يُحكى أن…
قوماً خرجوا للصيد، فطردوا ضبعةً حتى ألجؤوها إلى خباء أعرابي، فأجارها و جعل يطعمها و يسقيها، فبينما هو نائمٌ ذات يوم، إذْ وثبتْ عليه، فبقرتْ بطنه و هربتْ.
فجاء ابن عمه يطلبه، فوجده مُلقى، فتبعها حتى قتلها و أنشدَ يقول:
و مَن يصنع المعروف مع غير أهله ×× يلاقي كما لاقى مجير أم عامرِ
أعدَّ لها لما اســـــــــــــتجارتْ ببيته ×× أحــــاليـب ألبان اللقاح الدوائرِ
و أســـــــــــمنها حتى إذا ما تمكنتْ ×× فرتْهُ بأنيــــــــــابٍ لها و أظافر
فقلْ لذوي المـــعروف هذا جزاءُ من ×× يجود بمعروفٍ على غير شاكر.
و يُحكى أيضاً أنْ ..
رجلاً دخل باديةً، فإذا به يرى عجوزاً بين يديها شاةً مقتولةً، و إلى جوارها جرو ذئب.
فقال لها: ما هذا ؟!!.
قالتْ له: هذا جرو ذئب أخذناه صغيراً و أدخلناه بيتنا و ربيناه، فلما كَبُرَ فعل بشاتي ما ترى، و أنشدتْ تقول:
بقرتَ شويهتي و فجعتَ قومي ×× و أنتَ لشاتنا ابنُ ربيبُ
غذِّيتَ بدرها و نشـــــأتَ معها ×× فمَنْ أنباك أن أباك ذيبُ
إذا كان الطباع طباع ســــــوءٍ ×× فلا أدبٌ يفيد و لا أديبُ.
ففيما حكيت سابقاً لا يمكن لأحدكم أن تعلوا وجهه علامة تعجب، أو أن تصيبه الدهشة و الاستغراب، لسبب بسيط ألا وهو أن الضبع ضبع و الذئب ذئب هكذا جبلا على الخداع و الغدر، حتى يتمكنا من البقاء على قيد الحياة في عالمهم الوحشي و تلك حكمةٌ لله.
غير أن المستغرب أن تجد بشراً ضباعاً أو بشراً ذئباً خلقهم ربي و ربهم في أحسن تقويم، وكأنهم يعيشون في البراري بين الوحوش، و يكرهون إنسانيتهم و يعشقون دونيتهم وحقارتهم.
لهم صورة إنسان غير أن طباعهم كحيوان، فتجد منهم الإنسان الأسد، و الإنسان التمساح، و الإنسان الحمار، و الإنسان الكلب، و الإنسان القرد، و الإنسان الغراب، و الإنسان الأفعى، والإنسان العقرب، و الإنسان العنكبوت، و الإنسان الجرادة، و الإنسان النملة و بالمحصلة الإنسان الوحش بأفعاله لا بصفات خلقة تعالى الله.
و كأنهم يكرهون آدميتهم التي صورهم سبحانه و تعالى عليها، وهم بذلك يرفضون تكريم الله لهم.
فلا تعجب أخي إن رأيتَ يوماً إنساناً ضبعاً يبقر إحسانك إليه لا لشيء و إنما ليثبت لك بما لا يدعُ مجالاً للشك صحة إفلاسات داروين و هرطقته عندما قال: إن الإنسان أصله قرد، أي حيوان.
و قد صدق الله حين قال:
( ولقدْ ذرأْنا لجهنمَ كثيراً من الجنِ و الإنسِ لهم قلوبٌ لا يفقهونَ بها و لهم أعينٌ لا يبصرون بها و لهم ءاذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلُّ أولئك هم الغافلون ) سورة الأعراف 179.