المتابع لما أسفرت عنه الجمعيات العامة للشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية والتى عقدت على مدار الأسبوع الماضى يقف مشدوهاً من كم الصراحة والمعلومات التى نقلت من خلال تلك الجمعيات وكشفت الكثير من أسرار انهيار قلاع مصر الصناعية على مدى ثلاثة عقود ماضية، بمنتهى الصراحة والوضوح يعلن السفير ياسر النجار رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة أن نتائج الأعمال التى تتم مناقشتها للشركات المختلفة تحمل بين طياتها سراً خطيراً وهو إهمال ممتد لأى إجراء تطوير واستثمار وإدخال تكنولوجيا حديثة فى تلك الشركات منذ 30 عاماً كاملة كانت كافية بالقضاء على مقومات البقاء فى العديد من تلك الشركات. فها هى شركة باتا التى كانت ملاذ الطبقة الوسطى فى مصر أصبحت فى خبر كان رغم ما تملكه من أصول ومن تاريخ قديم، الأمر الذى دفع الشركة التى تحاول مقاومة الموت إلى وضع خطة لاستغلال 22 فرعاً مغلقاً بالشركة منذ سنوات.
وكشفت جولة قام بها النجار لتفقد ورش وعنابر شركة مطابع محرم بالإسكندرية، أن الآلات والمعدات لم يتم تحديثها منذ 30 عاماً تقريباً، واتضح أن الشركة تحتاج فى أولويات الخطة إلى تطوير ماكينات الكرتون المضلع، والتى تتطلب تغيير رولى ستان وسنترات وبعض المعدات لرفع جودة المنتج النهائى. بإجمالى تكلفة بحسب الدراسة الفنية التى تم إعدادها 500 ألف دولار، وهو ما يعادل 10 ملايين جنيه تقريباً، سيستغرق تنفيذها ما بين 4 إلى 6 أشهر، تدهور إنتاج مطابع محرم أدى إلى أن الشركة الشرقية للدخان «ايسترن كومبانى» كانت قبل ذلك ترفض العينات السابقة من اﻷبومنيوم فويل التى تعرضها مطابع محرم عليها من الكرتون، بسبب ضعف الجودة. وكانت نتائج أعمال الشركة قد أشارت إلى تحقيق خسائر وصلت إلى 33.9 مليون جنيه مقابل 36.9 خسائر عن العام المالى السابق 2015/2016.
أما شركة مصر لصناعة الكيماويات فهى تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه عن طريق مصنع جديد بلغت تكلفته الاستثمارية نحو 180 مليون جنيه، واستغرق تطويره 24 شهراً بخبرات شركة «اودا» الألمانية ويعد التطوير الأول من نوعه فى الشركة العريقة منذ 21 عاماً.
ومن المثير للحزن أن عدد الشركات التى تحت التصفية فى القابضة للكيماوية كبير، ومنها شركة مصر للصباغة التى تم مد أجل تصفيتها لمدة 6 أشهر، وكذلك شركة النيل للكبريت التى حصلت أيضاً على مد فترة التصفية إلى 6 أشهر. كما أنقذت الجمعيات شركة النصر للأجهزة الكهربائية والإلكترونية «نيازا» من التصفية، حيث تخطت خسائرها نصف رأس مالها، ولكن للأسف أطاحت المرتجعات وسوء التصنيع بمجلس الإدارة، حيث تقدم باستقالة جماعية بعد انهيار مستوى الإنتاج بالشركة، وهو الأمر الذى حذرت منه الوفد منذ 6 أشهر بعد أن زاد طابور المرتجعات بالشركة وتراجع مستوى الإنتاج بصورة خطيرة.
وفى الأيام القادمة تعقد الجمعيات العامة لشركات الأسمدة التابعة للقابضة بالإضافة إلى شركة القومية للأسمنت التى تواجه المجهول فى الفترة القادمة، فهل تؤدى ثورة التصحيح فى القابضة الكيماوية إلى إنقاذ القومية للأسمنت أيضاً بعد أن تأزم موقفها وتزايدت خسائرها، وأصبح الحل الوحيد فى قروض التمويل من الخارج، فهل تشهد الأيام القادمة قراراً فى هذا الاتجاه لإنقاذ آخر قلاع صناعة الأسمنت التابعة للدولة من الانهيار التام.