الإدارة العلمية:
فريدريك تايلور كان من أوائل الناس الذي تحدثوا عن التحفيز. كان ذلك في عالم 1911 عندما ركز تايلوز على أهمية الحوافز المادية. افترض تايلور أن الموظفين كسالى، ولا يمكن تحفيزهم إلا من خلال الرواتب والحوافز المالية فقط. وللوصول لنظام عادل للرواتب والحوافز، اقترح تايلور أن يتم تقجزير العمل أو الوظيفة إلى أجزاء صغيرة، ومن ثم دراسة هذه الأجزاء لإيجاد أفضل طريقة للقيام بها وتنفيذها، وأخيرا، دمج هذه الأجزاء ثانية بشكل فعال. هذه العملية كانت تسمى “دراسة الحركة والوقت Time-and-Motion Study“.
الانتقادات الرئيسية لهذه النظرية هي:
· مساواة تايلور بين البشر والآلات.
· افتراض تايلور أن “الموظفين لا يمكن تحفيزهم إلا بالمال” غير دقيق.
· افتراض وجود “أفضل طريقة لأداء العمل” ليس منطقيا دائما.
حركة العلاقات الإنسانية:
في العشرينات من القرن الماضي، ظهرت حركة جديدة تسمى حركة العلاقات الإنسانية تركز على أهمية تحسن العلاقات في بيئة العمل، مثل تحسين الاتصال بين الموظفين والمشرفين عليهم، وإتاحة مجال أكبر للتحاور وإبداء الآراء. هذه النظرية مبنية على دراسة أظهر زيادة بمقدار 30% في الإنتاجية بعد تطبيق التغييرات المذكورة. إلا أن هذه النظرية انتقدت لأنها ركزت على طريقة واحدة فقط كطريقة مثلى للتحفيز.
كانت دراسة هاوثورن إحدى الدراسات الرئيسية في هذا المذهب. ففي عام 1924 وفي مصنع Hawthorneالتابع لشركة Westren Electricتم عزل مجموعة من النساء ووضعهم في غرفة خاصة لإنتاج أدوات كهربائية لكن في ظروف عمل جديدة. حيث عام الباحثون بتقديم وجبات غداء مجانية، وساعات عمل أقل، وفترات راحة أكثر. كما تم السماح للموظفين بالقيام بالعمل على شكل مجموعات صغيرة. بالإضافة لتغيير في نظام الحوافز المالية. بجانب هذه التغييرات “المادية” تمت تغييرات في نظام الإدارة. حيث أصبح المشرفون اجتماعيين وأكثر تفهما.
ولاحظ الدارسون أن الإنتاجية قد زادت بعد هذه التغييرات. وكان الاستنتاج الأولي أن “التغييرات المادية” هي السبب. لكن بعد عمل تغييرات سلبية، كتقليل الإضاءة أو زيادة درجة حرارة الغرفة لحد يصعب العمل فيه، كانت الانتاجية لا تزال في ارتفاع. من ذلك استنتج الباحثون أن سبب زيادة الانتاجية ليست التغييرات في بيئة العمل، وإنما في طريقة إدارة العاملين. فكلما زادت الروح الاجتماعية بين الموظفين، زادت إنتاجيتهم.
هرم ماسلو للحاجات:
نظرية ماسول من أشهر نظريات التحفيز. فبعد عقدين من حركة العلاقات الإنسانية، حدد إبراهام ماسلو هرم للحاجات الإنسانية يتكون من خمس مستويات. هذه المستويات هي:
· فسيولوجيّ : الحاجات البيولوجيّة الأساسيّة المهمّة للبقاء.
· الأمن : الحاجة للحماية ضد خطر.
· اجتماعيّ : الحاجة للحبّ, الصّداقة, القبول و الانتماء لجماعة.
· التّقدير : الحاجة لاحترام الذّات, الثّقة, السّلطة والاحترام من الآخرين.
· إدراك ذات : الحاجة للإنجاز.
ويمكن تلخيص نظرية ماسلو كالتالي:
اعتقد ماسلو أنه عند إشباع أي مستوى من الحاجات، لا يعود هذا المستوى محفزا للفرد. وسيتطلب إشباع الحاجات التي في المستوى الأعلى. سيظل الأفراد محفزين دائما، طلما يتم إشباع رغباتهم المستوى تلو الآخر، حتى يصلو للمستوى الأخير “إدراك الذات”. لذلك حتى يتمكن المدراء من تحفيز موظفيهم، يجب عليهم أولا أن يحددوا المستوى الذي يحتاجه الفرد، ومن ثم إشباعه، والارتقاء حتى الوصول لآخر مستوى.
بالنسبة لانتقادات نظرية ماسلو، يرى النقاد ان الحاجات وأولوية هذه الحاجات تختلف من فرد لآخر. بالإضافة لعدم وجود أبحاث وأدلة كافية تدعم هرم الحاجات.
نموذج العاملـَـيْن لهيرزبيرج:
طوّر هيرزبيرج نموذج “العاملـَـيْن” في عام 1957 بعد أن قام مقابلات مع مجموعة من العاملين بغرض تحديد أسباب الرضى وعدم الرضى الوظيفي. فوجد أن الموظفين يمكن تحفيزهم من خلال محفزات داخلية، وهو العامل الأول. المحفزات الداخلية هي أمور توجد في الوظيفة أو العمل نفسه، المسؤولية، والإنجاز. أما العامل الآخر فهو المحفزات الخارجية. إلا أن هذه المخفزات لا تزيد من الرضى الوظيفي، وإنما وجودها أو زيادها يمنع عدم الرضى. أمثلة على هذه المحفزات: الراتب، ظروف العمل، وسياسات الشركة بشكل عام.
إلا أن الأكاديميين ينتقدون نظرية هيرزبيرج، كونه لم يحاول معرفة وتقييم العلاقة بين الرضى الوظيفي والأداء. إلا أن هذه النظرية انتشرت كثيرا، لأنها استـُنتِجَت من بيئة عمل حقيقية. بالإضافة لكونها سهلة الفهم.
نظرية الإنصاف:
أسس النظرية رجل يدعى آدمز في عالم 1965. ومحور هذه النظرية هو أن الناس يمكن تحفيزهم بشكل أفضل إن تم معاملتهم بإنصاف، والعكس صحيح، فإن عدم الإنصاف في معاملتهم سيؤدي إلى تثبيطهم. والإنصاف يعني معاملة الجميع بشكل عادل. مثال على ذلك: إذا أحس موظف ما أنه لم يكافأ بشكل مقارنة بالموظفين الآخرين الذي قاموا بنفس العمل وحصلوا على مكافآت أفضل، فهذا الموظف سيثبّط وتقل حافزيته للعمل والإنجاز. من الضروري ملاحظة أن الإنصاف لا تعني المساواة. فعندما يعامل الجميع بشكل متساوي قد يعني ذلك عدم إنصاف بعض العاملين الذين قاموا بعمل أفضل من غيرهم وبالتالي يستحقون مكافآت أو معاملة أفضل.
وتقسّم هذه النظرية الإنصاف إلى نوعين: إنصاف في التوزيع، وإنصاف في الإجراءات. الإنصاف في التوزيع يتعلق بالتوزيع العادل للمكافآت المتعلقة بالأداء. أما الإنصاف في الإجراءات فيتعلق بسياسات وإجراءت الشركة كالترقيات، والعقوبات، وتقييم الموظفين.
عند تقبيق هذه النظرية، يفترض وجود ثلاثة أنواع من الموظفين. النوع الأول هم الموظفين الذين يظنون أنهم يعاملون بإنصاف، وبالتالي فهم متحفزون للعمل. والصنف الثاني هم الذي يظنون أنهم يحصلون على أقل مما يستحقون، وبالتالي سيقوم هؤلاء بتقليل الجهد المبذول. وصنف ثالث يظنون أنهم يحصلون على أكثر مما يستحقون، وبالتالي سيشعرون بالذنب، ويزيدون من جهدهم نتيجة هذا الشعور بالذنب. لكن، ليس الكل سيشعر دائما بالذنب، ولا يقوم الكل بزيادة جهده عادة حتى وإن كانوا يحصلون على أكثر مما يستحقون. فمن السهل أن يبقي الشخص على أداءه بنفس المستوى ويقارن نفسه مع موظف آخر يحصل على نفس الراتب أو المكافآت.
نظرية الأهداف:
أسس هذه النظرية كل من ليثام ولوك في عام 1979. ومحور النظرية يدور حول مشاركة العاملين في وضع الأهداف. فإن كانت للموظفين أهداف محددة قاموا بالمشاركة في وضعها فإن ذلك يحفّزهم للعمل. إضافة إلى ذلك، فإن وجود تغذية راجعة (Feedback) مستمرة حول الأداء يساعد في بقاء الموظف في المسار الصحيح.
نظرية التوقعات:
كان فروم أول من تحدّث عن مفهوم التوقعات في عام 1964. بعد ذلك بأربع سنوات، قام كل من بورتر ولاولر بتعديل النظرية. يمكن توضيح نظرية التوقعات بالشكل التالي:
نموذج التوقعات للتحفيز والرضى الوضيفي
تمثل الصناديق السوداء في الشكل المبادئ الأساسية في نظرية التوقعات، أما الصناديق المنقطة فتعبر عن مساهمات النظريات الأخرى في نموذج التوقعات. ترى نظرية التوقعات أن درجة التحفيز للعمل تعتمد على عاملين أساسيين هما: قيمة الحوافز أو أهميتها بالنسبة للموظف، و توقعاته حول الجهد والحفوافز. الحوافز هي ما يحصل عليه الرد عند نجاحه أو فشله في إنجاز مهمة معينة. قد تكون الحواغز إيجابية، بحيث تشبع حاجات الفرد، كزيادة في الراتب أو قبول أوسع اجتماعيا. وقد تكون الحوافز سلبية، وذلك لمنع الموقع من الوقوع في نفس الخطأ مرة أخرى، كخصم في الراتب. وبما أن الناس لديهم احتياجات مختلفة، فأهمية الحافز ستكون مختلفة من شخص لآخر. مثلا، قد يرى البعض أن المال أهم حافز له ليعمل، بينما يرى آخرون أن الإنجاز أو القبول في المجتمع أهم.
العامل الثاني الذي يحدد مستوى التحفيز هو التوقعات حول الجهد والحوافز. هذا العامل يتشكل من أمرين. الأول: معتقدات الفرد حول مستوى الأداء الذي يجب بذله، والثاني: توقعات الفرد حول الحوافز التي سينالها. الجزء الأول يتعلق بقدرات الفرد وثقته في نفسه أي توقعاته حول أقصى مستوى من الأداء بإمكانه تحقيقه. أما الجزء الآخر فيتعلق بالمنظمة وإن كانت ستعطيه الحوافز التي يستحقها أم لا. المثال التالي يوضح كيفية تفاعل هذه العوامل مع بعضها البعض: طلب من موظف المبيعات بيع 2000 جهاز خلال سنة لترقيته. لن يكون هذا الأمر محفّزا لموظف المبيعات في الحالات التالية:
· إذا كان يعتقد أنه ليس بمقدوره بيع 2000 جهاز في سنة واحدة.
· إذا كان يعتقد أن الشركة لن تقوم بترقيته حتى لو حقق الهدف.
· إذا لم يكن يرغب في الترقية أصلا.
الجهد المبذول لإنجاز المهمة ليس العامل الوحيد لتحديد مستوى الأداء، حيث توجد عوامل أخرى مثل: وجود أهداف واضحة ومفهومة، توفر المعلومات والمهارات المطلوبة لتحقيق الأهداف، وتوفر المعدات والمواد الخام وكل الموارد الأخرى المطلوبة لتنفيذ المهمة.
يمكن الحصول على نوعين من المحفزات بعد تنفيذ المهمة: داخلية، وخارجية. يقصد بالمحفزات الداخلية، الأمور المشجعة التي يحصل عليها الفرد إثر إنجازه للمهمة مثل الشعور بالفخر. أما المحفزات الخارجية فهي التي تقدمها المنظمة أو الموظفين للشخص كزياة في الراتب والقبول الاجتماعي. وبشكل عام، يقوم الموظفون عادة بمكافأة أنفسهم (بالحوافز الداخلية) تلقائيا بعد إنجاز المهمة. وهذه المحفزات (الداخلية والخارجية) تحتد مستوى الرضى لدى العمال.
الخطوات السابقة توضح كيفية استجابة الأفراد للمحفزات عند قيامهم بالأعمال لأول مرة. أما عند القيام بنفس المهمة أو العمل لأكثر من مرة، فسيتوفر للموظف معلومات حول الحوافز التي تقدمها المنظمة، وهذه المعلومات ستؤثر على توقعات الأفراد حول الجهد والحوافز وحول قيمة الحوافز لديهم. لذلك يرى بعد الكتاب أهمية بناء نظام للتغذية الراجعة وذلك لتحسين العملية من خلال الاستماع لملاحظات وآراء الآخرين.