لقد تعاظمت في الآونة الأخيرة أهمية حوكمة الشركات بشكل كبير لتحقيق التنمية وتعزيز الرفاهية الاقتصادية للشعوب . إذ برزت هذه الأهمية بعد
ألازمة المالية الآسيوية 1997 – 1998 ، والانهيارات والفضائح التي طالت كبريات الشركات ، مثل شركة انرون Enron للطاقة وما تلا ذلك من سلسلة اكتشافات تلاعب الشركات في قوائمها المالية التي كانت لا تعبر عن الواقع الفعلي لها ، وذلك بالتواطؤ مع كبرى الشركات العالمية الخاصة بالتدقيق والمحاسبة ، وهو ما جعل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD * تصدر مجموعة من القواعد لحوكمة الشركات الخاصة في سنة 2004 ولحوكمة الشركات المملوكة للدولة في سنة 2005 .
فعلى الصعيد الاقتصادي أخذت تتنامى أهمية القواعد السليمة لحوكمة الشركات ، وهو الأمر الذي أكده Winkler بشدة ، حيث أشار إلى أهمية حوكمة الشركات في تحقيق التنمية الاقتصادية وتجنب الوقوع في مغبة الأزمات المالية ، وذلك من خلال ترسيخ عدد من معايير الأداء ، بما يعمل على تدعيم الأسس الاقتصادية في الأسواق وكشف حالات التلاعب والفساد المالي والإداري وسوء الإدارة ، بما يؤدي إلى كسب ثقة المتعاملين في هذه السواق ، والعمل على استقرارها والحد من التقلبات الشديدة فيها ، وبالتالي تحقيق التقدم الاقتصادي المنشود .
أما منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ( OECD ) فترى إن الحوكمة احد عوامل تحسين الكفاية الاقتصادية والنمو الاقتصادي ، بالإضافة إلى تعزيز ثقة المستثمرين . وان وجود نظام حوكمة فعال في أي شركة وفي أي اقتصاد بشكل عام ، يساعد في توفير درجة من الثقة ضرورية لكي يعمل الاقتصاد بشكل جيد . ونتيجة لذلك تكون تكلفة رأس المال منخفضة ، وان الشركات تشجع على استعمال الموارد بكفاية أكثر ، وبذلك تعزز النمو الاقتصادي . ويذهب رئيس البنك الدولي Wolfensohn ابعد من ذلك في تقييمه لأهمية حوكمة الشركات ، إذ انه يقول ” إن حوكمة الشركات مهمة ألان في عالم الاقتصاد كأهمية حكم البلدان .
وفي الجانب المحاسبي والرقابي تتجسد أهمية الحوكمة بما يأتي :
1 . محاربة الفساد المالي والإداري في الشركات وعدم السماح بوجوده او عودته مره أخرى .
2 . تحقق ضمان النزاهة والحيادية والاستقامة لكافة العاملين في الشركة بدءا من مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين حتى أدنى مستوى للعاملين فيها .
3 . تفادي وجود أخطاء عمديه أو انحراف متعمد كان أو غير متعمد ومنع استمراره أو العمل على تقليله إلى أدنى قدر ممكن ، وذلك باستخدام النظم الرقابية المتطورة .
4 . تحقيق الاستفادة القصوى من نظم المحاسبة والمراقبة الداخلية ، وتحقيق فاعلية الإنفاق وربط الإنفاق بالإنتاج .
5 . تحقيق قدر كاف من الإفصاح والشفافية في الكشوفات المالية .
6 . ضمان أعلى قدر من الفاعلية لمراقبي الحسابات الخارجيين ، والتأكد من كونهم على درجة عالية من الاستقلالية وعدم خضوعهم لأية ضغوط من مجلس الإدارة أو من المديرين التنفيذيين .
أما على الصعيد الاجتماعي فيذكر مركز الحوكمة في الجامعة التكنولوجية في سدني ( UTS ) * إنها تهتم بتحقيق التوازن بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية . ويشجع إطار حوكمة الشركات الاستخدام الكفء للموارد وضمان حق المساءلة عن السيطرة عليها ، ويهدف إلى ربط مصالح الأفراد والشركات والمجتمع بشكل عام . وفي ذات الاتجاه يؤكد Hitt et al. إن حوكمة الشركات ذات أهمية كذلك للشعوب ، إذ يرغب كل بلد أن تزدهر وتنمو الشركات العاملة ضمن حدوده لتوفير فرص العمل أو الخدمات الصحية ، والإشباع للحاجات الأخرى ، ليس لتحسين مستوى المعيشة فحسب بل لتعزيز التماسك الاجتماعي .