تعلم كيف تقنع الاخرين بأفكارك
لا شك أنك تنحاز الى أرائك التى تكون نتيجة تفكيرك وحدك أكثر مما تنحاز الى الأراء الأخرى السديدة اذا كانت قدمت اليك من الأخرين ومادام هذا هو الحال فالأفضل ان
تقدم الرأى على شكل اقتراح ثم تدع الاخرين يفكرون فيها ويعرفون مدى صوابها عند التجربة
وجد (أدلوف سلتز) من فيلادلفيا نفسه ذات يوم فى حاجة الى بث الحماس فى عماله اذ وجدهم يعملون بلا نشاط حيث أن الشركة تعمل فى مجال السيارات التى تدنت مبيعاتها عندئذ عقد اجتماعاً عاماً ثم سألهم عما لديهم من مطالب وعما لديهم من اقتراحات وكان يكتب كل ما يطلبونه على سبورة وحين سجل كل طلباتهم على السبورة التفت اليهم قائلاً:
اذن فهذه هى طلباتكم واقتراحاتكم وسأجيبكم الى كل ما طلبتم ولكن ما الذى سأنتظره منكم اذا لبيت لكم هذه الطلبات جميعا؟
عندئذ جاءت الاجابات سريعة ومتلاحقة اذ ارتفعت الاصوات تعد بمزيد من الامانة والاخلاص والتفانى والتعاون والدقة والمزيد من ساعات العمل حتى أن أحدهم صرح انه على استعداد للعمل أربع عشرة ساعة يومياً وقد اخبرنى (مستر ستلز) ان الاجتماع انفض وقد امتلأت نفوس العمال حماسة واشرقت وجوههم ثم ان المبيعات ازدادت بعد ذلك عما كان عليه الحال ويقول:
لقد عقد العمال صفقة أساسها الاخلاق وما دمت قد انتويت الوفاء بوعدى فهم ايضاً قد أوفوا بوعودهم لقد كان سؤالى عن طلباتهم وما تجيش به نفوسهم هو الذى ايقظ روح الحماس لديهم
كان (أيوجى ووسون) يقوم بعمل التصميمات الخاصة بصناعة النسيج ومن ثم كان يتردد على احد العملاء الكبار فى مدينة نيويورك وكان يرحب بزيارته فى كل مرة دون ان يبتاع منه شيئاً بل كان يقول له: يبدو ان عروضك اليوم لا تتفق مع ما اريده يا عزيزى يقول ووسون:
لقد بلغت محاولاتى مع هذا العميل ما يقرب من مائة وخمسين محاولة دون ان يتطرق الى اليأس فاهتديت الى ان المرء عليه ان يشعل الحماس فى نفوس الاخرين
وحين قررت العمل وفقاً لهذه الرؤية جمعت عدداً من هذه التصميمات التى لم ينته العمل منها تماماً ثم اتجهت الى ذلك العميل وحين دخلت مكتبه بادرته قائلاً:
لكم اود ان تسعدنى بأداء ملاحظاتك على هذه المجموعة من التصميمات وعن كيفية انهائها
نظر الرجل الى التصميمات فى دهشة ثم قال : دعها هنا لبضعة ايام ثم عد لمقابلتى بعد ذلك مرت اربعة ايام ثم ذهبت بعدها للقاء الرجل وكانت النتيجة انه تمت الموافقة على التصميمات جميعاً استطعت ان احصل مقابلها على عمولة كبيرة
لقد ادركت الفرق بين ما كنت افعله لسنوات مضت وما افعله الان ففيما سبق كنت أحث العميل على الشراء وفقاً لما اتخذه حسب رؤيتى بينما انا الان افعل العكس حيث ادفع العميل لابراز ملاحظاته وطرح افكاره ولانه يفكر كما لو كان هو صاحب تلك التصميمات فلقد حققت نجاحاً كبيراً
عندما كان (ثيودور روزفلت) حاكما لولاية نيويورك كان يتبع اسلوباً لم يقم به أحد من قبل وهو اسلوب جعله يحتفظ بعلامات جيدة مع قيادات حزبه من ناحية ويمكنه القيام ببعض الاصلاحات التى يعارضها الحزب من ناحية اخرى
يقول (روزفلت) فى هذا الشأن:
كنت حين يخلو أحد المناصب من صاحبه أدعو قيادات الحزب لاختيار رجل اخر لذلك المنصب فربما رشحوا رجلاً لم ينل حقه رغم خدماته الجليلة واقول لهم عندئذ: ان تعيين هذا الرجل لا يتوافق مع الاتجاه الجماهيرى العام فيقترحون على شخصاً اخر فاخبرهم ان مثل هذا الشخص لن يحقق انجازات تذكر وأن عليهم اختيار غيره فيرشحون ثالثاً ,اخبرهم انه ليس مناسباً لذلك المنصب عندئذ وفى المرة الرابعة فأعبر لهم عن مدى امتنانى لهذا الاختيار الموفق وبذلك اعزو اليهم الفضل فى اختيار المنصب
لقد كان (روزفلت) يعمل دائماً على استشارة الاخرين ويظهر الاحترام امام ارائهم كان يعين الرجل الذى يختاره بينما يشعر الاخرين انهم هم الذين اختاروا ذلك الرجل وبذلك استطاع ان يتجنب الصدام مع قيادات حزبه
وهذه الطريقة ذاتها هى التى اتبعها احد طلابى الذى كان يعمل فى مجال تسويق السيارات المستعملة
كان الرجل يبغى بيع احدى سياراته لرجل اسكتلندى فعرض عليه العديد من تلك السيارات لكن الرجل كان فى كل مرة يزعم ان بالسيارة عيباً فمرة لا يناسبه اللون واخرى يقول انها ليست فى حالة جيدة وثالثة يرى ان سعرها مرتفع وهكذا ومن ثم جاء يطلب منا النصيحة فنصحناه الا يركز على عملية البيع بل يدفع العميل الى ان يشترى من تلقاء نفسه وان عليه الا يخبر الرجل بما ينبغى عليه فعله بل يتركه يخبره بما يريد ويدفعه الى ذلك بحيث يرى الرجل ان الخيار خياره
بعد ايام جاء عميل يريد استبدال سيارة جديدة بسيارته فأدرك صديقاً ان هذه السيارة تنطبق عليها المواصفات التى حددها الاسكتلندى فاتصل به هاتفياً يرجوه الحضور لاستشارته فى امر ما وعندما حضر الرجل قال له :
لقد تاكدت ان لديك خبرة جيدة فيما يتعلق بالسيارات فهلا تكرمت بالقاء نظرة على هذه السيارة وان تخبرنى كم يجب ان احصل عليه من بيعها؟
عندئذ علت شفتى الاسكتلندى ابتسامة عريضة لان تاجر السيارات يهتم بنصائحه واعترف بمدى ذكائه وخبرته ثم ركب السيارة ليقودها فى طريق (كوينز بوليفارد) وحين عاد اخبر صديقنا التاجر ان عليه ان يتقاضى لها ثمناً لا يقل عن ثلاثمائة دولار عندئذ قال للتاجر: ولكن اذا اشتريتها منى فكم تدفع ثمنا لها ؟ وهنا ضحك الاثنان وتمت الصفقة التى ربح خلالها مبلغ مناسباً
نشرت صحيفة (ستردى ايفينتج بوست) حديثا للكولونيل (ادوارد هاوس) الذى كان الرئيس (وودرو ويلسون) يعتمد على نصائحه ويستشيره فى كثير من الامور يشرح فى هذا الحديث كيف كان يتعامل مع الرئيس
يقول (هاوس) :
عندما توثقت علاقتى بالرئيس ادركت انه لكى اقنعه بفكرة ما على ان اشير الى ان هذه الفكرة اشارة عابرة بحيث تلفت نظره عندئذ ينظر الى الفكرة كما لو كانت فكرته هو وقد اكتشفت طبيعته تلك مصادفة
فذات يوم كنت ازوره بمكتبه فى البيت الابيض حيث عرضت عليه فكرة تتعلق باستخدام بعض التدابير لمواجهة احدى الازمات السياسية ولكنى عرضت الفكرة بشكل عابر وبعد ايام وبينما كنا نتناول الطعام فوجئت به يتحدث عن فكرتى التى عرضتها عليه كما لو كانت فكرته هو
ورغم اننى شعرت بالضيق الا اننى لم اقاطعه قائلاً: هذه فكرتى وليست فكرتك وما كنت لاجرح كبريائه اذ لم يكن الهدف تحديد صاحب الفكرة انما كان الهدف النتائج التى تحصل عليها بل اننى اثنيت على فكرته التى نسبت له وليست لى
ان الناس الذين تتعامل معهم يشبهون (ويلسون) وما دام الامر كذلك فانه يتحتم عليك ان تتعامل كما تعامل معه (هاوس)
يقول الحكيم الصينى(لادتى):
اذا اردت ان تسمو على الناس ضع نفسك اسفلهم..واذا اردت ان تتصدرهم كن خلفهم
اذن…
فاذا اردت ان تكسب الناس الى وجهة نظرك اتبع هذه القاعدة ( دع الاخر يظن ان الفكرة فكرته )