بقلم:حازم الحكيم – المصدر الأهرام الاقتصادى
بمطالعة قانون الضريبة العامة على المبيعات استبان لنا أنه قد خلت أحكامه من أى نص يتناول أحكام التقادم.
ولما كانت أحكام الضرائب مدنية بطبيعتها أى تنتمى الى أحكام القانون المدنى فيما يتعلق بالاحكام التى لم ينظمها القانون الضريبى، باعتبار أن القانون المدنى هو القانون العام للالتزامات لذلك ينبغى الرجوع الى أحكامه التى تنظم أحكام التقادم المسقط الذى يعد سببا من أسباب انقضاء الالتزام عن طريق مضى مدة يحددها القانون على استحقاق الالتزام، هذا وكانت المادة 377 – 1 من القانون المدنى تنص على أن تتقادم بثلاث سنوات الضرائب والرسوم المستحقة ويبدأ سريان التقادم فى الضرائب والرسوم السنوية من نهاية السنة التى تستحق عنها. الخ.
ثم صدر القانون 646 لسنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم الذى أتى بأحكام جديدة ومعدلا من أحكام القانون المدنى.
وطبقا لنص المادة من هذا القانون الأخير اصبحت الضرائب والرسوم المستحقة للدولة أو لأى شخص اعتبارى عام تتقادم بخمس سنوات ما لم ينص القانون على مدة أطول.
والاصل فى الضرائب والرسوم أن يبدأ سريان تقادمها من تاريخ تحقق الواقعة المنشئة لها أو من نهاية السنة التى تستحق عنها وفقا للفقرة الاولى من المادة 377 من القانون المدنى ما لم ينص أى قانون آخر على غير ذلك.
وتتحقق الواقعة المنشئة وفقا لنص المادة السادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات بتحقيق واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة بمعرفة المكلفين وفقا لاحكام هذا القانون.
ويعتبر فى حكم البيع قيام المكلف باستعمال السلعة أو الاستفادة من الخدمة فى أغراض خاصة أو شخصية أو التصرف فيها بأى من التصرفات القانونية.
كما تستحق الضريبة بالنسبة للسلع المستوردة فى مرحلة الافراج عنها من الجمارك بتحقيق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية.
ومن ثم يبدأ التقادم بالنسبة للضريبة العامة على المبيعات من اللحظة التى تتحقق فيها الواقعة المنشئة للضريبة على النحو السابق.
حق التمسك بالتقادم لا يعد من النظام العام ولا تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها بل لابد من طلبه صراحة ويجوز لمن هو فى مصلحته التنازل فى أى وقت عنه ومتى طلب أحد الخصوم التقادم وجب على المحكمة أن تقضى به اذا توافرت شروطه.
على أنه لا يجوز القضاء بسقوط دين الضريبة بالتقادم دون دفع من الممول (نقض 19 – 6 – 1979 – س 30 ع2 ص 677).
ويجوز التمسك بالتقادم فى أى حالة كانت عليها الدعوى الا اذا اتضح من ظروف الدعوى أن الخصم الذى لم يدفع بالتقادم قد تنازل عنه.
ويجوز الدفع بالتقادم بعد ابداء الطلبات فى الموضوع وبعد الاحالة الى الخبير أو التحقيق أو بعد اتمام المرافعة. ولكن لا يجوز بعد حجز الدعوى للمداولة أو الحكم.
ولكن لا يجوز اثارة التقادم لأول مرة بمناسبة نقض الحكم.
والتقادم فى الضرائب والرسوم لا يقوم على قرينة الوفاء وإنما على عدم ارهاق المدين بتراكم الديون عليه والتمسك بالتقادم رغم المنازعة فى الالتزام.
(الطعن رقم 111 لسنة 25 ق 25 – 12 – 1959).
وقد يوقف التقادم لمدة محددة ويترتب على الوقف أن تبقى المدة السابقة على الوقف معلقة حتى يزول سبب الوقف واذا زال يعود جريان المدة وتضاف المدد السابقة الى المدة اللاحقة.
ويختلف الوقف عن انقطاع التقادم حيث يترتب على انقطاع المدة ضياع ما فات منها.
واسباب الانقطاع قد تكون بالاخطار بالنموذج 14 ص.ع.م أو المطالبة القضائية أو التنبيه أو الطلب الذى يتقدم به المكلف للمصلحة لقبول حقها فى تفليسته أو الحجز الادارى الموقع ضد المكلف واقراره بحق المصلحة اقرارا صريحا أو ضمنيا.
تقادم حق المكلف فى استرداد ما دفعه بدون وجه حق:
القاعدة العامة فى هذا الشأن أن يتقادم حق المكلف فى استرداد ما دفعه بدون وجه حق بثلاث سنوات ويبدأ سريان هذا التقادم من يوم دفع المبالغ المذكورة وذلك على النحو الوارد فى البند (2) من المادة 377 مدنى وتنص المادة الثالثة من القانون رقم 646 لسنة 1953 السالف ذكره على أنه يعتبر تنبيها قاطعا للتقادم طلب رد ما دفع بغير وجه حق اذا أرسله الممول الى الجهة المختصة بكتاب موصى عليه مع علم الوصول ويضاف الى ذلك الاسباب الاخرى القاطعة للتقادم المدنى هذا وقد صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 7 – 3 – 2010 بعدم دستورية البند (2) من المادة 377 من القانون المدنى السالف الاشارة اليها آنفا حيث مايز النص المطعون عليه بين مدة التقادم المسقط لحق الدولة فى المطالبة بالضرائب والرسوم بجعلها خمس سنوات فى حين قصر مدة سقوط حق الممول فى استرداد الضرائب والرسوم التى سددت بغير حق لثلاث سنوات بالرغم من أن كلا الطرفين يجمعهما مركز قانونى واحد ناشئ عن حقهما فى المطالبة بالدين الضريبى باعتبار أن كليهما دائن به مما يتعارض مع مبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة 40 من الدستور.
(المحكمة الدستورية العليا فى 7 – 3 – 2010 القضية المقيدة برقم 100 لسنة 28 ق. دستورية) والمنشور فى الجريدة الرسمية بتاريخ 18 – 3 – 2010 – العدد 11 تابع).
ومن جماع ما تقدم ووفقا لما انتهى اليه قضاء المحكمة الدستورية العليا المشار اليه فان مدة التقادم المسقط لحق الدولة فى المطالبة بالضرائب والرسوم خمس سنوات ومدة التقادم المسقط لحق الممول فى استرداد الضرائب والرسوم التى سددت بغير حق خمس سنوات، لتكافؤ المركز القانونى للدولة مع المركز القانونى للممول لكونهما دائنين بدين ضريبى مما يستوجب وحدة القاعدة القانونية التى ينبغى أن تنتظمها فى شأن سقوط الحق فى المطالبة بالدين الضريبى لتحقيق الحماية القانونية المتكافئة لكلا الطرفين وفقا للمادة 40 من الدستور.