تنمية بشرية

عندما يتجسد فينا الألم

يختلف مفهوم الألم من شخص لآخر تبعاً للظروف التي تسببت في حدوثه وكذلك شخصية الفرد وتجاربه ومدى قدرته على تحمل الصدمات والتكيف مع الوضع الجديد الذي يظهر بعد وقوع الحدث المسبب للألم .

والألم هو شعور بعدم التوازن و الحزن والسواد الذي يسيطر على نظرة الفرد لنفسه والآخرين من حوله بل الحياة والعالم بأسره
ويرتبط الألم غالباً بمشاعر الفقد إما بسبب الموت أو الهجران أو الفراق وما يخلفه من شعور بالوحدة وخيبة الأمل والرغبة في العزلة*
نتيجة لتغير نمط الحياة بغياب الأب أو الأم أو الأخ او الزوج والزوجة والحبيب وغيرهم وقد يرتبط بتجارب القسوة في المعاملة والتهميش وما إليها من مسببات ودوافع تكمن خلف الشعور بالألم .
إن الألم هو ذاك الشعور الخفي الكامن في اللاوعي ويبدأ في النمو والتكون إلى أن يصبح ناضجاً ويظهر ويؤثر في سمات الشخصية حين نتعرض لأي موقف ضاغط ولو كان بسيطاً وهذا يحدث عندما نهرب من معايشة واقع الحدث الأليم فيتحول إلى اللا شعور حتى يتفاقم ثم يظهر بآثار مدمرة على الشخصية وتصبح الأنا مخلوقاً ضخماً يتغذى على المآسي والالام*
فنجد هذا الشخص كثيراً ما يبحث عن القصص المؤلمة والكئيبة والحزينة ويستمر في تذكر التفاصيل الدقيقة لملامح الألم باستمرار حتى يسيطر عليه تماماً ويتجسد فيه فيخطو معه خطوة بخطوة في مراحل حياته المختلفة*
ويبحث دائما عن الأشخاص الذين يشبهونه في محيطه فتتكون جماعة من المحبطين الكئيبين الذي يئسوا من الحياة والأحياء فلا يرون سوى الحزن ويتلذذون بذكر تجاربهم المؤلمة وكأنها آخر شيء في الوجود .
المشكلة الكبرى عندما يتجه الالم متجسماً في تلك الجماعة إلى جماعات أخرى موجودة في المجتمع فيتحول الشعور بالاحباط وربما القلق إلى ظاهرة تميز غالبية المجتمع وهذا الأمر ينطبق على سيطرة السلبية واليأس على غالبية المجتمعات الانسانية والبداية كانت يأس نما بعناية فائقة داخل الفرد ثم الجماعة ثم الجماعات المختلفة ثم المجتمع فوصلنا إلى مجتمعات يغلفها الألم بكل مظاهره ودوافعه !
فالذي فقد حبيبه والذي تعرض لتجارب قاسية والذي همش ، لم يستطع أن يتخطى هذه المرحلة من حياته بسلام رغم تقدم العمر ومرور السنوات بقي قابعاً حيث كان في الماضي البعيد أو القريب*
بينما نجد أشخاص تعرضوا لما تعرض له هولاء ولكن واجهوا الواقع بقوة وعاشت الأنا في الشعور والوعي بهذا الألم لفترة حتى بدأ يتناقص تأثير الالم وبدأت الأنا أيضاً تستقر بشعور سوي بحيث تعرضه للألم مجدداً يكون أقل حديّة ويتعايش معه بسهولة أكثر وبأقل تضحيات ممكنة من المشاعر والأحاسيس وأقل استهلاكاً لرصيد التفاؤل والأمل بأن غداً أفضل طالما أن مقدر الأقدار خالق النفوس وأرحم بها من حالها .
لكل متألم ، لا تبحث عن الألم في ذاتك ولا تسترجع ذكرياته باستمرار*
لا تبحث عمن يشبهك واترك المحبطين*
بل إتجه بذاتك وكن أنت القائد لها وابحث عن المتفائلين الذي لا يذكرونك سوى بالأمل ولا يشعرونك سوى بالفرح ،،
الناجحون الذي يمضون قدماً نحو المستقبل*
نعم تنقص الحياة بمشاعر الفقد ولكن وفي كل مرة ستجد ما يعوض النقص*
إذا أحسنت ظنك بالله وتوكلت عليه وأدركت بوعي كامل أن هذه الحياة هي حياة ناقصة بكل الأحوال والراحة نسبية*
كن سيد نفسك وتفاءل ولا تسمح بأن يسيطر عليك الألم والوجع
فالله تعالى يبشر أهل الجنة بأنهم لا خوف عليهم ولا هم ويحزنون ،،
لم يذكر الحزن في القرآن إلا وقد ارتبط بالنهي ولم يذكر الصبر إلا مقترناً بأجر مضاعف بغير حساب .
فالخيار بيدك وحدك !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى