المهندس عبد الدائم الكحيل
هو باحث في إعجاز القرآن والسنة،
ويحمل بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية…
● ●
ماذا يقول لنا ..؟
(مقتطفات من تجربته_ستفتح لك مداركا اوسع في ادارة الوقت بفعاليه حقا)
دأب بعض علماء الغرب على إصدار كتب حول إدارة الوقت،
حققت هذه الكتب نسبة مبيعات عالية في العالم، بما يؤكد اهتمام الناس بهذا الجانب
المهم وحرصهم على تعلم الجديد في فنّ استغلال الوقت واستثماره بأفضل صورة ممكنة،
وبما يحقق مصالحهم وأهدافهم وبالنتيجة ليصلوا إلى السعادة التي يبحث عنها كل إنسان.
ولكن لو تأملنا هذه الكتب نجد أنها تركز على هدف واحد هو الدنيا وزينتها،
فمقياس النجاح لديهم هو ما يحققه المرء من مكاسب مادية أو شهرة أو سلطة،
ولكنهم يتجاهلون فكرة بسيطة وهي المصير الذي ينتظر كل واحد منا بعد الموت..
● ●
طرحت عليَّ إحدى الأخوات الفاضلات فكرة إعداد مقالة حول إدارة الوقت
ألخّص فيها طريقتي في استثمار الوقت لينتفع بها الإخوة القراء فتكون عوناً لهم
في استغلال الوقت واستثماره بالشكل الأمثل. وقد شرح الله صدري لهذه الفكرة
فشرعت في كتابة هذه السطور، ولكن وجدتُ أن الموضوع يستحق أكثر من مقالة فكانت
هذه هي المقالة الأولى في سلسلة أسميتها “طريقة إبداعية لإدارة الوقت”
وتتضمن تجربتي الشخصية مع الوقت،
● ●
.هل ستعيش معي هذه التجربة الرائعة ؟!
أخي المؤمن! إن أهم شيء في إدارة الوقت بشكل صحيح
أن تحدد الهدف منذ اللحظة الأولى،
وتفكر بالنتائج الرائعة التي ستكسبها فيما لو فكرت بشكل صحيح
في إدارة وقتك واستثماره بالشكل الأمثل. ونصيحتي ألا تنتظر حتى تنتهي
من قراءة هذه المقالة، بل بادر لاتخاذ القرار في إدارة وقتك، لأن الوقت
ثمين جداً وقصير جداً، والقرار الذي ستتخذه سيكون صائباً! ولذلك
لا يحتاج إلى تفكير أو مناقشة،
● ●
[.إدارة الوقت تمنحك الرضا والنجاح.]
معظم الناس غير راضين عن حياتهم وواقعهم بسبب عدم معرفتهم لأهمية الوقت،
وهذا ما يسبب لهم الكثير من الاضطرابات النفسية، فعلماء النفس يؤكدون
على أن معظم الأمراض النفسية تنشأ نتيجة عدم الرضا عن الواقع.
وهذه المسألة تسبب مشاكل نفسية وآلام لا تقل عن الآلام العضوية.
وقد وجدتُ بعد تجربة طويلة بأن أفضل طريقة للتغلب على هذه المشكلة
أن تفرغ جزءاً من وقتك وتستثمره في تدبر القرآن والاستماع إليه.
● ●
إن تأمل آيات القرآن وتدبّر معانيها يجعلك تدرك أن كل شيء في هذا الكون
بيد الله تعالى، ولا يتم أمر إلا بإذنه، ولا يحدث معك شيء إلا بتقدير وعلم
وحكمة منه عز وجل. وهذا يجعلك ترضى عن كل ما يحدث معك، ويجعلك
تشعر بمراقبة الله لك وعلمه بما يحدث معك. فكثير من الأطباء النفسيين
لا يفعلون أي شيء لمرضاهم أكثر من الاستماع إلى همومهم ومشاكلهم،
وهذا بحد ذاته علاج للمريض النفسي. وعندما تعلم بأن الله تعالى يرى
ويسمع ويعرف كل ما يحدث معك، فإنك ستشعر بالرضا عن الواقع
الذي تعيشه لأنه مقدر عليك.ٍ
وبالنتيجة فإن استثمار الوقت في ذكر الله تعالى
يمنحك الرضا عن واقعك،
وهذا يشعرك بالسعادة ويزيد من طاقتك في
إنجاز أعمالك أو دراستك،
وبالتالي تكون قد خطوت خطوة على طريق النجاح.
إذاً إدارة الوقت الناجحة تعني النجاح في الدراسة والعمل.
[..الوقت الفعال..]
يعتمد تنظيم الوقت قبل كل شيء على الزمن المتوافر لديك كل يوم،
فاليوم 24 ساعة، هناك وقت للنوم بحدود 6 ساعات
(يفضل أن تكون على مرحلتين: 4 ساعات في الليل وساعتين في النهار)،
إذاً يتبقى لدينا 24 – 6 = 18 ساعة، هذه المدة يجب أن ننقص
منها ما يقوم به الإنسان من قضاء لحاجته وطعام وشراب واغتسال
وهذه المدة تحتاج لساعتين وسطياً، ويبقى لدينا 18 – 2 = 16 ساعة،
ولكن هناك أشياء أخرى يجب أن نفعلها كمسلمين، وعلى رأسها الصلاة،
وهذا الوقت مقدَّس، ويجب أن يكون على رأس اهتماماتنا،
ونحتاج لأداء الصلوات الخمس مدة ساعة على الأقل،
ويبقى لدينا 16 – 1 = 15 ساعة.
هناك فترة عمل يلتزم بها معظم الناس (من أجل لقمة العيش)
مثل وظيفة أو عمل حر أو تجارة أو دراسة في مدرسة أو جامعة..
أو غير ذلك، وهذه المدة تكون بحدود 8 ساعات يومياً، ويبقى لدينا
وقت الفراغ الفعال: 15 – 8 = 7 ساعات! تصوروا أن معظم الوقت
استنفذ على حاجات الإنسان الضرورية، ولم يتبق إلا 7 ساعات يمكن
أن يستغلها في أشياء أخرى. ولكن معظمنا لا يستفيد من هذه الساعات السبع
● ●
[..استغلال الوقت أثناء العمل..]
أهم قاعدة من قواعد النجاح أن تضع هدفاً ويصبح هذا الهدف كلّ همِّك
تفكر فيه طوال اليوم، وتعمل عليه حتى يتحقق. وبالتالي فإن وقت
العمل ضروري لإنجاز الكثير. فكثير من الناس يستطيع إنجاز أشياء كثيرة
خلال فترة عمله كل يوم. مثلاً يمكن أن يستمع إلى القرآن أثناء عمله أو قيادته للسيارة
أو أثناء جلوسه على مكتبه
. ●.
وقد كان همّي دائماً هو القرآن:
كيف أفهمه وكيف أحفظه
وكيف أتعلم أشياء جديدة كل يوم من القرآن، وكيف أعيش كل لحظة مع القرآن…
ولذلك وجدتُ البركة في الوقت، وهذه القاعدة يغفل عنها كثير من الناس.
“وأخيراً إليكم بعض النصائح السريعة”
مهما أنفقت من وقتك في ذكر الله، فلن ينقص من الوقت شيء.
– كما أن المال لله تعالى، كذلك الوقت ملك لله، ومنحك حرية التصرف فيه،
فانظر كيف تتعامل مع أمانة وضعها الله عندك، هل ستضيعها، أم تحفظها!
– لا تترك يوماً يمر دون أن تتعلم شيئاً جديداً ونافعاً.
– لا تترك يوماً يمر إلا وتفعل عملاً مفيداً.
● ●
ابتعد عن الهموم، فالهموم هي أكبر مدمر للوقت، تجنب
أي مشكلة قد تؤدي إلى مشكلة أخرى وهكذا تتراكم الهموم
وتعطلك عن التفكير الفعال.
– أبعد أي مشكلة قد تنغص عليك حياتك وتضيع بسببها وقتك،
وأفضل طريقة لتجنب المشاكل أن تتوكل على الله
وتلتزم بالأدعية النبوية ليصرف الله عنك شرَّ كل شيء الله أعلم به.
– اترك الشك والظن والتجسس والغيبة والنميمة….
فهي أعداء شرسة لإدارة الوقت.
● ●
اترك النظر إلى ما حرَّم الله، فهذه النظرات تقودك إلى الكلام
ومن ثم إلى مزيد من العلاقات المحرمة وفي النهاية تجد أنك ضيعت
نصف وقتك في أشياء تضرُّك ولا تنفعك.
– اترك الكذب لأن الكذب يتطلب طاقة أكبر من الصدق! والكذب يحتاج لمبررات كثيرة،
ويقودك لمزيد من الكذب، ويفقدك ثقة الناس بك، وهكذا يضيع الوقت من حيث لا تدري.
– دماغك يشبه جهاز الكمبيوتر له مساحة محدودة، فلا تملأه بالأفكار التافهة
وغير المفيدة، بل لا تسمح لأي معلومة ضارة أن تدخل وتستقر في دماغك
لأنها ستشوش عليك وتضيع وقتك.
● ●
– صحح الخطأ على الفور… اعترف بخطئك وعالج الأخطاء بسرعة
ولا تتركها تستنفذ الوقت والجهد، فالخطأ إذا لم تتم معالجته على الفور
فإنه يؤدي إلى سلسلة من الأخطاء يصعب معالجتها، وبالتالي تكون
وسيلة لضياع الوقت دون فائدة.
– لا تتكبر! فالتكبر صفة يبغضها الله ورسوله،
والتكبر يؤدي إلى ابتعاد الناس عنك، ويقودك
إلى الغرور وإلى داء العظمة، حيث لا ترى الحقائق كما هي،
وهذا يؤدي إلى تضييع الوقت.
– لا تنفعل وتغضب! فالغضب يقود إلى سلسلة معقدة من الانفعالات
والتأثيرات الضارة على الجسد مثل ارتفاع ضغط الدم
وتسرع دقات القلب وتحميل الدماغ أكبر من طاقته…
وكل ذلك يؤدي إلى أمراض وإلى الموت المفاجئ وبالتالي تخسر الوقت.
– لا تصرّ على خطئك ولا تتعصب لرأيك بل اجعل الميزان
الذي ترجع إليه دائماً هو كلام الله وسنة رسوله.
فالإصرار على الخطأ يؤدي إلى مزيد من التفكير
ومزيد من إرهاق الدماغ في العمل على إثبات صحة هذا الخطأ،
ولن تتمكن من ذلك، لأن الخطأ لا يمكن أن يكون صواباً
عليك بالاستخارة فهذه أعظم طريقة لكسب الوقت ولاتخاذ القرار الصائب،
وكل شيء قمتُ به في حياتي بعد الاستخارة كان ناجحاً بنسبة 100 % ،
وكل عمل لم استخر به الله تعالى، كان غالباً ما يفشل. فالاستخارة توفر وقتك،
لأنك إذا اعتمدتَ على نفسك فستخطط وتفكر وتحسب
وتغرق نفسك في حسابات وربما تتخذ القرار الخاطئ،
بينما الاستخارة تعني أن الله سيتخذ لك القرار المناسب،
فهل ترضى باختيار الله لك ؟!
. ●.
– لا تحمل حقداً على أحد مهما بلغت الإساءة! بل سلّم الأمر إلى الله تعالى،
وضع نصب عينيك أن الموت قريب منك وينبغي أن تصفح وتعفو
وتأخذ المزيد من الحسنات، لأن الدنيا تافهة جداً، ولا تستحق أن تحقد
على أحد فيها، بل ادع الله بالهداية لهم.
– أينما جلستَ حاول أن تقلب الحديث باتجاه ذكر الله والقرآن والعلم النافع
.(وبطريقة لا تشعر فيها أحداً من الجالسين).
وبهذه الطريقة تستطيع استغلال الوقت بعلم نافع أو حديث يرضي الله تعالى.
. ●.
– لا تسخر من الآخرين فقد يكونوا أفضل منك!
– لا تقلق، ولا تحزن! إن القلق والخوف من المستقبل يضيع الوقت
بل وينهك الجسد ويؤثر على النظام المناعي مما يزيد من احتمالات
التعرض للأمراض. واستبدل القلق بالتوكل على الله، وأن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليُخطئك،
وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وأن كل ما يحدث معك هو بتقدير من الله، فلماذا الحزن والخوف؟
– لا تيأس! فاليأس يعني الموت، والموت يعني توقف الوقت.
ولذلك فإن التفاؤل والتفكير الإيجابي يؤدي إلى استثمار الوقت،
بينما نجد اليأس يحبط الإنسان ويقوده للاكتئاب، وبالتالي يتعطل دماغه عن التفكير،
ويضيع الوقت دون فائدة.
– إتقان العمل سيوفر الوقت، وللأسف هذا ما يتبعه الغرب اليوم وهو ما أدى إلى تفوقهم علينا.
فعندما تتقن عملك توفر الكثير من الوقت في الصيانة والإصلاح.
– اترك ما لا يعنيك فهذا من حسن الإسلام، لأن التدخل في أمور لا تضر ولا تنفع يؤدي
إلى إهلاك الوقت في أحاديث تافهة، وقد تعود بالضرر عليك.
– ابتعد عن المجادلة فهي مضيعة للوقت، إلا إذا كانت المجادلة تهدف لاكتساب
معلومة مفيدة أو إعطاء معلومة مفيدة.
……
هل سألت نفسك يوماً لماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم
يدعو الله في كل شيء، في الصباح والمساء وقبل الطعام وبعده
وعند دخول الأسواق و… إن إحساس الإنسان بقربه من الله
في كل لحظة، يجعله أكثر ثقة بنفسه وأكثر قدرة على
اتخاذ القرار الصحيح.
وعلى سبيل المثال هناك وقت كثير يضيع لدى الشباب في البحث
عن الزوجة! فهل جرَّبت أن تدعو الله أن يختار لك الزوجة المناسبة
التي يريدها هو لك؟! هذا ما دعوتُ به الله، فكانت زوجتي عوناً لي
على كسب الوقت، وما هذه الأبحاث والمقالات إلا من نتائج هذا الدعاء!
●●
[.تجربة التوكل على الله تعالى.]
في مرحلة من المراحل لم يكن لدي أي برنامج لإدارة الوقت!!
ولكن وبعدما حفظتُ القرآن قرَّرتُ أن أترك الأمور كلها لله تعالى،
فهو الذي سيسخّر لي الأسباب، وهو الذي سيبارك في الوقت،
فبركة الوقت أهم من الوقت نفسه!
وسوف أضرب لكم مثالاً من تجربتي:
فعندما كنتُ في بداية رحلتي في كتابة المقالات العلمية،
كانت كتابة مقالة علمية واحدة تستغرق مني شهراً كاملاً من الجهد
والتحضير والقراءة وإعادة الصياغة والتصحيح،
ولكن بعدما اعتمدتُ على الله وأسلمته كل شيء:
وقتي وأمري واختياري وقراراتي…
أصبحت كتابة المقالة تأخذ يوماً واحداً فقط، إذاً وفَّرت 29 يوماً،
أليست هذه هي بركة الوقت، وهي أهم من الوقت نفسه؟
لقد كنتُ أضيع كل يوم عدة ساعات في تفكير سلبي غير مفيد،
مثل الخوف من الفشل أو الخوف من المرض أو التفكير بما
قاله صديق لي حول مشكلة حدثت مع صديق آخر،
أو لماذا فعل فلا كذا أو لم يفعل كذا… وهكذا.
وقد طبقت هذه القاعدة كل يوم، فقمتُ باستثمار هاتين الساعتين
بقراءة كتاب أو مقالة جديدة أو حفظ آيات من القرآن
أو تعلم حديث نبوي أو دعاء جديد…
●●
[.مبدأ استباق الأحداث.]
وهو مبدأ رائع جداً، ويتلخص في أن مخاوفك من حدوث شيء ما،
مثل المرض أو توقع فقدان وظيفة أو خسارة في تجارة
أو رسوب في مادة في الجامعة، أو فشل في زواج…
هذه الأشياء تستنفذ قسماً كبيراً من وقتك،
وهي ستحدث على كل حال، ومخاوفك وتفكيرك
لن يمنعها من الحدوث!
إذاً ماذا لو تمكَّنت من التفكير بأشياء أخرى نافعة،
إن هذا يعني توفير كبير في الوقت. وهنا نجد آي رائعة
تقول: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ)
●●
تطبيق “مبدأ الفصل”
ربما يكون أهم عملية تقوم بها (بل وهي الأصعب)
ما أسميتُه “مبدأ الفصل” أي أن تفصل القضايا التي تشغل
تفكيرك وتجزئها، وتعالج كل قضية على حدة، فلا تطغى هذه على تلك،
وهذا سيوفر نصف وقتك على الأقل.
وسوف أضرب لكم مثالاً من تجربتي،
في بداية اهتماماتي البحثية كنتُ أذهب لمكتبة عامة
فأقضي ساعات في قراءة الكتب، ولكن أحياناً يصادفني موقف
ما أو مشكلة مع صديق، فأترك القراءة وأبدأ بالتفكير بهذه المشكلة:
لماذا حدثت، ماذا ستكون النتيجة، وكيف سأعالج هذه المشكلة،
وماذا أتوقع أن يحدث في المستقبل، وكيف سأواجه هذا الصديق،
ولماذا حدثني هذا الصديق بهذه الطريقة، وماذا كان يقصد…
كان نصف الوقت المخصص للدراسة يضيع في تفكير سلبي
لا يولد إلا الهمّ والقلق والتعب