مع التطور الحاصل في بيئة الأعمال الدولية فقد أصبحت المنظمات الحديثة مراكز بحوث قائمة على أساس المعرفة. إن المزايا التنافسية المعروفة مثل
كلفة الإنتاج الواطئة والجودة العالية وسرعة التسليم والمرونة والاستجابة للتغيرات والتكيف معها والتي يمكن تحقيقها من خلال قيام المنظمات ببناء مقدرات جوهرية Core-Competence مستندة إلى قدرة المنظمة في التعليم المشترك لا سيما تنسيق المهارات الإنتاجية والتنظيمية وكذلك تحسين وتكامل تقنيات الإنتاج المستخدمة (Prahalad and Hamel, 1994, P.82) أضيفت إليها في الوقت الحاضر مزايا تنافسية جديدة قائمة على أساس قدرة المنظمة المعرفية. فالإبداع وتقديم منتجات تشكل سلسلة متعاقبة لتطور تكنولوجي متكامل أصبحت سمة المنظمات المعرفية في الوقت الحاضر. إن الاتجاه الحديث في الإنفاق والاستثمار في البحث والتطوير وتشكيل رأس مال معرفي في المنظمات فإنها تهدف من خلال ذلك زيادة قدرتها في خلق إبداع تكنولوجي عام مستند إلى معرفة واسعة وقادراً على تقديم دعم وإبداع لعدد كبير من المنتجات والخدمات التي يمكن أن تطور في ظل هذه المظلة المعرفية العامة، ويمثل هذا الأمر خروج عن قواعد العمل السابقة والتي تتمثل في إنفاق استثماري متقطع لغرض تحسين أو تطوير منتجات منفردة أو في أحسن الأحوال بعض من منتجات كسلسلة مترابطة. وهكذا فإنه يبدو أن خصائص رأس المال المعرفي والمتمثلة في عدم تجسيد وسرعة الزوال والتزايد بالاستعمال. وإذا كانت الميزات التنافسية في الإطار القديم يمكن أن تستنسخ وتقلد من قبل الآخرين أو أنها تختفي أو تزول سريعاً بحكم وجود منافسين أقوياء ومتابعين لعمل المنظمة فإن الميزات التنافسية المستندة إلى المعرفة ورأس المال المعرفي يمكن أن تخرج من إطار هذه الإشكالية بحكم كون المعرفة التي تستند إليها تمثل خصائص إستراتيجية للمنظمة لا يمكن تقليدها بسهولة من قبل الآخرين.
وتشير أدبيات الإدارة الإستراتيجية إلى أن المورد لكي يصبح إستراتيجياً يجب أن تتوفر فيه خصائص معينة منها (Bollinger and Smith, 2001, P.10).
1. أن يكون المورد ثميناً.
2. أن يتسم بالندرة.
3. لا يمكن تقليده بسهولة.
4. لا يمكن إحلال بديل محله.
وعند تأمل هذه الخصائص سيتبادر للذهن تساؤل حول كيفية ومدى انطباق هذه الخصائص على المورد المعرفي أو رأس المال الفكري. يمكن القول أن قيمة وثمن المورد البشري يتجلى في أن المعرفة ستؤدي إلى تحسين في العمليات والمنتجات وبذلك تمكن المنشأة من البقاء منافسة للآخرين وهذه ميزة تنافسية ليست بالقليلة. ومن جهة أخرى فإن كون المعرفة نادرة فهذا أمر مرتبط بكونها حاصل تراكم خبرات العاملين ومعرفتهم التطبيقية فإنها ستكون نادرة لأنها مبنية على الخبرات الذاتية السابقة لنفس المنظمة وليس لمنظمة أخرى. وبالنسبة لخاصية عدم التقليد بسهولة فإن المعرفة في أي منظمة هي خاصة بها ولها بصماتها المميزة والتي لا تكتسب إلا عبر فترة زمنية ومشاركة مجاميع العاملين وتقاسم خبراتهم لذلك فهم مختلفون عن سائر المنظمات الأخرى. أما ما يخص عدم قابلية الإحلال فهو مرتبط بالقدرة المميزة للمجاميع والتداؤب بين العاملين الذي لا يمكن نسخه وإحلاله محل المعرفة السابقة.