كيف نتحكم في الذات
نتحكم في ذلك عن طريق التحكم في الأفكار، فعندما تنخفض قوة الأفكار شيئاً فشيئاً تنخفض قوة الإحساس، وكيف نقوم بذلك بسرعة؟
ضع التحديات في مكانها الطبيعي، ولا تدرك الأمور أكبر من حجمها فإذا حدث أن غضبت من أمر ما مع شخص معين فلا تقل: “أنا غاضب من فلان” بل أنت غاضب من سلوك صدر عن هذا الشخص فحدد مما أنت غاضب بدقة؛ لأن العقل يتعامل مع ما تحدده من أفكار..
وبالتالي تنبعث الأحاسيس تبعاً لما حددته من أفكار، وما دامت الأحاسيس على قدر الأفكار فسوف تتعامل معها أسرع وبصورة أيسر، وإن بالغت في الأفكار فسينتج عن ذلك أحاسيس مبالغ فيها، فإذا قال شخص ما “أنا مكتئب” فإن هذه الفكرة تصبح في المكان والزمان والمادة والطاقة، وهذه الأربعة موجودة في موضع يسمى “الكونتم” وهي تتحكم في سلوك الإنسان..
أنت تثير المشاكل لنفسك حينما تقول أنا مكتئب، أنا حزين، أنا ضعيف الذاكرة، أنا فاشل، أي حينما تقول أنا وتضع بعدها أمراً سلبياً أو أي شيء، لأن العقل يعتبر ذلك اعتقاداً.
يشير أحد العلماء في جامعة هارفارد إلى أن “أول شيء تقوله لنفسك يتحول إلى اعتقاد… غيّر اعتقادك تتغير حياتك” غيّر أفكارك تتغير حياتك, غير أحاسيسك وإدراكك تتغير حياتك, كل هذه الأمور تنبع من الإدراك الذي يتحول إلى فكرة ذات معنى، ثم يتم التركيز عليها ثم تصدر الأحاسيس التي توجه السلوك، والسلوك يعطي نتائج تشكل الواقع، فإذا أردت أن تغير واقعك غيّر إدراكك لأنك تستخدم الأفكار وتعطيها طاقة
وتبذل جهداً ووقتاً..
فلابد أن يكون ذلك في الاتجاه الصحيح الذي يحسّن صحتك ويحقق أحلامك لذا يتعين على الفرد أن يدرك أن لديه قدرات غير محدودة وأن يدرك أن لديه أهدافاً وأن يدرك السبب الأساسي في نتائجه.
– إن أفكارك وإدراكك يحددان واقعك ونتائجك..
يشكو كثير من الشباب من البطالة ومن أنهم لا يجدون عملاً بعد تخرجهم في الجامعة، والسؤال:
لم تركز على الجانب السلبي للأمور؟ لم لا تنظر إلى الجانب المشرق؟
لابد أن تثابر في البحث عن العمل، لا تيأس ولا
تتقهقر من أول جولة، فمن أدام طرق الباب يوشك أن يُفتح له، والنصر والنجاح لا يتحققان إلا مع الصبر.
تحدثنا عن مصادر الإحساس وأسبابه، وأشرنا إلى الإدراك والتخيل والتذكر.. هذه عمليات تحدث معاً فلا يمكن أن تتخيل شيئاً دون أن تدركه ولا يمكن أن تستدعي شيئاً من الذاكرة دون أن تتخيله، وإدراكك للشيء يعطيه معنى، والمعنى يعطي أحاسيس توجه -بدورها- السلوك، وإدراكك للإحساس -كما ذكرنا- هو بداية تغير هذا الإحساس.
كل ما تحدث به نفسك وتربطه بأحاسيسك وتكرره غير مرة يصبح اعتقاداً، وإذا كررته أصبح برمجة راسخة تلقائية، أي نوع من التكيف العصبي وتلك هي الميكانيكية التي تتكون بها العادات لدى الإنسان، فكل ما تحاول أن تفعله ويكون في أول الأمر صعبّا، ثم يصبح سهلاً ومع التكرار تفعله تلقائياً ويصير عادة.. وعلى هذا الأساس يمكننا أن نحدث عادات إيجابية في
حياتنا، فإذا تحدثت إلى نفسك بطريقة إيجابية وأثرت في نفسك أحاسيس سارة متفائلة وكررت ذلك غير مرة ستخزن وتصبح عادات إيجابية، وسيمكنك الاستفادة منها في الوقت المناسب.. لذا كثيراً ما أكرر أنه من الأهمية بمكان أن ننظف الماضي بأن يدرك الفرد ملفاته العقلية وأفكاره وتركيزه وأحاسيسه وسلوكه حتى يبدأ التغيير من الإدراك، فإن لم تدرك أفكارك فسوف تتحرك هذه الأفكار في دورتها وتتحرك نحو التركيز ثم ستنبعث الأحاسيس المرتبطة بها، ثم ستوجه هذه الأحاسيس السلوك، وبهذا تكون قد جعلت دورتك الذهنية تعمل ضد مصلحتك، لكنك بمجرد أن
تدرك ستبدأ في رفض الأفكار التي لن تصل بك إلى تحقيق أهدافك أو لن تحسن صحتك أو علاقاتك مع الآخرين، ومن ثم ستنفصل عن التجارب السلبية وتتصل بالأساليب الإيجابية.
المصدر: كتاب كيف تتحكم في شعورك وأحاسيسك؟