إن وظيفة المراجع هي فحص القوائم المالية وإبداء رأيه الفني كخبير في مدى دلالة هذه القوائم على عدالة المركز المالي للمشروع وعلى نتيجة أعماله ، فالمراجع خبير في شئون المحاسبة و المراجعة وعند تصديه لأي عملية مراجعة
فهو في الواقع يعلم الغير بأنه خبير في شئون المهنة ولذلك فإن رأيه في القوائم المالية هو رأي خبير ويجب أن يكون تحقيقه للقوائم المالية مبنياً على أساس سليم وبالتالي يتضح أن المراجع يجب عليه أن يبذل مجهوداً كبيراً في الحصول على المعلومات التي تمكنه من إبداء رأيه في القوائم المالية . فالقوائم المالية التي يفحصها المراجع والتي يبدي رايه فيها تتكون من العديد من البيانات والتأكيدات ويجب أن يكون المراجع لنفسه رأياً بالنسبة لكل بيان من هذه البيانات ، ومن أمثلة البيانات التي تحتوي عليها القوائم المالية مقدار النقدية ،
وقابلية الديون المستحقة للمنشأة للتحصيل ، وتبويب الأصول والخصوم ، وإظهار جميع المطلوبات المحتملة الخ ، وفي الحقيقة إن كل قيد يسجل في الدفاتر هو بيان من نوع معين يتوقف على تحليل العملية ويؤثر في القوائم المالية وليس معنى ذلك أن المراجع مطالب بفحص كل عملية ولكنه يجب أن يقتنع بصفة عامة بأن هذه البيانات الفرعية معقولة قبل إبداء رأيه الفني في القوائم المالية كوحدة .
يجب على المراجع أن يكون لنفسه رأياً في كل بيان من البيانات التي تحتوي عليها القوائم المالية ويلي ذلك مرحلة إبداء رأيه في القوائم المالية كوحده وتحقيق كل بيان من البيانات التي تحتوي عليها القوائم يتطلب الخطوات التالية :
1- تحديد البيان المطلوب فحصه
2- تقويم هذا البيان من حيث أهميته
3- جمع المعلومات وأدلة الإثبات اللازمة عن هذا البيان
4- تقويم هذه الأدلة من حيث كفايتها أو عدم كفايتها ، وحجيتها أو عدم حجيتها وارتباطها أو عدم ارتباطها بالموضوع المطلوب فحصه
5- إصدار المراجع حكمه ( أو تكوين رأيه ) في صحة هذا البيان وعدالته
ويلعب برنامج المراجعة دوراً مهماً في تحديد البيانات المطلوب فحصها وفي جميع المعلومات وأدلة الإثبات اللازمة عن هذه البيانات ، فالمراجع يحاول أن يجمع أكبر قدر من أدلة الإثبات بالنسبة لكل بيان من البيانات التي تحتويها القوائم المالية بحيث يستطيع أن يبني رأيه على أساس معقول في مدى صحة هذه البيانات من عدمه ، وهذا الجزء من وظيفة المراجع هو من الأهمية بمكان مما حدا بمعهد المحاسبين الأمريكي إلى النص في أحد معايير المراجعة المتعارف عليها والتي يلتزم باتبعها جميع الأعضاء الذين ينتمون إليه على أهمية وضرورة الحصول على أكبر قدر من أدلة الإثبات وقد عبر عن ذلك معهد المحاسبين الأمريكي في المعيار التالي من معايير المراجعة المتعارف عليها : ” يجب الحصول على أدلة كافية ومقنعة عن طريق الفحص والملاحظة والاستفسارات والمصادقات حتى تكون أساساً معقولاً لرأي المراجع في القوائم المالية محل الفحص ” ، ويلاحظ أن كلمة ” كافية ” تشير إلى كمية الأدلة التي يحصل عليها المراجع ، أما كلمة ” مقنعة ” فتشير إلى نوع هذه الأدلة ودرجة الاعتماد عليها ويلاحظ أيضاً أن النص بجانب تأكيده لأهمية أدلة الإثبات يقترح بعض الطرق التي يمكن استعمالها في جمع هذه الأدلة .
وفيما يلي البيان الصادر عن مجمع المحاسبين القانونيين الأمريكي عن موضوع أدلة الإثبات Evidential Matter ” معظم العمل الذي يبذله المراجع لتكوين رأيه في القوائم المالية يتكون من الجهود التي يقوم بها للحصول على أدلة الإثبات وعلى تقويم تلك الأدلة ويتعلق هذا العمل بجميع التأكيدات الوارده بالقوائم المالية ، ومقياس صحة هذه الأدلة لأغراض المراجعة يتوقف على حكم المراجع الشخصي ، وفي هذا الخصوص تختلف أدلة الإثبات لأغراض المراجعة عن أدلة الإثبات القانونية التي تحكمها قواعد جامده وتختلف أدلة الإثبات في تأثيرها على المراجع في مرحلة تكوينه لرأيه في القوائم المالية اختلافاً كبيراً ، فمناسبة الدليل وموضوعيته وتوقيت الحصول عليه ووجود أدلة إثبات أخرى تعزز النتائج التي تم التوصل إليها كلها عوامل تؤثر في حجية الدليل ودرجة الإقناع التي يتمتع بها .
إن أدلة الإثبات تعرف بأنها الحقائق التي تقدم إلى الإنسان في سبيل تمكينه من الفصل في موضوع متنازع عليه وبالنسبة للمراجع فكل بيان في القوائم المالية ولو أنه ليس محل نزاع إلا أنه يجب أن يخضع لتساؤل المراجع من حيث صحته أو عدم صحته ، وجميع الحقائق والمعلومات التي يحصل عليها المراجع والتي تساعده في الحكم على صحة أو عدم صحة البيانات الواردة في القوائم المالية تعتبر من أدلة الإثبات ، وعلى ذلك فالقوائم المالية يمكن إعتبارها كأنها مجموعة من البيانات التي يجب تحقيقها وأدلة الإثبات في المراجعة تشمل جميع الحقائق التي يستعملها المراجع في البرهان على صحة هذه البيانات أو عدم صحتها .
وفيما يلي سأتناول أنواع أدلة الإثبات المتاحة للمراجع :
1- الوجود الفعلي للشيء الممثل في الحسابات وفحصه مادياً بواسطة المراجع .
2- المستندات المؤيدة للعمليات :
* يتم تحضيرها خارج المشروع
* يتم تحضيرها داخل المشروع
3- الإقرارات التي يحصل عليها المراجع من الغير .
4- الشهادات والبيانات التي يحصل عليها المراجع من إدارة المشروع :
* مكتوبة
* شفوية
5- وجود نظام سليم للرقابة الداخلية .
6- العمليات التي تقع في تاريخ لاحق لتاريخ إعداد القوائم المالية .
7- العمليات الحسابية التي يقوم بها المراجع بنفسه .
8- الارتباط بين البيانات محل الفحص .
ومن إلقاء نظره عامة على أنواع أدلة الإثبات السابقة تتضح النتائج التالية :
1- لا تتميز أدلة الإثبات التي يسعى المراجع للحصول عليها لتأييد البيانات الواردة في القوائم المالية بالغرابة أو الغموض فمعظمها من النوع العادي المباشر .
2- تختلف حجية هذه الأدلة في الإثبات وفي درجة الاعتماد عليها فعند فحص حسابات الأصول على سبيل المثال فإن الوجود الفعلي للأصل يعتبر أكثر حجية على وجود الأصل من مجرد الإطلاع على مستند يثبت أن هذا الأصل يجب أن يكون موجوداً ، فرؤية الأصل نفسه ومعاينته أفضل في الإثبات من الاطلاع على مستند يدل على وجوب وجود هذا الأصل ، كذلك فإن الحصول على بيان من أحد موظفي المشروع قد لا يكون مقنعاً في حد ذاته ، وذلك لأن الموظف قد لا تكون له دراية بالموضوع أو قد تكون له مصلحة في إخفاء الحقيقة أو قد يكون مهملاً في إعطاء البيان المطلوب إلخ وعلى ذلك فإن المراجع يجب أن يكون دائماً يقظاً ومدركاً لهذه الاختلافات في حجية أدلة الإثبات التي يقوم بجمعها وفي درجة الاعتماد عليها .
3- صعوبة الحصول على بعض هذه الأدلة دون البعض الأخر فمثلاً لا يستطيع المراجع الحصول على بيانات من الغير بالسهولة نفسها التي يحصل بها على بيانات موظفي المشروع ومن السهولة بمكان حضور المراجع وإشرافه على عملية جرد البضاعة في مخازن الشركة الرئيسة في العاصمة ولكن حضوره لعملية جرد مخازن الشركة في أحد الفروع البعيدة مثلاً لا يتم بالسهولة نفسها ويلاحظ أن تكلفة الحصول على الدليل من حيث الوقت والمجهود تتبع صعوبة الحصول عليه ، فبعض الأدلة أكثر كلفة في الحصول عليها من البعض الأخر وفي هذا المجال يتعين على المراجع تقويم أهمية الدليل المرغوب الحصول عليها والموازنة بين أهمية هذا الدليل وتكلفة الحصول عليه ، فمن غير المعقول إنفاق مصروفات كبيرة للحصول على بعض الأدلة غير المهمة ، كذلك يجب ألا تقف التكالبف عقبة أمام المراجع في الحصول على الأدلة اللازمة لتأييد بعض البنود المهمة .
4- يجب أن يكون معلوماً أن أدلة الإثبات المتاحة قد لا تكون تامة ومقنعة إقناعاً نهائياً لا يرقى إليه أي نوع من الشك فالمراجع عند إبداء رأيه في القوائم الماليه يتعرض إلى نوع من المخاطرة المحسوبة فهو يحاول الحصول على أفضل لأدلة المتاحة ويكون رأيه طبقاً لهذه الأدلة التي يحصل عليها وفي بعض الأحيان قد لا تكون هذه الأدلة قاطعة فقط ولكنها أيضاً قد تدفعه فعلاً الى استخلاص بعض النتائج الخاطئه وهذا هو السبب في أن المراجع لا يشهد أو يضمن صحة القوائم المالية ولكنه يبدي رأيه فيها فقط ، فكل ما يستطيع عمله هو أن يقوم بفحص البيانات الواردة في القوائم المالية بعناية وأن يحصل على ما يعتبر في رأيه المهني قسطاً معقولاً من أدلة الإثبات الكافية أو المتاحة لتأييد هذه البيانات ، ثم يدلي المراجع بعد ذلك برأيه الفني كخبير محايد في القوائم المالية ، وبالرغم من أن هذا الرأي هو رأي خبير فني محايد مبني على أسس قويمة إلا أنه في النهاية مجرد رأي لا يرقى إلى درجة الشهادة ، فالمراجع لا يشهد بصحة القوائم المالية أو يضمن خلوها من الأخطاء أو التلاعب .
وفيما يلي شرح تفصيلي لأنواع أدلة الإثبات في المراجعة :
الوجود الفعلي Physical Examination
الوجود الفعلي للشيء الممثل في الحسابات وفحصه ومعاينته مادياً بواسطة المراجع هو من أقوى أنواع أدلة الإثبات فإذا استطاع المراجع معاينة الشيء فهذا أقوى دليل على وجوده ، هذا فمن الأدلة الكافية على وجود بعض أنواع الأصول قيام المراجع بجردها جرداً فعلياً ومثال ذلك البضاعة والاستثمارات والنقدية الموجودة بالصندوق العام وبصندوق المصروفات النثرية .
ويلاحظ أن الوجود الفعلي بطبيعته لا يصلح كدليل من أدلة الإثبات إلا لبعض أنواع الأصول التي لها كيان مادي ملموس مثل الأراضي والمباني والعدد والآلات والسياارت والبضاعة والاستثمارات والنقدية ، ولذلك يقتصر استعمال هذا الدليل على هذا النوع من الأصول ، أما الأصول التي ليس لها كيان مادي ملموس مثل شهرة المحل والمبالغ المستحقة على المدينين ، كذلك معظم أنواع الخصوم فإنه لا يمكن تحقيقها وإثبات وجودها بهذه الطريقة فضلاً عن أنه لا يمكن إستخدام هذا الدليل لتحقيق عناصر المصروفات والإيرادات التي تظهر في حساب الأرباح والخسائر .
ويلاحظ أن الوجود الفعلي للأصول لا يعتبر في حد ذاته كافياً لتحقيق هذه الأصول فلتحقيق اي أصل يلزم أن يتأكد المراجع من وجود الأصل ومن ملكية المنشأة لهذا الأصل ومن صحة تقويم هذا الأصل في الميزانية ولذلك فإن هذا الدليل يقتصر على زاوية واحدة فقط هي زواية الوجود ولا يمتد أثره إلى مشكلة الملكية ومشكلة التقويم فوجود بضاعة في مخازن المنشأة مثلاً لا يدل على ملكية المنشأة لهذه البضاعة فقد تكون مملوكة للغير ومودعه لدى المنشأة كأمانة لحين بيعها لحساب الغير .
كذلك فإن مشكلة التقويم يتعين معالجتها بوسائل وإجراءات أخرى ولذلك فإنه عند قيام المراجع بجرد الأصول جرداً فعلياً يجب عليه الاهتمام بالحالة التي توجد عليها هذه الأصول فإذا كان الشيء محل الفحص لا يصلح للاستعمال أو إذا كانت هناك أمارات تدل على تقادمه وأنه لم يستعمل منذ فترة طويلة أو إذا كان هناك أكثر من نوع على درجات مختلفة من الجودة فإن هذه الأمور يجب ملاحظتها وإعطاؤها العناية الواجبة من جانب المراجع نظراً لما لها من أثر على تقويم هذه العناصر ولذلك فإنه عند جرد البضاعة مثلاً يتعين الاتلفات إلى الحالة التي توجد عليها هذه البضاعة ، فيجب ملاحظة البضاعة التالفة أو بطيئة الحركة أو التي فقدت جزءاً من قيمتها بتغير الظروف التجارية أو تغير الأذواق حتى يمكن أخذخ هذه الأمور في الاعتبار عند تقويم هذه البنود .