارات التنفيذية المختلفة إلى الانشغال بقضية أكثر أهمية وحيوية وهي إدارة الأداء وتحقيق الإنتاجية الأعلى وتحسين الكفاءة والفعالية.- الارتفاع بمستوى القائمين على أعمال إدارة الموارد البشرية إلى مرتبة الإدارة العليا، فقد أصبحت وظيفة إدارة الموارد البشرية في كثير من المنظمات تعادل في مستواها التنظيمي إدارات الإنتاج والتسويق والتمويل.- إدماج أفكار وتقنيات إدارة التنوع في فلسفة إدارة الموارد البشرية للتعامل بكفاءة مع مختلف نوعيات العاملين في المنظمات ذات الاتجاه نحو العولمة.- الانتشار في عمليات البحث والاستقطاب إلى سوق العمل العالمي وعدم الانحصار في السوق المحلي بحثاً عن أفضل العناصر وأكثرها قدرة على تحقيق أهداف المنظمة بغض النظر عن اعتبارات الجنسية والمواطنة التقليدية.- النظر إلى مهام إدارة الموارد البشرية باعتبارها عمليات متكاملة ومترابطة، وليست إجراءات مستقلة ومنقطعة الصلة. وبهذا يمكن استثمار المعلومات والخبرات الناشئة من بعض العمليات في تطوير وتحسين كفاءة عمليات أخرى.- اعتبار تكلفة المهام التي تتولاها إدارة الموارد البشرية [مثل نفقات التدريب والتنمية، ونفقات تطوير النظم، ونفقات بناء استراتيجيات الموارد البشرية] على أنها نفقات استثمارية تدر عائداً على الاستثمار وليست مجرد نفقات إيرادية بدون مردود.- إدماج تقنيات المعلومات والاتصالات في عمليات إدارة الموارد البشرية والتحول نحو نظم وتقنيات إدارة الموارد البشرية الإلكترونية.- تبني مفاهيم وتقنيات إدارة الجودة الشاملة في عمليات إدارة الموارد البشرية، واعتبار مختلف الإدارات التي تخدمها إدارة الموارد البشرية بمثابة العملاء الداخليين الذين يجب العمل على إرضائهم.- نشر فكر إدارة الموارد البشرية بين مختلف المديرين والمشرفين، واعتبار كل منهم مسئولاً عن الموارد البشرية وليس فقط فريق المتخصصين العاملين في التقسيم التنظيمي المختص بشئون الموارد البشرية.
والخلاصة أن ما حدث ويحدث في العالم المعاصر من تغييرات وتحولات قد وجدت طريقها للتأثير في أوضاع المنظمات وفكر الإدارة، ونتج عن ذلك فلسفة جديدة ونموذج إداري متطور يختلف عن مفاهيم وأفكار الإدارة التقليدية التي سادت في عصر ما قبل المعلومات والتقنية. وامتد تأثير الإدارة الجديدة إلى إدارة الموارد البشرية كي تتحول إلى فلسفة وتقنيات جديدة ومختلفة تضع الإنسان في قمة اهتماماتها، وتدمج استراتيجياتها وبرامج عملها في البناء الاستراتيجي للمنظمة.