بيع المرابحة هو أحد أنواع البيع المطلق (بيع العين بالثمن) الذي ينقسم من حيث الثمن إلى:
بيع المساومة: وهو بيع السلعة بثمن متفق عليه دون النظر إلى ثمنها الأوّل الذي اشتراها البائع به.
بيع التولية: وهو بيع السلعة بمثل ثمنها الأوّل الذي اشتراها البائع به من غير نقص ولا زيادة وإذا وقع البيع بهذه الطريقة على جزء من السلعة يسمى بيع التشريك.
بيع الوضعية: أو الحطيطة: وهو بيع السلعة بمثل ثمنها الأوّل الذي اشتراها البائع به مع وضع (حط) مبلغ معلوم من الثمن.
بيع المرابحة: وهو بيع السلعة بثمل الثمن الأوّل الذي اشتراها به البائع مع زيادة ربح معلوم متفق عليه بمبلغ مقطوع أو نسبة من الثمن الأوّل لقوله تعالى: « وأحّل الله البيع وحرّم الربا » وتسمى الأنواع الثلاثة الأخيرة: بيوع الأمانة.
دليل مشروعية المرابحة:
تتضح مشروعية المرابحة من قوله تعالى : « ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربّكم » ذلك أن المرابحة تمثل ابتغاء للفضل أي الزيادة كما أنّها تدخل في عموم عقود البيع المشروع بقوله: « وأحلّ الله البيع » وأجاز رسول الله (ص): بيع السلعة بأكثر من رأس المال في قوله: « إذا اختلف الجنسان فيبيعوا كيف شئتم » وكذا إجماع الأمة على جواز المرابحة حيث أشار الكاساني إلى ذلك في قوله (إنّ النّاس قد توارثوا هذه البيوعات “المرابحة وغيرها” في سائر الإعصار من غير نكير).
هذا وتعتبر المرابحة من أكثر صيغ التمويل استعمالا في البنوك الإسلامية وهي تصلح للقيام بتمويل جزئي للأنشطة العملاء الصناعية أو التجارية أو غيرها.
وتمكنهم من الحصول على السلع المنتجة والمواد الخام أو الآلات والمعدات من داخل القطر أو من خارجه (الاستيراد).
وقد صدر في شأن المرابحة قرارات فقهية كثيرة منها فتوى مؤتمر المصرف الإسلامي الثاني: (إنّ المواعدة على بيع المرابحة للآمر بالشراء، بعد تملك السلعة المشتراة وحيازتها تمّ بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الوعد السابق هو أمر جائز شرعا طالما كانت تقع على المصرف الإسلامي مسؤولية الهلاك قبل التسليم، وتبعة الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي، أمّا بالنسبة للوعد، وكونه ملزما للآمر بالشراء أو المصرف أوكليهما فإن الأخذ بالإلزام هو إلا حفظ لمصلحة المصرف و العميل، وإن الأخذ بالإلزام أمر مقبول شرعا وكل مصرف مخير في الأخذ بما يراه في مسألة القول بالإلزام، حسب ما تراه هيئة الرقابة الشرعية لديه.
شروط المرابحة:
أن يكون الثمن مثليا كالدينار وغيره من العملات.
– أن يكون المبيع عرضا لا نقدا.
– أن يكون ثمن البيع معلوما.
– أن يكون الربح معلوما لطرفي في البيع.
– تحديد نفقات البائع (مصاريف) على السلعة.
– ألا يكون الثمن في العقد الأول مقابلا بحبسه من أموال الربا.
–
تقسيم المرابحة: ينقسم بيع المرابحة إلى قسمين:
1/ بيع المرابحة العادية: وهي التي تتكون من طرفين هما البائع والمشتري، ويمتهن فيها البائع التجارة فيشتري السلع دون الحاجة إلى الاعتماد على وعد مسبق بشرائها، ثم يعرضها بعد ذلك للبيع مرابحة بالثمن وربح متفق عليه وتسمى (المرابحة الفقهية).
2/ بيع المرابحة المقترنة بالوعد: وهي التي تتكون من ثلاثة أطراف:
البائع المشتري و البنك باعتباره تاجرا وسيطيا بين البائع الأول والمشتري والبنك لا يشتري السلع هنا إلا بعد تحديد المشتري لرغباته ووجود وعد مسبق بالشراء وتسمى (المرابحة المصرفية).
ويستخدم أسلوب بيع المرابحة المقترنة بالوعد في البنوك الإسلامية التي تقوم بشراء السلع حسب المواصفات التي يطلبها لعميل ثم بيعها مرابحة للواعد بالشراء، أي بثمنها الأول مع التكلفة المعتبرة شرعا بالإضافة إلى هامش ربح متفق عليه سلفا بين الطرفين.
الأحكام الشرعية المرابحة:
في مرحلة الوعد بالشراء:
1/ يجوز أن يتقدم المستفيد بوعد لشراء سلعة معينة يحدد جميع أوصافها ويلتزم بشرائها مرابحة بالتكلفة مضافا إليها الربح المتفق عليه.
2/ يجوز أن يتضمن المواعدة شروطا يتفق عليها بين الطرفين ولا سيما فيما يتعلق بتحديد مكان التسليم ودفع تأمين نقدي لضمان تنفيذ العملية وكيفية تسديد الثمن ويجوز للطرفين عند إبرام عقد المرابحة الاتفاق على بعض الأمور بصورة مختلفة عمّا تم بيانه في اتفاق الوعد.
3/ يجوز الأخذ بالا لزام الوعد بالشراء ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلا بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.
في مرحلة البيع الأول:
4/ يشترط أن يقوم البنك بشراء السلعة المطلوبة (عقد البيع الأول) قبل بيعها مرابحة للواعد بالشراء ولا يجوز إبرام عقد المرابحة قبل ذلك، لأن النبي (ص) نهى عن بيع مالا يملك ويفضل أن يكون التعاقد في عملية البيع الأول هذه بين البائع الأصلي للسلعة والبنك.
5/ يجوز توكيل البنك الغير بما في ذلك الواعد بالشراء للقيام بتسليم السلعة المعينة نيابة عنه، ويكون هذا الوكيل بعقد مستقل عن عقد بيع المرابحة (في حالة توكيل الواعد بالشراء) خشية توهم الربط بين التوكيل و الشراء بالمرابحة.
6/ بعد شراء البنك لسلعة وقبل بيعها بالمرابحة إلى العميل يتحمل البنك تبعة الهلاك والرد بالعيب (إلا في حال الإنفاق مع العميل على الإبرام من العيوب) بمعنى أنه إذا أهلكت السلعة فإنها تهلك على ملكية البنك، وإذا ظهر فيها عيب (غير مشمول بالإبراء) فهو يتحمل المسؤولية كذلك، ولا يمكن عندئذ أن يسلم السلعة إلى الواعد بالشراء ولا بجملة أي مخاطرة أو مسؤولية.
في مرحلة بيع المرابحة:
7/ يشترط أن يتم إبرام عقد بيع المرابحة في آخر المراحل أي بعد إبداء الوعد بالشراء وتنفيذ شراء السلعة باسم البنك ولصالحه وتسلمه لها سواء مباشرة أو عن طريق الوكيل.
8/ يراعي في إبرام عقد بيع المرابحة المقترنة بوعد الأحكام الشرعية المقررة في باب المرابحة ولا سيما شرط معلومية تكلفة الشراء الأوّل ومقدار الربح لأنّ الجهالة تؤدي إلى المنازعة وتفسد العقد.
9/ يجوز توثيق الدين الناتج عن المرابحة بكفيل أو رهن شانه في ذلك شأن أي بيع بالأجل ويجوز أن يكون الرهن مصاحبا للعقد أو سابقا له لأنّ الرهن يمكن أخذه عن الدين الحادث، كما يمكن أخذه عن الدين الموعود قبل حدوثه ولكن لا يعتبر الرهن قائما إلاّ بعد قيام الإلتزام (المديونية).
نطاق استخدام المرابحة:
– تمويل شراء السلعة والبضائع على المواد المختلفة من السوق المحلي.
– تمويل عملية الاستيراد وعمليات التصدير.
– تمويل الأصول الثابتة (آلات ومعدات).
– تمويل رأس المال العامل (شراء المواد الأولية المستخدمة في الإنتاج).
– تمويل شراء مواد البناء والتجهيزات.
– تمويل شراء العقارات (الأراضي والمباني).
– تصفية مشاركات البنك مع عملائه ….
ويعتبر عقد المرابحة للآمر بالشراء من صيغ الاستثمار الإسلامي الملائمة لظروف المعاملات المعاصرة وهي صيغة مناسبة لاستخدامها في المصارف الإسلامية باستثمار مدخرات أصحاب رؤوس الأموال، حيث يكون المصرف هو الوسيط الذي يتلقى أمر بالشراء أو العميل وطبعا لا يخلوا هذه الصيغة من العنصرين الأساسيين للاستثمار الإسلامي، هما المخاطرة والربح، فالمصرف الإسلامي يتحمل المخاطر عند الشراء لوحده وكذلك مصاريف التلف والهلاك إن وجدت ومن ناحية أخرى يتضمن هذا العقد ربحا للمصرف الذي يحدد عند التعاقد، ويمكن للمصرف الإسلامي في هذه الحالة أن يقوم بدراسات السوق للحد من هذه المخاطر.
– ومن المجالات الاستثمارية التي يمكن فيها استخدام عقد بيع المرابحة للأمر بالشراء هي تمويل المصارف الإسلامية للنشاط التجاري سواء كان في الداخل أو الخارج كأن يطلب العميل من المصرف استيراد سلعة معيّنة له ثمّ يشتريها منه مرابحة حيث يصبح هذا العقد بديلا للاعتماد المستند الذي تستخدمه البنوك الربوية وتعتبر هذه الصيغة شائعة الاستعمال في المصارف الإسلامية نظرا لسهولة تطبيقها ومعلومية الربح فيها، حيث تسيطر بوسائل التمويل الاستثمارية ونظرا للإقبال على هذا النوع من أنواع التمويل فقد وافقت بعض المصارف الإسلامية على اقتراح يسمح بمقتضاة لبعض المؤسسات للتمويل التنموي باستخدام إعتمادات المساهمة عن طريق عمليات بيع المرابحة.