بعض الموضوعات المعاصرة في المحاسبة الإدارية
5-1- أساليب تقويم الأداء الحديثة:
إن المؤشرات المالية التقليدية التي يتشدق بها المحاسبون تعاني الكثير من التشوهات مما يجعل الاعتماد عليها دون غيرها لأغراض تقويم الأداء غير مقبول خاصة في عالم متحول يشهد يوماً بعد يوم تغيرات تكنولوجية واقتصادية حادة وصراعات ثنائية شديدة ويعتبر موضوع قياس وتقويم أداء مشروعات الأعمال من أحد الموضوعات التي حظيت بمزيد من الاهتمام من جانب كل الباحثين والممارسين في مجال المحاسبة الإدارية والإدارة على حد سواء.
كما يحتل موضوع تقويم أداء الشركات على وجه الخصوص أهمية كبيرة ومتزايدة في الوقت الراهن نظراً للتطورات التي طرأت على ظروف المنافسة العالمية وما أحدثته من ضغوط نحو ضرورة تحسين أداء الشركات وما جلبته من فرص للدخول في الأسواق وتقديم منتجات متطورة وذات تقنيات عالية.
حيث أن الكثير من المقاييس المحاسبية مثل العائد على حقوق الملكية ، العائد على الموجودات ، ربحية السهم العادي وغيرها محاصرة بالعديد من الانتقادات لعل أبرزها:
1. إنها انعكاس لنتائج تاريخيةوليست مستقبلية .
2. تميل المؤشرات المالية إلى تعظيم الاهتمام بالنتائج قصيرة الأجل دون الاهتمام بالنتائج البعيدة طويلة الأجل.
3. لا تترجم المقاييس المالية إستراتيجية مشروعات الأعمال والخطط المرسومة للإدارة والموظفين.
4. إن المؤشرات مستوحاة في الأصل من قوائم مالية تعاني هي الأخرى من عيوب جوهرية هيكلية مثل استخدام القيم التاريخية والتقديرية الشخصية وإهمال محاسبة الأصول البشرية.
إذا كانت تلك الانتقادات لا تبدو كافية فلنأخذ مثالا يكشف لنا عن محدودية الاعتبارات المالية وحدها . تولي الإدارات الموازنة التقديرية اهتمام بالغ يستهلك معه الكثير من الوقت والجهد ورغم أن الاعتماد على الموازنة التقديرية في تقويم أداء الموظفين لا يخلو من عدد من العيوب من أهمها:
1. تسليط الضوء على الأهداف قصيرة الأجل على حساب الأهداف طويلة الأجل .
2. حرمان المنشأة من استثمار بعض الفرص السانحة بحجة عدم تجاوز الموازنة .
3. قلة مرونتها وعدم واقعيتها أحياناً.
ولذلك طرحت العديد من التساؤلات بشأن مداخل وأنواع المقاييس المستخدمة لقياس الأداء. وبالنسبة للمداخل فقد تعددت توجهاتها المحاسبية والإدارية وكذلك المفاهيم النظرية التي تستند إليها.
ففي المجال المحاسبي، انصب الاهتمام على مدخل تحليل القوائم المالية لقياس الأداء المالي والمداخل المعتمدة على دراسة الأنشطة لقياس الأداء التكاليفي لمشروعات الأعمال، أما بالنسبة للمقاييس المستخدمة لقياس الأداء فهي نوعين من المقاييس وهما: المقاييس المالية والمقاييس غير المالية للأداء حيث أنه من الضرورة التكامل بين مقاييس الأداء المالية ومقاييس الأداء غير المالية لزيادة فعالية دور المحاسبة الإدارية في مجال تقويم الأداء والتحسين المستمر.
وفيما يلي نتناول مداخل تقييم الأداء في مجال المحاسبة الإدارية:
يركز هذا القسم على مدخلين أساسين وهما مدخل تحليل القوائم المالية ومدخل التكلفة المعتمدة على الأنشطة.
المدخل الأول: مدخل تحليل القوائم المالية (Financial Statement) Analysis
يهدف هذا التحليل إلى استخلاص معلومات ذات دلالة ترتبط بأنشطة الشركة. ربحيتها، والكفاءة ودرجة المخاطرة. ويتم القيام بهذا التحليل من خلال الاعتماد على القوائم المالية الأساسية وهي الميزانية، قائمة الدخل ، قائمة الأرباح المحتجزة، قائمة التدفقات النقدية . ويعتمد هذا التحليل على استخدام عدد من المؤشرات والنسب التي تتعلق بالمتغيرات المالية مثل الربحية والسيولة والاقتراض ويختلف نوع المعلومة المطلوبة من تحليل القوائم المالية اعتمادا على نوع المستخدم للمعلومة ويمكن تقسيم مستخدمي المعلومات بعدة طرق اعتماد على طبيعة علاقتهم بالشركة أو نوعية المعلومات التي يطلبونها . ومن أحد التصنيفات المستخدمة: أطراف خارجية مثل حملة الأسهم وأطراف وسطية مثل المحللين الماليين وأطراف داخلية مثل المديرين.
وبطبيعة الحال لا يمكن أن يستدل على شيء من الأرقام الواردة بالقوائم إلا من خلال مقارنتها مع بيانات مالية أخرى ولكي يمكن إجراء المقارنات فهناك عدة أسس لذلك :
1. المقارنة داخل الشركة الواحدة (Intracompany basis)
إجراء المقارنات بين بيانات الشركة الواحدة عبر فترات زمنية مختلفة لاكتشاف التغيرات في العلاقات المالية والاتجاهات الهامة.
2. المقارنة مع شركات أخرى (Intracompany basis)
إجراء المقارنة مع شركات أخرى لتوضيح الموقف التنافسي للشركة مقارنة مع الشركات الأخرى في نفس النشاط.
3. المقارنة مع متوسطات الصناعة ( Industry averages)
إجراء المقارنة مع متوسطات الصناعة من خلال المعلومات اللازمة للتعرف على الموقف النسبي للشركات داخل الصناعة.
وتشير الكتابات السابقة إلى أن هناك العديد من الأدوات المستخدمة في تحليل القوائم المالية ومن أهمها أدوات التحليل التالية:
1.التحليل الأفقي (Horizontal analysis)
وهو أسلوب لتقييم سلسلة من بيانات القوائم المالية عبر فترات زمنية مختلفة. ويهدف إلى تحديد الزيادة والنقص الذي حدث معبر عنه إما في شكل رقم أو نسبة.
2. التحليل الرأسي ( Vertical analysis )
وهو أسلوب لتقييم بيانات القوائم المالية حيث يعبر عن كل عنصر داخل القائمة المالية في شكل نسبة مئوية من الرقم الأساسي في فترة معينة.
المدخل الثاني: المداخل المعتمدة على الأنشطة ((Activity – based approaches
وتستند هذه المداخل على افتراض أساسي وهو أنه لكي يتم فهم كيفية استخدام الموارد، فإنه من الضروري تحليل الأنشطة المؤداة. وترجع أهمية هذه المداخل إلى أنها تقيس أداء عنصر التكلفة باعتباره من أحد الأهداف الإستراتيجية لمشروعات الأعمال. وتقسم هذه المداخل إلى نوعين وهما:
1. مدخل التكلفة المعتمدة على النشاط(Activity-based costing)
وهي منهج لقياس تكلفة وأداء الأنشطة، الموارد، نواتج التكلفة، ويتم تخصيص الموارد على الأنشطة، ثم يتم تخصيص الأنشطة على المحصلة النهائية للتكلفة cost objects اعتمادا على معدلات استخدامها.
2. الإدارة المعتمدة على النشاط (Activity-based management)
هي نظام ركز على إدارة الأنشطة باعتبارها مسار لتحسين القيمة المحققة للعميل والربح المتحقق من خلال تزويد هذه القيمة ويتضمن هذا النظام ثلاثة مكونات أساسية وهي :
1.تحليل مسببات التكلفة (Cost drivers analysis)
يعرف بأنه فحص وتحديد رقمي وتفسير للآثار الناجمة عن مسببات التكلفة.
2. تحليل الأنشطة (Activities analysis)
يعرف بأنه تحديد و توصيف للأنشطة الموجودة داخل المنظمة.
3. قياس الأداء (Performance measurement)
يعتبر قياس أداء النشاط مكوناً هاماً لنظام قياس الأداء الكلي للمنظمة حيث أنه يمكن الربط بين الأنشطة وتحقيق التكامل بينها وبين نظام قياس أداء المنظمة.
5-2- الرقابة على تكاليف الجودة الشاملة.
أصبحت جودة السلعة من أهم العوامل المؤثرة في توزيعها نظرا للمنافسة المتزايدة بين المنتجين وكثرة تنوع السلع التي تشبع حاجة معينة لدى المستهلك مما أتاح له فرصة اختيار السلعة الجيدة ذات المزايا والاستخدامات الأفضل.
وتبعا لذلك فقد زادت أهمية الأخذ بأساليب الرقابة على الجودة ومحاربة أي نقص في كمية الإنتاج خلال مراحل التشغيل، وخاصة بعد الارتفاع في أسعار الخامات والآلات وأجور العمال، مما دعى العلم إلى التدخل لرفع مستوى جودة الإنتاج وتخفيض تكلفته ومحاربة أي نقص في الخامات أو المنتجات أو الأصول الأخرى.
إن الجودة من وجهة نظر المستهلك هو أعلى مستوى جودة يمكن الحصول عليه في حدود الثمن المطلوب لامتلاك أو استعمال السلعة، والمستهلك ينظر إلى الجودة من النواحي الآتية:
مظهر السلعة، طريقة التجهيز النهائي للسلعة، قوة احتمال السلعة، طريقة تكوين السلعة.
بينما الجودة في نظر المنتج هي أعلى مستوى جودة للسلعة يمكن الحصول عليه في حدود الثمن المقدر للسلعة، وهو يركز على اتجاهين هما:
1. تصميم السلعة ومستوى جودة التصميم بالنسبة للمنتجات البديلة أو قيمة هذا المستوى عند المستهلك.
2. تنفيذه هذه السلعة داخل مصنعه ومستوى مطابقة التنفيذ للمعايير الموضوعة للتصميم.
إن المنتج يتطلع لإنتاج سلعة تتميز بالكمال من النواحي الفنية ولكن يقف أمام هذه الرغبة ارتفاع تكلفة السلع المنتجة بهذه المميزات مما يؤدي إلى صعوبة تصريفها وفتح المجال أمام السلع المنافسة إلى اكتساح السوق.
تعريف الجودة:
يعرفها مهندسي الإنتاج بأنها تطوير الإنتاج بحيث يتمكن المصنع من إظهار منتج معين بأحسن صورة لإرضاء العميل مستخدما أفضل طرق لتنفيذ ذلك.
ويرى رجال الصناعة أن الجودة هي الفجوة بين ما صنع فعلا وبين المعايير الموضوعة وتتحسن جودة الإنتاج كلما ضاقت هذه الفجوة وتقل درجة الجودة كلما زادت هذه الفجوة.
والتعريف الحديث للجودة هي الدرجة التي يشبع بها منتج معين حاجات مستهلك هذا المنتج في حدود اقتصادية معينة وتحقق للمنتج ربحا مجزياً.
قياس تكاليف الجودة:
إن قياس تكاليف الجودة وترجمتها في صورة مالية تفهمها الأطراف المختلفة التي تهتم بدراسة الجودة يعد أمراَ ضرورياً ويحقق العديد من المنافع منها :
1. توفير بيانات كمية تفيد في تقويم مقترحات الاستثمار في مجال تحسين وتطوير الجودة.
2. تحفز المسؤولين في المستويات الإدارية المختلفة على الدراسة والفحص لبرامج تحسين وتطوير الجودة.
3. ترشيد إعداد الموازنات سواء الجارية أو الرأسمالية لاستغلال الموارد المتاحة لبرامج تحسين وتطوير الجودة.
أنواع تكاليف الجودة:
يمكن تبويبها لأغراض قياسها إلى:
1. تكاليف رقابة الجودة: وتتضمن جميع التكاليف المرتبطة بالأنشطة اللازمة لضمان إنجاز الأعمال وفق الجودة المخططة مسبقا. والعمل على منع حدوث إنتاج تالف أو معيب منذ البداية وتشمل أيضاً التكاليف المرتبطة بأنشطة فحص وتقويم مدى صلاحية وجودة الإنتاج ومخرجاته، وتنقسم إلى:
أ- تكاليف المنع:
وهي جميع التكاليف التي تتحملها المنشأة لأجل منع حدوث إنتاج غير مطابق للمواصفات المحددة مسبقاً وتبدأ هذه التكاليف مع المراحل الأولى لإنتاج المنتج أي مع عملية تصميم المنتج وشراء المواد وتحديد العمالة المطلوبة بجودة معينة وتخطيط الأنشطة اللازمة للتحقق من صلاحية المنتج، والصيانة المانعة لجميع الأجهزة والمعدات وبرامج التدريب والتعليم المرتبطة بتحسين وتطوير الجودة.
ب – تكاليف الفحص والتقويم:
تشمل تكلفة جميع الأنشطة المرتبطة بفحص وتقويم مدخلات الإنتاج ومراحل الإنتاج، والإنتاج النهائي والتحقق من مطابقته للمواصفات، والعمل على منع شحن الإنتاج المعيب إلى العملاء.
2. تكاليف الفشل في رقابة الجودة: تنشأ هذه التكاليف عن قصور أنشطة رقابة الجودة في تحقيق مستوى الجودة المستهدف وتنقسم إلى:
أ- تكاليف الفشل الداخلي:
وتضمن جميع التضحيات التي تتحملها المنشأة نتيجة فشل أنشطة رقابة الجودة في أداء وظائفها وفقاً لبرامج مراقبة الجودة المخططة خلال المراحل المختلفة من وقت استلام مستلزمات الإنتاج من الموردين حتى تسليم المنتجات ( سلع أو خدمات) للعملاء.
وتتضمن تكاليف الفشل الداخلي العناصر الآتية:
1. التضحيات المترتبة على تخريد الإنتاج المعيب.
2. التضحيات الناتجة عن إصلاح الإنتاج المعيب.
3. التضحيات المترتبة على بيع الإنتاج المعيب بسعر أقل.
ب- تكاليف الفشل الخارجي:
وتتضمن جميع التضحيات التي تنشأ من قصور أنشطة المنع والتقويم في منع وصول الإنتاج المعيب إلى العملاء, وبعبارة أخرى فهي تشمل جميع التضحيات التي تترتب على عدم وفاء المنتج ( سلعة أو خدمة ) باحتياجات ورغبات العملاء وتتضمن تكاليف الفشل الخارجي العناصر الآتية:
1. التعويضات والضمانات والمسموحات التي تمنح للعملاء.
2. التضحيات المترتبة على إصلاح الوحدات المرتجعة من العملاء.
3. التضحيات المترتبة على فقد المنشأة لجزء من حصتها في السوق.
دور المحاسب الإداري في مجال مراقبة الجودة:
يظهر دور المحاسب الإداري في وضع وتصميم نظم لقياس تكاليف الجودة، حيث أن معظم نظم التكاليف غير مصممة لقياس ورقابة الأنواع المختلفة من تكاليف الجودة. ووجود مثل هذا النظام يساعد على:
1. توفير معلومات عن حجم وتكاليف الجودة.
2. التعرف على مكان وتوقيت الإجراءات المصححة للوحدات المعيبة وبالتالي المساعدة في اتخاذ بعض القرارات مثل استخدام مادة أولية جديدة، أو تغيير تصميم المنتج.
3. تسهيل مهمة إعداد تقارير تكاليف الجودة بصورة موضوعية ودقيقة وبعيدة عن التحيز.