تشهد أسعار الخضر بالسوق المحلية ارتفاعًا متكررًا وملحوظًا منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، ما أرجعه تجار الجملة وخبراء الزراعة إلى عدة أسباب، منها جشع بعض التجار مستغلين العرض والطلب، وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات والري والحرث وأسعار المواد البترولية.
وترصد «المصري اليوم» لقرائها تكلفة أسعار الطماطم، بداية من كونها «بذور» أو «شتلات» في أرض الفلاح أو المنتج، مرورًا ببيعها لتجار الجملة، ثم تجار الأحياء «التجزئة»، ووصولاً لمنزل المستهلك بشكل عام.
مصر رقم 5
تعرض «المصري اليوم» رصدًا لأسعار «الطماطم»، مرورًا بكل هذه المراحل، ووصولاً للمستهلك بشكل خاص كمثال، نظرًا لأهمية الطماطم بالنسبة لكل بيت في مصر، سواء الأحياء الشعبية أو الراقية، كما يؤكد خبراء الزراعة أن مصر تحتل المرتبة الخامسة في إنتاج الطماطم على مستوى العالم، حيث تنتج 7 ملايين طن على الأقل سنويًا، مشيرين إلى أن الطماطم من أكثر الخضر المكلفة في زراعتها، وأن الهامش الربحي للمنتج «المزارع» يعتبر قليلاً.
إنتاجية فدان
ويقول الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والأراضي بزراعة القاهرة، إن إنتاجية الفدان بالنسبة للخضر تختلف حسب جودة أصناف البذور أو الشتلات، وأدوات الزراعة والأسمدة الجيدة، وأن يكون المزارع على قدر كافٍ من المعرفة والتوعية حتى يستطيع تنفيذ هذه الخطوات.
ويضيف نور الدين أن فدان الطماطم ينتج ما بين 20 – 25 طنًا، مشيرًا إلى أنه يشتري حوالي 20 ألف طن شتلة طماطم، بجانب تكاليف مدخلات الزراعة، مثل العمالة والكبرتة والري والحرث، والتي زادت نسبتها ما بين 30 – 40%، وذلك بعد ارتفاع أسعار السولار، بالإضافة إلى تكلفة إيجار الأرض، مؤكدًا أن كل هذا يتكلف ما بين 15 – 18 ألف جنيه.
ويشير إلى أنه إذا باع الفلاح هذا الإنتاج بتكلفة «جنيه» للكيلو الواحد، فإن هامش ربحه يصل إلى 7 آلاف جنيه للعروة الواحدة، والتي تستغرق حوالي 3 شهور زراعة، وشهرين لجمع المحصول.
4 مراحل تمر بها الطماطم
ويوضح نور الدين أن المنتج يمر بـ4 مراحل، حتى يصل للمستهلك، وتتركز المرحلة الأولى في المنتج، والتي ذكرت بالتفصيل فيما سبق، لتنتقل فيما بعد إلى مرحلة تاجر الحقل، وهو في بعض الأحيان يقرض المزارع بالآجل حتى يستطيع زراعة أرضه مقابل المحصول، وتأتي المرحلة الثانية، وهي نقل المحصول إلى تاجر الجملة بأسواق العبور أو 6 أكتوبر.
تاجر ومستورد
ويقول عبدالحفيظ حسين، تاجر ومستورد للخضر والفاكهة بسوق العبور، إن تكلفة نقل المحصول من أرض المزارع حتى سوق العبور، زادت بنسبة 20 -30%، وذلك بعد ارتفاع أسعار السولار، مشيرًا إلى أن تكلفة سيارة النقل «جامبو»، وحمولتها 5 أطنان ويحتاج المحصول «25 طنًا» إلى 5 سيارات، إذا كانت المسافة من النوبارية إلى سوق العبور، حوالي 500 جنيه، أي أن 5 سيارات تتكلف 2500 جنيه.
ويضيف عبدالحفيظ أن نسبة الفاقد خلال مرحلة النقل، ما بين 25- 30%، من المحصول، مرجعًا ذلك بسبب أن المحصول من السلع الطازجة، وبالتالي يصل طن الطماطم إلى سوق العبور بتكلفة 28 ألفًا، شاملة عمليات الشحن والتفريغ.
وتتركز المرحلة الثالثة في إعلان تاجر الجملة عن مزاد لبيع المحصول لتجار الأحياء، متمثلين في تجار الأحياء الراقية والشعبية والشوادر، ليصل سعرها إلى 150 – 175 قرشًا، وتبدأ مرحلة نقل التجار للكميات إلى أسواق التجزئة، وهنا يوضح عبدالحفيظ أن سيارة النقل «ربع نقل» وصل سعر الحمولة الواحدة من السوق إلى مناطق مثل الدقل ووسط البلد إلى 250 جنيهًا، متأثرة بأسعار السولار.
نادر نور الدين: المكسب «مضمون» للتاجر.. والخسارة على الفلاح.. والمستهلك «ضحية»
تنقسم المرحلة الرابعة إلى 3 محاور، وهم تجار الأحياء الراقية والشعبية وسلاسل التجزئة، وهنا يجد المستهلك تفاوتًا في أسعار السلعة في هذه المناطق، قد يصل الفارق أحيانا إلى الضعف.
ويتحجج المحور الأول، وهو تاجر الأحياء الراقية مثل المهندسين كمثال، بأن ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء، وأجور العاملين بالمحل، وشرائه أجود الأنواع، ليصل سعر الكيلو إلى 350 – 400 قرش.
وبالنسبة للمحور الثاني، وهو تاجر الأسواق الشعبية، فيتحجج بفواتير الكهرباء أيضًا وأجور العاملين و«فصال» الزبائن، مراعاة لظروفهم المادية، ليصل سعر الكيلو إلى 275 – 325 قرشًا، فيما يوجد أيضًا التاجر الذي يطوف الشوارع بالمناطق الشعبية مستخدمًا «عربة كارو»، ليصل سعر الكيلو إلى 225 – 375 قرشًا، حسب الجودة.
أما عن المحور الثالث، وهو سلاسل التجزئة، يرى نور الدين أنها هي الأكثر ربحًا، حيث يصل كيلو الطماطم إلى 5 – 6 جنيهات، مرجعًا ذلك إلى المواقع الاستراتيجية التي تتمركز بها هذه السلاسل، وأجور العاملين وجودة الأنواع، مشيرًا إلى أنها الأكثر ربحًا لأنها قد تتعامل مع تاجر الحقل مباشرة لتحقيق هوامش ربحية أكثر.
حلقات التجار ومحدودو الدخل
ويرى نور الدين أنه حتى تتفادى الحكومة ارتفاع الأسعار، أن تتعامل مع تاجر الحقل مباشرة لتقليل الحلقات السابقة، لأن الخاسرين هما المزارع والمستهلك فقط، مشيرًا إلى أنه يجب توزيع هذه السلع بالمجمعات الاستهلاكية وتوفيرها للمستهلك بأسعار أقل، مراعاة لظروف محدودي الدخل، وإنقاذهم من جشع التجار أيضًا.
ويوضح نور الدين أن هناك انخفاضًا في الأسعار مقارنة لما قبل الثورة، وذلك بسبب إغلاق الاتحاد الأوروبي أبوابه أمام 47 نوعًا من السلع الغذائية المصرية، ما يزيد نسبة المعروض في السوق المحلية، مؤكدًا أنه يجب فرض غرامات على التجار المتسببين في وقف هذا التصدير من التجار سيئي السمعة.
ويأمل نور الدين من فتح أبواب روسيا أمام السلع المصرية أن يكون بديلا لدول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أنه يجب استغلال هذه الفرصة، وذلك عن طريق استعادة الجهاز الرقابي دوره في التشديد على التجار المصدرة في الكشف عن بضائعهم ومدى جودتها، حتى لا تضيع الفرصة مرة أخرى.