ما هي افضل الطرق لاقناع الناس
حين يتصور المرء أن افضل الطرق للأقناع أن يظل مستمراً فى الحديث يقع فى خطأ شديد ويفشل فى اقناع الناس لأنه يحاول استمالتهم من خلال تفكيرهم واكثر من يقع فى ذلك الخطأ وتقع عليه تبعته أولئك الذين يعملون
فى مجال التسويق فهم يركزون على ابراز أهمية البضاعة وسعرها المنخفض وجودتها دون ان يفكر فيما بداخل ذهن المشترى وطبيهة احتياجته
وربما تعمد الى مقاطعة المتحدث وتقطع عليه استرساله فى الحديث,أفعل ذلك اذا شئت,لكنك لن تظفر باقناعه,لذا اياك أن تتبع هذه الطريقة,بل عليك أن تستمع اليه فى صبر وانتباه
اطرح على الأخر ما تريد من أسئلة ثم دعه يتحدث عما يريده كما يشاء ولا تقاطعه,لان رأسه مليئة بالأفكار التى يريد التعبير عنها,وشجعه على قول ما يريد,ولكن لعلك تتساءل عن جدوى مثل هذه الطريقة,لذا اقرأ القصة التالية التى كان بطلها(جورج) الذى كان يعمل فى مجال تسويق السيارات باحدى الشركات الكبرى
يقول:
ذات يوم كلفتنى الشركة بعقد لقاءات مع رؤساء الشركات المختلفة بغية الحصول على عقود توريد لهذه الشركات,يومها ذهبت لمقابلة أحد رؤساء هذه الشركات,الا اننى كنت قد أصبت بالتهاب فى حنجرتى أعجزنى عن الكلام,اذ فقدت صوتى تماماً,وبالتالى فقدت قدرتى على الحديث الذى تولاه عنى أحد الزملاء بينما اكتفيت بالابتسام والاشارة وكان الجميع يلتفتون الى حيث تصدر عنى اشارة ما وفى النهاية عرض زميلى النماذج التى احضرتها معى
يوم ذلك كنت انا الذى حصل على عقد مع هذه الشركة كانت قيمته تعد أعلى قيمة عقد سبق لى توقيعه من قبل
لقد كان احتباس صوتى سبباً فى الظفر بتلك الصفقة الكبيرة وهو ما جعلنى أدرك أن المرء يمكنه تحقيق ما يريده حين يدع الاخرين يتحدثون نيابة عنه
وهذا ما اكتشفه ايضاً(جوزيف) الذى كان يمثل شركة كهرباء (فيلادفيا) حين كان يقوم برحلة تفقدية الى عدد من المزارع فى ولاية (بنسلفانيا)
لقد سأل ممثل القرية التى يزورها عن السبب الذى يمنع القوم عن استخدام الكهرباء,فأجابه بأنهم غاضبون من شركة الكهرباء وأنهم يرغبون عن التعامل معها ,وأنه حاول اقناعهم بضرورة استخدام الكهرباء,ولكن دون جدوى,عندئذ قرر(جوزيف) ان يجرب بنفسه محاولة اقناعهم,فطرق احد الابواب لينفرج الباب عن وجه احدى ربات البيوت(مسزدركبنكورد)
يقول (جوزيف):
حين علمت العجوز اننى مندوب شركة الكهرباء أغلقت الباب فى وجهى بعنف فطرقت الباب مرة أخرى ,ففتحته ثم انطلقت تهاجم شركة الكهرباء وسياستها,فتركتها تتحدث حتى أراحت صدرها ثم قولت لها:
اننى أسف لازعاجك يا (مسزدركبنكورد) ولكننى لم أحضر لاقناعك استخدام كهرباء الشركة,بل جئت لشراء بعض البيض منك فحسب
هنا فتحت الباب على مصراعيه وهى تنظر الينا فى شك وارتياب,فقلت من جديد:
لقد لاحظت أن دجاجتك من نوع (الدومينيك) لذا وددت شراء بعض البيض الطازج ,فسألتنى وقد بدت عليها علامات الدهشة:ولكن كيف علمت أن دجاجتى من نوع (الدومينيك)
قلت:لاننى أربى الدجاج أنا الاخر
قالت:ولماذا لا تأكل بيض دجاجتك؟
قلت:لانها من نوع (الليجورن) الذى يضع بيضا قشرته بيضاء,ولاشك أنك تعلمين الفرق بين البيض الابيض والاحمر خاصة اذا كان الامر يتعلق بصنع الحلويات التى تفرح بها زوجتى
عندئذ خرجت السيدة وقد زال عنها الشك وبدأت تصحبنا فى جولة الى مزرعتها الصغيرة,فاكتشفت ان المكان تتوفر فيه خصائص مصنع للالبان ,ولم ألبث أن قلت لها:
اننى أراهن على انك تربحين من هذا الدجاج اكثر مما يربح زوجك من بيع منتجات الالبان
عندئذ عم السرور وجهها وأخبرتنى ان زوجها لايعرف بهذه الحقيقة
وخلال جولتنا رأيت بيت الدجاج,حين أخبرتنا عن انواع العلف التى تستخدمها وعن درجات الحرارة المناسبة وغير ذلك وهكذا مر الوقت فى حديث ودى ولم تلبث هى نفسهاأن تتحدث عن بعض جيرانها الذين يستخدمون الكهرباء وسألتنى عما اذا كان يمكن ان يفيدها ام لا,عندئذ اقنعتها فى هدوء بضرورة ادخال الكهرباء فاقتنعت بالفعل
وخلاصة ما تخرج به من هذه القصة هو انك لا يمكن ان تبيع للناس ما تريد ولكن يمكنك ان تدفعهم الى شراء ما يريدون
نشرت صحيفة (نيويورك هيرالد تريبيون) اعلاناً من أحد رجال الاعمال يطلب فيه رجلاً لديه خبرة واسعة وموهبة عالية
وحين قرأ (تشارلز جوبليس) الاعلان قرر ان يتقدم لهذه الوظيفة,لكنه ذهب اولاً الى أحد رجال الاعمال فى (وول ستريت) ليجمع ما يمكنه من معلومات عن صاحب العمل,وحين جاء وقت المقابلة الشخصية قال (تشارلز) لصاحب العمل:
الحق أنه شرف عظيم لى ان أحظى بالعمل فى شركتكم نظراً لتاريخها الحافل بالكفاح,اننى على علم بأنكم بدأتم نشاطكم منذ ثمانية وعشرين عاماً,حين لم يكن لديكم سوى غرفة واحدة وأحدى الموظفين
ولان الانسان يحب استرجاع ذكريات الكفاح,فقد بدأ الرجل يتحدث عن كفاحه وانه بدأ العمل برأس مال لا يتجاوز أربعمائة دولار,وروى لى كيف واجه الفشل وقاوم الاحباط,وأنه كان يعمل ما يقرب من ست عشرة ساعة كل يوم بما فى ذلك العمل ايام العطلات,وروى كيف نجح بعد صبر طويل فى تحقيق ذلك النجاح ليصبح واحداً من ابرز رجال الاعمال فى (وول ستريت) بل ان كثيرين منهم يسعون اليه ليسألونه النصح
أخيراً سأل (تشارلز) عن خبرته بشكل مقتضب,ثم استدعى سكرتيره قائلاً له:أعتقد أن هذا هو الرجل الذى نبحث عنه
لقد تكبد (تشارلز) مشقة فى جمع المعلومات عن رجل الاعمال,ثم أظهر اهتمامه بكفاحه وتركه يتحدث باستفاضة فحظى بالوظيفة,فالناس يفضلون التحدث عن أنفسهم على الاستماع لحديث الاخرين عن أنفسهم
يقول الفيلسوف الالمانى (لارشفوكولر):
اذا رغبت فى خلق أعداء لك فتفوق على أصدقائك,اما اذا أردت ان تخلق أصدقاء جدد فدعهم يتفوقون عليك,وهذا صحيح…
فحين يتفوق عليك الاخرون يمنحهم هذا الشعور بالاهمية,تكون أنت السبب فيه فيقبلون عليك وتكسب ودهم,اما اذا تفوقت عليهم فان ذلك يولد لديهم شعوراً بالنقص ويثير لديهم كوامن الحسد والغيرة وتكون انت السبب فى ذلك فيبغضوك
والألمان يقولون فى هذا الشأن:
ان أعظم سرور هو ذلك الذى تشعر به حين يصاب شخصاً تحسده بنائبة من النوائب
ذات يوم وقف الكاتب الشهير(ارفن كوب) على منصة الشهود فى احدى القضايا وحين سأله أحد المحامين قائلاً:أعرف أنك أشهر أدباء امريكا وأبرزهم,اليس كذلك يا (مستر كوب)؟
عندئذ أجابه (كوب): ربما كان الارجح اننى أسعد حظاً مما كان ينبغى لمثلى
ان هذا التواضع الصادق هو ما يجب أن يتحلى به المرء حتى يحظى بحب الاخرين ويكسب صداقتهم وعلى اية حال فسوف يمضى المرء الى حاله ومهما ذاع صيته فهو فى طريقه الى النسيان فالحياة قصيرة لذا لا تضيعها فى سرد مأثرك وبطولتك أمام الاخرين بل دعهم هم يتحدثون عن أنفسهم وكن مستمعاً جيداً عندئذ تحظى بحبهم وتكسب مودتهم
اذن اذا أردت أن تكسب صداقة الاخرين اتبع القاعدة التالية:
(اترك الحديث للأخرين)