كثيرًا ما يشكو الدعاة إلى الله والعاملون في ميدان الدعوةوإدارياتها من ضغوط العمل وتزاحم الأعمال على صاحبها، حتى يكاد الداعية لا يحسنالتصرف ويصاب
بالإحباط والتوتر وضيق الأفُق من جرَّاء تزاحم الأعمال عليه، وربمايقع الداعية في دائرة الارتباك التام، أو تساقط الأعمال من بين يديه.
ولذلك كان ولا بد أن نقدم بعض الطرق الفعَّالة لمواجهة ضغوطالعمل والتوتر المصاحب لها؛ حتى تستطيع أن توظفها لصالحك:
1-التفويض
لا تحمِّل نفسَك أكثرَ من طاقتها، وحاوِل أن تُشرك إخوانَكمعك في حلمك، وفي بعض مهامك اليومية الرئيسية، وفي همومك الدعوية اليومية؛ لكييحسوا بحجم معاناتك وكمية الضغط الذي تتحمله نيابةً عنهم، ولا يجب أن تقوم وحدَكبكل الأعمال الدعوية الواجبة عليك، بل أشرِكهم وافتح لهم قنوات للعمل والتحركوإخراج ما لديهم من طاقات مكنونة.
إن قيامَك بتخفيف الأعباء غير الضرورية عنك، وتفويض إخوانَكالتفويض الفعَّال سيمنحك مزيدًا من الوقت والفرصة لتتعامل مع أمورك الأخرى التي قدتكون أكثر أهميةً، ويخفف من ضغط العمل عليك وحدك، ويجعلك تتفرغ للقيام بواجبكالأصلي في وضع الإستراتيجيات ومتابعة الأعمال والتوجيه، وحسن تقييم العمل، ورسمالخطط لعلاج ما يمكن علاجه، بدلاً من الانشغال بصغائر الأعمال التي يمكن تفويضهاللغير.
2- التنظيم الفعَّال
فإن حُسنَ التنظيم وسيادةَ روح الفريق الواحد في العمل،ووجود لوائح تنظيمية تضبط العمل، مع إشراك الجميع في اتخاذ القرارات، وإشعارهم أنهمجزءٌ من العمل، وأن الدعوة دعوتهم.. كل ذلك وغيره مما يقوِّي ثقة الفريق الذي معك،ويرفع عن نفسك الكثير من الأعباء، ومما يقلل من تعرضك للضغوط والتوتر، ويخرجك مندائرة ضيق الأفق الإداري، إلى رحابة العمل المنظَّم الفعَّال.
3- الاستعداد المسبق للضغوط
إن استعدادَك المسبَق للمواقف التي تسبب لك الإحساس بالضغط،وخاصةً إذا كانت تلك المواقف مما يمكن توقُّعه، مثل المناسبات الدينية، والأحداثالتاريخية، وما تتطلبه من تفاعلات، وتوقع هذه المواقف التي تجعلك متوترًا، وتحضيرنفسك لها جيدًا.. فإن ذلك سيخفف الكثير من الضغط والتوتر عنك؛ مما يجعلك تؤديبطريقة أفضل، وتصل لتحقيق نتائجك بصورة رائعة، بدلاً من أن تلجأ إلى سياسة ردودالأفعال، والتي غالبًا ما تكون مسبِّبةً للضغط النفسي والعصبي ومُرهِقةً للعاملينمن حولك.
4- تحدث مع نفسك بطريقة إيجابية
كن إيجابيًّا، كن مقبلاً غير مدبر، كن حاملاً للتفاؤل رايةً، كن باعثًاللأمل في نفسك وفيمن معك، لا تدَع لليأس أو الفشل مجالاً أن يصلا إلى قلبك، تعلَّمكيف تستخدم ألفاظ النجاح، إذا سمعت نفسَك تقول عن أمر ما: “إنه عمل صعب”، أو “لماذايحدث كل هذا؟!”، أو “لماذا تكالبت عليَّ الظروف؟”، فامتنع فورًا عن هذا القولوتوقف، وواجِه حديثَك السلبي لنفسك بطريقة إيجابية، وقل لنفسك: إنك لهذا العمل بإذنالله، وإنك لا تعرف المستحيل، وإن الدين دينك، والعمل عملك، والواجب واجبك، مثلمااستشعَر ذلك الصدِّيق بعد وفاة الحبيب- صلى الله عليه وسلم- فقال: “أينقص الدينوأنا حي”، فكن إيجابيًّا متحركًا منتصرًا على عوامل اليأس والإحباط، وبذلك تتحكَّمفي نفسك وتتغلَّب على التوتر الذي يصيبها، وتُحكِم قبضتَها وتوجيهَها نحو مسيرةالعطاء المتوقدة لتسير في ظلال الأمل الوارفة.
5- إستراتيجية دفتر الإنجازات
ليكن لك مع نفسك كل يوم وليلة وقفةٌ لمراجعة الإنجازات التيتمَّت والوقوف عليها بنظرة إيجابية؛ لتكون دافعةً لك إلى الأمام، وأجلب دفترًامميزًا واكتب عليه (دفتر الإنجازات اليومية)، واحرص على أن تسجل فيه إنجازاتك أنتوإخوانك اليومية على صعيد العمل كله أو في حياتك الشخصية، وسجِّل حالتك النفسيةأثناء هذا الإنجاز وسعادتَك به إذا كان الأداء فيه مميزًا، وبهذه الطريقة ستتعلمكيف تفكر في صفاتك الإيجابية وصفات الفريق معك، ومواضع قوتكم.
وعندما تتزايد عليك الضغوط وتمرُّ بظروف سيئة تذكَّر ماأنجزتَه من قبل- وخاصةً في مثل تلك الضغوط- حينئذ سوف تتأكَّد من أنك حقَّقت الكثيرفي حالات نفسية مختلفة، وربما تكون أشدَّ قسوةً من تلك الظروف التي تمر بها،وستتأكد أنك تستطيع تحقيق نجاحات جديدة مهما كانت الظروف، وتذكر- أخي الحبيب- أنالرجل الواحد بوسعهأن يبنيَ أمةً إن صحَّت رجولتُه.
-6 الاستعانة بالله
وقبل ذلك وبعده لا بدَّ من تذكُّر أن المرء مهما أوتيَ من قوةٍ أو علمٍ أو طاقةٍ أو مهارة أو إمكانات أو أنصار من حوله فإنه لا حولَ له ولا قوةَ إلا بالله، وأنه لا بدَّ من الرجوع إلى ربِّ الأسباب أولاً حتى يعينَه على تجاوز ما هو فيه من ظروف وضغوط، وأن يعينه على إتمام هذه الأعمال كلها دون إنقاص منها أو تجاوز عن بعضها أو تقصير فيها، وحينما تكالبت القوى على الحبيب في الهجرة أخذَ بالأسباب واستعان برب الأسباب، وحينما خرج إلى بدر أخذ بالأسباب وأناب إلى رب الأسباب.. “اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تُعبَد فيالأرض“.
وأشعر نفسك بقيمة ما قاله الحبيب- صلى الله عليه وسلم- للصدِّيق “لا تَحْزَنْ إِنَّ الّلهَ مَعَنَا“، وما قاله كليم الله لقومه: “كَلاَ إِنَّ مَعِيَ رَبِّيسَيَهْدِين“، وهذا هو سمت الدعاة إلى الله في كل وقت وحين، وعند تضاعف الأعمال وتزاحمها لا بد من طلب العون من العلي الكبير.
وقبل الختام إليك بعضًا من الوصايا التي وضعها د. إبراهيمالفقي في كتابه القيِّم (أسرار قادة التميز)؛ لكي تكون عونًا لك في طريقك- أخيالداعية- لمواجهة ضغوط العمل:
– آمِن عندما يشكُّ الآخرون
اعمَل عندما يحلم الآخرون
– أنصت عندما يتحدث الآخرون
– امتدح عندما ينتقد الآخرون
– ابتسم عندما يشكو الآخرون
– ابْنِ عندما يهدم الآخرون
– انسَ عندما يحكم الآخرون
– سامح عندما يدين الآخرون
– حب عندما يكره الآخرون
– ولا تنس أن تتحلى بروح ساخرةٍ مع جرعةٍ كبيرةٍ منالصبر.