تنمية بشرية

كن طفلا

ما الفرق بين الطفل والكبير ؟!

 

هل تظنونني غبياً بالدرجة الكافية لأسأل سؤالاً كهذا !
دعونا نجيب عليه أولاً .. وستعرفون لماذا سألت ..

 

 

 

الفرق سهل ومعروف .. ولكننا لا نستطيع الإجابة عليه مباشرة وبصورة كاملة ؛ لماذا !؟
لأننا -بكل بساطة- كبار/بالغون !!

 

 

دعوني أشرح لكم ..
الكبير يفكر في كل شيء قبل أن يفعله ..
يرى طرفي الشارع قبل أن يعبر من خلاله ..
يعلب الكرة في ملعبٍ مخطط ..
تضع المكياج بالطريقة الصحيحة .. وبالقدر المناسب ..

على عكس الطفل.. لا يعرف ما لا يستطيع فعله .. ولا يعرف ما يجب فعله .. فقط يفعل ما يريد هوَ ..
يلعب الكره في الشارع .. حافي القدمين ..
يركض في السوق المكتظّة .. وربما يلعب بالسلم الكهربائي ..
تضع المكياج بشكل عشوائي .. وربما وضعت “الكحل” على شفاهها ظنّاً منها أنه “روج” أو على الأقل لأنها أحبّت ذلك ..

الطفل لا يعرف الحدود والقيود والقوانين والافتراضات كما يعرفها ويعيشها الكبير ..
وهذا سرّ إبداعه !

كتب العالم النفسي (جان بياجيه) : [ إذا رغبت أن تكون أكثر إبداعاً ؛ ابقَ في جزءٍ منك طفلاً ، مع الإبداع والإبتكار الذين يميزان الأطفال قبل أن يُشوَّهوا بمجتمع البالغين ] وقد صدق ..

 

 

الأطفال لا يوجد عندهم مرة أخيرة .. كل مرة هي المرة الأولى .. لذا فعندما يحاولون أن يجدوا فكرةً ما فهم يكتشوف دائماً أرضاً خصبة للمرة الأولى .. بلا سياج .. ولا جدران .. ولا قيود .. ولا صلاحيات محددة ..
أرض ذات فرص غير محدودة ..

 

 

الآن .. حاول أن تتحدث في عشرة دقائق عن دولتك التي تقيم فيها .. ستقف لتفكر أليس كذلك !؟
حسناً .. تحدث عن مدينتك ! لا جديد .. ذات الوقوف .. حسناً .. الحيّ الذي تقطن فيه .. لا !؟
الشارع .. أيضاً لا جديد ..

 

 

لن تجد سريعاً الكلام المناسب والذي يأتيك بسرعة وفعالية ..

 

جرّب أن تتحدث عن سور بيت الجيران المقابل لكم .. هاه !

 

حسناً حسناً .. لا تقل “وااااو” أرأيت كيف أتت الإفكار سريعاً إليك ..
لماذا !؟
لأنك لم تسمع مسبقاً عن سور بيت الجيران .. لم يكن عندك خزينة معلومات وأفكار ووصف سابق .. لذا فأنت تخترع الكلام لأول مرة .. وتأتيك الأفكار سيلاً ..
على العكس من الشارع والحيّ والمدينة والدولة .. فقد سمعت عنها عشرات بل مئات وأحياناً آلاف المرات .. وقرأت ورأيت أيضاً ..
فعقلك لا يستطيع أن يرشدك لأشياء جديدة .. لأنه ممتلئ بالفعل بأشياء موجودة مسبقاً ..
وهذا لا يحدث للأطفال !

 

 

الطفل لا يعرف ماذا كان .. يعرف ماذا يكون الآن .. إذا وقعت له مشكلة لا يتذكر شيئاً .. بل يسارع في التفكير بنفسه كل مرة .. ليجد حلاً جديداً ..

إنهم يكسرون القوانين لأنهم لا يعلمون أن هناك قوانين موجودة أصلاً .. ويفعلون أشياء تجعل آباءهم مضطربين ..

قد يلونون السماء باللون الأخضر .. ويرسمون سيارات الإطفاء تتدلى من الغيوم ..
يتفحصون الأشياء العاديّة عن قصد ..
يتساءلون عن الأشياء التي هي عندنا من المسلّمات ..
يسألون ويسألون ويسألون ..

يقول (كارل ساجان) : [ الأطفال هم علماء بالفطرة ، في البداية يسألون أسئلة علمية عميقة : لماذا القمر دائري الشكل ؟ لماذا السماء زرقاء ؟ ماهو الحلم ؟ لماذا لنا أصابع اقدام ؟ ماهو يوم مولد العالم ؟ وفي الوقت الذي يصلون فيه إلى المرحلة الثانويّة يصبح من الصعب أن يسألوا مثل هذه الأسئلة ]

ووافق (نيل بوستمان) على ذلك : [ يدخل الأطفال المدارس كعلامات إستفهام ، ويخرجون كنقط توقف ] .

كُن علامة إستفهام مرة ثانية ..

 

 

لماذا “لوحة المفاتيح” بهذا الشكل ؟
لماذا لا يكون لصنابير المطبخ دواسات ؟
لماذا أدراج الثلاجة أفقية ؟ لم لا تكون عامودية ؟

على علبة الحليب .. لماذا تكون كلمة “حليب” هي الكلمة الكبيرة ؟ الجميع يعرف أنه حليب ، لماذا لا يستخدم الفراغ في شيء أفضل ؟
لماذا لا يضعون فتحتي تعبئة بنزين على جانبي السيارة ؟ بحيث لا يهم في أي طرف من مضخة البنزين تقف .. ولن تحتاج أبداً للدوران بسيارتك ..

 

 

جميعنا نمتلك صورة ذهنية لأنفسنا ، كم يبلغ عمر الشخص الذي تراه في صورتك الذهنية ؟
قال أحدهم ستة !
تخيل عندما يفكر في نفسه يفكر في طفل عمره ست سنوات ..
فلا عجب أن يوجد دائماً أفكاراً جديدة وحلولاً مبتكرة ..

دع الطفل بداخلك يخرج !

إذاً .. في المرة القادمة عندما يكون هناك مشكلة لتحلها أو فكرة لتوجدها .. اسأل نفسك ” كيف كنت سأحلها لو كنت في عمر السادسة؟ كيف كان من الممكن أن أواجهها إذا كنت في الرابعة من عمري ؟”

 

 

ببسآطة

كُن طفلاً !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى