بيع التقسيط Installment Sale
فكر رجال الأعمال منذ سنوات عن أساليب مغرية لترويج مبيعاتهم وتصريف انتاجهم وتشجيع العملاء على الشراء بتسهيل طريقة دفع الثمن وتوصلوا إلى أسلوب البيع بالتقسيط فوجدوا فيه تنشيطاً للحركة التجارية وتصريفاً لمنتجاتهم عقب الموجات المتلاحقة من ارتفاع الأسعار ، إذ أتاحوا للمشتري فرصة الحصول على السلعة والتمتع بميزة سداد الثمن على دفعات لا يشعر بعبئها .
وبالرغم من أن أسلوب البيع بالتقسيط انتشر في بداية الأمر في مجال العقارات والسلع المعمرة مرتفعة الثمن إلا أنه انتشر في السنوات الأخيرة بيع كثير من المنتجات بعقودالبيع بالتقسيط وزاد عدد الذين يزاولون هذا النوع من النشاط وعدد من ينتفعون به من عملاء حتى أصبح ضرورياً إحاطة هذا النوع من التعامل بالمقومات التي تجعله يؤدي الغرض منه ،
فيحصل المشتري على حاجته بشروط ميسرة ويضمن التاجر تحصيل ديونه في مواعيدها بحيث لا يتعرض التعامل التجاري إلى هزات قد تؤثر تأثيراً سيئاً على درجة الإئتمان .
وعند البيع بالتقسيط قد تواجهنا نحن معشر المحاسبين بعض المشكلات الصعبة ومن أهم هذه المشكلات المقابلة بين التكاليف والإيراد ومن التساؤلات المطروحة في هذا الصدد : هل يعترف بمجمل الربح الناتج عن عملية البيع بالتقسيط في الفترة الزمنية المحاسبية التي تمت فيها عملية البيع ؟ أم يوزع مجمل الربح على مدى الفترة الزمنية لعقد البيع ؟ وما هو الأسلوب الواجب اتباعه في معالجة التكاليف التي تحدث في الفترات التالية لعملية البيع ؟ ثم ما هي الإجراءات المحاسبية الواجبة في حالات اعسار المشتري وتخلفه عن السداد ، وفي حالة رغبته في استبدال السلعة المباعة وأخيراً في حالة استعادة البائع السلعة المباعة من المشتري وإلغاء عقد البيع ؟
وعلى الرغم من المشكلات المحاسبية التي نشأت عن البيع بالتقسيط إلا أنه يمكننا القول بأن هذا الأسلوب سوف يظل واحداً من المظاهر الأساسية للاقتصاد المعاصر ولذلك يتعين على المحاسبين دراسة هذه المشكلات وتبني أكثر الطرق المحاسبية فعالية بما يمكن من قياس نتيجة عمليات البيع بالتقسيط والرقابة عليها والتقرير عنها ، ولا شك يعتبر البيع بالتقسيط واحداً من المشكلات النظرية العديدة التي تواجه المحاسبين وهم بصدد بناء إطار نظري متكامل ومتسق للمبادئ المحاسبية ، لذلك فأنا في مدونة المحاسب الأول وفي هذه التدوينة الأولية سأقوم بمحاولة بيان النظام المحاسبي والذي يناسب المشروعات التي تبيع بعقود البيع بالتقسيط وتصميم القيود والدفاتر والحسابات التي تتناسب وطبيعة عمليات هذه العقود واستخراج نتيجتها من أرباح وخسائر .
خصائص عقود البيع بالتقسيط
يعتبر البيع بالتقسيط واحداً من مظاهر الحياة الإقتصادية المعاصرة ولقد انتشر هذا الأسلوب على كثير من أنواع السلع ، وأدى استخدامه إلى زيادة حجم انتاج هذه السلع وتسويقها إلى حد لم يكن من المستطاع تحقيقه في ظل أسلوب البيع النقدي أو البيع على الحساب لأجل ، ويمثل عقد البيع بالتقسيط اتفاقاً بين البائع والمشتري تنتقل ملكية السلعة بمقتضاه من الأول إلى الثاني للانتفاع بها نظير سداد عدد محدد من الأقساط الدورية المتساوية ويعتبر كل قسط يسدده المشتري بمثابة سداد لجزء من ثمن البيع المتفق عليه .
ونظراً إلى أن الحالة المالية للعملاء الذي يشترون بالتقسيط تكون أضعف من أولئك الذين يشترون نقداً أو لأجل محدد إضافة إلى احتمال تغير المركز الإئتماني لهؤلاء العملاء وانخفاض قدرتهم على الدفع بدرجة ملحوظة خلال فترة سريان عقد البيع بالتقسيط فإن خسائر الإئتمان ومخاطر عدم التحصيل تتزايد بدرجة كبيرة في حالة البيع بالتقسيط .
وحتى يتجنب البائعون بالتقسيط مخاطر عدم تحصيل المستحق لهم فقد أختاروا نوعاً من العقود يطبق عليه ” عقد بيع تأجيري ” تمكنهم شروطه من استرداد السلعة المباعة إذا توقف المشتري عن سداد الأقساط المستحقة عليه ، وإذا استرد البائع السلعة لعدم سداد المشتري الأقساط المستحقة عليه فلا يحق للمشتري المطالبة بأي جزء مما يكون قد دفعه من أقساط سابقة ويعود للقاضي تقدير الضرر الذي أصاب المشتري إذا كان توقفه عن الدفع بسبب ظروف قاهرة .
وعادة يطرأ نقص على قيمة السلعة المباعة بسبب الاستخدام أو التقادم التكنولوجي أو غيره من العوامل إلى الحد الذي يجعل قيمة هذه السلعة في تاريخ معين أقل من رصيد الأقساط المستحقة على المشتري لذا يتضمن عقد البيع بالتقسيط حصول البائع على دفعة نقدية ” كمقدم ثمن ” لتغطية الخسائر التي تطرأ على قيمة السلعة المباعة ، والقاعدة المنطقية في هذا الصدد أن لاتقل الدفعة النقدية المقدمة التي يسددها المشتري عن الانخفاض المتوقع في قيمة السلعة المباعة فعلى سبيل المثال إذا اشترى أحد الأفراد سيارة بالتقسيط ثم اكتشف بعد مرور سنة أن قيمتها الجارية في السوق أقل من رصيد الأقساط المستحقة عليه فعندئذ سوف ينخفض لديه الحافز على الاستمرار في دفع الأقساط .
وحتى تتفادى الشركة البائعة هذا النوع من المخاطر فإنها تلجأ عادة إلى الحصول على دفعة نقدية مقدمة تزيد بعد اضافتها إلى مبلغ القسط أو الأقساط المحصلة في السنة الأولى عن الانخفاض المتوقع في القيمة الجارية للسيارة المباعة .
ونتيجة لما تقدم يمكنني القول بأن ثمن البيع بالتقسيط هو عبارة عن مجموع مبالغ الأقساط التي يتعهد المشتري بسدادها اضافة إلى مقدم الثمن أي أن ثمن البيع بالتقسيط = مجموع مبالغ الأقساط + مقدم الثمن ( 1 ) وكما هو معروف يتألف ثمن البيع النقدي من عنصرين أساسيين هما :
1- ثمن التكلفة ويعبر بالنسبة للبائع عن تكلفة شراء السلعة أو تكلفة صنعها .
2- مقدار الربح ويعبر عن نسبة محددة لمجمل الربح يرى فيها المشروع عائداً ملائماً لاستثماراته وعليه فإن :
ثمن البيع النقدي = ثمن التكلفة + مجمل الربح ( 2 )
ومن جهة أخرى ونظراً لأن البائع ينتظر فتر من الزمن حتى يتمكن من تحصيل ثمن البيع كاملاً ، فإن عقد البيع بالتقسيط يتضمن عادة تحميل المشتري بفائدة على الجزء غير المسدد من ثمن البيع النقدي ويمعدل سنوي يتفق عليه وتمثل هذه الفائدة تعويضاً عن الفرصة الضائعة على البائع نتيجة تخليه عن السلعة وتحصيل قيمتها تدريجياً على شكل أقساط دورية وتحتسب الفائدة على أساس بسيط أو مركب إلا أن الفائدة المركبة هي المتبعة في الحياة العملية .
ونتيجة لذلك فإن ثمن البيع بالتقسيط يتكون من ثمن البيع النقدي مضافاً إليه جملة الفوائد التي تحتسب على رصيد الثمن النقدي عند سداد كل قسط أي أن ثمن البيع بالتقسيط = ثمن البيع النقدي + جملة الفوائد ( 3 )
وعليه واستناداً الى المعادلتين ( 1 ، 3 ) نتين أن :
مجموع مبالغ الأقساط + مقدم الثمن = ثمن البيع النقدي + جملة الفوائد ( 4 )
حساب أقساط وفوائد البيع بالتقسيط
سبق وأن أشرت إلى أنه في عمليات البيع بالتقسيط يتم الاتفاق على أن يتحمل المشتري بفوائد على الجزء غير المسدد من ثمن البيع النقدي وبشكل يقوم فيه هذا المشتري بسداد رصيد ثمن البيع النقدي مضافاً إليه جملة الفوائد على أقساط دورية متساوية .
ولما كان مجمل الربح يتمثل في زيادة ثمن البيع النقدي عن ثمن تكلفة السلعة المباعة فإن الفوائد المحققة عن البيع بالتقسيط لا تعتبر من جهة جزءاً من مجمل الربح وانما تعتبر نوعاً من الإيراد يرحل إلى الجانب الدائن من حساب الأرباح والخسائر ، ومن جهة ثانية ولآن الفوائد تتحقق جزئياً خلال الفترات الزمنية المتتالية على أساس الأقساط المحصلة فعلاً لذا فانها ترحل الى حساب الأرباح لكل فترة بحيث تستفيد كل دورة بفوائد الأقساط التي يتم تحصيلها خلال هذه الدورة .
وفيما يلي حساب كل من الأقساط والفوائد في حالة الاتفاق على سداد دفعه نقدية مقدماً وسداد باقي الثمن على أقساط دورية متساوية وبفائدة مركبة باعتبارها الحالة الأكثر شيوعاً واستخداماً في الحياة العملية ، فمن جهة وعلى اعتبار أن كلاً من البائع والمشتري يتفقان على ثمن البيع النقدي وعلى مقدم الثمن فإنه يمكننا من المعادلة رقم ( 4 ) استنتاج ما يلي :
ثمن البيع النقدي – مقدم الثمن = مجموع مبالغ الأقساط – جملة الفوائد ، ومن جهة أخرى ونظراً إلى أن كلاً من فترة التقسيط وعدد الأقساط ومعدل الفائدة هي موضع اتفاق بين البائع والمشتري فإنه يمكننا من خلال جدول ايجاد قيمة دفعه عادية لسداد قرض استنتاج مبلغ القسط الدوري ، وعلى ذلك يحدد مبلغ القسط الدوري بأن يضرب الجزء الغير مسدد من ثمن البيع النقدي ( ثمن البيع النقدي – مقدم الثمن ) في الرقم المستخرج من جدول ايجاد قيمة دفعه عادية لسداد قرض تحت معدل الفائد وفترة التقسيط المتفق عليها .
مثال : 01 / 10 / 2010 تم الاتفاق والتعاقد بين شركة المحاسب الأول للمقاولات وشركة طاهر الحبابي لصناعة الآلات على شراء آلة بالشروط التالية :
1- ثمن البيع النقدي للآلة 25000 ريال
2- تسدد شركة المحاسب الأول للمقاولات دفعه نقدية قدرها 5000 ريال عند توقيع العقد .
3- تسدد شركة المحاسب الأول رصيد ثمن الآلة على أربعة أقساط سنوية متساوية .
4- تحتسب الفائدة بمعدل 7 % سنوياً .
والمطلوب : حساب القسط السنوي لسداد قيمة الآلة وحساب مقدار الفوائد التي جنتها شركة طاهر الحبابي لصناعة الآلات .
الحل :
1- حساب القسط السنوي : لحساب القسط السنوي علينا أن نبحث في جدول ايجاد قيمة دفعه عادية لسداد قرض تحت معدل فائدة مقداره 7% ولمدة 4 فترات زمنية فنجد الرقم ( 29522812 , 0 ) وبضرب هذا الرقم في الجزء غير المسدد من ثمن البيع نحصل على القسط الدوري السنوي لسداد قيمة الآلة وذلك كالتالي :
( 5000-25000 ) 29522812 , 0 = 5904,56 ريال
2- حساب الفوائد : يشمل كل قسط من الأقساط الدورية السنوية على جزء مسدد من ثمن البيع النقدي اضافة إلى الفائدة على رصيد هذا الثمن في أول كل مدة وذلك على النحو التالي :
السنة الأولى
رصيد الثمن النقدي أول السنة = 20000 ، الفائدة 7 % = 20000 * 7 % = 1400 ، القسط = 5904,56 ، المسدد من الثمن النقدي = 5904,56-1400 = 4504,56 وبالتالي فرصيد الثمن النقدي أخر السنة = 20000-4504,56 = 15495,43 ريال
السنة الثانية
رصيد الثمن أول السنة = 15495,43 ، الفائد = 15495,43*7% = 1084,68 ، القسط = 5904,56 ، المسدد من الثمن النقدي = 5904,56-1084,68 = 4819,88 وبالتالي فرصيد الثمن أخر السنة الثانية = 15495,43-4819,88 = 10675,55
وهكذا حتى السنة الرابعة بحيث نحصل على ثمن البيع بالتقسيط = 28618,24 والذي يمثل مقدم الثمن 5000 + مجموع مبالغ الأقساط 23618,24
ويجب الملاحظة أن الفائد السنوية على الرصيد غير المسدد من ثمن البيع النقدي تتناقص سنوياً بسبب تناقص الرصيد بمقدار ما يسدد من كل قسط ، كذلك يجب الملاحظة أن الجزء المسدد من ثمن البيع النقدي يتزايد بسبب ثبات القسط السنوي وتناقص مقدار الفائدة السنوية .
مما سبق يتبين أنه يجب الاتفاق على التاريخ الذي تتحقق فيه الأرباح من عملية البيع بالتقسيط فسداد الأقساط قد يمتد إلى سنوات عديدة الأمر الذي يتطلب ضرورة تحديد الأرباح التي تستفيد منها كل دورة مالية حتى لا يقع المشروع في خطأ توزيع أرباح لم تتحقق بعد نتيجة عدم تحصيل كافة الأقساط .
تحديد أرباح عمليات البيع بالتقسيط
من الناحية المحاسبية المحاسبية يتمثل الهدف الرئيس من معالجة عمليات البيع بالتقسيط في محاولة تحديد توقيت الاعتراف بتحقق الأرباح واثباتها في الدفاتر وتعني فكرة تحقق الأرباح أن الجزء المحقق من مجمل الربح خلال فترة محاسبية معينة هو الذي يرحل الى الجانب الدائن من الحسابات الختامية تمهيداً للوصول الى صافي الربح المحاسبي .
وتعتبر عملية تحديد محمل ربح عمليات البيع بالتقسيط مشكلة معقدة ويرجع السبب في ذلك إلى صعوبة التعرف على الربح وعلى ما يتربط به من تكاليف ومصروفات في الفترة المحاسبية التي تمت فيها عملية البيع ، فهناك قدر كبير من المصروفات التي قد تحدث في الفترات المحاسبية التالية كمصروفات التحصيل والمحاسبة واسترداد السلعة من المشتري في حالة توقفه عن الدفع اضافة إلى مصروفات اصلاح هذه السلعة وفي حالات كثيرة قد تكون مخاطر توقف المشترين عن السداد مرتفعة إلى درجة كبيرة مما يشكك في إمكانية الاعتراف بتحقق الرح وقت البيع .
وبناء على ذلك نجد أن الهدف المحاسبي الأول يتمثل في وجوب المقابلة المعقولة بين التكاليف والإيراد ونظراً لتباين الظروف في مجتمع الأعمال فقد اختلفت الآراء الخاصة حول الاعتراف بتحقق الربح على تلك العمليات فمن المحاسبين من يرى ارتباط تحقق هذا الربح بأساس الاستحقاق ومنهم من يرى ارتباطه بأساس التحصيل النقدي في حين يرى أخرون ارتباطه بأساس استرداد التكلفة وفيما يلي سأقوم بمحاولة مناقشة هذه الآراء حتى تتضح الصورة بشكل جلي :
أ – أساس الإستحقاق
يعتبر أساس الاستحقاق المحاسبي بتحقق الأرباح الأكثر استخداماً في الحياة العملية وتكتمل وفق هذا الأساس دورة تحقق الربح مع إتمام عملية البيع وتسليم السلعة الى المشتري إذ أنه عند هذه النقطة الزمنية في دورة تحقق الربح يكون المشروع قد حقق الحدث الرئيس المؤدي إلى تحقق هذا الربح وفي نفس الوقت توافر الدليل الموضوعي لوجود عملية تبادلية تمكن من قياس قيمة هذا الربح أو مقداره .
ويتماشى أساس الاستحقاق مع المبادئ والفروض والمفاهيم الأساسية المتعارف عليها للمحاسبة وبصفة خاصة من حيث الموضوعية والأهمية النسبية وامكانية التطبيق والتحفظ ، حيث أن حدوث واقعة البيع يكون بمثابة حدوث واقعة متميزة وواضحة ومحددة وقابلة للقياس الموضوعي لذلك فإن إجراء قيود تحقق الأرباح في لحظة البيع يعبتر إجراء عملياً وعندئذ يتمثل مجمل الربح المحقق لمبيعات التقسيط في زيادة ثمن البيع النقدي على ثمن تكلفة السلعة وفي هذه الحالة تجرى القيود اليومية التالية :
*** من ح مديني مبيعات التقسيط
*** الى ح مبيعات التقسيط
وعند اتباع المشروع لطريقة الجرد المستمر فانه ينبغي تحويل تكلفة السلعة المباعة من حساب المخزون الى حساب تكلفة مبيعات التقسيط وذلك بالقيد التالي :
*** من ح تكلفة مبيعات التقسيط
*** الى ح المخزون
وفي مجال المحاسبة عن عمليات البيع بالتقسيط فإن النقد الذي يوجه إلى أساس الاستحقاق المحاسبي هو في تجاهله لحق البائع في استرداد السلعة المباعة من جهة وفي تجاهله بدرجة كبيرة نسبياً لعدم التأكد من امكانية تحصيل كافة الأقساط مع عدم وجود أساس معقول لتقدير المخاطر المترتبة على عدم امكانية التحصيل ( تقدير الديون المشكوك في تحصيلها ) اضافة الى تجاهله مصروفات الفترات المحاسبية التالية .
ب – أساس استرداد التكلفة
في مجال المحاسبة عن عمليات البيع بالتقسيط يمكن القول إن الربح لا يتحقق إلا بعد واقعة استرداد تكلفة السلع المباعة لانه عند هذه النقطة الزمنية يكون المشروع قد أنجز الأحداث الرئيسية من دورة تحقق الربح ( البيع والتسليم ، توافر الدليل الموضوعي لقياس القيمة الحقيقية للربح ) ، وفي ظل هذا الأساس لا يعتبر مجمل ربح مبيعات التقسيط قد تحقق إلا بعد استرداد تكلفة السلع المباعة أولاً واية مبالغ يتم تحصيلها من المشترين بعد استرداد كل التكاليف تسجل كربح اجمالي محقق أي أن مجمل الربح المحقق يتمثل في مبالغ الأقساط الأخيرة التي يتم تحصيلها .
ويتفق هذا الأساس مع معايي المحاسبة المتعارف عليها وخاصة من حيث الموضوعية والأهمية النسية والقابلية للتطبيق والتحفظ ومع ذلك يوجه النقد الى استخدام أساس استرداد التكلفة في مشروعات البيع بالتقسيط لأنه يعطي صورة مشوهة لمقدرة المشروع على تحقيق الربح ولمركزه المالي وذلك لأن مجمل ربح الفترة المحاسبية الحالية سوف يتحقق عن المبيعات النقدية وعن مبيعات التقسيط التي تمت في الفترة أو الفترات السابقة طالما أن تحصيل الأقساط الأخيرة تم خلال هذه الفترة الحالية ، ومن جهة أخرى يعترف اساس استرداد التكلفة فقط بالمصروفات الجارية للفترة المحاسبية التي تحقق الربح خلالها ويتجاهل بنوداً كثيرة لمصروفات تحملها المشروع على مدى فترات محاسبية متتالية بعد عملية البيع والتسليم ولهذا السبب وذاك فمن النادر استخدام أساس استرداد التكلفة في الحياة والممارسة العملية .
ج – اساس التحصيل النقدي
في مشروعات البيع بالتقسيط تكون عادة درجة عدم التأكد من تحصيل مبالغ الأقساط كبيرة نسبياص اضافة إلى عدم وجود أساس معقول لتقدير المخاطر الناتجة عن عدم امكانية التحصل وفي مثل هذه الحالات تمثل نقطة التحصيل النقدية وليست نقطة البيع والتسليم الحدث الرئيس في دورة تحقق الأرباح لأنه عند هذه النقطة الزمنية تكون درجة عدم التأكد المحيطة بتحقق هذه الأرباح قد انخفضت الى مستوى معقول ، وفي ظل هذا الأساس يتم تأجيل الاعتراف بوجود الأرباح حتى يتم تحصيل قيمتها نقداً وعليه فان مجمل ربح مبيعات التقسيط يتحقق عن المتحصلات النقدية للأقساط خلال فترة عقد البيع أي أن كل قسط من الأقساط يقوم المشروع بتحصيل قيمته نقداً فإن مبلغ هذا القسط يتضمن جزءاً من تكلفة السلعة المباعة وجزءاً من مجمل الربح الذي تحقق نتيجة التحصيل اضافة إلى مقدار معين من الفائدة .
وأيضاً يتفق هذا الأساس مع معايير المحاسبة المتعارف عليها من حيث الموضوعية والأهمية النسبية والقابلية للتطبيق والتحفظ وهو الأساس الذي يجري استخدامه في الحياه العملية من قبل مشروعات البيع بالتقسيط ويبرر استخدامه في مثل هذه المشروعات طول الفترة الزمنية اللازمة لتحصيل الأقساط ووجود احتمال اعدام الدين ، اضافة الى مصروفات التحصيل وخدمة العملاء التي يتحملها المشروع في فترات تالية لفترة البيع والتسليم مما يبرر تأخير الاعتراف بتحقق الأرباح حتى تتم عملية التحصيل .
مما سبق أجد أن الأسس الثلاثة متفقة مع معايير المحاسبة المتعارف عليها وأجد أن لكل منها اعتباراته ، فالأساس الأول يعتمد على التمادي في التفاؤل بتحصيل جميع الأقساط واستبعاد احتمال وقوع الخسائر في حين يعتمد الأساس الثاني على التمادي في التشاؤم بعدم تحصيل جميع الأقساط وتغليب احتمال وقوع الخسائر .
أما الأساس الثالث فهو وسط بين الأساسين المتطرفين السابقين حيث لا داعي للتفاؤل المتطرف أو التشاؤم المتطرف ، لذا فإنه عند رسم السياسة المالية وتصميم النظام المحاسبي لعمليات البيع بالتقسيط يفضل معظم المحاسبين ومن ضمنهم المحاسب الأول في اعتماد أساس التحصيل النقدي لمعالجة أرباح هذه العمليات لانه باتباع هذا الأساس فإن مجمل الربح لا يتحقق كاملاً بمجرد تحصيل القسط الأول ولا يؤخر تحقيقه حتى تحصيل القسط الأخير .