تعلم كيف يمكنك حماية شكل منتجاتك
لا بد أنَّ لشكل المنتج وتصميمه دوراً كبيراً في اتخاذ قرار الشراء، فإذا كان هذا الشكل مبتكراً، جميلاً وجذاباً فإنه يعطي انطباعاً أولياً إيجابياً للمستهلك عن المنتج
ومن ثم فإننا نجد المشترين يتهافتون لشرائه مفضلين له عن تلك المنتجات المنافسة، لا لشيء سوى للمظهر الجميل المميز الذي يأخذه. فالسيارات، الهواتف النقالة والإلكترونيات، الأحذية والملبوسات، الساعات والمجوهرات ومنتجات أخرى عديدة، تتميز عن بعضها البعض بالشكل والتصميم والألوان المميزة التي تأخذها.
فإذا كانت العلامة التجارية المميزة والمشهورة تعطي للمنتجات التي تحملها صورة براقة في أذهان المشترين، فإن الشكل المبدع يعزز من هذه الصورة، ويقوي الرابطة بين المنتج والزبائن، فتتطور الرابطة لتتحول إلى نوع من الولاء لهذا المنتَج، والشركة المقدمة له، بل وأحياناً شيء من الفخر والمباهاة باقتنائه واستخدامه. مما يعني أن لهذا الشكل قوة تسويقية كبيرة، تبرر الاستثمار الكبير والوقت الطويل في إجراء الدراسات والتصاميم اللازمة لاختيار هذا الشكل وتطبيقه، ويبرر ضرورة أن يلعب هذا الشكل دوراً هاماً في الاستراتيجية التسويقية للشركة، وأهمية إيلاءه القدر اللازم من العناية، مع ضرورة مراقبة أذواق المستهلكين، لتغيير وتطوير أشكال المنتجات مع تغير هذه الأذواق وتبدلها.
ويهدف شكل المنتجات أحياناً إلى توجيه منتجات الشركة إلى شريحة سوقية معينة من الزبائن والمستهلكين، أو أن تقوم الشركة نفسها باستخدام أشكال متعددة للمنتج نفسه بهدف تخصيص كل مجموعة من منتجاتها إلى فئة معينة من الزبائن يناسبها شكل هذه المنتجات. فالساعات مثلاً، وبالرغم من كونها جميعها تحقق الوظيفة نفسها وهي الإعلام بالوقت بدقة، فمن الممكن تصميمها بحيث تتوجه للشباب أو الأطفال، للرجال أو النساء، للرياضيين أو رجال الأعمال.
ولكن في الواقع، لا يمكن للشركات أن تغامر بهذا الاستثمار إذا لم يكن العائد من ورائه مضموناً، وإذا كان يمكن للمنافسين اقتباس هذا الشكل وتقليده، بل واستخدامه على منتجاتهم. فهل يضمن القانون حمايةً لهذا الشكل تكفل للشركة المالكة له الاستئثار الحصري باستغلاله وحق منع الآخرين من تقليده والاعتداء عليه؟
يوفر القانون للشركات المبتكرة لهذه الأشكال والتصاميم عدداً من الحلول والوسائل القانونية التي يمكن اللجوء إليها لتوفير الحماية القانونية الأمثل لها، ومن المفضل اللجوء إليها جميعها لتوفير الحماية الأوسع والأشمل.
أما الوسيلة المباشرة فهي حمايتها بموجب ما يسمى الحماية القانونية للتصاميم والنماذج الصناعية، حيث يسمح القانون بتسجيل أشكال المنتجات كنموذج صناعي أو الرسوم التي تحملها كتصاميم صناعية. حيث يتم تسجيل هذه الأشكال والرسوم لدى مكتب حماية العلامات التجارية وبراءات الاختراع، بإيداع نموذج عن الشكل أو الرسم مع تقديم شرح وافٍ له ولمكوناته الرئيسية المميزة.
ويتطلب استخدام هذه الوسيلة توافر عددٍ من الشروط في الشكل أو الرسم، وهي أن يكون جديداً (مما يتطلب الحرص وضرورة المحافظة على سرية التصميم وعدم الإعلان أو الإفصاح عنه حتى يتم التسجيل)، أصلياً غير مقلد، فضلاً عن كونه قابلاً للتطبيق الصناعي على المنتجات.
ولا يجب أن تكتفي الشركات التي ترغب بتصدير وتوزيع منتجاتها دولياً بالحماية والتسجيل المحلي، وإنما لا بد من اللجوء إلى حماية الأشكال والتصاميم في جميع الدول التي قد تصل لها هذه المنتجات، حيث يمكن أن يتم ذلك بالتسجيل الفردي للنموذج والتصميم في كل دولة على حدة، أو باللجوء إلى آلية التسجيل الدولي التي تتم إدارتها من قبل المنظمة العالمية للملكية الفكرية في جنيف، سويسرا.
ويسمح تسجيل هذا النموج والتصميم الصناعي، بمنح الحماية القانونية الجزائية والمدنية لمالكه، أي أنه يستطيع المطالبة بسجن من قد يقومون بتقليده، فضلاً عن إمكانية حصوله على التعويضات الجابرة للضرر الذي أصابه والربح الذي فاته، بالإضافة إلى إتلاف المنتجات الحاملة للشكل والرسم المقلد.
وإذا كان مجرد استعمال النموذج أو الرسم كافياً لمنح مالكه الحماية القانونية في بعض الأحيان، إلا أن التسجيل يسهل كثيراً إنفاذ هذه الحقوق، فالحماية المعتمدة على الاستعمال، تتطلب إثبات الأولوية في ابتكار هذا الشكل واستخدامه، مع ما يكتنف هذا الإثبات من صعوبة، فضلاً عن انحسار الحماية الجزائية وانحسار الصفة الجرمية عن أعمال تقليد الأشكال والتصاميم المستعملة وغير المسجلة.
ومن الوسائل التي يتيحها القانون أيضاً لحماية الأشكال، وإن كان اللجوء إليها أكثر صعوبةً من الحماية باعتبارها تصاميم ونماذج صناعية، حماية هذه الأشكال كعلامات تجارية، أي كشارة تميز مصدر المنتجات التي تأخذ هذا الشكل عن مصدر المنتجات الأخرى المتوافرة في الأسواق.
وتكمن الصعوبة في أن إمكانية حماية شكل المنتج كعلامة تجارية ثلاثية الأبعاد تتطلب تحول هذا الشكل من مجرد عنصر جمالي تسويقي جذاب، إلى علامة تدل على المصدر الذي جاء منه المنتج، مما يعني أن الشكل يتحول ليربط في أذهان المستهلكين بين المنتج الذي يحمله وبين الشركة التي طرحته في الأسواق. وهو الأمر الذي يتطلب الاستخدام التجاري الطويل للشكل في الأسواق، فضلاً عن ربط هذا الشكل بعلامة الشركة، وباسم الشركة نفسها في الإعلانات، بحيث يتحول الشكل نفسه فيما بعد إلى علامة تجارية تدل على الشركة، من دون داع لذكر الكلمة الدالة على العلامة مرافقة له. ومن الأشكال التي تحولت لعلامات تجارية، شكل العبوة التي يوضع فيها المشروب الغازي كوكاكولا، والشكل الذي أخذته آلة الحلاقة الكهربائية المقدمة من شركة فيليبس.
وإذا كانت الحماية القانونية للتصاميم والنماذج الصناعية تستمر لمدة تتراوح بين خمس عشرة سنة إلى خمس وعشرين سنة من تاريخ تقديم طلب التسجيل، باختلافٍ بين الدول في فترة الحماية، بحيث يصبح بإمكان جميع الشركات العاملة في الأسواق استخدام الشكل أو الرسم بحرية كاملة دون أي قيد أو مانع قانوني بانقضاء المدة، فإنَّ الحماية القانونية للشكل والرسم كعلامة تجارية تتميز بكونها قابلة للدوام لمدة غير محددة، وذلك إذا كان مالك الشكل يقوم بالمتطلبات والإجراءات القانونية اللازمة لدوام هذه الحماية.
غير أن فترة الحماية القانونية للشكل كنموذج أو تصميم صناعي تعتبر كافية في الأغلب من الأحيان، إذ يندر أن يكون للشكل قيمته التسويقية الجذابة لمدة تجاوز هذه الفترة، فإذا كان الأمر خلاف ذلك، وكانت قيمة الرسم مستدامة، وجب على مالك الشكل أن يخطط لاكتساب الحق في ملكيته كعلامة تجارية مستقبلاً بما يتيح له حماية غير محدودة بقيد زمني.
تحتاج الشركات الراغبة بنجاح المنتجات الجديدة التي تطلقها في الأسواق، بالانتباه لإعطاء شكل المنتج وتصميمه القدر الملائم من البحث والتطوير، كالقدر الذي تعطيه للبحث والاستثمار المتعلق بتقنية المنتجات وآلية عملها، فالمستهلكين في زماننا الحالي، لم يعودوا يهتمون بجودة الوظائف التي يقوم بها المنتج فحسب، وإنما لعصرية وحداثة وجاذبية شكل المنتج اعتبارٌ هامٌ لديهم أيضاً، وقد يفوق في بعض الأحيان جميع الاعتبارات الأخرى، مما يعني أن اكتساب الملكية الحصرية لحق استثمار هذا الشكل يسمح للشركات بإعطاء منتجاتها مكانة متميزةً في الأسواق، تسمح لها بمعاملة منتجاتها معاملة متميزة وتسعيرها في حالاتٍ بأسعار أعلى من نظيراتها، كما ويمكن أن تشكل هذه الملكية واحدةً من الأصول التجارية الهامة للشركة، التي تزيد من قيمتها المالية، والتي تسمح لها كذلك بالحصول على موارد دخلٍ إضافية إذا حقق هذا التصميم والنموذج شهرةً كبيرة، وأصبح بإمكان الشركة الترخيص للآخرين باستخدامه مقابل تعويض مالي دوري يدفعونه إليها.