تقوم عمليات مسح المخ بشكل عام بتدعيم ما نعلمه عن مشاعرنا: بعضها إيجابي والبعض الآخر سلبي، فالسعادة على سبيل المثال من المشاعر الإيجابية عندما يكون الناس في حالات مزاجية جيدة، يميلون إلى عرض مزيد من الأنشطة بناء على إشارات تنتج من مناطق معينة على الجانب الأيسر من المخ.
أما المشاعر مثل الاكتئاب والقلق فهي من المشاعر السلبية تميل إلى زيادة النشاط في مناطق بالجزء الأيمن من المخ.
لكن ماذا عن الغضب: هل هو شعور إيجابي أم سلبي؟ ربما لا تكون الإجابة على هذا السؤال واضحة بشكل كافٍ.
هناك عدم تلاقي بين الأدب النفسي الذي اعتاد أن يلقب الغضب كمشاعر سلبية، وعمليات مسح المخ بالأشعة التي دلت على أن المخ يستقبل الغضب كجزء من المعلومات الإيجابية.
على نفس الاتجاه يخبرنا الخبير النفسي (هنك أرتس) بجامعة (أوترخت) بهولندا أن هناك شيء نادر عن الغضب أحيانا يكون له تأثيرات سلبية لكنه أحيانا ينتج عنه بعض المشاعر الإيجابية التي تمنح الإنسان الحافز للقيام بأشياء يحبها، ونحن نريد أن نحدد ما هو هذا الشيء النادر والظروف التي تفسر ذلك.
علم المخ: هل كونك أعسر اليد يجعلك إنساناً غاضباً؟
وصفت بعض الدراسات الحديثة السمات الإيجابية للغضب لكن العالم (آرتس) وغيره من التجارب المعملية للعلماء النفسيون بجامعة (أوترخت) الهولندية أرادوا التحقيق بشكل أكثر توسعا في هذا.
بالنسبة للدراسة الحديثة التي قاموا بنشرها في مجلة العلم النفسي عرضوا صوراً إلكترونية من خلال الكمبيوتر لأشياء متنوعة مثل الأقلام، الزجاجات حتى أكثر من 200 من المستجيبين الذين شملهم الاستطلاع بينما تومض وجوه غاضبة، خائفة، أو خالية من التعبير على زوايا الشاشات.
بعد ذلك، لتحديد مسار تأثير هذه العلاقات الغير واعية، تم سؤال المشتركين عما إذا كانوا يرغبون في وضع الأشياء على شاشة الكمبيوتر، وسؤال البعض أيضا بالضغط على مقبض بأقصى ما يستطيعون لأنهم سيقدرون على ذلك لو فعلوه.
أوضحت النتائج أن الأشخاص الذين قامت عليهم الدراسة لم يميلوا إلى الأشياء التي ارتبطت بالوجوه الخائفة، حيث منحت النتيجة المتوقعة الطبيعة السلبية لهذا الشعور، أما بالنسبة للأشخاص الذين تعرضوا لأضواء الوجوه الغاضبة، فقد مالوا لها بشكل زائد وقاموا بالضغط على المقابض بقوة أكثر، معلنين استعدادهم لبذل الجهد للحصول على تلك الأشياء.
يقول العالم (آرتس) أن النتائج كانت مثيرة للدهشة حيث قال أن الغضب والخوف عادة رفيقين يسيران معا وأن الغضب يجعل الناس تشعر بالخوف، لكنهما عندما ينفصلان عن بعضهما البعض يصبح لكل واحدا منهما تأثيرات مختلفة عندما يتعلق الأمر بالأهداف.
ربما تعتبر النقطة الأكثر إثارة للدهشة هي النتائج التي أظهرتها دراسة متابعة لهذا وهي الآن رهن النشر، هذا وقد جرت الكثير من الدراسات التي أكدت أن الغضب من المشاعر الإيجابية ذات الحافز القوي القادر على منح قوة الدفع للإنسان حتى يحقق ما يرغب.
وهنا بعض فوائد الغضب التي يجب التعرف عليها:
– الغضب يمكن تمثيله كأداة تحفيزية.
– يرتبط الغضب بالأداء الأفضل.
– أعلن الباحثون بجامعة فالينسيا بأسبانيا اهتمامهم بما يحدث للجسم البشري عندما يكون في حالة غضب، وقد اتفقت هذه الدراسة مع نظرية على النفس التي تقر أن تفريغ المشاعر أفضل للصحة العقلية من تركها منغلقة أو مدفونة.
– يزيد التعبير عن الغضب من عملية تدفق الدم إلى أجزاء من المخ ترتبط بالمشاعر السعيدة.
– يعمل الجانب الأيسر من المخ بشكل أكثر تحفيزا في حالة الشعور بالغضب حيث تشمل المنطقة اليسرى الأمامية من المخ على المشاعر الإيجابية.
– يقول الخبراء أن الغضب يقود التغيرات الأساسية في الجسم البشري والتي تتحكم بدورها في عمل القلب والهرمونات.
– الغضب يمثل شعوار تنبيهيا بأن الشخص سيتعرض لبعض المشاعر السلبية مثل الاكتئاب والقلق فهو بذلك يحاول إبعادنا عن الضرر.
– قمع الغضب يسبب الاكتئاب، والعنف أو حب التملك، لذا يجب التعامل مع الغضب بطريقة صحية لأن هذا يساعد على توجيهه في الاتجاه الصحيح.
– يستطيع الغضب الصحي أن يعلمنا كيف نحل مشكلاتنا بدلا من توجيه اللوم.
لنغضب بطريقة صحية نقدم لك بعض الخطوات لإطلاق سراح هذا الغضب.
1- أولا خذ نفسا عميقا من خلال الأنف لمدة خمس ثوان وبعدها أخرج الزفير من خلال الفم لخمس ثوان أخرى، كرر هذا حتى تشعر بالهدوء.
2- إذا كنت غاضبا من شخص آخر حاول كتابة خطاب له بشكل عشوائي غير منظم، كما تشعر بداخلك وبعد الانتهاء منه قم بتمزيقه أو حرقه حتى لا يمكن لأحد العثور عليه وهذه طريقة مفيدة جدا.
3- تحدث مع شخص ليس له أي علاقة بما يغضبك وعبر بحرية عما بداخلك من غضب واكتئاب يمكن أن يكون هذا الشخص صديق أو قريب من العائلة.
4- يمكن التخلص من الغضب عن طريق القيام ببعض الأنشطة الجسمانية مثل رفع الأثقال، ضرب كيس الملاكمة، ركوب الدراجة واللعب مع أطفالك فاختر الطريقة التي تناسبك.
5- ضرب وسادة.
6- الصراخ داخل السيارة.
7- التمشية وركل الصخور والأشجار.
8- الرقص.
وفي النهاية تذكر عزيزي القاريء أننا جميعا نغضب لكن الطريقة التي نستجيب بها للغضب ونوجهه هي التي تحدد ما يترتب عليه من تأثيرات إيجابية أو سلبية، فإذا سمحنا للغضب بالانطلاق بطريقة صحية سوف تعتاد عقولنا على ذلك مع تكرار هذه الوسائل الفعالة، وبهذا نخلص أنفسنا من كثير من المعاناة التي نحن بغنى عنها.
يارب ما يكون مكرر