” العادة هي ما تصنعه كل يوم دون وعي “
هل فكرت يوما بأن لكل منا طريقته و عاداته في التفكير التي تحدد و تشكل سلوكه النهائي دون وعي منه ؟؟
هل لاحظت أنك تلجأ لطرائق معينة و أساليب – شبه ثابتة – للتصرف حيال المواقف التي تتعرض لها ؟ ..
أتعرف هذا الذي تعتمد عليه في التعامل مع المواقف المختلفة ؟ ..
إنه عادات العقل ..
العقل هو المحرك الأساسي للإنسان ؛ و لهذا العقل عاداته التي يتصرف بها مع المعطيات التي تقدم له – أي المواقف التي يتعرض لها – و هذه العادات هي ما تتحرك به في كل منطقة من مناطق حياتك و تجابه به كل المواقف . و لذا كان الاهتمام بتشكيل عادات عقلية تساعد في التجاوب الأفضل مع المواقف عامة و تلك التي لم نألفها من قبل خاصة ..
ترى ما هي العادات التي صنعت نجاح الناجحين ؛ ما هو جوهر تفكيرهم ؛ بل جوهر طريقة تفكيرهم .. هذا ما سنقدمه في هذا الملف عن عادات العقل ..
ما هي عادات العقل ؟
تمثل الميل ؛ القابلية ؛ و مجموعة من السلوكيات التي يختارها الفرد للاقتراب من مهام الحياة .
تظهر الأبحاث و الدراسات أن الأشخاص الناجحين في كل مناحي الحياة يظهرون خصائصا و توجهات معينة ..حيث تمثل خصائص عقلية cognitive ” معرفية ” و شخصية character traits .
و هذه الخصائص هي التي ” قدمها المربيان الشهيران آرثر كوستا وبنيا كاليك Costa and Kallick ” و أطلقا عليها ” عادات العقل Habits of Mind1 .
عادات العقل تمثل أنماطا من التفكير و التصرف بطرق ذكية حين مواجهة المشكلات و الأزمات في الحياة . و هي العادات التي عكف عليها المربون ليزودوا بها الكبار و الصغار ليصبحوا أكفأ في حل المشكلات ؛ إتخاذ القرارات و التواصل مع المجتمع المتنوع diversity ؛ إضافة لتعلم كيفية فهم العيش بنجاح مع التغير السريع الذي نعيشه .
و تمثل هذه العادات عادات النجاح في العمل ؛ والدراسة ؛ و الحياة ..
” أهم ما تحدثه عادات العقل هي التحول من الإجابة عن الاسئلة ؛ لكيفية التصرف عندما لا تعرف الإجابة ” . و و أن يكون لديك الميل للسلوك الذكي حين مواجهة المشكلات ؛ الإجابات غير المعروفة حالا : المعضلات ؛ المآزق ؛ الألغاز ؛ الشكوك و الأمور المحيرة غير المتفق عليها .
و مما لا شك فيه نحن بحاجة لتركيز على تعلم استراتيجيات و اكتساب عادات عقلية تمكنا من الأداء الفعال تحت الظروف المتحدية الاتي تتطلب: التفكير الاستراتيجي ؛ البصيرة ؛ الإصارار و المثابرة ؛ الإبداع ؛ المهارة و الحرفية .
يؤكد كوستا وكاليك أن السمة المهمة جداً في الذكاء الإنساني ليست فقط امتلاك المعلومات بل معرفة كيفية استخدام هذه المعلومات .
و توظيف عادات العقل يتطلب البناء على أنماط معينة من السلوكيات الذكية التي تنتج نتائج قوية . و لذا فهذه العادات تتألف من مجموعة مهارات ؛ إتجاهات ؛ ميول . فحين تتعرض لموقف ما تحتاج لأن تميز أي العادات التي يجب أن تختار توظيفها في هذا الموقف و التي تفيد أكثر من غيرها ؛ كما تحتاج لميل لاستخدام هذه الأنماط الذكية و السوكيات ؛ و يتوج كل ذلك القدرة على استخدام المهارات التي تنتج هذه السلوكيات و الالتزام بذلك طيلة الوقت حتى تكون العادة .
وتشتمل عادات العقل على ست عشرة عادة حتى الآن – قابلة للزيادة – تدفع باتجاه سلوكيات تتسم بالذكاء .
وهذه العادات هي:
1- المثابرة Persisting
2- مقاومة الاندفاع Managing Impulsivity
3- الإصغاء بتفهم وتعاطف Listening With Understanding and Empathy
4- التفكير بمرونة Thinking Flexibly
5- التفكير في التفكير Thinking About Thinking (Metacognition)
6- تحري الدقة و التحديد Striving For Accuracy and Precision
7- التساؤل وطرح المشكلات Questioning and Posing Problem
8- تطبيق المعارف الماضية في مواقف جديدةApplying Past Knowledge to New Situations
9- التفكير و التواصل بوضوح و دقة Thinking and Communicating with Clarity and Precision
10- جمع المعلومات خلال كل الحواسGathering Data through All Senses
11- الإبداع ؛ التخيل ؛ الإبتكار Creating, Imagining, and Innovating
12- الاستجابة بدهشة و تعجب Responding with Wonderment and Awe
13- الإقدام على المخاطر المحسوبة Taking Responsible Risk
14- إيجاد الدعابة Finding Humor
15- التفكير التبادلي Thinking Interdependently
16- البقاء منفتحا للتعلم المستمر Remaining Open to Continuous Learning
بالطبع تلعب هذه العادات دورا حاسما في النجاح في الحياة الشخصية ؛ المهنية ؛ الدراسية و الزواجية و تشكل طريقتنا في التعامل مع أدوار الحياة المختلفة التي نقوم بها .. فأي ما كان الدور الذي تلعبه في الحياة : طالب ؛ مهني ؛ زوج ؛ أب …. ستساعدك عادات العقل التي تشكل السلوكيات الذكية معينا لك لتؤدى أداءا أفضل في كل من هذه المساحات و الأدوار . و هو ما يحفزنا لأن نعمل جاهدين على اكتسابها و التمكن منها لتصبح فعليا ” عادة ” تتحرك معنا في كل مساحات الحياة دون وعي منا .
إن تأثيرات عادات العقل ليست فورية وإنما تأخذ وقتا طويلا ، وتنمو بالمران والممارسة والاستمرار لتغدو في نهاية المطاف تلقائية حيث تندمج الخيوط المفردة ” السلوكيات اليومية ” لتشكل حبلا قويا ” العادة ” ..
تابعونا في هذا الملف للتعرف على كل عادة و كيفية تنميتها .