شغلت قضية التنمية المستدامة اهتمام العديد من دول العالم كأساس للحفاظ على البيئة للأجيال الحالية والقادمة. ولم يعد الاهتمام بالقضايا البيئية منصباً فقط على الدول المتقدمة فحسب بل تعدتها أيضاً إلى الدول النامية. وأصبحت الدول الصناعية محط أنظار العديد من الهيئات المحلية والدولية ذات الاهتمام بالقضايا البيئية نظراً لما للعملية الصناعية من تأثير مباشر على التلوث البيئي ونضوب الموارد الطبيعية.
والمملكة العربية السعودية كإحدى دول العالم الصناعية ألقت اهتماما كبيراً بالقضايا البيئية وينبع هذا الاهتمام من رغبة الدولة في الحفاظ على البيئة وبالأخص مواردها الطبيعية، هذا بالإضافة إلى تزايد الأصوات داخل المجتمع السعودي المطالبة بضرورة قيام القطاع الخاص بتحمل مسؤولياته تجاه البيئة. كما أن رغبة المملكة في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية أدى إلى قيام الدولي بسن التشريعات التي تلزم الشركات بالاهتمام بهذه القضية.
ومن هذا المنطلق ارتأت الباحثة القيام بدراسة ميدانية لدراسة وتحليل التكاليف البيئية لدى الشركات الصناعية بمدينة جدة لإلقاء الضوء على مدى اهتمام هذه المنشآت بالقضايا البيئية وطبيعة التكاليف البيئية التي تتحملها هذه المنشآت. وقد قامت الباحثة في هذا البحث باستعراض مفهوم التلوث البيئي والتأثيرات الصناعية على التلوث البيئي، كما استعرضت الباحثة من خلال العديد من الدراسات السابقة مفهوم وطبيعة التكاليف البيئية وطرق معالجتها.
أما الدراسة الميدانية فقد اعتمدت على القيام بجمع البيانات المتعلقة بالدراسة من خلال قائمة استقصاء تم توزيعها على المنشآت الصناعية بمدينة جدة. وقد توصلت الباحثة إلى عدة نتائج منها على سبيل المثال أن أهم الآثار البيئية المترتبة على المنشآت الصناعية هي الأبخرة والغازات والمياه الملوثة. وتعي غالبية المنشآت هذه القضية ولذلك يتزايد اهتمامها بالقضايا البيئية من خلال زيادة الحملات الإعلانية والدورات التدريبية وخاصة لموظفيها للوعي بهذه القضية.
كما أن غالبية هذه المنشآت لا توجد بها إدارات متخصصة للاهتمام بالتكاليف البيئية ويرجع ذلك إلى قصور نظام المعلومات بالشركة وعدم إمكانية تتبع مثل هذه التكاليف. كما توصلت الدراسة إلى وجود قلة من الشركات التي تتبع معايير محددة للتفرقة بين التكاليف البيئية التشغيلية والرأسمالية. كما أن أهم التكاليف البيئية التي تتحملها هذه الشركات تتمثل في تكاليف الحماية من الحريق والإشعاعات.
وقد كانت أهم التوصيات التي توصلت إليها الباحثة هي ضرورة قيام الشركات الصناعية السعودية بإنشاء قواعد معلومات للعمل على توفير جميع أنواع البيانات والمعلومات لكي تساعد في إجراء قياس تكاليف أضرار التلوث البيئي وتكاليف علاجه مع ضرورة تجميع تلك البيانات والمعلومات على أساس شامل ومنظم عن طريق الاستفادة بخبرات المتخصصين في مختلف مجالات المعرفة.