من المهم الإشارة إلى بعض الأمور التي توضح دور المحاسبة في قضية التضخم بشكل عام، وتمثل محددات لما ينتظر من المحاسبة في تعاملها مع المشكلة بشكل خاص، ومن أهم هذه المحددات ما يلي:
أ – أن التضخم عرض لأمراض اقتصادية وليس دور المحاسبة علاج هذه الأمراض أو القضاء على التضخم ذاته.
ب – أن دور المحاسبة في التضخم دور حيادي ينحصر في بيان آثاره على البيانات المحاسبية التي تظهر بالقوائم المالية، ولذا فإنه في التطبيق المحاسبي للتضخم تعد هذه القوائم مرة على أساس التكلفة التاريخية ومرة على أساس البيانات المعدلة في ضوء مستوى التضخم بالدولة، وعلى مستخدمي البيانات اختيار ما يلزمهم منها لاتخاذ قراراتهم دون وجود صلاحية مهنية للمحاسبين بإلزامهم بأي منها.
جـ- أن المحاسبة بشكل عام تستند في تحديد المعايير المحاسبية التي تمثل مرشدا للعمل المحاسبي، إلى المفاهيم القانونية والخلقية السائدة في المجتمع وترتبط بالحقوق والالتزامات والملكية التي تظهر البيانات عنها في القوائم المالية، وكذا إلى تعريف المجتمع للعدالة والحق والصدق .
وبناء على ذلك فإنه في المجتمع الإسلامي عند تحديد وعاء زكاة التجارة على سبيل المثال والذي يتمثل بلغة المحاسبة في صافى رأس المال العامل، ومنه المخزون السلعي والذي يقوَّم في الفكر المحاسبي طبقا لقاعدة ”سعر السوق أو التكلفة أيهما أقل“، ولكن إجماع الفقهاء على أن عروض التجارة تقوَّم من أجل الزكاة بالقيمة الجارية البيعية، وبذلك فإنه على المحاسب المسلم عند تحديد وعاء هذه الزكاة أن يلتزم بذلك، ولا يلتفت إلى القاعدة المحاسبية سعر السوق أو التكلفة أيهما أقل.