الأرق هو عدم القدرة على الدخول في النوم .. أو عدم القدرة على أن ننام المدة التي نعتقد أنه ينبغي أن ننامها . أو حدوث تقطع متكرر في النوم أثناء الليل .
أسباب الأرق ؟
1. القلق والضغوط النفسية : وهو أكثر أسباب الأرق شيوعا .. وكما يقول كتاب Manual of Fitness طبعة 1990 : ربما يكون الضغط النفسي وما ينجم عنه من قلق أهم وأعظم أسباب الأرق على الإطلاق ، فالضغوط النفسية لا تؤدي إلى الأرق فحسب ، بل إن الأرق يزيد من الضغط النفسي ذاته بسبب القلق والمخاوف حول ما إذا كان الشخص الأرق قد نال من النوم ما يكفيه لمواجهة مشاكل الحياة في اليوم التالي أم لا .. وبذلك يدخل المرء في حلقة مفرغة .
وللقلق أسباب : قلق سببه أخبار سيئة سمعها الإنسان في نهاره . أو قد يكون سببه فقر .. يفكر المرء في لقمة عيشه . أو سببه غنى .. يفكر الفتى بمشاريعه وأشغاله . أو سببه مشاكل الزواج .. أو عدم القدرة على الزواج.. أو سببه هموم الحياة بما فيها من أفراح وأتراح .. ولكن الإنسان المؤمن يدرك معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله .. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك .. ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك .. ” رواه الترمذي .
فيشعر المؤمن بالسعادة والطمأنينة ، ويسلم أموره لخالق السماء والأرض . وليذكر الإنسان قبل نومه فضل الله تعالى عليه في يومه ، وليحمد الله تعالى كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مأوى ” أخرجه مسلم .
وما أجمل الكلمة التي كان يرددها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى مضجعه ( اللهم إني أسلمت نفسي إليك ، ووجهت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك .. ( رواه الشيخان ) . يقول ابن القيم رحمه الله : ” وتعويض الأمر إليه رده غلى الله سبحانه ، وذلك يوجب سكون القلب وطمأنينته ، والرضى بما يقضيه ويختاره له مما يحبه ويرضاه .. والتفويض من أشرف مقامات العبودية .. وإلجاء الظهر إليه سبحانه يتضمن قوة الاعتماد عليه ، والثقة به والسكون إليه، والتوكل عليه فإن من أسند ظهره إلى ركن وثيق لم يخف السقوط .
2. والسبب الثاني للأرق مرض في الجسم كتلك التي تسبب آلاما في الظهر أو المفاصل أو البطن أو الصداع أو الحرارة و علاج الأرق في هذه الحالة يكون في علاج المرض الأساسي . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” تداووا عباد الله ، فإن الله لم يضع داء غلا وضع له دواء ، غير داء واحد الهرم ” .
3. تناول وجبة ثقيلة قبل النوم : ويؤدي ذلك إلى عسر الهضم الذي يسبب الأرق ، وقد يتناول المرء حينئذ مزيدا من السوائل أو الطعام ليشغل نفسه ، فيزداد أرقا . يقول بيار فلوشير : إن ثلث البشر يموتون باكرا لأنهم لا يملكون ما يكفي من الطعام وإن ثلثا آخر من البشر ( ويقصد أبناء الغرب ، ولكن ذلك ينطبق على كل من يعيش حياتهم ولا يطبق السنن الإسلامية في الطعام ) يموتون باكرا لأنهم يأكلون فوق اللزوم . ولكن حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإفراط في الطعام والتخمة . فعن ابن عمر رضي الله عنه قال : تجشأ رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ” كف عنا جشاءك ، فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة ” . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليؤتين يوم القيامة بالعظيم ، الطويل ، الأكول الشروب ، فلا يزيد عند الله جناح بعوضة .
4. التدخين : من المعروف أن النيكوتين الموجود في التبغ مادة مثيرة للدماغ ، يمكن أن تسبب الأرق . وقد أفتى كثير من العلماء بتحريم التدخين لما فيه من ضرر بالغ للجسم ، وما يسببه من جلطة في القلب ، أو سرطان في الرئة ، أو التهاب مزمن في القصبات .. الخ
5. المسكرات والمخدرات : ليس هناك أدنى شك في أن تناول الخمر يسبب اضطرابا شديدا في النوم ، فالنوم مليء بالكوابيس والأحلام المزعجة التي توقظ شارب الخمر من حين إلى آخر ومدمن المخدرات في وضع أشد سوءا من شارب الخمر .
6. تناول القهوة أو الشاي قبل وقت قصير من النوم .
من المعروف أن تناول القهوة أو الشاي بعد الساعة السابعة مساء قد يسبب الأرق عند الكثيرين . يقول الدكتور رجستين في مجال نشر في مجلة American Journal of Medicine : إن مفعول الكافئين في القهوة أو الشاي يستمر لمدة 12 – 20 ساعة ، وأن تناول فنجانين من قهوة نسكافية مثلا ( يحتويان على 150 – 200 ملغ من الكافئين ) قبل النوم يؤدي غلى اضطراب شديد في النوم .
7. الضجيج : فبعض الناس لا يستطيع النوم بسبب ما حوله من ضجيج .
8. الطيران البعيد والعمل في الليل : ويحدث ذلك عند الطيارين والممرضات والعاملين في فترات متغيرة من اليوم
9. الأدوية المنومة : يؤدي استعمال الأدوية المنومة غلى اضطراب في نوعية الدم وقد تسبب نعاسا أثناء النهار .
10. عدم القيام بجهد جسماني : فيكثر الأرق عند الذين يعملون في المكاتب أو الذين لا يبذلون جهدا جسديا كبيرا ، وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمشي إلى المساجد فقال : ” من تظهر في بيته ، ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته ، إحداهما تحظ خطيئة ، والأخرى ترفع درجة .
الوصايا العشر للمصابين بالأرق :
ينصح كتاب Family Medical Reference Book طبعة 1990 المصابين بالأرق باتباع الإرشادات التالية :
1. قم ببعض الجهد ( كالمشي مثلا ) خلال النهار ، بشكل تشعر فيه بالتعب في وقت النوم ، ويمكن المشي لفترة طويلة قبل النوم أن يساعد على النوم .
2. تجنب القهوة والشاي في المساء ، واشرب بعض الحليب الساخن ، فالحليب يحتوي على مادة تساعد على النوم
3. لا تأخذ وجبة العشاء في وقت متأخر من الليل ، وحاول أن تأكل قبل ثلاث ساعات على الأقل من موعد النوم . وتجنب الأطعمة الدسمة التي تحتاج إلى وقت أطول للهضم .
4. حاول أن تأخذ ” حماما ” بدلا من ” الدوش ” فالاستلقاء في ماء فاتر يرخي العضلات ويزيل التوتر .
5. اقرأ شيئا يسيرا وخفيفا قبل النوم .
6. اتبع نظاما معينا للنوم وانهض باكرا في الصباح .
7. لا تسرف في تبريد أو تدفئة نفسك في الليل.. واجعل حرارة الغرفة حرارة مقبولة .
8. إذا استيقظت في الليل فحاول أن تقرأ شيئا ما .
9. لا تدخن قبل النوم .
10. لا يأخذنك الرعب والقلق إن لم تنم بسرعة ، بل حاول الاسترخاء ما استطعت .
العسل .. والأرق :
يقول الدكتور أولدفيلد في كتاب Honey For Health إنني أداوي الأرق عند المسنين بالوصفة التالية : كأس ماء فاتر تذاب فيه ملعقة كبيرة من العسل .
ويقول الدكتور تساندر : ” ليست هناك مادة مهيئة لنوم طبيعي ، أكثر من محلول عسلي مائي ساخن ” .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ” عليكم بالشفاءين : العسل والقرآن ” .
ما يقوله المسلم إلى أصابه الأرق :
هناك من ينصح بالعد ( كأن يقول : واحد .. اثنين .. واحد .. اثنين ) ويكرر ذلك باستمرار ، ولمثل هؤلاء نقول : إن في ذكر الله ما يغني عن هذا وذاك .. والمسلم يعلم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ينـزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول : أنا الملك ، أنا الملك ، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه ؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ؟ فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر ” رواه مسلم .
وروى ابن السني عن محمد بن يحي : ” أن خالدا بن الوليد رضي الله عنه أصابه أرق ، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يتعوذ عند منامه بكلمات الله التامات من غضبه ، ومن شر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ” .
وروى الترمذي عن بريدة رضي الله عنه قال : شكا خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله . ما أنام الليل من الأرق . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أويت إلى فراشك فقل :
اللهم رب السماوات السبع وما أظلت ، ورب الأرضين وما أقلت ، ورب الشياطين وما أضلت ، كن لي جارا من شر خلقك كلهم جميعا أن يفرط علي أحد منهم أو أن يبغى علي . عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك ولا إله إلا أنت “
المنومات والمهدئات :
ينبغي محاولة الابتعاد ما أمكن عن المنومات والمهدئات .. فيقول كتاب British National Formulary ( وهو أوثق مرجع دوائي في بريطانيا ) يجب ألا توصف المهدئات والمركنات والمنومات بشكل عشوائي ، بل ينبغي أن توصف لفترة قصيرة في تهدئة حالة المريض .