بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
ارتكبتَ خطأً، اتخذت قرارًا غير صائب ، جرحت مشاعر شخص ما ، فشلت في امتحان ، لم تُكمل واجباتك اليومية ، استيقظت متأخرًا عن صلاة الفجر ، نسيت أن تسدد فاتورة ما ، لم ترتق لمستوى تطلعاتك ولو بالقليل ، قصرت في بر والديك وصلة ارحامك والإحسان إلى جيرانك وتفقد أهلك وابنائك.
لم تُفلِح في شرح نقاطك أثناء اجتماع أو عرضٍ مهم، فاتك موعدٌ هام ، فاتك زواج زميل عزيز عليك ، كنتَ مُحْرَجًا على ذلك الزواج المهم ، كما أن الارتباك الذي حلّ بك لم يختفي.
تجلعنا مثل هذه الحالات ساخطين على أنفسنا حيث نتساءل لماذا نحن حمقى أو ضعفاء أو غريبي الأطوار أو سخيفين أو حتى مساكين ، فنعاقب أنفسنا بحرمانها من النوم والراحة ونتوجه إلى تقسيم قائمة المهام ، فتخيب ظنوننا بأنفسنا مما يدفعنا الى التفكير فقط بهذه الأمور.
ومع ذلك فهذه هي اللحظات التي يكون فيها الصفح عن الذات أمرًا مهمًا.
يقول الطب النفسي : بأن الصفح عن الذات هو تحمل المسؤولية عن تصرفاتنا برأفة وبجدّية ، كما أشار أنه بتلك الطريقة فكل منا يقول لنفسه: ” أنا مُتَحسّر أنك تصرفت بهذه الطريقة فأنا أتفهم الدافع ، وأود أن أحبك بدلاً من أن أعيبك عليها.”
▪فكيف إذن تُسالم نفسك؟
كيف انشر السلم مع نفسي “ الرحمة هي أساس المسامحة والمسالمه ، فهي تتطلب ممارسة وقد تكون صعبة في البداية.
لكنها تزودنا بطريقة صحية لنصبح أقوى. إنها تعزز صحتنا وسعادتنا فضلاً على أنها تُلهِمنا وتشجعنا.”
فلنأخذ المثال الآتي: أنت على مقربة من التاريخ المحدد لتسليم بحث مدرسي ٍ ما ولكنك لست مستعدًا لكتابته إطلاقـًا ، فتقول لنفسك: “يجب أن أكتب هذا البحث حالاً وإلا فأنا شخص فظيع وطالب فاشل”.
هل يشجعك مثل هذا القول على أن تمضي قدمًا وتكتب البحث؟
وفي المقابل، ماذا يحدث لو قلت لنفسك “لست مستعدًا لكتابة هذا البحث فالأسبوع كان طويلاً وشاقـًا ولا أشعر بأني قادر على الكتابة ، لِم لا أضع مسودّة فقط.”
مجرد مخاطبة نفسك بهذه الطريقة تحسّن مزاجك ومن المُحتمل أن تدفع بك إلى العمل على البحث ، فالتسامح والسلم فعال ونافع.
إليك بعض الخطوات من أجل تعزيز تسامحك ومسالمتك مع ذاتك آخذة الرأفة كأساس:
▪ ركّز على المسالمة بشقيه:
، فإن السلم مع الذات له مرحلتان ، فالأولى هو أن نسامح أنفسنا عن أي فعل مؤذٍ أو إساءة قمنا بها، كارتكاب خطأ في العمل أو جرح مشاعر شخص ما.
أما الثانية فهي أن نقر بأننا بشر نمتلك مشاعر معقدة وتصرفات لا نستطيع التحكم بها رغم أننا مسؤولون عنها. وأخذت كمثال التحول إلى موقف الدفاع عندما نحس بتهديد ما على الرغم من أن ذلك الشخص لم يقصد إزعاجنا.
يتطلب هذا فعلاً عملاً شاقـًا؛ فإمكانية أنك تستطيع فعل ذلك هي أخبار سارّة ، وفي حالة ما احتجت مساعدة يمكنك أستشارة أخصائي في أي وقت.
▪ تعاطف مع الآخرين:
كثيرًا ما يكون تعاطفنا مع غيرنا أسهل من تعاطفنا مع أنفسنا، فكّر بما سيكون عليه شعورك حيال شخص آخر في نفس الوضعية.
تأمل في هذا السؤال “هل تستطيع النظر إلى شكوكك وتفهم كيف كنت تبذل قصارى جهدك ماليًا واجتماعيًا وأكاديميًا بالموارد المتاحة لك؟”
▪ اعمل على المسألمة وكن راضيًا عن نفسك:
كانت إحدى النساء تعاني من اضطراب مستعصٍ ما أدّى بها الى عدم حبها وتقبلها لذاتها ، حيث قالت بأن المريضة كانت ترى بأن مشاكلها النفسية اقتحمت كل علاقاتها. فتعاونتا ، الطبيبة والمريضة ، على مسألة حب الذات وتقبلها الى جانب التقليل من حدة الاضطراب الذي كان لسببين وراثي وكيميائي، كما أن هذا الاضطراب زاد من إحساسها والذي بدوره حسّن في علاقاتها وعملها على نحو فريد.
فإن المريضة دخلت معالم تقبل الذات والصفح عنها حيث استطاعت أن تُفصح عما يُخالجها قائلة: “أتمنى فعلاً لو لم يكن الاضطراب صراعًا بهذا الشكل، فقد يكون مرهِقـًا ومُنهِكـًا لي وللناس من حولي. أسعى جاهدة لأتغلب عليه كي لا يتحكم في ردة أفعالي ولا في قراراتي، ولكن في بعض الأحيان يتحكم فيها.
فهذا ليس خطأي ولكنه حقيقة التعامل مع الاضطراب.”
▪ استعمل عبارات مشجعة:
انتبه إلى ما تقوله لنفسك، حاول أن تستعمل عبارات مشجعة وصادقة.
▪ إليك أمثلة واقعية:
تتحدث مع نفسك “يا الله، أردت ذلك حقـًا ولكن لم تسر الأمور على ما يُرام، طبعًا أحاسيسي مجروحة”
“يرتكب الناس الأخطاء دائمًا، فنحن بشر.”
“أكره التعلم بهذه الطريقة ولكن ها أنا أفعل ذلك.”
▪ جرّب الخيال:
تصوُّر الأشياء قد يكون فعّالا: تخيّل احتواءك لنفسك في قلبك ، تخيّل أنك تحتضن نفسك، إرسال المحبة بتلك الصورة سيساعد في تعميم المشاعر الإيجابية والتي بدورها تزيد من الإحساس بالرحمة.”
تأكد من جديد على أهمية تقبل فكرة أنك إنسان يخطئ بطبعه ويتخذ قرارات غير مُوفّقة. وأنك ستكسب كثيرًا إن تبنيت هذا الموقف ، وهذا لا يعني رفضنا التحسين في المرات المقبلة ولكن هو ببساطة مواجهة الأحاسيس والتعقيدات التي تجعل منا أناسًا مفعمين بالحيوية وفريدين.
تقبلو تحياتي.