رافقت المحاسبة نشوء الحضارة وتطورها وقد تطورت المحاسبة من خلال علاقتها بالنظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية حيث كانت كل دولة تتبع مدخلاً محدداً في تطوير المحاسبة لديها ، مثل المدخل الضريبي ومدخل التخطيط المركزي الشامل ومدخل المستثمر . وقد تأثرت المحاسبة في تطورها بالمدخل المتبع مما ساهم في تعزيز الاختلافات في الممارسات المحاسبية بين دول العالم المختلفة .
حيث قامت العديد من الدول بإصدار قوانين وأنظمة محاسبية وضريبية تلزم الشركات بتطبيقها .
ولكن رغم كل تلك التباينات ومبرراتها والقوانين والأنظمة التي تدعمها ، نجد أن الأصوات التي تطالب بالسعي إلى تطوير المحاسبة باتجاه تحقيق التقارب أخذت بالتزايد نظراً للحاجات الماسة التي ظهرت لعدة أسباب أهمها :
– عولمة الاقتصاد ونمو وتحرير التجارة الدولية والاستثمار الدولي المباشر .
– تطور الأسواق المالية العالمية .
– الخصخصة في بعض دول العالم .
– تغيرات في أنظمة النقد الدولية .
– تعاظم قوة الشركات متعددة الجنسيات لتشمل أصقاع المعمورة، سواء كان ذلك عن طريق إنشاء فروع لها في الأقاليم والدول، أو السيطرة على شركات تابعة.
وقد أدت ثورة المعلومات وما آلت إليه من انتشار الحواسب والبريد الإلكتروني والإنترنت إلى تعزيز العولمة وتدفق المعلومات المطلوبة لاتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والإدارية في الوقت المناسب، هذه المعلومات التي تمثل إلى حد كبير مخرجات النظام المحاسبي على مستوى المنشأة (فردية أو شخصية معنوية) أو على مستوى القطاع أو الدولة. ولا يمكن لهذه المعلومات أن تكون ذات فائدة كافية ما لم تكن قابلة للمقارنة، هذه المقارنة التي تعتمد على معايير أو أسس للقياس قد تختلف بين دولة وأخرى وبين قطاع وآخر وبين شركة وأخرى، مما يؤدي إلى تشويه القياس وتشويه المقارنة وتضليل متخذي القرارات.
كما جعل وضع معايير دولية للتدقيق تكفل عدالة القياس، وتبنى على معايير دولية للمحاسبة يتم القياس بناء عليها مهمة ملحة على الصعيد الدولي أخذته كثيراً من المنظمات والدول على عاتقها.
وإن أهمية معايير المحاسبة والتدقيق جعلت المنظمات المهنية في كثير من دول العالم تهتم بوضع معاييرها، ولعل من أهم هذه المنظمات في هذا المجال:
– مجمع المحاسبين القانونيين في الولايات المتحدة الأمريكية aicpa الذي بادر إلى وضع معايير للتدقيق منذ عام 1939
– كما تم تشكيل هيئة أو مجلس لمعايير المحاسبة المالية fasb في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1973 كتطوير لصيغة المبادئ المحاسبية المقبولة عموماً gaap التي كان قد بدأ العمل بها منذ عام 1932 .
أما محاولات وضع معايير على المستوى الدولي فقد بدأت مع بدايات القرن الحالي حيث عقدت المؤتمرات الدولية للمحاسبة والتي ساهمت إلى حد كبير في التأكيد على أهمية تطوير المعايير المحاسبية الدولية.
فقد عقد المؤتمر المحاسبي الدولي الأول عام 1904 في سانت لويس بولاية ميسوري في الولايات المتحدة الأمريكية برعاية اتحاد جمعيات المحاسبين القانونيين الأمريكية قبل تأسيس مجمع المحاسبين الأمريكيين عام 1917 وقد دار البحث في ذلك المؤتمر حول إمكانية توحيد القوانين المحاسبية بين مختلف دول العالم .
وكان آخر تلك المؤتمرات المؤتمر المحاسبي الدولي السابع عشر الذي عقد في استانبول عام 2006 وكان تحت شعار تحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي العالمي, ومساهمة المحاسبة في تطوير الأمم, واستقرار أسواق رأس المال في أنحاء العالم. ودور المحاسبين في عملية التقييم في المشروعات.
وقد أسفرت هذه المؤتمرات التي كانت نتيجة الضغوط المتزايدة من مستخدمي القوائم المالية من مساهمين ومستثمرين ودائنين ونقابات واتحادات تجارية ومنظمات دولية وجمعيات حكومية وأجهزة حكومية عن تشكيل عدة منظمات استهدفت وضع المعايير الدولية وتهيئة المناخ اللازم لتطبيق المعايير.