أكد مختصون نفطيون أن سوق النفط الخام في مرحلة انتقالية تعوض بها بعض الخسائر الحادة التي لحقت بها على مدى الشهور الماضية، إلا أن أسعار الخام ما زالت منخفضة ومن الصعب العودة إلى المستويات السابقة من الأسعار المرتفعة في ضوء الظروف الراهنة للاقتصاد الدولي خاصة استمرار حالة وفرة المعروض في السوق.
وأشار المختصون إلى أن الضغوط التي حدثت في السوق أخيرا دفعت إلى تحسن نسبى في الأسعار ومن المتوقع أن يتنامى هذا التحسن تدريجيا ليستقر عند مستويات أقل بكثير من مستويات يونيو 2014 التي تجاوز فيها سعر برميل البترول مائة دولار، وفقا لما نقلته صحيفة ” الاقتصادية”.
وأوضح بيتر فنش المختص في وكالة موديز، أن حالة وفرة الإنتاج وتناميه بوتيرة متسارعة تفوق الطلب بمراحل قد تم تحجيمها نسبيا بعد خفض النفقات الرأسمالية لكبرى الشركات العالمية وتوقف قياسي لمنصات إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بالتزامن مع إضراب عمال المصافي الأمريكية، وهو ما دفع في اتجاه رفع الأسعار، وذلك في إطار وصول الأسعار إلى أقصى مستويات الانخفاض.
وأشار فنش إلى أن تنامي سعر صرف الدولار له تأثير واسع وممتد في أسعار البترول أيضا لأنه يجعل السلع الأولية المقومة بالدولار أغلى ثمنا بالنسبة لحائزي العملات الأخرى، لافتًا إلى أنه كان من المتوقع أن تدخل السوق في مرحلة التعافي تدريجيا وتعويض بعض الشيء من خسائرها الكبيرة التي منيت بها.
وقال فنش “إن هناك مستجدات جيدة فيما يتعلق بتحسن أيضا في مستوى الطلب العالمي على النفط الذي عانى التباطؤ كثيرا تأثرا بالركود الاقتصادي على مدى فترات طويلة”.
وذكر فنش أن السوق تأثرت باتخاذ الصين -وهي المستهلك الرئيسي للنفط في العالم- خطوات لضخ سيولة جديدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم لتحفيز النشاط، مدعومة بتفاؤل بأن خفض الاحتياطي الإلزامي للمصارف لدى البنك المركزي في الصين وهو الأول في أكثر من عامين سيحفز النشاط الاقتصادي والطلب على الطاقة.
ولفت فنش إلى أنه كلما تسارعت جهود تحفيز الطلب بالتوازي مع ضبط الإنتاج والحفاظ على معدلات جيدة له دون الوصول إلى مرحلة التخمة سيؤدى ذلك دون شك إلى أداء أفضل للسوق وإلى مستويات سعرية تناسب المنتجين والمستهلكين على السواء.
وقال المهندس مضر الخوجة الأمين العام للغرفة التجارية العربية النمساوية في فيينا لصحيفة ” الاقتصادية”، “إن الأزمات والصراعات السياسية في الشرق الأوسط أثرت كثيرا في اقتصاديات المنطقة خاصة إنتاج الطاقة والتجارة والاستثمار”، مشيرا إلى أن العراق وليبيا على سبيل المثال شهدتا فترات طويلة من التوقف والاضطراب في إنتاج الطاقة.
وأشار الخوجة إلى أن انخفاض أسعار النفط أثر سلبا في اقتصاديات عديد من الدول خاصة المنتجة وهناك عديد من الأسواق التي لا تزال تكافح من أجل استعادة الثقة باقتصاداتها كالبرازيل ونيجيريا وروسيا وجنوب إفريقيا وتركيا وأوكرانيا، وقد كان انخفاض أسعار السلع العالمية خصوصا النفط الخام أهم دافع وراء تراجع الثقة بهذه المجموعة من الأسواق.
وأوضح الخوجة أن الانخفاض في أسعار النفط الخام أدى وسيؤدي إلى تباين كبير في أداء الأسواق الناشئة وهو ما سيزيد المخاطر التي تواجه بلدانا معينة مثل نيجيريا وروسيا وفنزويلا، مطالباً بضرورة تعميق علاقات الشراكة الاقتصادية بين دول العالم المختلفة خاصة بين المنتجين والمستهلكين من أجل دفع النمو العالمي، مشدداً على أهمية الوصول إلى تفاهمات تكفل الحفاظ على استقرار السوق وحماية الأسعار العادلة للطاقة التي تلحق أضرارا باقتصاديات المنتجين والمستهلكين على حد سواء.
ودعا الخوجة إلى سرعة علاج المشكلات الاقتصادية والمالية والاجتماعية في العالم العربي الناتجة عن الاضطرابات والصراعات السياسية والاجتماعية، لأن تراجع أسعار النفط أضاف أعباء كبيرة على اقتصاديات بعض الدول العربية التي فقدت كثيرا من مواردها الأساسية، وأدى الأمر إلى تراجع الإنتاج والاستثمارات وارتفاع معدلات البطالة والفقر.
وأضاف الخوجة أن “بعض الدول أصبحت غير قادرة على تحمل العبء المادي لدعم الأسعار الاستهلاكية”، مشيرا إلى ضرورة أن تقوم هذه الدول بالمبادرة إلى القيام بإصلاحات عميقة جريئة تشمل تغيير سياسات الدعم الحكومي.
يذكر أن أسعار النفط الخام سجلت ارتفاعا ملحوظا الأسبوع الماضي، حيث سجل خام برنت أكبر مكسب له في أسبوعين كاملين منذ 17 عاماً بدعم من انخفاض عدد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة وتصاعد أعمال العنف في ليبيا. وقفزت أسعار النفط الخام مرتفعة نحو 20 في المائة خلال الجلسات الست الماضية، لكنها لا تزال أقل بنحو 50 في المائة عن ذروتها في منتصف العام الماضي بسبب المخاوف من زيادة المعروض.