الأهمية النسبية والمراجعة Materiality & Auditing
يحتاج المراجعون في مجال تخطيطهم وتنفيذهم لعملية المراجعة إلى إتخاذ قرارات فيما يتعلق بكيفية المضي في العمل والإختيار من بين البدائل في مجال التنفيذ ، إذ يجب عليهم أن يحددوا كيفية إجراء الفحص ومدى ونطاق وعمق الإختبارات وطبيعة وحجم الدليل الواجب الحصول عليه كما يجب عليهم أن يحددوا ردود أفعالهم وتحديد مجالات الفحص التي يجب تطويرها ، وما هي القرارات الأولية التي ينبغى تعديلها المتعلقة بالأدلة المطلوبة كنتيجة لما اكتسبوه من معرفة خلال عملية الفحص ، وفي الأخير
عليهم أن يحددوا ما الذي يجب أن يحتوى عليه الرأي عند كتابة تقرير المراجعة وأية غجراءات أخرى يجب أن يتخذوها للوفاء بمسئولياتهم بناء على المعلومات التي حصلوا عليها اذا ما تطلب الأمر ذلك .
وتتوقف كافة هذه القرارات على مدى أهمية هذه الأمور في ذهن المراجعين وهو ما يطلق عليه في المراجعة بالأهمية النسبية Materiality وقد عرفت لجنة معايير المحاسبة الدولية الأهمية النسبية بما يلي (( تكون المعلومات ذات أهمية نسبية إذا كان حذفها أو عرضها بصورة خاطئة يؤثر على القرارات الإقتصادية لمستخدمي المعلومات وتعتمد الأهمية النسبية على حجم البند أو الخطأ المكرر في الظروف الخاصة بحذفه أو تقديمه بصورة خاطئة )) .
العوامل التي تؤدي إلى زيادة الإهتمام بمراعاة الإهمية النسبية :
1- الأهمية النسبية المحاسبية :
تمثل الأهمية النسبية في المحاسبة نفس الأهمية النسبية في المراجعة نظراً لأن الأهمية النسبية المحاسبية هي التي تحدد البيانات والمعلومات التي تتضمنها القوائم المالية والتي تؤثر في فهم وقرارات الأفراد الذين يستخدمون هذه المعلومات ومن ثم فإن الأمور التي تعد ذات أهمية نسبية في مجال المحاسبة تكون هي نفس الأمور ذات الأهمية النسبية في المراجعة وبالتالي يجب على المراجع مراعاة كيف يكون الدليل مقنعاً بالنسبة لها عند تخطيط عملية المراجعة .
وتتخذ الأهمية النسبية المحاسبية للمعلومات والبيانات من خلال التعرف على إحتياجات مستخدمي القوائم المالية من هذه المعلومات فالإفصاح عن معلومات تؤدي إلى التأثير على قرارات المستثمرين تعتبر ذات أهمية نسبيه محاسبية .
2- نقاط الرقابة الهامة في الأنظمة المحاسبية وأنظمة الرقابة:
من المعلوم أن المراجعين يستخدمون أحكامهم الشخصية في تحديد أجزاء الفحص والمراجعة والتي يتم الاقتصار فيها على العينات ومكونات العينة التي تخضع لهذا الفحص ولذا يحتاج المراجعون إلى تكوين أحكامهم الشخصية بناء على الثقة في النظام المحاسبي وأنظمة الرقابة وعلى مدى إمكانية الاعتماد على البيانات والمعلومات التي تتضمنها القوائم المالية .
وتؤدي عملية تقييم النظام المحاسبي من قبل المراجع إلى تكوين فكرة عن نقاط الرقابة الهامة اللازمة لتحقيق التكامل في النظام المحاسبي وفي المعلومات والبيانات ، وتمثل مدى كفاية نقاط الرقابة الهامة أهمية بالنسبة للمراجعين باعتبارها مصادر للدليل الذي من خلاله يتم التحقق من المعلومات والبيانات التي ينتجها النظام المحاسبي .
3- مجالات الضعف الحرجة في الأنظمة المحاسبية وأنظمة الرقابة .
وبنفس الطريقة فإن تقييم النظام المحاسبي وأنظمة الرقابة ينطوي على تكوين فكره عن نقاط الضعف في النظام المحاسبي وتشغيله ونظراً لأن الضعف يؤثر في ثقة المراجع في مدى إمكانية الاعتماد على النظام بصورة شاملة أو جزئية أو في مصداقية البيانات أو المعلومات ومن ثم يجب على المراجع أن يخطط عملية المراجعة للوصول إلى دليل مقنع وكاف من مصدر أو مصادر أخرى .
ويجب ملاحظة أن المراجع ينفذ أحكاماً مبدئية بشأن مستويات الأهمية النسبية عند تخطيط عملية المراجعة مع مراعاة أن هذه الأهمية النسبية قد تختلف كلية عن مستويات الأهمية النسبية المستخدمة في نهاية عملية المراجعة عند تقييم نتائج عملية المراجعة نتيجة إلى تغير الظروف المحيطة من ناحية أو الحصول على معلومات إضافية أثناء أداء عملية المراجعة من ناحية أخرى .
ويجب على المراجع أن يمارس أحكام الأهمية النسبية عند مستويين هما :
1- مستوى القوائم المالية : حيث أن رأي المراجع عن عدالة التمثيل والعرض تمتد إلى القوائم المالية كوحدة واحدة .
2- مستوى رصيد الحساب : حيث يتحقق المراجع من أرصدة الحسابات بغية التوصل إلى نتيجة شاملة عن عدالة تمثيل وعرض القوائم المالية .
وفيما يلي شرح موجز لهذين المستويين :
1- التقديرات المبدئية للقوائم المالية ككل : يستخدم المراجع الأهمية النسبية في نخطيط عملية المراجعة وفي تقييم الأدلة بعد القيام بالمراجعة وفيما يتعلق بالتخطيط يحتاج المراجع إلى تقديرات الأهمية النسبية لأنه توجد علاقة عكسية بين القيم التي يعتبرها المراجع هامة في القوائم المالية ومقدار أعمال الفحص اللازمة لإبداء الرأي بخصوص مدى عدالة القوائم المالية .
وتعتبر القوائم المالية بها تحريف جوهري عندما تتضمن أخطاء ومخالفات ذات أثار هامة سواء فردياً أو على المستوى الإجمالي على عدالة تمثيل وعرض القوائم المالية وفي هذا الصدد يمكن أن تنتج التحريفات من سوء تطبيق المبادئ المحاسبية المتعارف عليها أو التفسير غير السليم لها أو إسقاط وحذف معلومات ضرورية ، لذلك عند تخطيط عملية المراجعة يجب أن يحدد المراجع التقديرات المبدئية للأهمية النسبية وذلك بإختيار قيمة نقدية معينة فإذا كان إجمالي الأخطاء والمخالفات أعلى من هذه القيمة فإن القوائم المالية تكون محرفة تحريفاً جوهرياً .
ومع ضرورة إدراك المراجع بإمكانية وجود أكثر من مستوى أو تقدير واحد للأهمية النسبية المرتبطة بالقوائم المالية ، فبالنسبة لقائمة الدخل يجب أن ترتبط الأهمية النسبية بإجمالي الإيرادات أما بالنسبة لقائمة المركز المالي فيمكن أن تعتمد الأهمية النسبية على إجمالي الأصول أو الأصول المتداولة أو رأس المال العامل أو إجمالي حقوق ملكية حملة الأسهم مع ملاحظة أن التقديرات المبدئية للأهمية النسبية يتم تحديدها من قبل المراجع للمستوى الإجمالي لكل قائمة .
ولا يقتصر قرار الأهمية النسبية على مجرد الإختيار الكمي لقيمة نقدية وحيدة كأساس لبداية الأهمية في القوائم المالية إذ أن هناك عدد من العوامل التي يجب على المراجع أن يأخذها في الحسبان منها :
* علاقة الخطأ بقيم أساسية معينة في القوائم المالية مثل : صافي الربح قبل الضريبة الظاهر في قائمة الدخل وكذلك إجمالي الأصول الظاهره في قائمة المركزالمالي وغيره من الأمثلة .
* عوامل نوعية معينة مثل احتمال وجود مدفوعات غير قانونية أو احتمال حدوث أوجه عدم إنتظام وغيره من الأمثلة وتجدر الإشارة إلى أن العوامل السابقة ليست شاملة فهي مجرد بعض أمثلة .
2- التقديرات المبدئية للحسابات الفردية :
على الرغم من أن المراجع يبدئ الرأي في القوائم المالية كوحدة واحدة إلا أنه يجب أن يقوم بمراجعة حسابات فردية لتجميع الأدلة اللازمة لإبداء هذا الرأي وهذا يعني أن التقدير المبدئي الإجمالي للأهمية النسبية لأغراض التخطيط يجب أن يتم تجزئته إلى قيم توزع على الحسابات الفردية التي تشتمل عليها القوائم المالية موضع الفحص ويطلق على ذلك الجزء من الأهمية النسبية الذي يتم تخصيصه لكل حساب من الحسابات الفردية بالخطأ المسموح به لذلك الحساب .
ويوجد العديد من الطرق التي يمكن استخدامها لتوزيع الأهمية النسبية الإجمالية للقوائم المالية على الحسابات الفردية ، وإحدى هذه الطرق أن يخصص لكل حساب نسبة مئوية من الأهمية النسبية الإجمالية للقوائم المالية على أساس نسبة رصيد هذا الحساب إلى إجمالي أرصدة الحسابات وعل الرغم من بساطة هذه الطريقة إلا أن المراجع قد يلجأ إلى طرق أخرى وذلك للاعتبارات التالية:
1- احتمال وجود تحريفات في الحسابات بدرجة مختلفة فبعض الحسابات يمكن أن تتعرض للأخطاء بدرجة أكبر أو أقل من الحسابات الأخرى التي لا يدل عليها رصيدها النقدي بذلك .
2- التكلفة المحتملة للتحقق من الرصيد فعادة ما تكون إجراءات مراجعة حساب معين تتطلب جهداً أكبر وتكلفة أكثر مقارنة بحساب أخر .
3- قد يعتقد المراجع بناء على خبرة السنوات السابقة أنه توجد حسابات معينة من الممكن أن تتعرض للأخطاء بصورة أكبر .