تنمية بشرية

تطوعت نفسك

الكلمة ديه للمهندس هشام نصار وحسيت انها هتكون مفيده هنا ولينا كلنا اليكم الكلمة

هلا طوعت نفسك؟

هشام نصار

التطوع كلمة سهلة الفهم، كبيرة الأثر، تنقل الإنسان من الحالة المادية والبحث وراء شهوات المال والنفس إلى حالة من العطاء وبذل النفس من أجل الآخرين، فكم من الأمم قامت وقويت بجهود أشخاص عملوا ولم ينتظروا عائدا ماديا.. وقبل الدخول في كل هذا دعونا نفهم من أين أتت كلمة تطوع..

مفهوم التطوع

أصلها في اللغة العربية (طاع)، وهو من الطاعة، فإذا رأينا أحد مشتقات (طاع) مثل طوّع مثلا نجدها بمعنى أجبر من أمامه على الطاعة والانصياع لمطالبه وأوامره.. بينما نفهم من كلمة (تطوّع) أي من أطاع برغبته وإرادته واختياره دون تدخل من أحد.

ولكن.. أطاع من؟.. وماذا أطاع؟.. ولماذا؟..وما الفائدة؟..

السؤال الأول؛ أطاع من؟ وهنا قد تأتي الإجابة بسؤال.. فإذا سُئلت: “لم خلقت؟” أراك تقول خلقت لأعبد الله كما قال تعالى: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”.. وكيف هذا؟ بتحقيق رسالتنا التي أعطانا إياها على الأرض وهي تعمير الأرض.

قد يعرف الكثير منكم هذا الكلام، وقد يحفظه البعض منا عن ظهر قلب، ولكن إذا رأينا همنا الشاغل في الدنيا سنجده هو البحث عن الرزق، أو كما يقال بالعامية (الجري ورا الرزق). ونسينا أننا نعمل لهدف آخر غير المال، فالمال ليس إلا وسيلة، لا غاية… إذن فأين التطوع منا وأين نحن منه؟

إذا سألت نفسك سؤال، لماذا أهتم بالعمل ذي المقابل المادي ولا أهتم بالعمل التطوعي؟ فسنجد الإجابة هي كما نخشاها؛ من أجل المال، وهنا يتراءى لي حديث رسول الله (تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد القطيفة) أي الذي يسعى وراء المال والملابس الفاخرة فما لهذا خلق، إذا فتطوعك طاعة لله بتعمير الأرض، وتنقية النفس من السعي وراء الشهوات، فأنت تتطوع لوجه الله، وبحَثٍّ من الله، كما قال تعالى: “فمن تطوع خيرا فهو خير له”.

قد يرى البعض أن التطوع شيء ثانوي لا قيمة له، وغير مؤثر في المجتمع؛ غير أن له تأثيرًا مباشرًا وأساسيًّا في نهضة الأمم، بل يعتبر المعيار الرئيسي لتحضر الأمم الآن هو مدى قوة وتأثير ثقافة التطوع لدى فئات المجتمع المختلفة، ففي العديد من الدول نجد من الطبيعي أن يخصص الشاب من وقته عدة ساعات أسبوعيا للعمل تطوعا بأحد المستشفيات، أو الجمعيات الأهلية، أو المؤسسات الخدمية لتقديم خدمة أو منفعة للمجتمع دون مقابل، فهو بهذا يشعر بأهمية دوره في المجتمع، وبأنه قيمة مضافة للمجتمع.

فائدة التطوع

الفائدة الأولي للمتطوع نفسه؛ فهو مستفيد لأنه:

اكتسب خبرة عملية هائلة يحتاج إليها سوق العمل وقت التخرج ولا يجدها الكثير من الشباب بسبب ضعف ثقافة التطوع لدينا.

يبني شبكة علاقات عامة توفر وتيسر عليه كثيرا في البحث عن وظيفة خالية بعد التخرج.

العمل التطوعي ينمي عنده إحساسا بالانتماء للوطن والمجتمع، مما سيكون له الدافع الأكبر للعمل بعد ذلك بكد واجتهاد وإخلاص.

يسهم في عمل كبير يشعر بأثر مجهوده فيه.

مستفيد لأنه يبني شخصيته مما يزيد ثقته بنفسه التي هي المقوم الأساسي الذي تنجذب إليه الشركات لتعيين موظفيها.

لأنه استطاع أن يثبت أنه مجتهد في عمله، منظم ومرتب، مستثمر لوقته.. وهي جميعا مكملات للمقومات الرئيسية لنجاح الشخص في الحياة والعمل والتوظيف عند الشركات.

ولأنه نهى النفس عن أهوائها، فكما قال تعالى: “وأما من أعطى وأتقى، ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوي”، فأنت إذن بالتطوع مستفيد دنيا ودين.

أما الفائدة على المجتمع فهي ظاهرة واضحة وجلية، فالمتطوع بمجهوده يسهم في توفير طاقة عمل لإحداث نهضة للأمة علميا أو ثقافيا أو اجتماعيا أو صحيا، لمجرد إحساسه بالمسئولية تجاه هذا المجتمع، وبهذا يقل ويضمر الإحساس بالفرقة بين طبقات المجتمع، وتذوب الأحقاد بين الطبقات الاجتماعية.

وحين يغمر نهر التطوع مساره الفارغ في مجتمعاتنا؛ يزيل معه المشاعر السلبية من الحقد والكراهية بين الأفراد، ويظهر أفضل ما في النفس من بذل للمجهود وأخوة في الله واهتمام وحنو بين أفراد المجتمع، فيصبح المجتمع قويا مترابط البنية، مستعدا بكل طوائفه لدخول سباق النهضة الذي بدأ بالفعل.. فإما أن نلحق به ونسبق؛ وإما أن نبقى في مقاعد المشاهدين غير مبالين، ولكن تذكر قول الله تعلى “إن الله لا يغير ما بقوم، حتى يغيروا ما بأنفسهم”، فنحن من بيدنا تغيير الحال بأمر الله.. فإذا أردنا أن يعود صلاح الدين فلنكن مثل التابعين.. وإذا أردنا أن نُحكم بمن هو مثل عمر وأبو بكر فلنكن مثل عثمان وعلي والزبير..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى