اعداد محاسب

ماهية وخصائص التمويل الإسلامي ودوره في معالجة الأزمات المالية

1) ماهية التمويل الإسلامي : التمويل الإسلامي هو نوع من التمويل ، أو على

الأصح أسلوب في التمويل يستند إلى قاعدة فقهية معروفة ومهمة وهي أن الربح يستحق في الشريعة بالملك أو بالعمل وهو ما يعني أن عنصر العمل يمكن أن يدخل النشاط الاقتصادي على أساس الربح ، فالتاجر الذي لديه خبرة بالعمل التجاري يمكن أن يدخل السوق بدون مال ويعمل بمال غيره عن طريقة تقاسم الربح بنسبة يتفقان عليها وبما أن التمويل المصرفي يعتمد على تقديم مال مملوك، فيكون الاسترباح فيه بالملك أو بالعمل، أي أن التمويل الإسلامي هو تمويل يعتمد على الملك أساسا للربح، وهذه القاعدة تقتضي أن من ملك شيئا استحق أية زيادات تحصل في ذلك الشيء ومثل ذلك لو اشترى تاجر سلعة بثمن ثم باعها بثمن أعلى فإن الزيادة التي حصلت في كمية النقود التي لديه هي أيضا ملك له.
2) خصائص التمويل الإسلامي: يتميز التمويل الإسلامي بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن التمويل التقليدي يمكن ذكرها فيما يلي:
أ) أساليب التمويل الإسلامية تنقل التمويل من أسلوب الضمان والعائد الثابت إلى أسلوب المخاطرة والمشاركة فالغنم بالغرم ولا مجال هنا لاستفادة طرف على حساب أخر كما في التمويل التقليدي وهو بذلك يحقق معيار العدل في المعاملات.
ب) سعر الفائدة كثمن للإقراض والاقتراض هو ربا محرم شرعا فضلا عن انه عملية دخيلة على النظام البشري تؤدي إلى تضخيم النشاط التمويلي بالمقارنة مع النشاط الإنتاجي وهذا بعكس أساليب التمويل الإسلامية التي تغلب النشاط الإنتاجي على النشاط المالي.
ج) التمويل الإسلامي يحرم عمليات المضاربة الآجلة “عمليات الشراء والبيع المستقبلية ” ويعتبرها ضمن البيع الغرر المحرم شرعا بما أن هذه العمليات تهدف إلى المتاجرة في أصل لم يتحقق بعد.
د) تنوع أساليب التمويل الإسلامية وتعددها إذ توجد أساليب للتمويل قائمة على التبرعات والبر والإحسان كالقرض الحسن والصدقات التطوعية والزكاة والوقف، وأساليب للتمويل قائمة على المشاركات كالمشاركة المنتهية بالتمليك والمضاربة والمساقاة والمزارعة والمغارسة، وأساليب تمويل أخرى قائمة على الائتمان التجاري كالبيع الأجل وبيع السلم وبيع الاستصناع والتأجير التشغيلي والتأجير التمويلي.
هـ) أساليب التمويل الإسلامية تقوم على أساس دراسات الجدوى من الناحية الاقتصادية وعلى أساس الحلال من الناحية الشرعية وهذا يعني أن المشروعات عند دراستها تخضع للأولويات الإسلامية من ضروريات وحاجيات وتحسينات مما يحقق تخصيصا امثل للموارد ويحقق ما يصبو إليه البلد من تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة.
و) أساليب التمويل الإسلامية ليست نقيضا للضمانات فهي لا تحول بين مؤسسات التمويل واخذ الضمانات الكافية التي تؤمن أموالها.
3) آليات التمويل الإسلامي: على الرغم من بساطة أنواع أدوات التمويل الإسلامية نظريا فإنها قد تصبح أحيانا مركبة و يرجع ذلك إلى أن بعض المصارف و المؤسسات المالية الإسلامية تقوم باستخدام الهندسة المالية بتركيب أو تشكيل أدوات جديدة انطلاقا من مجموعة من الأدوات التمويلية وذلك تلبية لرغبات عملائها اللامتناهية و الغير محدودة ، يمكن تقسيم تلك الأدوات عموما إلى :
أ) المرابحة: تعتبر المرابحة من أكثر أساليب التمويل استعمالا لدى المصارف الإسلامية فجوهرها يتضمن إبرام عقود يلتزم بموجبها البائعون بنقل ملكية سلعهم أو حقوقهم العينية بمقابل نقدي يتضمن هامش ربح مقبول شرعا ، كما تعتبر المرابحة قيام المصرف بتنفيذ طلب المتعاقد معه على أساس شراء الأول ما يطلبه الثاني بالنقد الذي يدفعه المصرف كليا أو جزئيا وذلك في مقابل التزام الطالب بشراء ما أمر به و حسب الربح المتفق عليه عند الابتداء.
ب) القرض الحسن : هو إتاحة المصرف أو المؤسسة المالية مبلغا محددا لفرد من الأفراد أو لأحد عملائه حيث يضمن سداد القرض الحسن دون تحميل هذا الفرد أو العميل أية أعباء أو عمولات أو مطالبته بفوائد و عائد استثمار هذا المبلغ ، أو مطالبته بأي زيادة من أي نوع بل يكفي استرداد أصل القرض، وعملية التمويل عن طريق القرض الحسن صيغة تعتمد عليها المصارف الإسلامية لتمويل مشاريع إنمائية هامة جوهرها تمويل أصحاب السمعة الحسنة حتى لا يتعرضوا للبطالة إذ كانوا في عسرة من أمرهم كي يستمر إنتاجهم فالقرض الحسن إذن هو عبارة عن قرض خال من الفائدة يمنح للمستحقين من أفراد المجتمع على أن يرد المقترض المال المقرض له بعد تحسن أحواله .
ج) الإجارة التشغيلية : يقوم المصرف الإسلامي وفقا لهذا الأسلوب بشراء وحيازة الموجودات والممتلكات المختلفة التي تلبي حاجات جمهور الزبائن والعملاء ويعمد المصرف على تأجير هذه الموجودات إلى من يرغب بالانتفاع منها تشغيليا واستيفاء هذه المنافع خلال مدة معينة يتفق عليها وفي نهاية المدة يسترد المصرف حيازة تلك الموجودات ويمكن أن يعيد تأجيرها ثانية إلى مستخدم جديد يرغب يالإنتفاع بها.
د) الإجارة التمليكية :هي عملية إيجار تنتهي بتملك المستأجر للعين المؤجرة حيث يقوم المصرف بشراء أصول تجاوبا مع طلب احد العملاء لتملك احد الأصول عن طريق الإيجار المنتهي بالتمليك وبالتالي يتم نقل ملكية الأصول المؤجرة في نهاية فترة الإجارة من المصرف المؤجر إلى العميل المستأجر بناءا على وعد بذلك.
هـ) المشاركة: المشاركة أو الشركة من طبيعة الحياة العملية وإذا كانت عقدا فهي أن يتعاقد اثنان فأكثر على إنشاء عمل أو مشروع تجاري أو صناعي أو زراعي بقصد الاسترباح أو تحقيق الربح ، و المشاركة من أدوات الاستثمار المالية الإسلامية طويلة الأجل و ذات الصفة الجماعية حيث تستخدمها المؤسسات المالية الإسلامية للإسهام في رأسمال مشروعات جديدة أو قائمة فتصبح المؤسسة أو المصرف المشارك مالكا لحصته في رأسمال بصفة دائمة ،تستحق نصيبا من الأرباح ،و تستثمر هذه الأرباح إلى حين انتهاء الشركة .
و) المضاربة: تحرص المصارف الإسلامية حرصا شديدا على المواظبة في التعامل بصيغة المضاربة لأنها تقوم على التآلف الحقيقي بين من يملكون المال وليس لديهم الخبرة أو الوقت لتشغيله وبين من يملكون الجهد والخبرة و الوقت الكافي إلا أن لا مال لهم أو أن طاقتهم الإنتاجية تفوق ما لديهم من مال، ففي هذه الصيغة تتجلى المشاركة بين المال والعمل لذلك نقول بان العلاقة بين المصرف والعميل هي علاقة الشريك وليست علاقة الدائن لديه كما هو الحال في البنوك التقليدية، وتعرف المضاربة على أنها عقد على المشاركة في الاتجار بين مالك لرأس المال وعامل يقوم بالاستثمار بما لديه من الخبرة ويوزع الربح بينهما في نهاية كل صفقة بحسب النسب المتفق عليها، أما الخسارة إذا وقعت فيتحملها رب المال وحده ويخسر المضارب جهده أو عمله، وما يميز هذا الأسلوب عن باقي أساليب التمويل الإسلامية في عملية التمويل هو المخاطرة الكبيرة لان المصرف يقوم بتسليم ماله للمضارب الذي يتولى مهمة العمل والإشراف ولا يكون ضامنا إلا في حالة التقصير أو التعدي ويشترط في المضاربة الإيجاب والقبول بين الممول والزبون
4) مؤسسات التمويل الإسلامي: إن تجربة نظام التمويل الإسلامي في شكله الحالي حديثة بالمقارنة مع نظام التمويل الكلاسيكي ورغم ذلك نجد أن هناك تنوع في المؤسسات المكونة لنظام التمويل الإسلامي بالنظر لمرونة وانفتاح هذا النظام على النظام الكلاسيكي حيث تعتبر مؤسسات التمويل الإسلامي مؤسسات مشتقة من نظام التمويل الكلاسيكي إلا أنها مؤسسات معدلة تخضع في جميع معاملاتها لمبادئ الشريعة الإسلامية وبمعنى أصح فإن جميع المعاملات الكلاسيكية الموافقة للشريعة الإسلامية هي معاملات إسلامية بينما تصنف المعاملات المخالفة للشريعة على أنها معاملات غير إسلامية ،وضمن هذا الإطار فإن المؤسسات المشكلة لنظام التمويل الإسلامي الحديث تتمثل فيما يلي :
4-1) المصارف الإسلامية: إن المصرف الإسلامي عبارة عن مؤسسة نقدية ومالية تعمل على جذب المدخرات النقدية من أفراد المجتمع وتوظيفها في إطار الشريعة الإسلامية. يتميز المصرف الإسلامي بالخصائص التالية:
أ) استبعاد الفوائد الربوية: باعتبارها محرمة شرعا في القران الكريم وفي السنة النبوية الشريفة وبإجماع العلماء.
ب) الاستثمار في المشاريع الحلال: يعتمد المصرف الإسلامي في توظيف أمواله على الاستثمار المباشر أو الاستثمار بالمشاركة وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية ، وبذلك يخضع نشاطه لضوابط النشاط الاقتصادي، كما أن الأعمال المصرفية تخضع لقواعد الحلال والحرام في الإسلام، والتي تستهدف حاجات المجتمع الأساسية ومصالحه العليا فينشط عمليات التنمية بالمجتمع .
ج) ربط التنمية الاقتصادية بالتنمية الاجتماعية: إن للمال وظيفة اجتماعية في الإسلام لذلك كان الاهتمام بالنواحي الاجتماعية أصلا من أصول هذا الدين، وهذا ما يميز المصرف الإسلامي الذي يقوم بتعبئة مدخرات الأفراد واستثمارها في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي وفي إطار سياسته التنموية والاستثمارية يقوم المصرف الإسلامي بإنشاء بعض المشاريع والمؤسسات الاقتصادية يهدف توفير مناصب جديدة للشغل وتحقيق رفاهية المجتمع إلى جانب تحقيق الربح.
4-1-2) أنواع المصارف الإسلامية: يمكن تصنيف المصارف الإسلامية وفقا للمعيار الوظيفي إلى:
أ) مصارف إسلامية صناعية: وهي التي تتخصص في تقديم التمويل للمشروعات الصناعية وتحتاج الدول الإسلامية بأكملها ودون أي استثناء إلى مثل هذا النوع من البنوك، خاصة بعدما أصبحت التنمية الصناعية المحور الأكثر أهمية وفاعلية في تطوير القدرات الإنتاجية لهذه الدول.
ب) مصارف إسلامية زراعية: وهي التي يغلب على توظيفاتها النشاط الزراعي باعتبار أن لديها المعرفة اللازمة لهذا النوع من النشاط الحيوي.
ج) مصارف إسلامية تجارية: وهي التي تقوم بجذب الودائع واستثمارها فضلا عن أداء الخدمات المصرفية المختلفة واغلب المصارف الإسلامية القائمة هي من هذا النوع، وبالرغم من هذا التعدد في النماذج إلا أن الاتجاه الغالب في المصارف الإسلامية التي قامت حتى الآن هو المصارف التجارية التي تأخذ شكل الشركات المساهمة
4-2) صناديق الاستثمار الإسلامية:إن صناديق الاستثمار الإسلامية ليست مجرد وسيط مالي كما هو الحال في صناديق الاستثمار التي تنشئها شركات الاستثمار، والمصارف التجارية التقليدية وشركات التامين بل أن هذه الصناديق بالإضافة إلى ذلك تعتمد على منهج الاستثمار الإسلامي الذي يمزج بين رأس المال والعمل، حيث تقوم المؤسسات المالية” مصرف إسلامي أو شركة التامين الإسلامية” التي ترغب في تكوين صندوق معين من هذه الصناديق بإعداد دراسته الاقتصادية لنشاط محدد، وتبين جدوى الاستثمار فيه ثم تقوم بتمويله عن طريق طرحه للاكتتاب العام للجمهور فالعقد الذي يربط بين إدارة الصندوق والمكتتبين فيه هو عقد المضاربة الشرعية وبذلك يمكن تعريف صناديق الاستثمار الإسلامية بأنها ” عقد شركة مضاربة الشرعية ، وبذلك يمكن تعريف صناديق الاستثمار الإسلامية بأنها ” عقد شركة مضاربة بين إدارة الصندوق التي تقوم بالعمل فقط وبين المكتبتين فيه يمثل فيه المكتتبون في مجموعهم رب المال، فيدفعون مبالغ نقدية معينة إلى إدارة الصندوق التي تمثل دور المضارب، فتتولى تجميع حصيلة الاكتتاب التي تمثل رأس مال المضاربة وتدفع للمكتتبين صكوكا بقيمة معينة تمثل لكل منهم حصة شائعة في رأس المال الذي تقوم الإدارة باستثماره بطريق مباشرة في مشروعات حقيقية مختلفة ومتنوعة، أو بطريق غير مباشر كبيع وشراء أصول مالية و أوراق مالية كأسهم الشركات الإسلامية وتوزع الأرباح المحققة حسب نشرة الاكتتاب* الملتزم بها من كلا الطرفين، وان حدثت خسارة تقع على المكتتبين بصفتهم (رب المال) ما لم تفرط إدارة الصندوق المضارب فإن فرطت يقع الغرم عليها
4-3) صندوق الزكاة: يمكن اعتبار صندوق الزكاة أداة مالية لها أهميتها في المساعدة على التخفيف من حدة الاضطرابات النقدية و يتوقف ذلك الدور على طرق استعمال هذه الأداة المالية أثناء تحصيل الإيرادات من أوعية الزكاة المتنوعة سواء كانت أصولا رأسمالية أو دخولا متنوعة متولدة عن استغلال هذه الأموال فالتحكم في طريقة جمع و تحصيل و إنفاق هذه الحصيلة له تأثيرات إيجابية في مجال تحقيق الاستقرار النقدي الذي يتناسب مع طبيعة الأوضاع الاقتصادية السائدة، كما أن لصندوق الزكاة دور استثماري يتمثل في استثمار جزء من أصوله في مشاريع إنتاجية لتشكل مصدر دخل دائم و متجدد لمستحقيها ، كما يساهم صندوق الزكاة في زيادة الإنفاق الاستهلاكي للبلد من خلال توزيع الزكاة على فئات عريضة من المجتمع بصورة تؤدي إلى زيادة الطلب الكلي و بالتالي ارتفاع مستويات الإنتاج لتلبية الطلب المتزايد ما يؤدي في النهاية على رفع معدلات النمو الاقتصادي وتخفيض مستويات البطالة
4-4) الأسواق المالية الإسلامية : من أجل ضبط التعامل في الأسواق المالية و تنظيمها تنشئ جميع الدول ما يسمى بالجهات الإشرافية و أحيانا يطلق على هذه الجهات “أسواق مالية ” و هذا ما حدث في ماليزيا التي أنشأت السوق المالية الإسلامية لديها في صورة جهة إشرافية لمراقبة و تنظيم التعامل في الصكوك الإسلامية التي كان لماليزيا فضل السبق بإصدارها بشكل كبير ، كما قامت البحرين باعتبارها مركزا للمؤسسات المالية الإسلامية “38 مؤسسة” بإنشاء سوق مالي إسلامي إبتداءا من سنة2002 وهي ليست سوقا بالمعنى المكاني و لكنها جهة لتنظيم و ضبط العمل في السوق المالية الإسلامية بشكل عام
4-4-1) وظائف السوق المالي الإسلامي: يمكن ذكرها فيما يلي:
– المصادقة على الأدوات المالية المتداولة أو التي سيتم تداولها بين المؤسسات المالية الإسلامية و البنوك التقليدية و النوافذ الإسلامية في البنوك التقليدية و من خلال هذه المصادقة يمكن تقريب و جهات النظر بين الآراء الفقهية المختلفة مما يشمل قبولها و تداولها في أهم الأسواق المالية.
– تسعى السوق إلى إعداد اللوائح و الضوابط للتعامل وفق مقتضيات الشريعة الإسلامية
– إعداد معايير موحدة عند إصدار الأدوات المالية الإسلامية أو عند تداولها يتبعها كل المشاركين في السوق المالية الإسلامية.
4-4-2) أدوات السوق المالي الإسلامي: إن الأوراق المالية المتداولة في السوق المالي هي:
أ) الأسهم:كل أسهم الشركات أي كان نوع النشاط يمكن قبوله في السوق المالية الإسلامية ما عد الأسهم المحرمة أي التي تعتمد عن شركات تتعامل بالمحرمات أو بأساليب محرمة شرعا.
ب) صكوك الإجارة:وهي تطرح لجمع مبلغ لشراء عين و تأجيرها تأجيرا تشغيليا أو منتهيا بالتمليك لجهة ما،ويتوزع عائد أقساط الإجارة على حملة الصكوك،مع رد جزء من قيمة العين أن كان تأجيرا منتهيا بالتمليك و يتم تداول هذه الصكوك في الأسواق المالية الإسلامية لأن حامل الصك يملك الجزء الضائع الذي يمثله صك العين المؤجر و ميزة هذه الصكوك أنها تغل لحاملها عائدا ثابتا هو نصيبه في أقساط الإجارة و بالتالي هي تختلف
عن السندات ذات الفوائد الربوية التي تتميز بوجود عائد ثابت محدد مقدما.
ج) صكوك المشاركة:”سواء كانت ثابت أو متناقصة” تطرح لجمع مبلغ من المال يمثل حصته في رأس المال الشركة مثل الأسهم و لكن تختلف منها في كونها مؤقتة بمشروع معين أو مدة معينة و لحامل الصك حق في الربح الذي يتحقق ويمكن تداولها بقيمة سوقية معبرة عن التغيرات التي تحدث في قيمة أصول المشاركة ومعدل الربح الموزع.
د) صكوك المضاربة:وهي مثل صكوك المشاركة والاختلاف فيها أن حملة صكوك المضاربة يحصلون على جزء من الربح و المضارب”مدير العملية”يحصل على جزء، أما الخسارة العادية التي لم يتسبب فيها مدير المضاربة فيتحملها حملة الصكوك
هـ) صكوك المرابحة: وتطرح لجمع مبلغ لتمويل عملية شراء سلعة وبيعها لعميل بتكلفة الشراء زائد ربما يتفق عليه عند عقد البيع ويكون لحملة الصكوك الحق في المبالغ المحصلة من العميل كاسترداد أو إطفاء لصكوكهم إضافة إلى الربح المحدد في العقد وهذه الصكوك لا يمكن تداولها لأنها دين الصك الذى عليه بالقيمة الاسمية.
و) صكوك السلم : تطرح لجمع مبلغ لتسليمه إلى مورد لشراء سلعة منه تسلم بعد مدة ويكون حق حامل الصك مؤجلا إلى حين استلام السلع وبيعها فتصفى الصكوك بالحصول على المبلغ الأصلي زائد الربح من بيعه لسلعة، وهذه الصكوك لا يجوز تداولها لأنه لا يجوز بيع السلم قبل قبضه من ناحية و لأنها تمثل دينا وتداول الديون له ضوابط يمنع معه تداول هذه الصكوك.
ي) صكوك الإستصناع: وتطرح لجمع مبلغ لإنشاء مبنى أو صناعة آلة أو معدة مطلوبة من مؤسسة معينة بمبلغ اللازم لصناعتها وحقوق حملة الصكوك تتمثل فيما دفعوه ثمنا لهذه الصكوك.

2) دور التمويل الإسلامي في معالجة الأزمات المالية: تبين لنا فيما سبق أن السبب الرئيسي لمختلف الأزمات المالية التي يشهدها النظام المالي العالمي إنما يكمن في تبنيه لنظام تمويل كلاسيكي يعتمد على سعر الفائدة والمضاربة كأسلوبين أساسين في مختلف المعاملات المالية من اجل تحقيق أقصى الأرباح ودون بذل مجهود حقيقي مقابل هذه الأرباح ، إن هذه الأساليب الغير موضوعية تؤدي حتما إلى وقوع أزمات دورية في النظام المالي العالمي الذي تهمين عليه الدول المتقدمة والمتميز بعدم المساواة بين مختلف أطرافه بالنظر إلى أن الدول المتقدمة تعتبر المسبب الرئيسي لمختلف الأزمات بينما تتحمل الدول النامية الجزء الأكبر من أثارها بالرغم من عدم تسببها في وقوعها.
إن الإجراءات المتبعة من الدول المتقدمة للحد من تداعيات الأزمة الحالية تمت على مرحلتين :
المرحلة الأولى: تم فيها تنفيذ إجراءات تمثلت أساسا في تدخل السلطات النقدية والحكومية في السوق المالي منذ بداية الأزمة عن طريق ضخ سيولة نقدية كبيرة في السوق من خلال عمليات شراء وتأميم أصول المؤسسات المالية المتعثرة على غرار خطة الإنقاذ الأمريكية “قيمتها700 مليار دولار أمريكي” التي شرع في تنفيذها ابتدءا من شهر أكتوبر 2008 مع العلم أن هذه الإجراءات هدفت أساسا إلى الحفاظ على استقرار السوق المالي ومنع تحول الأزمة المالية إلى أزمة اقتصادية تؤدي إلى الركود الاقتصادي ، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق حيث سجلت معظم اقتصاديات الدول المتقدمة معدلات نمو سالبة مع نهاية سنة 2008 وبداية 2009 ما يعني وقوع ركود اقتصادي نتج عنه ارتفاع مستويات البطالة في هذه الدول.
المرحلة الثانية : بعد تحول الأزمة المالية إلى أزمة حقيقية شرعت معظم الدول المتقدمة مع بداية سنة2009 في تبني وتنفيذ سياسات اقتصادية كينزية تهدف إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي وتخفيض مستويات البطالة عن طريق رفع الإنفاق الحكومي الاستثماري وفي هذا المجال تقوم الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحالي بتنفيذ خطة استثمار حكومية تدعى بمخطط الإنعاش وإعادة الاستثمار قيمتها787 مليار دولار أمريكي ستصرف على مشاريع البنى التحتية ، وقطاعات التعليم ، الصحة والطاقة بالإضافة إلى أن جزء منها قيمته 275 مليار دولار أمريكي عبارة عن تخفيضات ضريبية .
إن هذه الإجراءات وبالرغم من أنها قد تؤدي إلى الحد من تداعيات الأزمة إلا أن أثرها يبقى مؤقتا وغير مستدام لأنها لم تعالج العامل الرئيسي المسبب لمثل هذه الأزمات والمتمثل في الإختلالات التي يعاني منها نظام التمويل الكلاسيكي المبني على المعاملات الربوية وعلى المضاربة الغير مشروعة، ومن هذا المنطلق فإن نظام التمويل الإسلامي يعد النظام البديل القادر على معالجة إختلالات نظام التمويل الكلاسيكي من خلال تحريمه للمعاملات الربوية والمضاربة الغير مشروعة وتبنيه لأساليب تمويل مرنة تؤدي إلى تحقيق أرباح في إطار ضوابط موضوعية تراعي ظروف مختلف الجهات ،كما أن المبدأ الأساسي المتعمد في هذا النظام هو مبدأ المشاركة في تحمل مختلف المخاطر وبالتالي المشاركة في تقاسم الأرباح والخسائر.
إن تطبيق نظام التمويل الإسلامي يسمح بتحقيق التوازن وربط التدفقات المالية بالتدفقات الحقيقية في الاقتصاد ما يمنع حدوث تضخم في التدفقات المالية التي تعد السبب الرئيسي لمختلف الأزمات المالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى