يمكن فهم الدافع الأساسي للتوريق من ظروف نشأته، والتي ارتبطت بالرهن العقاري، ذلك أن هذا الرهن يقوم على علاقة ثلاثية بين مال عقار ومشترى العقار والممول حيث يقوم المالك ببيع العقار للمشتري بالتقسيط تسدد خلال مدة طويلة تصل ما بين 15 إلى 30 سنة.
وفى نفس التعاقد يحيل البائع حقوقه في الأقساط إلى الممول الذي يدفع له الدين الذي في ذمة المشترى وبقيمة أقل، ويعتبر المبلغ قرضاً على المشتري للممول يسدده مع فوائده خلال مدة التقسيط.
وتتم هذه العملية من جانب الممول للآلاف من المشترين، وبالتالي تصبح لديه مبالغ كبيرة جداً في صورة قروض في ذمة المشترين مضمونة برهن العقار لصالحه، ولأن الممول يحتاج لاستمرار نشاطه إلى تمويل والمتحصل من الأقساط لا تكفى ذلك وأمامه مدة طويلة لتحصيلها، لذلك تم التفكير في قيام الممول ببيع القروض التي له للحصول على السيولة.
ومن الصعب وجود مشتر واحد يمكنه شراء هذه القروض، فتم اللجوء لبيعها لعدد كبير من المشترين بواسطة تقسيم قيمة القروض إلى فئات صغيرة وإصدار أوراق مالية (سندات) بها وطرحها للاكتتاب العام ليقوم المستثمرون الذين يرغبون في استثمار مدخراتهم بوسيلة مضمونة وذات عائد محدد وهو ما يتوفر في هذه القروض، حيث إنها مضمونة برهن العقار، وتدر عائداً محدداً هو الفائدة، ولتأكيد جاذبيتها للاستثمار وجد الوسطاء من شركة التوريق ووكالات التصنيف ومعززو الائتمان (الضامنون)، إضافة إلى مقدمي الخدمات الآخرين لتسهيل تنفيذ هذه العملية .
وتتمثل دوافع عملية التصكيك التي تدفع المؤسسات المالية إلى إصدار الصكوك الاستثمارية في النقاط التالية :
1) إعادة تدوير الأموال المستثمرة دون الحاجة للانتظار حتى يتم تحصيل الحقوق المالية على آجالها المختلفة؛ لأن التصكيك يساعد على تحويل الأصول غير السائلة إلى أصول تتصف بالسيولة.
2) خفض تكلفة التمويل والمخاطر؛ لأن التصكيك يتيح القدرة على تعبئة مصادر التمويل بالحصول على مستثمرين جدد ومن ثم توفير تمويل طويل أو منتصف الأجل. وبالتالي، يتسم بانخفاض درجة المخاطر نظرا لكون الصكوك مضمونة بضمانات عينية وهي الأصول( ). وبالإضافة، أن عملية التصكيك تتطلب فصل محفظة التصكيك وما يلحقها من ضمانات عن غيرها من الأصول المملوكة للشركة منشئة الصكوك.
3) تنشيط سوق المال من خلال تعبئة مصادر تمويل جديدة وتنويع المعروض فيها من الأوراق المالية وتنشيط سوق تداول الصكوك. والصكوك أيضاً تمكن تمويل النشاطات الاقتصادية الضخمة ما لا تقدر عليه الجهات التمويلية بانفرادهم.
4) تحسين القدرة الائتمانية والهيكل التمويلي للشركة منشئة الصكوك من حيث أن التوريق يتطلب التصنيف الائتماني للمحفظة بصورة مستقلة عن الشركة ذاتها، ومن ثم يكون تصنيفها الائتماني مرتفعاً.
5) المواءمة بين آجال التمويل أي مصادر واستخدامات الأموال، فعملية التصكيك تساعد الشركة في الحصول على السيولة اللازمة لسداد التزاماتها قصيرة الأجل.
6) أما بالنسبة للمصارف التي بطبيعتها يوجد لديها محافظ حقوق مالية بمبالغ كبيرة متمثلة فيما تمنحه من قروض وتسهيلات ائتمانية، فعملية التصكيك تكتسب أهمية خاصة بالنسبة لها وهي:
• تحسين معدل كفاية رأس المال في ظل معايير بازل 2
• تحسين المواءمة بين آجال الأصول والالتزامات
• الحصول على التمويل اللازم لمنح قروض جديدة
• تنويع أفضل لمخاطر الائتمان
• خفض تكلفة التمويل وتنويع مصادره
• توسيع نشاط أسواق المال
ويلاحظ رغم المميزات المذكورة للتصكيك أو التوريق فإنه قد تؤدي إلى انخفاض جملة رأس المال الموظف في النظام المصرفي، وبالتالي عرضة إلى الهشاشة المالية للنظام المالي على المستويين الوطني والعالمي ، كما لاحظنا ما وقع في الولايات المتحدة الأمريكية في العام الماضي من الأزمة الاقتصادية.
وهكذا يتضح أن الدافع الأساسي للتوريق هو توفير السيولة لمالكي الأصول التي لا يوجد لها سوق نشطة، وتتأخر مواعيد استحقاقها أو تصفيتها إلى أجل بعيد، ووجود وسيلة جديدة ذات جاذبية للمدخرين لاستثمار أموالهم.