ذات صلة

جمع

ارتفاع أسعار الحديد اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)

تباينت أسعار الحديد والأسمنت في الأسواق خلال تعاملات اليوم...

وزير الكهرباء يلتقي مسئولى “روسآتوم” و”آتوم ستروى” لبحث التعاون المشترك

بدأ الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة برنامج...

الإسكان: تنفيذ قرارات غلق وتشميع لمحال وأنشطة مخالفة ورفع إشغالات بـ6 أكتوبر والشروق

نفذت الإدارات المختصة بجهازي تنمية مدينتي 6 أكتوبر والشروق،...

‎وزير قطاع الأعمال يوجه بتكثيف الجهود للنهوض بالقطاعات الصناعية والإنتاجية والخدمية

في إطار لقاءات المتابعة الدورية لمعدلات الأداء وموقف المشروعات...

كيف نتعامل مع عصبيتنا وغضبنا ؟

 بقلم : د.جاسم  مطاوع

دخل علي يشتكي من زوجته وبدأ حديثه معي بقوله : أنا عصبي وسريع الغضب وزوجتي لا تفهمني ولا تحسن التعامل معي ، ثم بدأ يشرح لي قصة حياته من يوم زواجه إلى لحظة عرض المشكلة الأسرية علي ، فسألته في ختام حديثه : كيف تريدني أن أساعدك ؟ قال : أن تكلم زوجتي لتحسن معاملتي وقت الغضب .

قلت له : حسنا ولكن هل تسمح لي أن أكلمك أولا ؟ فرد علي : نعم تفضل ، قلت له : عندما تصف نفسك بأنك عصبي وسريع الغضب فكأنك تحكم على هذه الصفة بأنها لازمة لك ولا تستطيع التخلص منها ، وكلامك هذا خطأ لأن السلوك صفة مكتسبة للإنسان ، وبيدك أن تتخلص من أي سلوك لو أردت .

دعني أشرح لك أمرا مهما عن الغضب ، إن في الإنسان خمسة مشاعر أساسية تتفرع منها مشاعر ثانوية والخمسة هي : (الغضب والحزن والخوف والفرح والحب) ، وكلها مشاعر يحتاجها الإنسان وكل شعور له جانب سلبي وإيجابي ، ومنها الغضب فعندما تقول لي أنا عصبي فإنك تصف مشاعر الغضب بأنها سلبية دائما وبإمكانك أن تجعل غضبك إيجابيا فتستفيد منه .

فنظر إلي مستغربا وقال : كيف ذلك ؟ قلت له : فعندما تتعرض لتهديد أو سرقة أو عدوان لا قدر الله أو تنتهك حرمة الله ففي هذه الحالات يكون غضبك إيجابيا ، أما عندما  تغضب على زوجتك وأبنائك كل يوم حتى صاروا يهربون منك ، ومن الجلوس معك أو الحديث إليك كما ذكرت فهذا هو الغضب السلبي ، عليك أن تنتبه لنفسك وتتعلم حسن إدارة مشاعرك .

حاول .. وتدرب أن تسيطر على عصبيتك من خلال ضبطها ، فإذا شعرت بالغضب السلبي غير جلستك أو قم فتوضأ وصلِّ ركعتين أو غير مكانك حتى تهدأ نفسك ، ولا تقل هذا طبعي وأنا عصبي أو الطبع يغلب التطبع فهذه العبارة صحيحة لمن لا يسعى لتغيير طبعه ، وكذلك هي صحيحة في عالم الحيوان وليس في عالم الإنسان ، فأنت لديك إرادة وعقل تستطيع أن تميز وتحكم على الأشياء وتعرف ما يضرك وما ينفعك ، كما لديك القدرة على تغيير سلوكك وطبعك ولو تجاوز عمرك السبعين عاما .

ثم دعني أخبرك شيئا مهمّاً ، هل تعلم أن الغضب هو الأصل لمشاعر ثانوية أخرى تخرج منه ! فالغضب ينبثق منه الكراهية والشعور بالمرارة والاستياء والغيرة الشديدة والاشمئزاز والعنف بل وحتى الحسد لا يخرج إلا من النفوس الغاضبة ، ولهذا كرر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ناصحا أحد الصحابة بقوله : لا تغضب ، لا تغضب ، لا تغضب . فهذا منهج عظيم في إدارة المشاعر ، فالغضب هو أساس الأمراض الصحية وهو كذلك أساس الخسارة في العلاقات الاجتماعية وكراهية الناس لك وبعدهم عن .

قال : والله كأنك تعيش معي وأنت تتكلم هذا الكلام ، ثم نظر إلي وقال : أنا قررت أن أضبط سلوكي وأحسن إدارة مشاعر الغضب عندي ، ولكن هل يعني ذلك أنك لن تكلم زوجتي ؟ قلت له : إن شئت أن أكلمها فلا مانع لدي ، ولكني أرى المشكلة فيك وليست في زوجتك ، فما رأيك أن تذهب الآن لتعمل بما ذكرته لك ونسمع أخبارك بعد شهر ثم تقرر إذا كنت تريدني أن أكلم زوجتك أم لا ؟

 فاتفقنا وذهب ثم عاد بعد شهر وقال : شكرا لك ،  ولا داعي لحديثك  مع زوجتي ، فابتسمت وقلت له وكيف حالك الآن ؟ قال : خلال الشهر عشت الآية الكريمة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ، قلت له مازحا : والآن أنصحك أن تؤسس جمعية (لا للغضب ) الخيرية ، فضحك وضحكت .

إن الغضب جمرة من الشيطان و نحن بحاجة لأن نتعلم كيف ندير مشاعرنا ونتحكم بها من خلال التربية البيتية والتعليم المدرسي والتدريب الوظيفي والتوعية الإعلامية والمنابر الوعظية ، حتى نعيش متوازنين نفسيا وسعداء اجتماعيا وسلوكيا.