إن مؤسسات الوساطة المالية، ومنها أسواق المال، هي وسائل لتحقيق الكفاءة الاقتصادية، ولذلك تستمد أهمية وجودها من أهمية ما
تؤدي إليه. وفي عصر وصار تحقيق ارتفاع مستمر في مستوى معيشة جميع الأفراد غاية متفق على ضرورة الوصول إليها في كل المجتمعات، تصبح لأسواق المال أهمية بالغة وتؤدي وظائف أساسية في الحياة الاقتصادية المعاصرة. فإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للمجتمعات بشكل عام فهو بشكل أخص بالنسبة للمجتمع الإسلامي، وذلك للأسباب التالية :
ـ لكون الاقتصاد الإسلامي اقتصاد مشاركة وليس القرض فيه وسيلة تمويل، ولذلك كانت الأوعية التي تؤدي إلى تعبئة المدخرات بطريقة المساهمة في رأس المال والمشاركة في مخاطر الاستثمار وفي الأرباح (ومنها أسواق المال) هي مؤسسات ملائمة للاقتصاد الإسلامي ومناسبة لطبيعته لأنها توفر الصيغ التي تمكن من توفير الأموال للمنظمين وتحقيق السيولة للمدخرين ضمن الحدود الشرعية.
ـ لاعتماد نشاطات البنوك الإسلامية على الاستثمار وليس على الإقراض، في توجه تحدي فائض السيولة كونها لا تتوفر على صيغ يتم من خلالها تشغيل المدخرات لمدد قصيرة، ومن ثم يمكن أن تلعب الأسواق المالية دور المؤسسات المساعدة والمتممة للنموذج المصرفي الإسلامي لأنها تقدم أوعية يمكن من خلالها تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المالية المتاحة للبنك دون الإخلال بالتوازن المطلوب بين السيولة والربحية.
ويضاف إلى ذلك مساهمة تكنولوجيات الإعلام والاتصال في تطوير نشاط السوق المالي الإسلامي من خلال استعراض اتجاهات الأسواق المالية العربية والأوربية ومعاملاتها المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وفي ظل هذا النجاح يمكن أن ترتفع قدرة السوق المالي الإسلامي على تحدي مستويات المنافسة التي تفرضها الأسواق المالية المعاصرة.