يقصد بزكاة الثروة التجارية جميع الأموال التي اشتريت بنية المتاجرة بها، سواء بالاستيراد الخارجي أو الشراء من السوق المحلية، وسواء كانت عقاراً أو مواداً غذائية أو زراعية أو مواشي أو غيرها،
وقد تكون بضائع في محل تجاري أو لفرد أو لمجموعة من الأفراد. وهذه الأموال يطلق عليها عروض التجارة.
أما المؤسسات التي يقتصر عملها على الصناعة للآخرين، فلا تُعَدْ أدواتها التي تستعملها من عروض التجارة، كما هو الحال في الشركات التي تتخصص في أعمال المقاولات لصالح الغير، فمثل هذه الشركات تُعَدْ صناعية وإن لم يؤلف إطلاق هذه الكلمة عليها، فكل شركة تعمل في الصناعة للآخرين مثل شركات البناء والتعمير تعد شركات صناعية، ومثلها محل الحدادة والنجارة.
ولكن لو اشترت هذه الشركات الصناعية بضائع ومواد بقصد بيعها بعد تصنيعها فإن هذه المواد تعتبر عروضاً تجارية، وتُزكى قيمتها خالية من الصناعة.
الفرق بين عروض القنية وعروض التجارة:
يقصد بعروض القنية تلك العروض المعدة للاقتناء والاستعمال الشخصي، لا للبيع والتجارة، وتعرف في المحاسبة المالية بالأصول الثابتة، وهي التي ينوي التاجر أو الشركة التجارية عند شرائها الاحتفاظ بها لأنها أدوات إنتاج، مثل: الآلات والمباني، والسيارات، والمعدات، والأراضي التي ليس الغرض منها بيعها والمتاجرة بها، وكذلك الأواني، والخزائن، والأرفف التي تعرض فيها البضاعة، وكذلك المكاتب والأثاث… الخ، فجميع هذه الأصول الثابتة لا زكاة عليها، وتحسم من وعاء الزكاة.
وأما عروض التجارة، وهي العروض المعدة للبيع، وتعرف في المحاسبة المالية بالأصول المتداولة، وهي التي ينوي التاجر أو الشركة التجارية عند شرائها المتاجرة بها، مثل: البضائع، والسلع، والآلات، والسيارات، والأراضي التي تشترى بنية المتاجرة بها، فإنها تجب فيها الزكاة إذا ما استوفت شروط وجوب الزكاة.
شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة:
يشترط لوجوب الزكاة في عروض التجارة ما يشترط في المال النقدي من الشروط – راجع وجوب الزكاة – بالإضافة إلى أمرين اثنين لا بد من اعتبارهما في المال ليصبح من مال التجارة الذي تجب زكاته وهذان الأمران هما:
1- العمـل : فالعمل هو الشراء.
2- النيـة : هي قصد تحصيل الربح ببيع ما اشتراه.
ولا يكفي لوجوب الزكاة في مال التجارة أحد الأمرين دون الآخر.
ثم إذا اشترى عرضاً معيناً بنية المتاجرة فيه ثم قبل أن يبيعه – حول نيته فيه إلى الاستعمال الشخصي على وجه التأبيد – فتكفي النية هنا لإخراجه من مال التجارة إلى المقتنيات الشخصية، فلا تجب فيه زكاة، وكذلك أن اشترى عرضاً للقنية ثم غير نيته إلى البيع فلا يكون فيه زكاة حتى يحول الحول منذ غير نيته.
كيف تزكي الثروة التجارية:
إذا حل موعد الزكاة ينبغي للتاجر المسلم – أو الشركة التجارية – أن يقوم بجرد تجارته ويقوّم البضاعة الموجودة ويضمها إلى ما لديه من نقود – سواء استغلها في التجارة أم لم يستغلها – ويضيف إليها ما له من ديون مرجوة السداد ثم يطرح منها الديون التي عليه لأشخاص أو جهات أخرى ثم يزكي الباقي بنسبة ربع العشر (2.5%) ونستطيع أن نوجز ذلك في المعادلة التالية:
مقدار الزكاة = (قيمة البضاعة الموجودة + السيولة النقدية في الصندوق والبنك + الدين المرجو السداد – الديون التي على المزكي للغير) × 2.5% .
يُقوّم التاجر ثروته التجارية بسعر السوق الحالي، سواء كان سعر السوق الحالي منخفضاً عن الشراء أو مرتفعاً فالعبرة بسعر السوق الحالي.
ويكون تقويم عروض التجارة، بسعر التجزئة لأهل بيع التجزئة، وبسعر الجملة لأهل بيع الجملة، وبالسعر المتوسط لمن يبيع بالجملة والتجزئة معاً.
الديون التجارية:
إن عملية التجارة، والبيع والشراء قد تتم نقداً أو بالأجل، فكيف يتعامل التاجر مع الديون التجارية؟
أولاً : الديون التي للتاجر على الآخرين:
يقسم الفقهاء هذه الديون إلى قسمين:
1- دين مرجو الأداء: وهو ما كان على مُقِرّ بالدين قادر على أدائه أو جاحد للدين لكن عليه بينة ودليل بحيث لو رفع الأمر إلى القضاء لاستطاع التاجر استرداده. وهي ما تعرف بالديون الجيدة، ففي هذه الحالة على التاجر – أو الشركة التجارية – تزكية مبلغ الدين مع زكاتها كل عام.
2- دين غير مرجو الأداء: وهو ما كان على جاحد ومنكر للدين ولا بينة عليه، أو ما كان على مقر بالدين لكن كان مماطلاً أو معسراً لا يقدر على السداد، وهي ما تعرف بالديون المشكوك في تحصيلها، فليس على التاجر – أو الشركة التجارية – زكاة في هذا الدين إلا بعد أن يقبضه فعلاً، فيزكيه عن سنة واحدة فقط وإن بقي عند المدين سنين.
ثانياً : الديون التي على التاجر للآخرين:
يحسم التاجر – أو الشركة التجارية – الديون التي عليه للآخرين من وعاء زكاته، ويكون على الآخرين زكاتها حسب ما سبق بيانه.
زكاة الثروة الصناعية:
في الثروات الصناعية تكون الزكاة في الربح دون رأس المال، الذي غالباً ما يتحول إلى أصول ثابتة لا زكاة فيها، مثل: الآلات والمعدات والمباني التي تحوي المصانع، فهذه تعد أدوات إنتاج، ولا تخضع أدوات الإنتاج إلى الزكاة.
ويؤخذ في الاعتبار أن المواد الخام المستخدمة في المصنع إذا حال عليها الحول، أو ضمت إلى حول نصاب مشابه كالنقود أو عروض التجارة تجب فيها الزكاة، سواء كانت مخزنة لدى الشركة لم تستعمل بعد، أو استعملت في أشياء قد تمت صناعتها ولم يتم بيعها إلى أن حل موعد الزكاة.