يأخذ التأهيل العملي للمراجع في مصر بعد الحصول على شهادة بكالوريوس تجارة شعبة محاسبة أحد اتجاهين، الإتجاه الأول: يذهب المراجع لمكتب خاص لأحد أعضاء جمعية المحاسبين والمراجعين ليقضي فترة تدريب لمدة ثلاثة سنوات، ثم يجتاز الإمتحان المتوسط والنهائي للجمعية، وبعدها يكون له الحق في مراجعة حسابات الشركات المساهمة،
والإتجاه الثاني: يقوم المراجع بتسجيل اسمه في جدول المحاسبين والمراجعين تحت التمرين وممارسة التدريب العملي لدى مكتب أحد المحاسبين المقيدين في السجل العام للمحاسبين والمراجعين – أو بأحد الوظائف المناظرة – لمدة ثلاث سنوات دون انقطاع وبتفرغ كامل ليصبح بعدها محاسباً قانونياً وينتقل تسجيله إلى سجل المحاسبين والمراجعين، ثم يمارس المهنة لحسابه الخاص لمدة خمس سنوات ليكون له حق مراجعة الشركات المساهمة.
مما سبق يتضح أن التأهيل العملي من خلال التدريب في مكاتب المراجعة أمراُ ضرورياً ليمتلك المراجع الخبرة العملية التي تؤهله لممارسة المهنة، إلاّ أن التأهيل العملي في مكاتب المراجعة محاط بالعديد من المشاكل، يمكن إيجاز أهمها في النقاط التالية:
1- قيام العديد من المراجعين بمراجعة نظم المعلومات المحاسبية الإلكترونية باستخدام أسلوب المراجعة من حول الحاسب
أشارت دراسة ( Albrecht and Sack, 2000) إلى أن سبب عدم القدرة على مراجعة نظم المعلومات المحاسبية الإلكترونية، يرجع إلى قلة عدد المراجعين المؤهلين لمراجعة مثل هذه النظم، كنتيجة لنمط التعليم والتدريب لكثير منهم، حيث يتعرفون على تكنولوجيا المعلومات بشكل عام ونظري.
ومن ثَم يقف المراجع في وضع حرج يصعب عليه القيام بمهمته بكفاءة وفقاً لمستوى الأداء المهني المطلوب، حيث تقوم العديد من مكاتب المراجعة، بمراجعة نظم المعلومات المحاسبية الإلكترونية عن طريق تتبع مسار العمليات المالية في الدورة المحاسبية إلى أن يتم تغذيتها للنظام الإلكتروني، ثم يقوم بفحص مخرجات النظام من المعلومات، فإذا كانت المخرجات سليمة ومناسبة مع المدخلات وفقاً لأسس المراجعة، إعتبر المراجع أن ما حدث داخل النظام الإلكتروني سليماً – المراجعة من حول الحاسب – ومن ثَم لم يعطي المراجع إهتماماً لنقاط الرقابة الخاصة بنظام المعلومات المحاسبي الإلكتروني، ويقوم المراجع بتجميع أدلة الإثبات باستخدام الطرق التقليدية حيث تتوافر أدلة ورقية من المدخلات وأخرى من المخرجات يمكن مراجعتها يدوياً، ولقد أشارت الدراسة ( Bell el al., 1999) إلى قلة عدد المراجعين القادرين على التعامل مع نظم المعلومات المحاسبية الإلكترونية وفهم طبيعتها، فيشعر الكثير من المراجعين بعدم القدرة على تقييم وفحص هذه النظم بشكل كافي، وهذا النقص العام في الكفاءة يعكس حقيقة هامة تتمثل في أن غالبية عمليات الإحتيال المتعلقة بهذه النظم تم اكتشافها بمحض الصدفة وليس بواسطة المراجعين، خاصة في ظل تعاظم خطر الإحتيال الذي يعتمد على تكنولوجيا الحاسب الإلكتروني.
2- عدم توافر المغريات المادية:
وتظهر هذه المشكلة بشكل أكبر في المكاتب الصغيرة عنها في المكاتب الكبيرة، مما يتسبب في تولد قوة طاردة للكفاءات المتميزة من المراجعين القادرين على رفع جودة تنفيذ مهام عملية المراجعة، نتيجة عدم توافر المغريات المادية، كما تؤدي إلى اتجاه المراجعين الجُدد إلى اعتبار العمل في هذه المكاتب ما هو إلاّ عملاً مؤقتاً لحين الحصول على عمل في إحدى الشركات التي تراجعها هذه المكاتب، لما توفره من عائد مادي كبير، ومميزات مادية تفوق ما يحصل عليه في المكتب.
3- طول الفترة الزمنية اللازمة لإكتساب الخبرة:
خبرة المراجع تلعب دوراً أساسياً في تنفيذ مهام عملية المراجعة، إلاّ أنها تكتسب في فترة زمنية طويلة نسبياً مقارنةً بالمهن الأخرى، مثال على ذلك مهنة الطب حيث يتعامل الطبيب مع ما يصل إلى 25 مريضاً في اليوم الواحد، أما المراجع فيتعامل في العام الكامل مع ما لا يزيد على 15 عميلاً فقط، ولذلك فإن الطبيعة المتكررة لوظيفة الطبيب تزيد من خبرته خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، على خلاف المراجع الذي يكتسب خبرته خلال فترة زمنية طويلة نسبياً.
4- عدم الإهتمام بتدريب وتطوير فريق المراجعة داخل مكتب المراجعة:
يؤدي عدم الإهتمام بتدريب وتطوير فريق المراجعة داخل مكتب المراجعة على استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة، كما في أساليب مراجعة نظم المعلومات المحاسبية الإلكترونية – مثل نظم الخبرة ونظم دعم القرار – إلى العديد من الآثار السلبية، والتي منها على سبيل المثال انخفاض كفاءة تنفيذ مهام عملية المراجعة، نتيجة عدم القدرة على التخطيط الجيد لأعمال المراجعة، مما يؤدي إلى عدم التحديد الموضوعي لحجم العينة، وبالتالي توسيع حجم العينة عند التنفيذ الفعلي لعملية المراجعة، واستغراق وقت أطول وتكلفة أعلى، ومن ناحية أخرى فإن عدم الإهتمام بالتدريب والتطوير يزيد من المشاكل المتعلقة بالحكم والتقدير الشخصي للمراجع نتيجة عدم القدرة على ترشيد الحكم والتقدير الشخصي، ما يستتبعه من صعوبات منها صعوبة تدريب المراجعين الجدد، علاوة على ما سبق فإن زيادة خطر تلاعب وغش الإدارة يعد كذلك من الآثار السلبية الناتجة من عدم الإهتمام بتدريب وتطوير فريق المراجعة – المراجع و المساعدين – على استخدام الأساليب التكنولوجية المتطورة.
كما أن عدم مشاركة المراجع – أو أحد الشركاء – المساعدين بما يمتلكه من خبرات ومهارات في تنفيذ عملية المراجعة إلاّ في بعض الحالات – كما في القيام بإجراء المراجعة التحليلية الإنتقادية وإعادة النظر فيما تم التوصل إليه من نتائج – على أن يقوم فقط بالتوقيع على تقرير المراجعة – يؤدي إلى آثار سلبية على كلٍ من فريق المراجعة وعلى ثقة العميل في تقرير المراجعة.
5- عدم وجود معايير مراجعة مصرية يسترشد بها المراجع في مراجعته لنظم المعلومات المحاسبية الإلكترونية:
تعتبر معايير المراجعة بمثابة المرشد الذي يستخدم في الحكم على نوعية العمل الذي يقوم به المراجع، كما يعتبر الفيصل النهائي في الحكم على مدى مسئوليته لما ورد في تقريره، ومن هنا كانت الحاجة إلى معايير مراجعة مصرية لنظم المعلومات المحاسبية الإلكترونية، بما يُمكن من رفع كفاءة وفعالية المراجع لما تتطلبه من أن يكون على درجة من الفهم بطبيعتها وإلاّ انتفت الحكمة من عملية المراجعة.
ويرى الباحث أنه لا توجد معايير مصرية لمراجعة نظم المعلومات المحاسبية الإلكترونية ولإستخدام أساليب المراجعة ولفحص وتقييم نظم الرقابة الداخلية ولإكتشاف المخاطر وللتأهيل الكافي للمراجع، وغيرها من القضايا المرتبطة بمراجعة نظم المعلومات الحاسبية الإلكترونية، كما أن المعايير الدولية الخاصة بنظم المعلومات المحاسبية الإلكترونية التي يسترشد بها في مصر تحتاج لتكييف بما يتواكب مع بيئة الأعمال المصرية.