حث المسئول بالبنك الدولي عن تحديث الأنظمة الاقتصادية أندرس مارتينيز، الحكومة المصرية على ضرورة الإسراع بإعادة النظر في القوانين المنظمة للإفلاس وإعادة تحديثها بشكل عاجل، نظرا لأن القوانين المعمول بها في مصر حاليا تعود لعقود بعيدة ولا تتواكب مع التطورات التي شهدها العالم على الصعيد الاقتصادي والتجاري والمالي.
قال مارتينيز – في كلمته أمام المؤتمر الإقليمي حول تحديث نظم الإفلاس في كل من مصر والأردن المنعقد حاليا بالعاصمة الأردنية عمان وينظمه المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة – إن “الإجراء الوحيد الذي اتخذته مصر في هذا المجال خلال العشرين عاما الماضية هو التعديل الذي أدخلته على قانون التجارة عام 1999 وهو تعديل اقتبسته من القانون الفرنسي القديم.
أشار إلى أن نظم الإفلاس في العالم العربي تحافظ على حقوق جهات دون غيرها، كما أن القوانين في الشرق الأوسط غير موحدة بل تختلف داخل الدولة الوحدة من خلال تعارض القوانين في بعض الأحيان مما يوجد حالة من عدم اليقين وهو ما دفع بالبنك الدولي لسن مبادئ عامة للإفلاس.
وانتقد مارتينيز، القوانين العربية حالية في مجال الإفلاس لأنها تميل نحو التصفية وليس إعادة الهيكلة وهو أمر صعب للغاية ويعد طاردا للاستثمار، مطالبا بضرورة أن تأتي الحلول من الداخل حسب حالة كل دولة وفي إطار المبادئ الدولية العامة والتي حددها البنك الدولي.
وأكد أن غالبية الدول العربية ومنها مصر والأردن يحكمها حاليا قوانين لا تتناسب مع التطورات العالمية، على رغم الجهود التي بذلتها الأردن في صياغة مسودة قانونية جديدة منذ سنوات لتحسين نظام الإفلاس لديها، إلا أنها لم تقر هذه المسودة رسميا حتى الآن، فيما يقتصر الأمر في مصر على محاولات ومناقشات دون وجود خطوات جادة.
شدد على أهمية وجود نظام قانوني سليم وجيد للإفلاس والإعسار لمواجهة الإضرابات المالية والتجارية في البلدين، نظرا لأهمية ذلك في إعطاء ثقة لرواد الأعمال في المناخ الاقتصادي والاستثماري والمالي في أي بلد، كما يزيد ثقة الجهات المانحة للقروض في الجهات المقترضة بما يساعد الاقتصادات على التعافي والنشاط.
وأشار مسئول البنك الدولي إلى أن النظام الحالي في مصر خاصة والأردن لا يشجع الجهات المقرضة والممثلة في البنوك على منح تمويلات للتجار وأصحاب الشركات نظرا لنظام الإفلاس الذي لا يحقق لها ضمانات كافية، مشيرا إلى سعي البنك الدولي لإعادة هيكلة نظم الإفلاس في المنطقة بما يضمن استمرار المشروعات وضمان حقوق جميع الجهات سواء الدائنة وكذلك أصحاب المشروعات.
ونوه إلى أن مناقشاته مع مسئولين وخبراء وقانونيين مصريين أكدت له الرغبة المصرية في الإصلاح الاقتصادي وبالتحديد في مجال إصلاح نظم الافلاس، مشيرا إلى أن البنك الدولي قام بمبادرات عديدة في هذا المجال لدى العديد من بلدان العالم وخاصة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ونبه إلى أن الوضع الحالي في مصر فيما يتعلق بإجراءات الإفلاس وتكلفته والوقت الذي يستغرقه يعد “صعبا للغاية” ما يهدر الكثير على الاقتصاد ونفس الحال بالنسبة لاقتصادات المنطقة أيضا، لافتا إلى أن البنك الدولي لديه خطط لمساعدة الحكومات في تحسين نظم الإفلاس لديها.
وأوضح مارتينيز أن نظام الإفلاس الجيد يساعد على زيادة الثقة في الاقتصاد ويساعد الشركات على إعادة الهيكلة لا الانخراط في تصفية الشركات، وكلما كان النظام المعمول به في أية دولة قديما كلما اتجه المطاف للتصفية وليس المساعدة أو الوصول إلى الحلول وهو أمر ينعكس سلبا على الاقتصادات.
وأكد على أن وجود نظام حديث للإفلاس وفقا للمبادئ التي حددها البنك الدولي فإن ذلك يساعد الاقتصادات على مواصلة النمو والمساعدة على اعادة هيكلة الشركات وهناك دولا كبيرة البرازيل بلجيكا وتايلاند اصلحت نظم الافلاس لديها واستفادت منها اقتصاداتها بشكل كبير.
ولفت إلى أن لكل دولة حالتها الخاصة وهناك مبادئ عامة لدى البنك الدولي، كما أن بعض الدول قد تستفيد من بعضها في هذه التجارب ولكن في الوقت نفسه هناك تجارب دول لا تصلح مع دول اخرى وهو ما حدث عندما استعانت البانيا بالقانون الالماني واتى بنتائج عكسية.
من جانبه، قالت جيني كلفت كبير المستشارين القانونيين بلجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية يونسترال، والتي تضم 87 دولة من مختلف العالم، إن “إصلاح نظم الإفلاس في الدول العربية هي جزء من الإصلاح الاقتصادي الشامل المطلوب في المنطقة”.
وأضافت أن “الإصلاح المنشود يبدأ بالتشريع والسعي للتواصل مع الجهات العالمية في هذا المجال مثل البنك الدولي الذي يقدم حلولا للحكومات لمساعدتها في هذا المجال وغيرها من المجالات”، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة لديها دليل قانوني يقدم للدول للاستعانة به والاسترشاد به لتحسين نظم الإفلاس بالتعاون مع البنك الدولي.
وأوضحت أن هذا الدليل هو دليل عامل وشامل تم إعداده من خلال الإطلاع على تجارب الدول جميعها، لكن عند التطبيق يراعى ظروف كل دولة على حدة وعلى الدول العربية ومنها مصر والأردن أن تحذو هذا الحذو.