ما زال الدولار القضية الأولى التى تؤرق المواطنين قبل الحكومة، فمصر تعتمد على نحو 65٪ من الغذاء على الاستيراد، و45٪ خامات ومستلزمات بما يعنى أن الدولار أصبح الشغل الشاغل للجميع ويتحكم فى سير العملية الوطنية، والتى تعد المرآة الحقيقية للاقتصاد.
ومنذ أسبوعين سجل الدولار انخفاضاً طفيفاً لم يتعد 15 قرشاً مسجلاً 17 جنيهاً و70 قرشاً للبيع، إلا أن الانخفاض لا يتناسب مع المؤشرات التى تشير إلى توقف معظم الشركات الاستيرادية عن الاستيراد وإعلان محافظ البنك المركزى مؤخراً عن وصول الاحتياطى الدولارى للبنك إلى أكثر من 37 مليار دولار، بما يعنى أنه فى الحدود الآمنة، وهو ما أثار التساؤلات حول استمرار ارتفاعه رغم هذه الشواهد الجيدة لسوق الصرف ونقلتها للخبراء المتخصصين.
أكد الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصرى الاقتصاد أنه منذ قرارات نوفمبر التى أصدرها محافظ البنك المركزى بتعويم الدولار وهو يخضع للعرض والطلب، وأضاف قائلاً: إن اقتصاد أى سلعة تخضع للعرض والطلب وتحدد أسعارها وفقاً لهذه الآليات كلما زادت حدث وفرة فى المعروض وتراجع فى الطلب بالضرورة والمنطق ينخفض سعر العملة، ولكن التراجع الطفيف والذى لا يتعدى قروشاً يعود الى سببين رئيسيين، الأول يتمثل فى أن رجال الأعمال وخاصة المصدرين فاهمين أصول اللعبة، وهى أن الاقتصاد ما زال يعانى، السياحة لم تعد لعافيتها والإنتاج لم يصل لدرجة الاكتفاء الذاتى أو التقدم، وأن مصر دولة مستوردة بالدرجة الأولى لذلك ما زالوا يتبعون سياسة عدم التفريض فى ما لديهم من أموال.
والثانى أن الدولة ما زالت تتدخل لتحديد المسار من خلال البنوك رغم سياسة التعويم، والدليل على ذلك أن السعر قبل التعويم كان قد سجل انخفاضاً قبل صدور القرار بيومين أكثر من 5 جنيهات ووصل إلى 12 جنيهاً، إلا أن صباح اليوم التالى حدد المركزى السعر بنحو 14 جنيهاً للدولار.
مؤكداً أن المركزى له مبرراته فلو حددت البنوك الدولار بسعر منخفض سوف يتجه السوق لمنحى الدولرة التى تخلص منها السوق بعد قرارات نوفمبر لأن الناس ما زالوا متأثرين بمسلسل أن الدولار فى صعود ولذلك سيقومون بشرائه بكميات كبيرة تحسباً لصعوده فى فترة لاحقة بالإضافة لنقطة مهمة أن الحكومة عليها التزامات خارجية ملتزمة بسدادها فى النصف الأول من العام القادم وتصل إلى نحو 14 مليار دولار ودائع سيحل موعد استردادها من قبل الحكومات الخليجية لذلك تفضل الحفاظ على الاحتياطى الدولارى للمركزى.
وأشار إلى أن التذبذب فى السوق والأسعار الفلكية وعدم وضوح الرؤية للقرارات التى يصدرها الوزراء كوَّن لدى الرأى العام قناعة بأن هذا الخفض لن يستمر طويلاً.
ويتوقع عبده أن تستقر الأوضاع مع بداية عام 2019 ستشهد خلاله بدء إنتاج قطاعات عديدة أقيمت فيها مشروعات، وأهمها إنتاج حقل ظهر للغاز وسيسهم فى تحقيق اكتفاء ذاتى لمصر يعقبه فى عام 20 تحقيق طفرة تصديرية تتصدر خلالها مصر مكانة تصديرية وخاصة أن هناك فرص تنقيب واكتشافات ضخمة خلال هذه الفترة.
أما أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية فيؤكد أن الارتباك يسيطر على السوق وخاصة سوق السلع الغذائية، فهناك ارتباك وعدم وضوح رؤية فى القرارات التى يصدرها المسئولون وخاصة وزير الصناعة، مؤكداً أن تخلى المركزى عن سياسة تحديد السعر وإحكام الرقابة على البنوك وتركه للعرض والطلب أضرت بوضع العملة، معتبراً أن الحكومة بسياستها مسئولة عن وصول الدولار لأرقام فلكية، متوقعاً عدم استقرار الدولار والعودة لسعره الحقيقى أمام الجنيه وهو 10 جنيهات بسبب السياسات الفاشلة للحكومة، وتوقع شيحة عدم استقرار أسعار السلع بالأسواق فى ظل السياسات المقيدة للاستيراد بدعوى تشجيع التصدير، والذى سجل ارتفاعاً طفيفاً بسبب اعتماد معظم الصناعات على المكونات والخامات المستوردة.