اعداد محاسب

شرح المراجعة في الإسلام

المراجعة في الإسلام

 

جـامعـة الأزهــر

كليـة التجـارة(بنين)

قسـم المحـاسبــة

 

المراجعة في الإسلام

– دراسة تحليلية –

 

إعداد

مطاوع السعيد السيد مطاوع

مدرس المحاسبة المساعد

 

 

2009م/1430هـ

 

 

 

 

 

 

مقدمة

     أرست الشريعة الإسلامية قواعد الرقابة المالية الإسلامية والتي تطورت مع دول الخلافة المزدهرة، فأصبح لها أجهزة ودواوين تباشر رقابة فاعلة ومستمرة على مالية الدولة وحمايتها من العبث والضياع بجانب الرقابة الذاتية التي غرستها العقيدة الصادقة في نفوس المسلمين، وذلك في ظل اقتصاد إسلامي يتميز عن النظم الاقتصادية المعاصرة، ورغم الفارق الكبير بين النظم الإدارية والمالية في الدولة الإسلامية وما آلت إليه هذه النظم الآن في الدولة الحديثة، إلا أن الدراسة المقارنة لنظم الرقابة المالية تبين لنا أن نظم الرقابة المالية التي باشرها ديوان المكاتبات والمراجعات وديوان الأزمة ووالي المظالم والمحتسب بالإضافة إلى نظم الضبط الداخلي المتبعة في دواوين الأموال، أحكمت الرقابة على موارد بيت المال ومصارفه، كما أن هيكل هذه الرقابة وتنظيمها الفني وما اتبعته من أساليب ووسائل لم يكن قيداً على حرية الآمرين بالصرف فضلاً عن عدم وجود تكرار أو تعدد فيما بينها، ولم تحمل الدولة تكاليف باهظة تكون عبئاً على ميزانيتها وتستنفد الوفورات التي يُرجى تحقيقها من القيام بالعمل الرقابي·
فقد كانت لهذه الرقابة المالية في الإسلام سمات مميزة تنطوي على قواعد وأسس ومبادئ عامة تصلح للتطبيق العملي في الدول الإسلامية الآن وتفوق في سائر جوانبها الرقابة المطبقة في عدد من الدول الحديثة[1].

ويختص هذا البحث بدارسة المراجعة والرقابة في الفكر الاسلامي، وذلك من خلال تناول المباحث التالية:

المبحث الأول: طبيعة علم المراجعة مع إطلالة إسلامية.

المبحث الثاني: الصفات الشخصية والمهنية لمراقب الحسابات.

المبحث الثالث: اصول المراجعة الداخلية والرقابة الخارجية.

المبحث الأول: طبيعة علم المراجعة مع اطلالة اسلامية

تمهيد

     يختص هذا المبحث بدارسة التأصيل الاسلامي للمراجعة والرقابة، مع بيان مفهومها وأغراضها، وفروعها، ومبادئها، وعلاقتها بالعلوم الأخرى، وذلك على النحو التالي:

أولا: التأصيل الاسلامى للمراجعة والرقابة

     لقد وجدت عملية المراجعة والرقابة مع نشأة الإنسان، الذى من فطرته الخطأ والنسيان، مصداقاً لقول الله تبارك وتعالى: ” ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا “[2]  وحديث النبى صلى الله عليه وسلم: إن الله وضع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ” (رواه مسلم) ، ويحتاج الإنسان إلى من يراجع أعماله، ويصوب له أخطائه ويذكره بما ينسى فى كل أموره، وهذا من بين مهام المراجع، إذ يدقق ويفحص لاكتشاف الأخطاء العمدية وغير العمدية ويقدم الإرشادات والتوصيات والنصائح للتصويب.

     ومن الخطأ أن يظن أحد أن عملية المراجعة والرقابة نشأت مع وجود المؤسسات الإقتصادية، بل موجودة منذ القدم، ولقد وجد لها أصول فى الحضارات المختلفة، لأنها مرتبطة بالأعمال والسلوكيات والتصرفات والمعاملات سواء أكانت مالية أم غير مالية، عبادات أو معاملات، وهذه من لوازم أى حضارة، ولقد أثبتت الدراسات وجود أدلة على قيام قدماء المصريين بأعمال المراجعة، وكان للدولة الإسلامية نظماً مالية تراجع معاملاتها بواسطة مراجعين كلن يطلق عليهم : المستوفي.

     ويرى المؤرخون أن علم المراجعة والرقابة عرف منذ العصور القديمة حيث عرفه قدماء المصريين والإغريق واليونان، على أنه “التأكد من صحة الحسابات المالية للحكام[3] ولقد تبين من التنقيب فى التراث الإسلامى – وبصفة خاصة – دواوين الدولة الإسلامية أن مهنة المراجعة بشقيها : المراجعة الداخلية، والمراجعة الخارجية، وتقارير مراقب الحسابات كلها كانت موجودة وكان لها أسسها المستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية ومن واقع الحال فى النظم المالية الإسلامية آنذاك[4].

     ولقد استنبط علماء وفقهاء الفكر الإسلامى أسس المراجعة كعلم، وضوابطها المهنية كمهنة، كما كان مطبقاً فى النظم المالية الإسلامية، وأصبح يدرس فى الجامعات الإسلامية، كما أسست منظمات وهيئات مهنية إسلامية، تعتنى بمهنة المحاسبة والمراجعة منها على سبيل المثال : هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية-دولة البحرين، والتى وضعت معايير مراجعة إسلامية للمؤسسات المالية الإسلامية والتى تطبق الآن فى المصارف الإسلامية[5].

     وهناك بعض المصطلحات المعاصرة مثل المراجعة الداخلية والمراجع الداخلى، لهما ما يناظرهما فى التراث الاسلامى ولكن بأسماء أخرى ولكن تتماثل فى المضمون، وتطبيقاً للقاعدة ليست العبرة بالأسماء ولكن العبرة بالمسميات ومن هذه الأسماء: المستوفى، وشاد الدواوين، ومجلس بيت المال[6].

     وقد تبين من دراسة التراث المحاسبى الاسلامى فى دواوين الحكومة وجود وظيفة “المستوفى” وهى تناظر وظيفة “المراجع الداخلى” وهى وظيفة داخل ديوان المال تختص بفحص ومراجعة الحسابات والسجلات والدفاتر التى ترفع إليه للاطمئنان من سلامتها، كما كانت ترسل إليه تقارير الجهات المختلفة (الأقطار أو الأمصار) ليقوم بفحصها ومراجعتها ويعد بشأنها تقارير ترفع إلى ناظر الديوان.

ومن الأعمال التى كان يقوم بها المستوفى “المراجع الداخلى” أو شاد الدواوين على سبيل المثال ما يلى[7]:

المراجعة المستندية قبل الصرف للتأكد من سلامتها للموافقة على الصرف.

المراجعة الحسابية للأرقام الواردة بالمستندات والسجلات .

فحص ومراجعة حساب الإطلاقات ( النفقات والمصروفات) .

فحص ومراجعة حساب الارتفاعات (الإيرادات) .

فحص ومراجعة دفتر المكلفة (تعليق اليومية أو أوراق المياومة) .

فحص ومراجعة الحواصل المعدومة: أى المبالغ المسروقة والمنهوبة.

فحص ومراجعة الختمة الشهرية والسنوية : أى الحسابات الختامية الشهرية   والسنوية .

      فحص ومراجعة حسابات الأعمال : الأنشطة المختلفة من مبيعات ومشتريات.

فحص ومراجعة توالى الغلال : وهو يشبه دفتر مراقبة المخازن .

       ويلاحظ أن هذه الوظائف هى التى يقوم بها المراجع الداخلى فى الفكر المعاصر.

     وكان المراجع الداخلى فى دواوين بيت المال وغيرها من الدواوين الحكومية يعتمد على مجموعة من القواعد والضوابط والتى تناظر الفكر المعاصر منها على سبيل المثال : المشروعية (الحلال والحرام)، الطيب والخبيث، الاستحقاق، أدلة الإثبات، التعاون، البراءة، ولقد تبين من دراسة التراث المحاسبى الاسلامى أيضاً أن المراجع الداخلى كان يستخدم مجموعة من الأساليب والى كانت مناسبة فى ذلك العصر، منها على سبيل المثال: العلامات، المقارنات، المطابقات، الدقة الحسابية، الدقة المحاسبية، وغيرها، وكان يعد تقارير عن نتائج المراجعة: بعضها فورى، شهرى، سنوى[8].

     ولم ترد فى كتب الفكر المحاسبى الإسلامى  تفرقة دقيقة بين المراجعة الداخلية والمراقبة الداخلية، فكان كلاهما مرادف للآخر، ويفهم من ذلك أن مصطلح المراجعة الداخلية، كان يطلق عليه أحياناً : اسم المراقبة الداخلية.

    يعتبر المراجع أساس تحقيق عملية المراجعة لمقاصدها، ولقد اهتم الإسلام به من حيث قيمه الإيمانية والأخلاقية والسلوكية، كما اشترط الفقهاء أن يتوافر فيه مجموعة من الاشتراطات العلمية والخبرات الفنية حتى يؤدى دوره على الوجه الأمثل، ويطلق على المراجع فى النظم المالية الإسلامية اسم المستوفي أو المدقق، وكانت من الوظائف الديوانية، وكان من عمله: الضبط والتدقيق والتحرير ومعرفة أصول الأموال ووجوه مصارفها ،واكتشاف الأخطاء سواء كانت رقمية أم قانونية، وكان يطلق عليه اسم :” ناظر الحسابات ” وهى مشتقة من الفعل ” نظر” أى فحص الحسابات، الداخل والخارج وبيان التفريط.

     ولقد حدد الفقهاء الصفات الواجب توافرها فيمن يتولى الوظائف المالية بصفة عامة، ويدخل فى نطاق ذلك وظيفة المراجع، فعلى سبيل المثال ذكر الأسعد بن مماتى: ” يجب أن يكون الكاتب حراً، مسلماً عاقلاً، صادقاً، أديباً، فقيهاً، قوى النفس، حاضر الحس، جيد الحدس، محب الشكر، عاشق لجميل  الذكر.

     وفى مجال مراجعة حسابات الشركاء فى الشركات الإسلامية، استنبط الفقهاء الضوابط الشرعية التى تحكم ذلك، فبجانب قيام كل شريك بمحاسبة ومراجعة الشريك الآخر، كان العامل على الزكاة الذى يتولى التدقيق والفحص لحساب حق بيت المال.

 

 

ثانيا: مفهوم الرقابة والمراجعة

     الرقابة لغة، هي المحافظة والانتظار، فالرقيب يعني الحافظ والمراقب، والرقيب: هو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء والرقيب من يلاحظ أمراً ما، والرقيب: الحارس، والرقيب من الجيش: الطليعة وجمعه رقباء·
والمراقب: من يقوم بالرقابة، والرقيب: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه الحفيظ الذي لا يغفل أو الحاضر الذي لا يغيب، ومن مجموع النصوص القرآنية يتضح لنا أن معنى الرقابة: الدعاية، أو الحفظ، أو الانتظار[9].

الرقابة اصطلاحا، هي عبارة عن وسيلة يمكن بواسطتها التأكد من مدى تحقق الأهداف بكفاية وفاعلية في الوقت المحدد[10].

كما عرفت الرقابة الشرعية بأنها، التأكد من مدى مطابقة أعمال المؤسسة المالية الإسلامية لأحكام الشريعة الإسلامية حسب الفتاوى الصادرة والقرارات المعتمدة من جهة الفتوى[11].

كما يقصد بالمراجعة فى اللغة، بأنها الرَدُّ مرة أخرى إلى الأصل، وهى مشتقة من الفعل رجع يرجع رجعا، ورجوعاً ورجعى ورجعانا والمرجع، وهذا المفهوم واضح فى قول الله تبارك وتعالى  ” إن إلى ربك الرجعى ” ، أى أن الإنسان سوف يُرَدّ إلى ربه لينبؤه بما عمل ، ويقصد بها فى الفكر الإسلامى رد الأمور إلى شرع الله للتأكد من مطابقتها له .

       ويقصد بها اصطلاحاً (حسب المتعارف عليه): تدقيق وفحص البيانات التى ترد فى المستندات والسجلات والدفاتر والقوائم المالية وما فى حكم ذلك بواسطة شخص فنى محايد (المراجع) للتأكد من صحتها وسلامتها من الأخطاء، وإبداء الرأى بشأنها فى صورة تقارير، وذلك فى ضوء أدلة وقرائن الإثبات وطبقاً لمجموعة من الأسس والمعايير المتعارف عليها[12].

       ومن هذا المفهوم يمكن استنباط المعالم الأساسية للمراجعة، وتتمثل فى الآتى:

هدف المراجعة : الاطمئنان من صحة وسلامة البيانات التى تعبر عن نشاط المنشأة خلال فترة معينة فى ضوء أدلة الإثبات المجمعة وخلوها من الأخطاء.

نطاق المراجعة : المعاملات والتصرفات المالية والاقتصادية وغيرها التى قامت بها المنشأة خلال الفترة .

موضوع المراجعة : تنصب عملية المراجعة على المستندات والسجلات والدفاتر والقوائم والتقارير وما فى حكم ذلك.

مرجعية المراجعة : أدلة الإثبات والأسس والمعايير المتعارف عليها والتى يعتمد عليها المراجع فى عمله .

المراجع : الشخص الفنى المحايد الذى يقوم بعملية المراجعة ، ويتسم بمواصفات شخصية وعلمية ومهنية معينة متعارف عليه مهنياً.

تقرير المراجع : يتضمن الرأى الفنى المحايد عن نتائج عملية المراجعة.

أسس  المراجعة : القواعد التى تحكم عمل المراجع فى عملية المراجعة.

معايير المراجعة : الإرشادات والنماذج التى يسترشد بها المراجع فى عمله .

     ونظرا لأهمية المراجعة والرقابة الشرعية فان المراجعة والرقابة الشرعية لهما اهمية بالغة للمصارف الإسلامية للعديد من الأسباب، والتى من اهمها [13]ما يلي:

1-  أن الأساس الذي قامت عليه المصارف الإسلامية المعاصرة هو تقديم البديل الشرعي للمصارف الربوية غير المشروعة، ولا يخفى على أحد أن الرقابة الشرعية ضرورة حيوية للمصارف الإسلامية، فهي الجهة التي تراقب وترصد سير عمل المصارف الإسلامية والتزامها وتطبيقها في معاملاتها للأحكام الشرعية.

2 – عدم الإحاطة بقواعد المعاملات الإسلامية من قبل جميع العاملين في المصارف الإسلامية.

3 – في هذا الوقت الذي تعقدت فيه الصور التجارية، وانتشرت أنواع جديدة من المعاملات التجارية كبطاقات الائتمان، والحسابات بأنواعها، والتجارة الإلكترونية التي لا يوجد لها أحكام في المصادر الفقهية القديمة، وإن وجدت الأحكام فإن المصرفيين القائمين على النشاط المصرفي غير مؤهلين للكشف عنها بأنفسهم.

4 – إن العمليات المصرفية في الاستثمار والتمويل بالذات تحتاج إلى رأي من هيئة الفتوى؛ نظرا لتميز هذه العمليات بالتغير وعدم التكرار مع كل حالة أو عملية أو مشروع يموله المصرف، ومن ثم فالعاملون في النشاط الاستثماري يجب أن يكونوا على اتصال مستمر مع الرقابة الشرعية؛ لأنهم دائما بحاجة إلى الفتيا في نوازل وواقعات تواجههم أثناء عملهم.

5 – إن وجود الرقابة الشرعية في المصرف يُعطي المصرف الصبغة الشرعية، كما يُعطي وجود الرقابة ارتياحا لدى جمهور المتعاملين مع المصرف.

6 – ظهور كيانات مالية واستثمارية غير جادة تنص نظمها الأساسية وقوانين إنشائها على أنها تعمل وفقا لأحكام الشريعة، دون وجود رقابة تكفل التحقق من ذلك.

ثالثا: الأغراض العامة للمراجعة والرقابة

     تختلف أغراض عملية المراجعة، حسب المهمة المكلف بها المراجع، والتى تختلف من منشأة إلى أخرى ومن حالة إلى حالة، ولكن هناك أغراض عامة لعملية المراجعة، والتى من أهمها ما يلى:

1-

2-

3-

4-

5-

6-

7-

رابعا: فروع علم المراجعة والرقابة

     المراجعة علم اجتماعى، يتطور بتطور المجتمع الذى يعمل فيه، ومع تقدم العلوم والفنون والمهن، وتغير العلاقات والتقاليد، وما استتبع ذلك من تغيير فى أوجه نشاط المنشآت وشكلها القانونى، أدى هذا كله إلى ظهور فروع لعلم المراجعة، لكل منها مجال عمل متخصص، من أهمها [14]ما يلى:

المراجعة المالية، تختص بتدقيق وفحص العمليات المالية للمنشأة، ويتركز نطاقها على المستندات والسجلات والدفاتر والقوائم المالية، وتقديم تقارير يعتمد عليها فى اتخاذ القرارات، وتنقسم المراجعة المالية إلى داخلية وخارجية.

المراجعة الإدارية، تختص بتدقيق وفحص وتحليل وتقويم الأهداف والخطط والسياسات والنظم والبرامج والإجراءات والأساليب المطبقة بالمنشأة، بهدف تقديم تقارير تتضمن معلومات وتوصيات ونصائح للإدارة لتساعدها فى أداء مهامها المختلفة بما يحقق تطوير وتنمية الأداء والاستفادة من الإمكانيات المتاحة على الوجه الأحسن، وبما يحقق الأهداف العامة للمنشأة.

المراجعة الاجتماعية، تختص بتدقيق وفحص للبيانات الواردة بالسجلات والدفاتر والقوائم والتقارير المتعلقة بأنشطة المنشأة فى المجال الاجتماعى، فى ضوء مجموعة من الأسس والمعايير الاجتماعية، ثم تقديم تقارير إلى الجهات المعنية بذلك، تفصح عما إذا كانت المنشأة قد قامت بمسئولياتها الاجتماعية أم لا ؟ وسبل تطوير ذلك فى المستقبل.

المراجعة الحكومية، تختص بتدقيق وفحص البيانات الواردة بالمستندات والسجلات والدفاتر والقوائم والتقارير المتعلقة بأنشطة الوحدات الحكومية والتقرير عنها فى ضوء القوانين والتشريعات والتعليمات والقرارات الحكومية والإفصاح عن المخالفات والتجاوزات، وأحيانا يطلق عليها : المراجعة العامة.

المراجعة الدولية، تختص بتدقيق وفحص وتحليل أعمال المنشآت والمؤسسات الدولية فى ضوء معايير المراجعة الدولية، ونطاقها الشركات التى لها فروع فى الدول المختلفة، والتى يطلق عليها : الشركات متعددة الجنسيات .

المراجعة الشرعية، تختص بتدقيق وفحص وتحليل كافة الأعمال والتصرفات والسلوكيات التى يقوم بها الأفراد والجماعات والمؤسسات والمنشآت وغيرها، للتأكد من أنها تتم وفقاً لمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، وذلك طبقاً لمجموعة الفتاوى والتفسيرات الشرعية، وبيان المخالفات والأخطاء، وتصويبها فوراً، وتقديم التقارير إلى الجهات المعنية، متضمنة الملاحظات والنصائح والإرشادات، وسبل التطوير إلى الأفضل.

مراجعة الميزانية، تختص بتدقيق وتحقيق بنود الميزانية ( قائمة المركز المالى) من حيث الوجود والملكية والتقويم، بهدف تقديم تقرير إلى الجهات المعنية، ما إذا كانت تمثل المركز المالى للمنشأة فى تاريخ معين، وتمتد هذه المراجعة إلى الدفاتر والسجلات والمستندات.

المراجعة الخاصة، تتعلق بتدقيق وفحص وتحليل حسابات وسجلات ودفاتر منشأة ما لغرض معين مسمى بناء على طلب خاص كما هو الحال، الفحص لأغراض دخول شريك أو لتقويم الشهرة، أو للتعامل مع البنوك أو لمساعدة القاضى لإصدار حكم فى خلاف.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: الصفات الشخصية والمهنية لمراقب الحسابات

تمهيد

    يتولى عملية المراجعة شخص، يطلق عليه اسم: المراجع أو المراقب المالى أو مدقق الحسابات، ويجب أن يتوافر فيه مستوى معين من العلم والمعرفة والفقه والمحاسبة وأعمال المراجعة، كما يجب أن يتصف بمجموعة من الصفات الشخصية التى تمكنه من أداء عمله بالمستوى المتعارف عليه، كما أن له حقوقاً وعليه واجبات ومسئوليات إذا تحققت بكفاءة عالية زادت الثقة فى عمله.

     ويختص هذا المبحث بتناول الجوانب المختلفة للمراجع من حيث تعريفه، وبيان مهامه، واستقلاله، وحقوقه، ومسئولية، وتأهيله، والقيم الاخلاقية والايمانية التى يجب ان يتحلى بها.

أولا: تعريف ومهام مراجع الحسابات

تعريف مراجع(مراقب) الحسابات:

     توجد تسميات مختلفة للمراجع، منها على سبيل المثال: المراقب، المدقق، الفاحص، المراقب المالى، ولكن أكثر تلك الأسماء شيوعاً هو: المراجع، أو مراقب الحسابات وليست العبرة بالأسماء ولكن بالمسميات، ويطلق عليها بالإنجليزية Auditor .

     يعتبر المراقب[15] وكيلا من الملاك فى استيفاء العمل من الادارة والوكاله فى الشريعة الأسلامية مبناها التعاون المأور به فى قوله تعالى “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدون” وقول الرسول صلى الله عليه وسلم “والله فى عون العبد ما دام العبد فى عون اخيه”.

     ويعرف المراجع بأنه الفرد الذى يقوم بالتدقيق والفحص والتحليل، والتقويم للمستندات والسجلات والدفاتر والحسابات للاطمئنان من سلامة المعاملات والأحداث الاقتصادية للمنشأة فى ضوء أسس ومعايير المراجعة المتعارف عليها وطبقاً لعقد الارتباط، بهدف تقديم تقرير فنى محايد عن نتائج عملية المراجعة إلى الجهة المعنية ليعينها على اتخاذ القرارات المختلفة.

       كما يمكن تقسيم المراجعين على حسب العمل الذى يقومون به إلى:

-المراجع الداخلى:

-المراجع الخارجى

مهام مراجع(مراقب) الحسابات:

     تتأثر مهام مراجع الحسابات بنطاق المراجعة ونوعها حسب الوارد فى عقود الارتباط، والتكليف، وبصفة عامة، فإن هناك أساسيات عامة لعمل المراجع[16] تتمثل فى الآتى:

1-

2-

3-

4-

5-

6-

7-

8-

9-

     ويستعين مراجع الحسابات وهو بصدد تنفيذ تلك المهام بمجموعة من الأساليب، كما يجب أن يعد خطة وبرنامج للمراجعة، وأن يحتفظ بالبيانات والمعلومات والوثائق التى يحصل عليها فى ملفات يطلق عليها: ملفات المراجعة الدائمة والجارية وعندما تقابله أى ملاحظات يسجلها فى سجل الملاحظات تمهيداً لمناقشتها مع إدارة المنشأة لتسويتها أو الإشارة إليها فى تقريره.

ثانيا: استقلال مراجع الحسابات

     يتولى المراقب استيفاء العمل من الادارة لاخلاء ذمتها منه نيابة عن الملاك، وفى عمله هذا معنى الشهادة بصحة هذه الأعمال والحكم بسلامتها بما يعنى انه يعتمد فى عمله على رأيه الذى يكونه عند فحصه للدفاتر وهذا التصور لعمل المراقب كشاهد وحكم يحكم بما شهده وعلم به امر جائز شرعا لدى جمهور الفقهاء فى “ان يحكم الأنس بعلمه على ان المقرر هنا وجود شبه تهمة للمراقب فى صلة بالادارة التى يستوفى منها العمل وذلك فى تأثره فى شهادته وحكمه بالاعتبارات الشخصية من مراقبة أو صداقة او عداوة أو بمصلحة له تجعله يتواطأ مع الادارة فى اخفاء التلاعب ومن أجل هذا استقر العرف على ضرورة استقلال المراقب عن الادارة نفيا لهذه التهمة ووجدت نظريتين  لتفسير أو تأهيل استقلال المراجع[17] هما:

الأولى: النظرية الشخصية، وتقوم عى اساس ان الأستقلال امر ذاتى يصدر من ذات المراجع ويعتمد على شخصيته وتكوينه دون تدخل خارجى بمعنى ان على المراجع  أن يتصف بالحيدة وعدم التأثر بالأخرين وان يؤدى واجبه بنزاهه وامانة وان لايسمح لاى اعتبارات مهما بلغ شأنها ان تؤثر عليه.

الثانية: النظرية الموضوعية، وتقوم على أساس عدم ترك موضوع الاستقلال لشخصية المراجع انما وضع بعض الضوابط الموضوعية التى تؤدى الى تحقيق استقلاله والزامه بها قانونا اومهنيا مثل ان لا يكون له مصلحة فى الشركة التى يراقب حساباتها وان لا تكون له علاقة قرابة بالادارة بمعنى اخر ان يكون المراقب بعيدا عن المواقف التى يكون فيها شبهة لانحيازه وتؤثر على استقلاله وحياده.

     لكى يؤدى مراجع الحسابات رأيه  بحيدة تامة، فإنه يجب أن يكون بعيدا عن المؤثرات التى تضغط عليه من جانب الإدارة أو الجهات الأخرى،  لإنه ليس أجيرا فى المنشأة يعمل تحت إمرة  مديرها، ولكنه وكيلاً عن الملاك أياً كان صفتهم، كما لا يجوز أن يقوم بعمليات ما مع المنشأة أو أن يكون عضوا فى مجلس إدارتها.

       ويتحقق الاستقلال الحقيقى لمراجع الحسابات أولاً: من خلال شخصيته وعزته وكرامته والدفاع عن مبادئه، وثانيا: من خلال مواثيق المهنة التى ينتمى إليها.

ولقد اهتمت مواثيق المراجعة العالمية بموضوع المحافظة على استقلال المراجع، ووضعت لذلك بعض الضوابط والقواعد منها على سبيل المثال ما يلى:

ثالثا:حقوق مراجع(مراقب) الحسابات

     لكى يستطيع مراجع الحسابات أداء عمله وفق أسس ومعايير المراجعة المتعارف عليها ويحقق المقاصد المنشودة من تعيينه، فقد كفل له القانون رقم 159 لسنة 1981، وكذلك الأعراف المهنية مجموعة من الحقوق[18] من أهمها ما يلى:

حق الإطلاع على جميع المستندات وسجلات ودفاتر المنشأة، وحتى يتسنى له التدقيق والفحص واكتشاف الأخطاء والغش وإبداء رأيه.

حق تحقيق موجودات الشركة والتزاماتها حسب أسس ومعايير المراجعة المتعارف عليها.

حق الإطلاع على محاضر اجتماعات مجلس الإدارة وقراراته، وكذلك محاضر اجتماعات الجمعية العامة وقراراتها، لأجل مراجعتها وتضمينها فى تقريره.

حق الحصول على جميع البيانات والإيضاحات والتفسيرات التى يراها ضرورية لأداء مهمته، و يشير الى ذلك فى تقريره.

الحق فى الحصول على صور من الإخطارات والبيانات المرسلة إلى المساهمين وكذلك فى حضور اجتماع الجمعية العامة، وبدونه يكون الاجتماع باطلاً،والتأكد من صحة إجراءات دعوة المساهمين، ومراجعة سجل حضور المساهمين الجمعية وإعلان نسبة الحضور بالأصالة والإنابة، والتوقيع على محضر الجمعية العامة.

الحق فى دعوة الجمعية العامة للمساهمين إذا حدثت ظروف تستدعى ذلك.

 حق مناقشة الاقتراح المقدم إلى الجمعية العامة بتغييره فى صورة مذكرة كتابية، والرد على الاقتراح ومبرراته قبل اتخاذ قرار الجمعية العامة.

الحق فى الحصول على أتعابه المتفق عليها فى عقد الارتباط.

ومن حق مراجع الحسابات أن يشير فى تقريره ،إذا كان هناك من تقصير أو معوقات من قبل مجلس الإدارة فى الحصول على حقوقه السابقة، وأثر ذلك على رأيه على القوائم المالية.

رابعا: مسؤلية مراجع(مراقب) الحسابات

     إن عقد الوكالة بأجر بين الملاك ومراقب الحسابات يلقى عليه مسؤلية اداء العمل الموكل به طبقا للمتفق عليه وبما لايخالف احكام الشريعة وبالتالى فانه اذا لم يقم بالعمل أو قصر فى ادائه بالتعدى أو المخالفة فانه يكون ضامنا لاصحاب المشروع بما يحدث من ضرر نتيجة تعديه أو مخالفة صراحة أو دلالة الى جانب عدم استحقاق أجر ما لم  يؤده من عمله وهو فى ذلك أجير مشترك والذى تتحدد مسؤ ليته أمام الملاك فى أنه ضامن لعمله وما بيدهلدى جمهور الفقهاء عدا أبو حنيفة هذا عن مسئوليته امام الملاك الذين تعاقدوا معه، أما عن مسؤلية امام الغير فمن المعروف أن هناك اطرافا عديدين يعتمدون على نتيجة المراجعه فى اقرار معاملاتهم مع المشروع من الموردين والبنوك والمستثمرين والحكومه والتكييف الشرعى والقانونى أنه ليس بين هؤلاء الاطراف وبين المراقب علاقة تعاقدية فضلا على انه ليس لهم حق بالاصالة لتوكيل او تعيين المراقب لفحص حسابات الشركة التى يتعاملون معها لان هذا الحق مقرر لمن له ولاية ملك او ما فى حكمها على الشركة وهم ليسوا كذلك.

وبالتالى فانهم اذا لم يستفيدوا من تقرير المراجع فى تصرفاتهم ومعاملاتهم مع الشركة فالمراقب غير مسؤل عن ذلك، أما اذا حدث لهم ضرر نتيجة الاعتماد على ما جاء بتقدير المراقب من معلومات  وشهادة بصحة القوائم المالية والحسابات فى هذة الحاله تختلف مسؤلية المراقب عن هذا الضرر من وجهين[19]:

الوجه الاول، اذا كان الاتفاق بينه وبين الملاك هو اجراء  الرقابه لمصلحتهم بغرض استيفاء العمل من الادارة لا يكون مسؤلا عما يصيب الغير من ضرر نتيجة اعتمادهم على ما جاء بتقريره الى الملاك بل يكون مسؤلا امام الملاك فقط عما اصابهم من ضرر وفى حدود العلاقة التعاقدية.

الوجه الثانى، اذا كان الاتفاق على اجراء فحص لغرض خاص ليقدم المشروع تقريره الى البنك للحصول على قرض أو مصلحة الضرائب لتحديد وعاء الضريبة فاذا جاء تقريره لايمكن من التعرف على المركز المالى للشركة أوالتحديد الدقيق لوعاء الضريبة فانه يكون مقصرا فى اداء عمله أمام موكله لأنه لم يقم بالعمل الذى اتفق معه عليه شأن كل الأجراء الذين يقصرون فى اعمالهم.

 

 

خامسا: تأهيل مراقب الحسابات

     لقد نظمت التشريعات المعاصرة وقواعد المهنة مظاهر قدرة المراقب على اداء عمله فيما تشترطه من ضرورة توافر التأهيل العلمى والعملى والتى ترتبط بنوع معين من الدراسة الأكاديمية تحددت بالحصول على بكالوريوس التجارة شعبة المحاسبة والممارسة العلمية للمهنة مدة من الوقت يرتقى خلالها الى السماح له بممارسة المهنة بدرجة اعم حتى يصل الى ممارستها لحساب نفسه وعلى مسؤليته الكاملة، وفى حالة المراجعة الادارية كأحد فروع المراجعة يحتاج الأمر الى تأهيل خاص لارتباطها بفحص التصرفات والقرارات الادارية الامر الذى يتطلب ان يشارك فى القيام بها فريق يتوافر فى افراده تأهيل أكاديمى وخبرة خاصة فى علوم عديدة كالادارة والاحصاء وبحوث العمليات والهندسة والمحاسبة وقدرة المراقب فى اداء عمله من الامور التى تندرج فى الفكر الأسلامى تحت قاعدة ان الشريعة فصلت فيما لا يتغير وأجملت فيما يتغير فهى من الأمور التى تتغير تبعا للظروف والأحوال لذا اجملت الشريعة القواعد العامة لها ولغيرها في[20]:

– ضرورة اسناد الأمر لأهله  والا كان ذلك خيانة وهى محرمة فى الأسلام.

– مايشترط من كون الأجير(مراقب حسابات)قادرا على تسليم المنفعه المستأجر عليها

سادسا: القيم الأخلاقية والايمانية لمراجع الحسابات

     يجب ان يتمتع مراقب الحسابات بمجموعة من القيم الأخلاقية والايمانية[21] فى أداء عملة ومن أهم هذه القيم ما يلى:

الأمانة والصدق، ويقصد بها أن يكون أميناً على أسرار المنشأة التى يراجع حساباتها، وأن يؤدى عمله بأمانة وعفة وعزة وأن لا يتستر على غش أو تدليس أو تضليل، كما يجب عليه ان يكون صادقا والصدق هنا بمعنى الشهادة فالمطلوب منه شرعا الصدق في الشهادة وبوضوح الشمس كما قال رسول الله للرجل الذى سأله عن الشهادة فقال اذا رأيت مثل الشمس فأشهد.

الحيدة التامة والعدالة والاستقلال، ويقصد بها ان يقوم بعمله ويبدى رأيه مستقلاً متجرداً من أى ضغوط أو الانحياز إلى طرف على حساب طرف آخر، وأن لا يتأثر بالعواطف والمصالح الشخصية أو بأهواء النفس، وأن يعتمد فى عمله بقدر الإمكان على أدلة او قرائن الإثبات التى يركن إليها.

الكفاءة الفنية، ويقصد بذلك أن يتمتع بمستوى عال من الخبرات الفنية التى تساعده على أداء عمله وكذلك الإشراف على متبوعيه بجودة عالية وهناك مواصفات فنية للمراجع وضعتها المنظمات المهنية للمراجعة، تختلف من دولة إلى دولة.

الكرامة والمرؤة، ويقصد بذلك ان يكون عزيزاً نزيها يحافظ على كرامته وكرامة المهنة التى ينتمى إليها، وأن لا يقوم بعمل او يضع نفسه فى موقف يسئ إلى نفسه أو إلى المهنة.

السرية، ويقصد بها أن يكون المراجع حافظاً للأسرار وأميناً عليها حيث أن طبيعة عمله تمكنه من الإطلاع على أسرار المنشأة التى يقوم بمراجعتها.

التعاون، الذي يقوم على الخير وتحقيق المصلحة للاخرين ذوى المصلحة، حيث قال الله تعالى” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان”.

الايجابية، وتقوم على بذل المراجع العناية المهنية الواجبة واداء مهمته بمهارة وكفاية، فهو هنا مثل الاجير وبالتالي يجب ان يكون خبيرا بعمله مجيدا له.

 

المبحث الثالث: أصول المراجعة الداخلية والرقابة الخارجية

تمهيد

     يمكن تقسيم المراجعة من منظور الجهة التى تقوم بالمراجعة إلى نوعين، الأول، مراجعة داخلية، يقوم بها أفراد من داخل المنشأة وتختص بتدقيق العمليات التى قامت بها المنشأة وذلك بهدف اكتشاف الأخطاء والغش والتزوير والتدليس، أما الثانية، مراجعة خارجية، يقوم بها مراجع (مراقب) من خارج المنشأة تعينه الجمعية العامة أو مدير الشركة، ويختص بتدقيق العمليات التى قامت بها المنشأة خلال الفترة، وينتهى عمله بتقديم تقرير فنى محايد عن سلامة المركز المالى ونتائج الأعمال، وفي ضوء ما تقدم يختص هذا المبحث بتناول المراجعة الداخلية والخارجية، وذلك على النحو التالي:

أولا: المراجعة الداخلية

     تعتبر المراجعة الداخلية أصل أنواع المراجعات المعاصرة، ولها أصول فى الحضارات المختلفة ولاسيما فى دواوين الحكومة وما فى حكمها، وتفرع عنها المراجعة الخارجية، والمراجعة الإدارية، والمراجعة الاجتماعية، وغير ذلك من فروع علم المراجعة المختلفة، ويتولى المراجعة الداخلية موظف بالمنشأة، ومهمته مراجعة العمليات المالية التى أثبتها المحاسب أو كاتب المال فى الدفاتر والسجلات، ونحوها واكتشاف الأخطاء وتصويبها.

     ولقد تطورت المراجعة الداخلية على مر العصور والأزمنة، وتبلور لها إطاراً فكريا ومنهجا عمليا، وتكونت لها منظمات ترعاها مهنياً كسائر المهن، كما تطورت الأساليب التى تستخدمها لتحقيق مقاصدها، كما تطور مفهومها لتشمل كذلك مراجعة الأهداف والخطط والسياسات والبرامج وتقويم الأداء.

     ولقد تبين من التنقيب فى التراث الاسلامى، وجود أصولاً للمراجعة الداخلية كما كان مطبقاً فى بيت المال لمراجعة حركة الأموال النقدية وغير النقدية ومراجعة الختمة الشهرية والسنوية[22].

     وتختص هذا البند  بتناول أصول المراجعة الداخلية من حيث المفهوم والنطاق، والعلاقة بين المراجعة الداخلية والرقابة الداخلية، وذلك على النحو التالي:

أ- مفهوم المراجعة الداخلية

     يقصد بالمراجعة الداخلية، بأنها عمليات التدقيق والفحص للمستندات والسجلات والدفاتر، التى تتم بصفة منتظمة ومستمرة ويقوم بها مجموعة من المراجعين من داخل المنشأة معينين لهذا الغرض، بهدف اكتشاف الأخطاء والغش، وتقديم تقارير دورية عن نتائج أعمالها إلى الإدارة لتساعدها فى وظائفها، وقد يطلق البعض على المراجعة الداخلية بانها الرقابة الداخلية ، الا ان الرقابة الداخلية أعم وأشمل من المراجعة الداخلية أي ان المراجعة الداخلية نوعا من انواع الرقابة الداخلية[23].

ب- نطاق المراجعة الداخلية

     تعتبر المراجعة الداخلية أحد أقسام المنشاة، ويُعْهد إليها بالقيام بأعمال التدقيق والفحص، ويختلف نطاقها من منشأة إلى أخرى، حسب الحجم والهيكل ومتطلبات الإدارة، ومع هذا فإن نطاقها العام المتعارف عليه يتمثل فى الأتى:

تدقيق وفحص المستندات قبل الصرف للتأكد من سلامتها واستيفاءها للنواحى الشكلية واللائحية والقانونية والنظامية.

مراجعة التوجيه المحاسبى للعمليات المالية قبل التسجيل فى الدفاتر والسجلات للتأكد من صحتها.

مراجعة سندات القيد قبل الإدخال إلى الحاسب الإلكترونى وذلك فى حالة المنشآت التى تستخدم الحاسب فى تشغيل نظامها المحاسبى.

الاطمئنان إلى حسن تشغيل عناصر النظام المحاسبى واستخراج المعلومات المحاسبية التى تساعد الإدارة فى أعمالها.

المشاركة فى أعمال الجرد المفاجىء والدورى للمخازن والخزائن وإعداد تقارير عن النتائج.

مراجعة المراكز المالية الشهرية والربع سنوية والسنوية المعدة بمعرفة المحاسبين قبل تقديمها للإدارة.

التعاون والتنسيق مع المراجع الخارجى فى أعمال تقويم نظم الضبط الداخلى والتدقيق والفحص وغير ذلك.

المعاونة فى إعداد الإقرارات الضريبية والفحص الضريبى.

ج- العلاقة بين المراجعة الداخلية والمراقبة الداخلية

     تعتبر المراجعة الداخلية أحد أعمدة نظم الضبط الداخلى للمنشأة وأحد روافد نظام الرقابة الداخلية Internal Control  ، وجزء منه، فالمراقبة الداخلية أوسع نطاقاً من المراجعة الداخلية حيث يمتد نطاق الأولى إلى مراجعة:

الأهداف والخطط والسياسات والاستراتيجيات العامة للمنشأة.

البرامج والنظم وطرق العمل، وأساليب الأداء ومدى كفاءتها فى الاستفادة المثلى من الإمكانيات المتاحة.

دراسات الجدوى الاقتصادية للأفكار الجديدة.

تقويم الأداء الفعلى للمخطط سلفاً.

ثانيا: المراجعة والرقابة الخارجية

     تعتبر الرقابة الخارجية على الحسابات أحد أنواع المراجعات الهامة والضرورية التى استلزمتها تغير الظروف والأحوال، كما فرضتها العديد من التشريعات فى معظم دول العالم، ويطلق عليها أحياناً: المراجعة القانونية، ويطلق على من يقوم بها: المراقب القانونى، كما يتولاها أحياناً أجهزة حكومية مثل الجهاز المركزى للمحاسبات فى مصر.

     ولقد أنشأت العديد من المنظمات المهنية التى ترعى شئون المحاسبين والمراجعين القانونيين، ووضعت الأسس والمعايير والمواثيق التى يجب أن يلتزموا بها.

     وللرقابة الخارجية على الحسابات أسس وأصول وإجراءات يجب مراعاتها حتى تؤدى بجودة عالية، وحتى تكون تقاريرها موضع ثقة وتقدير، وينتفع بها، وهذه المسائل وغيرها يجب أن يعيها مراقب الحسابات حتى يعمل على بصيرة من أمره.

     ويختص هذا البند  بتناول أصول المراجعة والرقابة الخارجية من حيث المفهوم والنطاق، والشروط الواجب توافرها في تقرير مراقب الحسابات، أنواع تقارير مراقب الحسابات، مقومات نظام الرقابة الفعال، وذلك على النحو التالي:

أ- مفهوم المراجعة والرقابة الخارجية

    يقصد بالرقابة الخارجية على الحسابات : تدقيق وفحص الحسابات وما يستتبعها بواسطة شخص أو جهة فنية محايدة ، وإبداء الرأى عما إذا كانت القوائم المالية تعبر عن المركز المالى ونتائج الأعمال عن فترة معينة، ويعتبر مراقب الحسابات مسئولاً أمام الجهة التى عينته ووكيلاً عنها سواء أكانوا أفراد أو شركاء أو مساهمين أو غير ذلك حسب الكيان القانونى للمنشأة[24].

ب- نطاق الرقابة الخارجية على الحسابات      

يدخل في نطـاق الرقابــة الخارجيـة علـى الحسـابـات الأمـور ( الجوانب) الآتية:

فحص النظام المحاسبى وعناصره، والتاكد من سلمة وانتظام العمليات المحاسبية من إثبات وقياس وعرض وتفسير، وهذا يساعد فى معرفة النقاط التى يمكن أن يحدث فيها الغش والخطأ ليركَّز عليها.

فحص وتقويم نظم الرقابة الداخلية وسلامتها وبيان كفاءتها فى المحافزة على الموجودات ، ورفع كفاءة الأداء، وذلك بهدف تحديد مدى الثقة فيها والاعتماد عليها في تحديد وتوقيت ومدى الاختبارات التى سيقوم بها وكذلك في وضع خطة وبرنامج المراجعـة.

تدقيق وفحص المستندات والسجلات والدفاتر ونحوها والحصول على أدلة الإثبات لما تحتويه من بيانات، بهدف اكتشاف الأخطاء والغش وما فى حكم ذلك ، ويشمل ذلك المراجعـة الحسابية والمحاسبية والوضوعية.

مطابقة القوائم المالية مع السجلات والدفاتر المحاسبية، ومصادر المعلومات المختلفة، لمعرفة ما إذا كانت تعبر عن الوجه السليم للعمليات المالية والأحداث المسجلة بها.

دراسة الأسس والسياسات المحاسبية التى تطبقها المنشأة فى إعداد القوائم المالية، والتأكد من استمرار تطبيقها من فترة إلى أخرى، وإن كان هناك من تغيير فيجب الإفصاح عنه فى تقريره.

دراسة طرق العرض والإفصاح عن المعلومات الواردة فى القوائم المالية والإيضاحات عنها، وما إذا كانت هذه الطرق تتفق مع أسس ومعيار العرض والإفصاح المتعارف عليه فى مثل هذا النشاط.

تدقيق وفحص تقارير مجلس الإدارة، ومدى تمشيها مع القوانين واللوائح والنظم ، وعليه أن يشير إلى ذلك فى تقريره.

كما يدخل فى نطاق الرقابة الخارجية على الحسابات أى أعمال تدقيق وفحص لأى أحداث مالية واقتصادية وغيرها لها علاقة بنطاق عمله السابق.

ج- الشـروط الواجب توافرهـا في تقرير مراقب الحسابات

      هنـاك مجموعة من  الشروط يجب توافرها في التقرير الذي يعده مراقب الحسابات، يتمثل أهمها فيما يلى:

[1] ـ تحديد الجهة التي يوجه إليها التقرير وتحديد صفتهـا.

[2] ـ اسم المنشـأة موضوع المراجعة والمعد عنها التقرير ونشاطها.

[3] ـ تحديد الفترة الزمنية التي يشملها التقرير.

[4] ـ تـاريخ التقرير.

[5] ـ التوقيع على التقرير.

[6] ـ ختـم التقرير بخاتم مكتب المراجعـة.

[7] ـ نوع المراجعـة ومدى الفحـص.

[8] ـ الإشارة إلى إستيفاء البيانات التي تتطلبها القوانين.

[9] ـ إستخدام العبـارات الواضحة غير المطاطـة.

[10] ـ مدى الالتزام بمعايير المراجعـة.

[11] ـ الإشارة إلى الكشوف المرفقـة.

د- أنواع تقارير مراقب الحسابات

  توجد العديد من التقارير التى يعدها مراقب الحسابات من أبرزها وأكثرها شيوعاً ما يلي :

[1] ـ تق<

لتحميل الملف
http://www.mediafire.com/file/4q5267co8604en4/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A9+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85.pdf

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى