تهدف عملية التدقيق وفقا للمعايير الى توفير تأكيدات معقولة بأن القوائم المالية كوحدة واحدة بشكل عام خالية من أي تحريف جوهري أو غش أو تلاعب أو أي ممارسات من ممارسات المحاسبة الإبداعية .
وللوصول الى تلك التأكيدات المعقولة يجب ان تتوافر بالمدقق سواء على مستوى مكاتب التدقيق أو دواوين المحاسبة عدة آليات وشروط تساعد على تعزيز أداء عمل المدقق للحد من الممارسات الإبداعية .
ومن أهم تلك الآليات والشروط ما يلي :
(1) توفر الموارد البشرية المؤهلة والمدربة ، حيث يعتبر توفر مثل تلك الكفاءات الضمان لحسن انجاز الأعمال التي يكلف بها مكتب التدقيق أو ديوان المحاسبة ، وفي هذا الصدد فلا بد من مراعاة التناسب بين الأعمال والموارد البشرية عدديا ونوعيا ، والاهتمام بنواحي التدريب والتعليم المستمر ونقل الخبرات والتجارب داخل منظومة التدقيق سواء كانت مكتب تدقيق أو ديوان محاسبة .
وبهذا يجب ان يحتل الاستثمار في الموارد البشرية المرتبة الأولى في اولويات مكاتب المراجعة ودواوين المحاسبة ، وفي مقابل ذلك فيجب ان يكون لديه القدرة على الاحتفاظ بهذه الموارد للمدى الملائم .
(2) ان ممارسة مهنة التدقيق تحتاج الى أشخاص ذو مواصفات خاصة ، بحيث يتمتعوا بالوعي المهني والثقافة والإدراك الكافي بمختلف الأنشطة الاقتصادية والمستجدات في بيئة الأعمال والعوامل التي قد تؤثر على المراكز المالية للعملاء أو في عناصر أو موارد أعمالهم أو في قدرتهم على الاستمرار ، وبالإضافة الى ذلك الشعور بالاستقلالية والقدرة على ممارستها في الاتجاه الصحيح والإحساس بأهمية ما يقوم به من أعمال .
(3) يجب على مكاتب التدقيق أو دواوين المحاسبة ان تقيم مدى إمكانية الاعتماد على ما تقدمه إدارة الشركة التي يتم التدقيق عليها من بيانات ومعلومات ، وبسبب الحدود الطبيعية لمهمة التدقيق واستحالة احاطة المدقق بكافة المعاملات والأحداث الخاصة بالشركة بنسبة 100 % ، لذلك على المدقق ان يقيم إمكانية انسحابه من المهمة أو الاعتذار عنها إذا نما الى علمه ما يجعل أمانة إدارة الشركة فيما تقدمه من بيانات أو معلومات محل شك ، وفي هذا الصدد فقد يكون من الواجب إعادة النظر في صياغة نموذج تقرير مراجعة القوائم المالية لكي تعكس بشكل أكثر تفصيلا طبيعة مهمة المدقق والحدود الطبيعية لهذه المهمة مع ذكر للبنود أو الموضوعات التي يتوافر لديه دليل على صحتها غير إقرارات إدارة الشركة.
(4) ان مهمة المدقق ليست سهلة خاصة في ظل كبر وتشعب وتشابك أنشطة الشركات والتطور المستمر في أساليب الإنتاج والتسويق والتمويل ، حيث أنها لم تعد قاصرة على أساليب التدقيق المستندي التقليدية والاطلاع على الدفاتر والقيود المحاسبية ، إنما أصبحت موضوعات مثل أساليب تصوير القوائم المالية والافصاحات المختلفة المطلوبة بالمعايير المحاسبية والالتزامات غير المقيدة بالدفاتر في دائرة الاهتمام الأول للمدقق .
وختاما يمكننا القول بان غالبا من يقوم بعمل تلاعبات أو ممارسات المحاسبة الإبداعية من المحاسبين من هو على مستوى عال من الحرفية والابتكار لذا فمن الضروري ان يقابله من الطرف الآخر من المدققين سواء في مكاتب التدقيق أو مدققي دواوين المحاسبة من يكون على نفس المستوى ان لم يكن أعلى ، وذلك من أجل كشف تلك الممارسات والحد منها حتى يستطيع ان يصل الى توفير التأكيدات المعقولة بخلو تلك التقارير المالية من أي انحرافات أو تلاعبات أو غش .