أهمية التمويل الدولي
تختلف أهمية تدفقات رؤوس الأموال بين دول العالم باختلاف وجهات النظر بين الدول المقرضة لرأس المال والدولة المقترضة له من ناحية, وباختلاف نوعية رأس المال المتدفق من ناحية أخرى ويكون تحليل أهمية التمويل كما يلي :
1- أهمية التمويل الدولي بالنسبة للدول المقترضة (المتلقية) :تستهدف الدول المتلقية(*) لرأس المال في الغالب :
§ تدعيم برامج وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
§ رفع مستوى معيشة السكان.
§ مواجهة العجز في موازين المدفوعات وسد الفجوة بين الاستثمارات المطلوبة والمدخرات المحققة.
كما يمكن للدول أن تقترض من الخارج لدعم الاستهلاك المحلي والمحافظة على مستوى معيشي معين, فإذا كانت الموارد الخارجية للدولة غير كافية لتمويل الواردات الاستهلاكية, فإن الاعتماد على القروض أو المنح الخارجية يصبح أمرا لا مفر منه لأنه عندما تكون الواردات من الصادرات فإن ذلك يؤدي إلى وجود فجوة في موارد الصرف الأجنبي, ولا بد من سد هذه الفجوة بأحد الأسلوبين :
الأول: عن طريق السحب من الاحتياطيات الخارجية المملوكة للدول.
والثاني: هو الاقتراض الخارجي, وعادة ما يتم اللجوء إلى الأسلوب الثاني إذ كان مستوى الاحتياطيات الخارجية لا يسمح بالمزيد من السحب منه.
كما قد تعلق الدولة أهمية كبيرة على التمويل الخارجي في شكل استثمارات أجنبية مباشرة, وذلك لأن الاستثمارات المباشرة توفر تكنولوجية متقدمة وخبرات إدارية رفيعة المستوى بالإضافة إلى تفاعل المشروعات الممولة من خلال الاستثمارات الأجنبية المباشرة مع الأسواق الدولية, وهو ما يؤدي إلى زيادة الإنتاج من السلع القابلة للتصدير, كما تؤدي إلى توفير فرص توظيف وتحسين جودة الإنتاج.
2- أهمية التمويل الدولي من وجهة نظر الجهات المقرضة :
فمن وجهة نظر الجهات المانحة فإن هناك سيادة للأهداف والدوافع السياسية بالنسبة للتمويل المتدفق من المصادر الرسمية الثنائية ومتعددة الأطراف.
فيؤكد كل من جريفن واينوس (Griffin & Enos) على دور العوامل السياسية في تحديد الدولة المتلقية من ناحية وفي تحديد حجم تدفقات الرأسماليين المتدفقة إليها من ناحية أخرى.
وتحاول الدول التي تمنح قروضا رسمية لدولة أخرى أن تحقق أهدافا عديدة كتصريف الفوائض السلعية لديها وزيادة صادراتها وتشغيل جانب كبير من شركاتها الوطنية في أعمال النقل والوساطة والتأمين والمقاولات وبيوت الخبرة المختلفة بها.
كما ان القروض الرسمية الثنائية ترتبط بضرورة إنفاقها في أسواق الدول المانحة (باستثناء حالات قليلة جدا يتم فيها فتح قروض نقدية ولأهداف خاصة).
كما أن الحصول على قرض معين من دولة أخرى لا يعني إعطاء الدولة المقترضة الحق في استخدامها بحرية كاملة والشراء من أي سوق من الأسواق الدولية وفقا لأجود أنواع السلع وأرخص الأسعار, ولكن الدولة المانحة تريد تحقيق أهداف عديدة منها :
– تحسين صورة الدولة المانحة أمام المجتمع الدولي وإظهارها كدولة تحارب الفقر في العالم.
– حماية مصالح بعض القطاعات الإنتاجية بالداخل كالقطاع الزراعي (الذي ينتج كميات كبيرة ويؤدي عدم تصديرها إلى انخفاض أسعارها وإصابة المنتجين بإضرار جسيمة, ولهذا يمكن التخلص من هذه الفوائض السلعية عن طريق القروض والمساعدات).
– تحمل الدولة المانحة للقرض المشاريع الممولة بالقرض تكاليف النقل والتأمين لدى شركات تابعة للدولة المانحة بالإضافة إلى تكاليف الخبراء والمشرفين.
أما التمويل الدولي متعدد الأطراف: وهو رأس المال الذي يتدفق من المؤسسات الدولية والإقليمية فهو يخضع في تحركه للتيارات السياسية من جانب الدول المسيطرة على إدارة هذه المؤسسات الدولية.
3- أهمية التمويل الدولي على المستوى العالمي :
إن أهمية التمويل الدولي من منظور العلاقات الاقتصادية الدولية تكمن في تمويل حركة التجارة الدولية من السلع والخدمات وأي انخفاض في مستوى السيولة الدولية لتمويل حركة التجارة يؤدي إلى انكماش العلاقات الاقتصادية بين الدول, وإذا كان القطاع الخارجي في معظم الدول يعد بمثابة القطاع المحرك للنمو فان انخفاض حجم هذا القطاع وانكماش نشاطه سيؤثر على معدلات النمو ويقلل حجم الإنتاج المخصص للتصدير والسلع المستوردة للاستثمار والاستهلاك.
والملاحظة الجديرة بالذكر هي أن الحجم الفعلي لتحركات رؤوس الأموال بين دول العالم فيما بين الأسواق المالية الدولية قد فاق عدة مرات التحرك الفعلي للسلع والخدمات على المستوى الدولي, ولم يعد هناك ارتباط بين التدفقات المالية والتدفقات العينية, وتعرف هذه الظاهرة على المستوى الدولي بظاهرة الاقتصاد الرمزي, وأن الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحددة الأمريكية (USA) هي وحدها المستفيدة من ظهور ونمو الاقتصاد الرمزي, ويعود ذلك إلى امتلاكها للأدوات القادرة على توجيه عمليات التحرك لهذه الأموال كاستخدام السياسة النقدية لجذب رؤوس الأموال وسياسة الصرف الأجنبي بهدف احداث تخفيض في القيمة الحقيقية لديونها الخارجية المقومة بالدولار الأمريكي.
وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية هذه السياسات منذ أن أصيب ميزانها التجاري بعجز سنة 1972 وحتى الآن.
(*) كلمة المتلقية ذات مفهوم واسع لكل التدفقات الرأسمالية سواء كانت قروض أو منح أو استثمارا مباشرا أو أي شكل من أشكال التدفق (بدلا من كلمة المقترضة).
لطلـــبة الســــنة الرابعة ليـــسانس
تخصص: مالية ، نقود وبنوك
إعداد الـــــدكتور: مفــــــــتاح صــــــــالح
أستــــــــاذ محـــــاضر قــــسم الاقتــــــصاد
جــــــــــــامعة بســــــــــكرة