أ/ خالد الأعصر
*
عملية الانتخابات ليست عملية سياسية فحسب, لكنها عملية اجتماعية وثقافية ونفسية على أعلى مستوى. ومن يعتقد أن خوضه الانتخابات كمرشح او كناخب يساعد في تغيير المجتمع فقط, فهو واهم , لانه يغير من نفسه أيضا.
فدخول عملية الانتخابات هو اجراء من شأنه ان يعمل على احداث تغيير – من الطبيعي ان يتوقع أن يكون للافضل – في المجتمع قدر المستطاع . ولما كانت لعملية الانتخابات تلك الاهمية القصوى , فهي كغيرها من الامور التي يعيشها المجتمع وافراده في حياتهم , يجب ان تكون على اسس وقواعد سليمة. فالنوايا والمشاعر والاحاسيس وحدها لا تكفي لانجاح العمل , ولكن لابد من توافر كافة الشروط الكفيلة بإنجاحه , وعندما نتحدث عن العملية الانتخابية فنحن بالتحديد نتحدث عن شخص المرشح والاستراتيجية التي سيتبعها والتمويل لهذه العملية .
وفي السطور القليلة التالية نحاول القاء الضوء على هذه العناصر الثلاث المكونة للعملية الانتخابية من منظور المرشح وليس الناخب , وسنتناول تلك العناصر الثلاثه ( المرشح , الاستراتيجية , التمويل ) ونحن نتحدث عن المرشح الذي يريد بخوضه تلك الانتخابات ان يفوز ويحرز مقعدا في البرلمان . وهنا قد يظهر سؤال : وهل هناك مرشح لا يريد ان يفوز ؟ وتكون الاجابه بالطبع : نعم . لان هناك انواع من المشاركات في الانتخابات : هناك من يشارك للفوز , وهناك من يشارك للشهرة فقط , وهناك من يشارك ليشتت الاصوات ويضيع الفرصه على مرشح ما , وهناك من يشارك ليتدرب على عملية الانتخابات حتى يتمكن من الفوز في انتخابات قادمة . وهنا نحن نتكلم عن الصنف الاول الذي يريد الفوز.
أولا : المرشح:
على من يرشح نفسه لخوض الانتخابات ان يكون ممن تنبطق عليه الصفات التالية :
– شخص معروف في الدائرة التي يترشح فيها. فمن غير المعقول ان ينتخب الناخب شخص لا يعرف عنه شيئا
– ان يكون قد حصل على تأييد اقرب المقربين اليه اولا من اهل ومعارف واصدقاء ويضمن تأييدهم له ودعمهم له , لان هؤلاء سيكونوا اول من سيعتمد عليهم في حملته الانتخابية , وان خذله هؤلاء فمن ذا الذي سيدعمه
– يتمتع بالصحة الكافية التي تمكنه من التجوال بين الناس والظهور في كافة مناطق دائرته والعمل على الاعلان عن نفسيه والتواصل مع الناخبين .
– حسن المظهر , مقبول الشكل .
– شخصا وقورا عليه سيم الاحترام والوقار
– يتمتع بقوة الشخصية والثقة بالنفس لانه سيواجه من يعترض عليه ومن يسأله اسئله قد تكون محرجه
– يجب ألا ينفعل ويكون ضابطا لاعصابه وردود افعاله
– متواضعا لابعد حد حتى يتواصل مع كافة اصناف الناخبين من كافة مستويات الشعب .
– ملما الماما تاما بظروف وطبيعة وبيئة وحياة الناخبين في دائرته ويعلم تماما ما الذي يصبون اليه ممن يختارونه نائبا عنهم .
– ملما بالدستور وقوانين الدولة وسياستها العامة واحوال البلاد الاقتصادية وغيرها .
– ملما بالسياسه الخارجية سواء الدولية او الاقليمية وعلى علم بما يحدث حول العالم .
– مناقشا ومحاورا جيدا , يجيد الاستماع ويتكلم وقت ان يجب عليه ان يتكلم وينصت حين يجب عليه الانصات للاخرين .
– الا يخوض في عيوب الاخرين ولكن يركز على اظهار ما لديه هو من قدرات تنافس غيره .
– يحدد نقاط قوته وضعفه والفرص المتاحه لديه بكل دقة قبل الخوص اصلا في عملية الانتخابات .
– على علم تام بمنافسيه , من هم ؟ وما اتجاهاتهم ؟ وما النقاط التي يختلفون فيها عنه ؟ وماذا يقدمون هم للناخبين؟ وما هي عيوبهم او نقاط ضعفهم ؟.
ثانيا : الاستراتيجية:
ونقصد بمصطلح الاستراتيجية اي الاسلوب الذي يجب ان تسير عليه الحملة الانتخابية والنقاط والخطوات التي يجب ان يتبعها المرشح , ومن هذه النقاط التالي:
– وضع برنامح واضح للمرشح , يشمل كافة الخطوات والاجرائات التي سيتخذها بهدف انجاح حملته الانتخابية.
– الابتعاد عن الوعود المبالغ فيها فضلا عن الكاذبة.
– مهما قدم المنافسون من وعود مبالغ فيها فلا يجب على المرشح ان ينساق وراء تلك المزايدات , فعليه ان يطرح ما يمكنه بالفعل ان يقدمه.
– يجب ان يجعل لحملته شعارا . وهذا الشعار يجب ان يكون مميزا ومختصرا ويمكن للناخب بسهوله ان يحفظه ويتذكره , ولذلك نوصي بان يكون شعارا جذابا وموسيقيا , وفي ذات الوقت يكون شعارا واقعيا لا خياليا .
– وحتى تتحقق النقاط السابقة على المرشح ان يُكون لنفسه إدارة عملية لحملته الانتخابية وتلك تتمثل في (ادارة علاقات عامة , ادارة سكرتارية , ادارة مالية , ادارة اعلامية , اداره قانونية )
* إدارة العلاقات العامة:
وهذه الادارة يجب ان يكون لها مديرا مسئولا عنها مسئولية مباشرة امام المرشح , وعليه ان يختار مجموعة العمل معه ممن يثق بهم ويثق بخبراتهم في هذا المجال وهؤلاء ستكون مهتهم التالي :
أ- امداد المرشح بكافة المعلومات التي يحتاجها في حملته الانتخابية , سواء عن منطقتة دائرته بكل خصائصها الاقتصادية والاجتماعية والمؤثرات التي تتاثر بها , وكذلك معلومات عن عدد المرشحين المنافسين واسمائهم وكافة المعلومات المتعلقة بهم . أي ان هذه المجموعة تكون مسئوله عن تكوين قاعدة البيانات التي ينطلق على اساسها المرشح في حملته .
ب- الاستقرار على الشعار الذي سوف يرفعه المرشح لحملته.
ت- عمل جدول للزيارات : سواء كانت تلك الزيارات ميدانية في الشوارع او لمحلات ومكاتب معينه او زيارات عائلية لمن لهم حظوة وصيت في الدائرة , فهدف تلك الزيارات هي تواجد المرشح في كافة مناطق الدائرة.
ث- إعلام المرشح بكافة المناسبات التي يجب عليه ان يتواجد فيها في دائرته كحالات العزاء أو الاعراس وغيرها.
ج- اختيار صورة معينة للمرشح , وهذه الصورة يجب ان تكون صورة محببه للجميع , وتدل على شخصية المرشح , ولا يجب ان تتغير هذة الصورة ابدا طوال الانتخابات , فالتركيز على صورة واحده يثبت صورة المرشح في اذهان الناخبين , وحبذا لو كان ظهور المرشح بين الناس يكون دائما بهذه الصورة . فمثلا ان كانت الصوره له بجلباب فلا ينبغي ان ينزل للشارع ووسط الجماهير ببدلة على سبيل المثال.
ح- تقوم هذه اللجنة بوضع خطة للندوات والمحاضرات التي على المرشح ان يلقيها على عامة الناخبين او اهالي دائرته او حتى التجمعات التي سوف يحل ضيفا عليها . وعلى هذه اللجنة مراجعة ما سيقوله المرشح قبل الذهاب لتلك التجمعات والندوات.
* إدارة السكرتارية:
وهذه الادارة تكون مسئولة عن اعمال الاتصالات بين افراد الحملة وبين المرشح ومدير الحملة , كما عليها ان تعد سجلات لحفظ محاضر الاجتماعات سواء التحضيرية او ما بعد انطلاق الحملة , وتقوم باعداد ارشيف لهذه الاجتماعات والفعاليات كلها حتى يتسنى الرجوع اليها كقاعدة بيانات . وعليها ايضا المساعدة في تنظيم العمل ومساعدة لجنة العلاقات العامة فيما قد يطلب منها.
* الإدارة الاعلامية:
وهذه الادارة تقوم على تشكيل فرق متنوعة للانتشار في كافة مناطق الدائرة للاعلان عن المرشح . وتهتم هذه الادارة بعمل الدعاية المطلوبه للمرشح سواء في الصحف او المجلات او المطبوعات والمطويات التي يتم نشرها على افراد الدائرة . وعليها ايضا تجهيز الصور والاعلانات المناسبة للمرشح حتى تكون دائما حاضرة في كل ندوة ام مؤتمر او تجمع يحضره المرشح . وعلى الجانب الاليكتروني يجب ان تنبثق من تلك اللجنة لجنة خاصة تهتم بعمل موقع على شبكة الانترنيت للمرشح والتواصل اليكترونيا مع الجماهير واهالي الدائرة للتعريف بالمرشح . كذلك يمكنها طبع ما يمكن من كتيبات او منشورات او اقراص مدمجه او شرائط كاسيت وتوزيعها على اهالي الدائرة حريصين على ان تصل تلك المطبوعات الى كل بيت في الدائرة .
ومن خلال هذه الاداره ايضا تخرج ادارة خاصة بالمقر الانتخابي . وهذه اللجنه او الادارة يكون عليها اعداد مقر عام للمرشح يكون هو اساس ومنطلق المرشح في حملته , وكذلك تقوم باختيار مقار فرعية اخرى للتواصل مع الناخبين وحتى يميكن للمرشح ان يتواجد في اكثر من مكان وسط اهل دائرته. وهذة اللجنه يكون بها لجنة خاصة لرصد ومتابعة اعمال الحملى الانخباية ورصد ما تم وما لم يتم ووضع قائمة بالايجابيات والسلبيات التي تواجة عمل الحملة الانتخابية.
ثالثا : التمويل:
لا شك ان خوض العملية الانخابية يتكلف اموالا طائلة كأي مشروع ينوي الفرد ان يقوم به , ولاننا نتحدث عن حملة انتخابية ذات اضلاع ثلاث فدعونا نقول ان هذه الاضلاع كلها تعتمد على بعضها البعض , فوضع خطة واستراتيجية جيده , وتوفير تمويل كاف مع وجود مرشح ضعيف , لا شك ان الحملة الانتخابية ستبوء بالفشل , وكذلك نقول انه لو كان المرشح ممتازا والخطة الموضوعه للعمل جيده جدا والتمويل ضعيف فلا شك ان الحملة ايضا ستبوء بالفشل . نحن نقول هذا من الناحية العملية البحته , ولكن قد يقول احدهم ان احد المرشحين لم ينفق من الاموال الكثير ومع ذلك كان فوزه كاسحا , نقول نعم ولكن هذا بتوفيق وفضل من الله اولا واخيرا ونحن انما نقول بالاخذ بالاسباب , فمبدأنا ان نعطي كل شيء حقه , فلا بد ان يكون هناك تمويلا جيدا لاي حملة انتخابية بل ويجب ان يكون هناك اداره خاصة للعملة التمويلية وهذه الادارة يكون من اختصاصاته التالي:
– وضع ميزانية تقديرية للحملة قبل بدايتها .
– تحديد اوجه الصرف والانفاق
– توفير المستلزمات التي تتطلبها غيرها من الادارات
– العمل على ترشيد الانفاق بما لا يخل بالعمل ولا يعوق تحقيق النجاح للحملة
– عمل سجل بكل مصروفات الحملة .
– تختص بما قد يرد للحملة من تبرعات من اشخاص داعمين للمرشح
وهكذا نكون قد القينا الضوء على المحاور الثلاث التي تنبني عليها اي حملة انتخابية يكون هدفها النجاح وفوز المرشح . قد لا نكون اعطينا بعض النقاط حقها من التفصيل وقد نكون قد اطلنا في البعض الاخر ولكن كان هدفنا ان نعطي للقاريء صورة وافية الى حد ما عن ما يجب عليه ان يعده ان كان يريد ان يخوض عملية الانتخابات , ايا كانت تلك الانتخابات , لمجلس الشعب والشورى او للمجالس المحلية . فنحن فقط نريد ان ناخذ بالاسباب والتوفيق ان هو الا من عند الله.