مال واقتصاد

لماذا تتراجع البورصة رغم تحسن المؤشرات الاقتصادية؟

«البورصة مرآة للاقتصاد»، هى بالتأكيد مقولة شهيرة وصحيحة تنطبق على أداء سوق المال فى أى دولة، معبرة عن رؤية المتداولين فى البورصة لمستقبل اقتصاد الدولة، ولكن العوامل التى يعتمد عليها تمثيل البورصة لمستقبل الاقتصاد كفيلة بتفسير ذلك التناقض الواضح بين الأداء السلبى للبورصة فى مصر وبين التحسن الواضح والإنجازات المتتالية للاقتصاد المصرى ومؤشراته الكلية التى تبدو جلية فى تحسن معدلات النمو وتراجع معدلات البطالة ووصول معدلات التضخم للمستهدفات المحددة مسبقاً من قبل البنك المركزى واستمرار الارتفاع فى احتياطى النقد الأجنبي.

ويفسر أحمد عبد الرحمن نائب رئيس البورصة هذا الوضع بأن البورصات على مستوى العالم وبشكل عام تقود النمو الاقتصادى وأفضل مرآة ومؤشر لحركة الاقتصاد، وهذا الأمر لكى يطبق على البورصة المصرية يتطلب تمثيلا كبيرا لجميع الشركات بالبورصة بقطاعات مختلفة، وكذلك عدد كبير من المستثمرين وتعمل إدارة البورصة المصرية من منظور سلسلة القيمة المُضافة لتعزيز جانب العرض لتحسين كل ماهو معروض عبر جذب شركات جديدة للقيد ورفع كفاءة الإفصاحات باللغتين العربية والإنجليزية، فضلا عن جانب الطلب بتحسين قنوات التواصل مع المجتمع لزيادة عدد المستثمرين، والجانب الثالث هو تحسين بيئة التداول عبر إتاحة وتفعيل آليات ومنتجات مالية جديدة تسهم فى تنويع الخيارات الاستثمارية أمام المستثمرين لتعزيز التداول والسيولة.

وأكد عبد الرحمن أن إدارة البورصة أجرت اجتماعات مكثفة مع شركات بقطاعات اقتصادية مختلفة لتعريفها بمزايا وإجراءات القيد وستصدر البورصة تقريرا مفصلا خلال أيّام عن أداء نظام الـ CRM الجديد وما أسفرت عنه الاجتماعات التى تمت مع الشركات لتعريفها بمزايا وإجراءات القيد بالبورصة.

وأوضح محمد سعيد خبير فى أسواق المال أن من أهم الشروط التى يمكن أن تعزز تمثيل البورصة للاقتصاد هو اتساع السوق وتمثيل الشركات فيها بأكبر عدد ممكن وارتفاع القيمة السوقية للشركات بأكبر قيمة سوقية ممكنة وهى ما تفتقر إليه البورصة المصرية التى تتسم بحجم صغير سواء من حيث قيمتها السوقية التى تكاد تصل إلى 770 مليار جنيه مصري، أو من حيث العدد الذى يصل إلى 180 شركة فقط ينشط التداول اليومى عليها بشكل يومي.

وأكد أن البورصة المصرية تفتقر إلى تمثيل عدد من القطاعات الاقتصادية بشكل كامل كمثال القطاع الزراعي، كما تنخفض نسبة تمثيل بعض القطاعات لدرجة تكاد لا تذكر ومنها القطاع التكنولوجى والقطاع السياحي، وتلك أيضا من أسباب تراجع تمثيل أداء اقتصاد الدولة فى تداولات البورصة، مضيفا أن هناك عوامل أخرى خارجية من شأنها التأثير على العلاقة المذكورة منها التوترات السياسية فى المنطقة كالأحداث المرتبطة بمضيق هرمز بالخليج العربى وتصاعد الحرب التجارية بين العملاقين الاقتصاديين الولايات المتحدة والصين،

وبالرغم من ذلك وبالرغم من العوامل العكسية الكثيرة فإن الاتجاه الرئيسى للبورصة طويل الأجل ما زال معبرا بشكل كبير عن أداء الاقتصاد وأداء الشركات وهو بالطبع لا يمثل ذلك فى تذبذباته قصيرة الأجل التى تتأثر بشكل أكبر بالأخبار وبوتيرة لا تتفق وتذبذبات الأداء الاقتصادى البطيئة.

وأوضحت نجلاء فراج خبير أسواق المال أن الكثير من الشركات لا يعبر قيمة سهمها عن قيمة الشركة الحقيقية، بل فى العديد من الحالات يكون سعر السهم أقل من قيمته الدفترية، ومن أسباب ذلك أن رأس المال المستثمر فى البورصة المصرية لا يتخطى 14% من الناتج المحلي، كذلك بسبب انخفاض نسبة الشركات المقيدة بالبورصة مقارنة بالشركات المكونة للاقتصاد عامة، وبالتالى فالبورصة تعتبر مرآة لجزء من الاقتصاد لا يتعدى 15%.

وأكد محمد الدهشورى محلل فى أسواق المال أن لدى البورصة المصرية العديد من التحديات يأتى على رأسها انخفاض أعداد المتداولين النشيطين بشكل عام وهو الأمر الذى يعكس حالة من عدم الوعى المجتمعى تجاه البورصة وأهميتها وعدم حسم بعض الأمور بشكل واضح وصريح كضريبة التمغة وغيرها من الأمور المشابهة وهو الامر الذى جعل هناك حالة من الترقب بالسوق لفترات قد تكون طويلة نسبيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى