رسالة من امرأة على فراش الموت
أم أحمد عرفتها شابة قوية ونشيطة تعمل بجد
لم أعهد له مثيل صاحبتها لفترة من الزمن فرايتها امرأة صالحة
وأما طيبة وموظفة جادة في عملها تعمل من الفجر إلى المساء
لا تمل ولا تتعب في سبيل توفير حياة راقية لأبنائها
رأيت فيها قوة وصبر عجيبين وكانت علاقتي معها مؤقتة
وانتهت منذ فترة طويلة
و في يوم جاءتني مكالمة هاتفية فإذا بها تقول لي أنا أم احمد
فلم اصدق لأن الصوت مختلف تماما عن صوتها فقالت لأني مريضة
وراقدة في المستشفى منذ أشهر ولكني الآن بصحة وخير
واحسن من الأيام الماضية ولم أنساك لحظة واحدة
لقد كنت في العناية المركز
و كلما صحوت من الغيبوبة ناديت اسمك
فقلت لها اين أنت الآن حتى أزورك
فقالت ( مركز مكافحة السرطان ) !!! مبنى 2 غرفة2 سرير2
فبهت ولم استطع انتقاء كلماتي
قلت لها وهل انت تعانين من ال…
قالت لا انا اعاني من مرض شديد في عظامي
ولكني الآن بصحة تامة
عزمت على زيارتها
وذهبت منطلقة الى هذا المستشفى
وقلبي يخفق بشدة لا أعرف ما تعاني وما حالها ؟؟
ولما وصلت واتجهت الى سرير رقم 2
فاذا بي اراها طريحة الفراش
مريضة بالسرطان !!
قد أكل عظامها وانتشر الى بقية اعضاءها !!
أما حالتها النفسية فلا تسألوا عنها
ابتسامتها قد ازدادت اشراقا
و وجهها الاسمر قد انقلب الى ابيض واكتسى بالنور
فجلست التقط انفاسي بعد إن سلمت عليها بكل حرارة وشوق
وسألتني عن احوالي وتفاصيل حياتي وعن طفلي
وكأنها لا تعاني من أي شئ !!
تعجبت من هذه المرأة الصابرة
كيف يكون لها مزاجا إن تتحدث وتتكلم وتضحك وهي تعاني من مرض مميت قاتل
و مدت يدها لتخرج ( حفاظة ) من وراء ظهرها
فقالت لي
هذه نهايتي ( حفاظة ) وملابس مستشفى مهترءة
فبكيت لما اعلم من اهتمامها بنفسها وصحتها وزينتها
فقلت لها وسيبدلك الله في الجنة عن هذه الملابس
بالحرائر التي ليس لها مثيل نراها عليك فنجب من جمالها
وفي أحد حصصي الدراسية أخذت اكلم الطالبات عنها
وعن صبرها وجلدها في مواجهة المرض
بل عن قوة إيمانها وشدة تعلقها بأسماء الله الحسنى
ولهجها بها اذا اشتدت ضراوة المرض
فقالت لي الطالبات
لماذا لا تأخذينا يا معلمتي الى زيارتها
فاستنكرت طلبهن
ولكني نقلته إليها
فقالت لي أرجوك أحضريهن ليروا حالي ويتعضوا
ويكون عندهن قصر أمل في هذه الحياة
ثم قالت أنا أشد ما اندم عليه
أني لم ازر هذه المستشفى من قبل
فأعرف عظمة نعمة الصحة
وأقضي ايام صحتي بالعبادة والتقرب من الله
أنا نادمة على كل لحظة نشاط وقوة قضيتها بعيدة
عن الله
وتوالت الأيام وأنا اكرر زيارتها وأتقرب منها
وهي لا تزداد الا مرضا وصبرا
وألما وقوة
وكلما سألتها عن حالها
قالت الحمد لله أنا بأحسن حال
كل حاجة حلوة ربنا اعطانيها
يكفي انه اصابني بالمرض ولم يصب بناتي…!!
وكلما سألتها عن المريضات اللتي كن بجانبها فاذا بها تقول فلانة ؟؟
ماتت من مدة
اما هي فقد استمرت في معاناتها قرابة السنة
صابرة مؤمنة محتسبة
حتى كان يوم الجمعة الذي تعودت إن ازورها فيه
استيقظت باكرة واتجهت نحو الهاتف لأبلغها بقدومي
فسمعت صوت ابنها يرد على جوالها الخاص
فعرفت ما بعد ذلك
لقد ماتت
فانهمرت دموعي على خدي
واحترق فؤادي أسى وحزنا على كل لحظة
كنت استطيع إن ازورها فيه ولكني لم أفعل
واتجهت الى القبلة وصليت ودعيت لها بالجنان العالية
((وظلت في قلبي ))
لن انساها ابدا
فلقد علمتني فنون الحياة
تطبيقا وتعليما
لا كلاما
وعلمتني فنون الايمان والصبر تطبيقا لا كلاما
رحمك الله يا ام احمد واسكنك فسيح جناااااااته