تتعلق محاسبة الزكاة وقياس مقدار زكاة المال وبيان توزيعها على مصارفها المختلفة والإفصاح عن ذلك كله طبقا لفقه الزكاة.
وتُمثل وظائف محاسبة الزكاة ما يلي:
1 – حصر وتحديد وتقويم الأموال الزكوية.
2 – حصر وتحديد وتقويم المطلوبات التي تحسم من الأموال الزكوية.
3 – حساب مقدار النصاب والزكاة الواجبة.
4 – بيان توزيع الزكاة على مصارفها المختلفة.
5 – الإفصاح عن موارد الزكاة ومصارفها خلال الفترة من قوائم وتقارير الزكاة.
تتمثل الإجراءات التنفيذية لحساب الزكاة في الآتي:
1 – تحديد تاريخ حلول الحول وهو التاريخ الذي تحسب عنده الزكاة وهو يختلف حسب ظروف المزكي, ما عدا زكاة الزروع والثمار والمعادن والركاز حيث تؤدى الزكاة عند الحصاد أو الحصول على المعادن, وما في حكمها من الثروة المعدنية والبحرية.
2 – تحديد وتقويم (قياس) الأموال المختلفة المملوكة للمزكي, وبيان ما يدخل منها في الزكاة, ويطلق عليها (الأموال الزكوية) أو (الوعاء الزكوي) أو (وعاء الزكاة).
3 – تحديد وتقويم (قياس) المطلوبات (الالتزامات) الحالّة الواجبة الخصم من الأموال الزكوية.
4 – طرح المطلوبات الحالَّة من الأموال الزكوية لتحديد وعاء الزكاة.
5 – تحديد مقدار النصاب حسب نوع المال أو نوع النشاط.
6 – مقارنة وعاء الزكاة المحدد في بند (4) بمقدار النصاب المحدد في بند (5) لمعرفة ما إذا كانت هناك زكاة أم لا, فإذا وصل الوعاء النصاب تحسب الزكاة.
7 – تحديد القدر الذي يؤخذ من وعاء الزكاة, (يقصد بالقدر النسبة أو السعر بلغة المحاسبين) فقد يكون:
أ – ربع العشر (5.2%) كما هو الحال في زكاة النقدين, والتجارة, والمستغلات, وكسب العمل, والمال المستفاد, وكذلك المعادن (طبقا لمذهب جمهور الفقهاء وهو الراجح).
ب – نصف العشر (5%) كما هو الحال في زكاة الزروع والثمار التي تروى بالآلات (بكلفة ري).
ج – العشر (10%) كما هو الحال في زكاة الزروع والثمار التي تروى بالعيون والأمطار (بدون كلفة ري).
د – الخمس (20%) كما هو الحال في زكاة الركاز.
8 – حساب مقدار زكاة الواجبة عن طريق ضرب وعاء الزكاة في قدر الزكاة.
9 – تحميل مقدار الزكاة على النحو التالي:
أ – حالة المنشآت الفردية: يتحمل مالك المنشأة كل مقدار الزكاة الواجبة.
ب – حالة شركات الأشخاص: يوزع مقدار الزكاة على الشركاء حسب حصة كل منهم في رأس المال لمعرفة ما يتحمله كل شريك.
ج – حالة شركات الأموال: يقسم مقدار الزكاة على عدد الأسهم لتحديد نصيب كل سهم من الزكاة ثم بعد ذلك يحسب نصيب كل مساهم من الزكاة بقدر ما يملك لمعرفة مقدار ما يتحمله.
10 – توزيع حصيلة الزكاة حسب مصارفها المختلفة في ضوء قواعد الشريعة الإسلامية.
11 – العرض والإفصاح عن مقدار الزكاة وتوزيعها في ضوء القوائم والتقارير المالية المختلفة.
يحكم التحديد والقياس والعرض والإفصاح عن الزكاة مجموعة من الأسس (القواعد) المستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية أو من مصادر الفكر المحاسبي السائد حتى كانت لا تتعارض معها.
ومن أهمها ما يلي:
1 – قاعدة السنوية (الحولية):
يعتبر الفقه الإسلامي السنة القمرية مدة زمنية لحدوث النماء فالحول هو مظنة النماء, وعليه يجب على المكلف بأداء الزكاة أن يقوم بتقويم ما لديه من عروض حسب القيمة السوقية بعد مرور الحول, وقد جاء في (الشرح الصغير) ما يفيد ذلك.
(تُقوم عروضك كل عام كل جنس يباع به غالبا في ذلك الوقت قيمة عدل على بيع المعروف).
ولا يطبق المذهب السابق على زكاة الزروع والثمار وزكاة المعادن والركاز, وقد أوضح ذلك فقهاء الإسلام, فعلى سبيل المثال قال الشافعية: الحول شرط لوجوب الزكاة على التحديد فلو نقص الحول ولو لحظة فلا زكاة, ويشترط حولان الحول في غير زكاة الحبوب والمعدن والركاز, وقال المالكية: حولان الحول شرط لوجوب الزكاة في غير المعدن والركاز والحرث.
2 – قاعدة استقلال السنوات المالية:
ترتيبا على قاعدة السنوية السابق ذكرها, تقوم محاسبة الزكاة على قاعدة استقلال السنوات المالية, ويوضح هذه القاعدة ابن رشد بقوله (فما أنفق الرجل من ماله قبل حول بيسير أو كثير وتلف منه فلا زكاة عليه فيه, ويزكى الباقي إذا حال عليه الحول وفيه ما تجب فيه الزكاة , وأما ما أنفق من ماله الذي تجب فيه الزكاة بعد الحول بيسير أو كثير أو تلف منه فالزكاة عليه فيه واجبة مع ما بقي من ماله).
3 – قاعدة النماء حقيقة أو تقديرا:يقوم فكر محاسبة الزكاة على أن وعاء الزكاة هو المال النامي حقيقة أو تقديرا وسواء نَضَّ هذا المال أثناء الحول أم لا سواء كان النماء متصلا بأصل المال أو منفصلا عنه.
ولقد بين ذلك بوضوح الدكتور شوقي إسماعيل شحاتة: (الربح في الفقه المحاسبي الإسلامي فرض المال وهو نماء في المال يجري في الحول فسواء نَضّ المال وتحول بالبيع من عروض إلى نقد أم لم ينضّ وبقي المال على العروض لعدم وقوع عملية البيع يلاحظ أن الربح موجود في المال في كلتا الحالتين والبيع ما هو إلا تبديل العروض التي من غير جنس المال بجنس المال لتظهر حقيقة الربح وإذا حضرت المحاسبة فلا يجب الانتظار حتى تظهر حقيقة القيمة بالبيع, فالعبرة في التقويم يجب أن تكون بحدوث الربح لا بظهوره بالبيع لأن البيع لا يحدث الربح بل يظهره).
4 – قاعدة المقدرة التكليفية:
تقوم محاسبة الزكاة على ضرورة مراعاة المقدرة التكليفية للمزكي وهذا ما يطلق عليه في الفقه الإسلامي نصاب الزكاة, ولقد ورد في القرآن الكريم آيات متعددة تبين ذلك منها قوله تعالى: (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) (البقرة 219), ويفسر الحسن البصري ذلك بقوله (ألا تجهد مالك ثم تقعد تسأل الناس), وقد بَيَّنَ لنا ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال لرجل: (ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء عن أهلك فلذي القربى فإن فضل عن ذي القربى شيء فهكذا وهكذا) رواه مسلم عن أبي هريرة.
ويهدف هذا المبدأ الإسلامي العظيم إلى عدم إرهاق المسلمين وحثهم على زيادة الإنتاج, ومعيار المقدرة التكليفية في محاسبة الزكاة موحد في جميع أنواع الثروة النقدية حيث إن قيمته محددة بعشرين دينارا, أو مائتي درهم.
5 – قاعدة الزكاة على الإيراد الصافي أو الإجمالي حسب نوع النشاط:
إلحاقا بقاعدة المقدرة التكليفية, تقوم الزكاة على قاعدة حسم الديون الحالية وغيرها من التكاليف من الإيراد أو الأموال وذلك تخفيفا على المكلفين بأداء الزكاة, وأدلة هذه القاعدة كثيرة منها ما ذكره أبو عبيد نقلا عن آخرين: (إذا حلت عليك الزكاة فانظر ما كان عندك من نقد أو عرض للبيع فقومه قيمة النقد, وما كان من دين في ملاءة فاحسبه ثم اطرح منه ما كان عليك من دين ثم زكّ ما بقي) ومؤدى ذلك طرح الديون من الأموال قبل تحديد وعاء الزكاة, كما ورد عن أحد الفقهاء المتقدمين قوله (ادفع دينك وخراجك فإن بلغ خمسة أوسق بعد ذلك فزكها) (يحيى بن آدم القرشي – كتاب الخراج – صـ 59) ومن ناحية أخرى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي من كانوا يقومون بتقدير الزروع والثمار لغرض تحديد وقياس وعاء الزكاة بالتخفيف, فقال: (إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع) رواه أحمد.
يتضح من الفقرات السابقة أن فكر محاسبة الزكاة يأخذ في الحسبان الديون التكاليف التي يستلزمها الحصول على الإيراد وكذلك الظروف الشخصية والعائلية للمكلفين.
6 – قاعدة تبعية وضم الأموال:
عند حصر وتحديد الأموال الخاضعة للزكاة يلزم الأخذ في الاعتبار ما يملكه المكلف سواء أكان في داخل البلاد الإسلامية أو خارجها وفي هذه الحالة تضم الأموال بعضها إلى البعض ويحسم ما عليه من ديون ويزكى ما تبقى, ويؤكد هذا ما قاله ابن القيم: (تعتبر قيمة عروض التجارة في البلد الذي فيه المال حتى لو أرسل تجارة إلى بلد آخر فحال عليها الحول اعتبرت قيمتها في ذلك البلد وضم بعض العروض إلى بعض في التقويم وإن اختلفت أجناسها).
7 – قاعدة التقويم على أساس سعر الاستبدال الحالي (القيمة السوقية):
يقوم الفكر المحاسبي الإسلامي على تقويم العروض في نهاية الحول لأغراض حساب زكاة المال على قاعدة سعر الاستبدال الحالي, يُروى عن جابر بن زيد أنه قال في عَرْض يراد به التجارة: (قَوِّمْهُ بنحو من ثمنه يوم حَلَّتْ الزكاة ثم أخرج زكاته), ويعني هذا القول بأنه يجب تقويم العروض لأغراض زكاة المال على أساس الأسعار يوم حلول زكاة المال, كما أيد هذا المبدأ جمهور الفقهاء.., وعن ميمون بن مهران قال: (إذا حلت عليك الزكاة فانظر ما كان عندك من نقد أو عروض للبيع فقومه قيمة النقد وما كان من دين في ملاءة فاحسبه ثم اطرح منه ما كان عليك من الدين ثم زك ما بقي).
تقسم الأموال في الفقه الإسلامي إلى:
1 – نقود: وهي التي تستخدم في عملية المبادلة بين السلع ثمنًا لها وهي نوعان:
نقود مطلقة: مثل الذهب والفضة.
نقود مقيدة: مثل النقود الورقية (أوراق البنكنوت) والنقود المعدنية.
2 – عروض: وهي التي يقصد بها الانتفاع على الوجه الذي أعدت له وهي نوعان:
عروض قنية: وهي التي تقتنى بغرض الانتفاع بها عن طريق الاستخدام للمساعدة في أداء الأنشطة المختلفة مثل الآلات وحيوانات الحرث, وهي ترادف (الأصول الثابتة) في اصطلاح الأصول الثابتة في الفكر المحاسبي المعاصر.
عروض تجارة: وهي العروض المعدة للبيع, أي الأشياء موضوع التبادل والتقليب والتي اشتريت أو صنعت للتجارة فيها, وهي ترادف (الأصول المتداولة) أو (رأس المال العامل) في الفكر المحاسبي المعاصر.
3 – الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم وما في حكمهم وهي ثلاثة أنواع:
أنعام للدر والنسل.
أنعام عاملة وهي التي تقتنى بغرض الانتفاع.
أنعام للتجارة.
4 – الزروع والثمار: وهي نتاج الأرض وينقسم إلى:
ما يروى بالآلات.
ما يروى بالأمطار ومن العيون أو يشرب بعروقه.