الطريقة المعملية للمعايرة
تعتمد هذه الطريقة أساساً على القيام بتجارب معملية على كل عنصر تكلفة بمفرده وذلك أثناء تأدية دوره في إتمام العملية أو وحدة الإنتاج بالاشتراك مع زملائه العناصر الأخرى.
فتجرى تجربة معينة على عنصر المواد المباشرة في عملية إنتاج دولاب صاج مثلاً، مرة أو مرتين أو عدة مرات حتى تتحدد الكميات المعيارية من الصاج التي تلزم لإنتاج الدولاب والمعدلات المعيارية للرايش والقصاصات والتلف الحتمي الذي يقتضيه إخراج الدولاب في مواصفاته المطلوبة بالضبط.
كما تجرى تجربة عملية أخرى على عنصر العمل المباشر لكل مرحلة من مراحل إنتاج الدولاب المذكور – مرة أو مرتين أو عدة مرات – حتى تتحدد الكمية المعيارية من الساعات أو الدقائق التي تلزم لإتمام المرحلة وبالتالي لكل المراحل، وكذلك المعدلات المعيارية للضياع الزمني الذي يتحتم السماح به.
وتجرى التجارب المشار إليها إما في داخل معمل البحوث بالمنشأة أو في داخل عنابر التشغيل والورش ذاتها التي يجرى فيها العمل اليومي.
ومن مزايا إجراء التجربة المعملية في داخل المعمل التركيز على دراسة العنصر بعيداً عن المؤثرات الأخرى التي تسود جو الورش والعنابر، بما يسمح بتحديد الكمية المعيارية من العنصر بدقة.
كما أن المعمل يتيح فرصة كافية لتكرار التجربة والدراسة والتطوير في إطار الأصول العلمية البحتة لتركيب المنتج وفي إطار أفضل الطرق والخطوات كما يتم استعمال الأدوات والمعدات وغير ذلك دون التقيد بحركة العمل في الورش والعنابر أو تعطيلها.
إلا أنه يعاب على إجراء التجربة في داخل المعمل أنها تؤدي إلى تحديد معايير مشكوك في واقعيتها وإمكان تحقيقها.
في حين أن التجربة إذا اتخذت العنبر أو الورشة معملاً فإنها تعيش نفس الظروف التي تسود فعلاً وتؤثر على سير العمل – بما له وما عليه كما أنها تستخدم نفس الآلات والعدد والأدوات التي يستخدمها العاملون باستمرار في أدائهم للعملية يومياً بما يؤدي لحساب معيار واقعي. وسواء أجريت التجربة المعملية في المعمل أو في العنبر فإنه من الملاحظ أنها تصل بنا إلى الكميات المعيارية ولكنها لا تصل إلى الأسعار المعيارية لتلك الكميات.
ولا ينتظر أن نجرى تجربة معملية على سعر الحصول على العنصر. كما أنه من الملاحظ على التجارب المعملية أنها لا تصلح لمعايرة جميع عناصر تكاليف العملية.
فالتكلفة غير المباشرة التي تحمل على العملية عن طريق معدلات التحميل المعروفة قد يصعب إجراء تجارب معملية على كل بنودها لحساب معاييرها وحساب المعدل المعياري لتحميلها على العمليات المستفيدة.
والمعروف أن نصيب العملية من التكاليف غير المباشرة يتضمن بنوداً تحدث بمعرفة مراكز الإنتاج ذاتها ، وبنوداً تحمل على هذه المراكز مقابل ما تستفيده من مراكز الخدمات ، ويتم تحميل مجموعه هذه البنود في الغالب باستخدام معدل تحميل واحد على كل عملية من عمليات مراكز الإنتاج مما يصعب معه إجراء تجربة معملية على هذا المعدل الواحد نظراً لحدوث مفرداته في أكثر من موقع.
وقد يمكن تطبيق طريقة التجربة المعملية في بعض مراكز الخدمات بما يؤدي إلى تحديد التكلفة المعيارية لوحدة الخدمة بها. وبذلك يمكن حساب التكلفة المعيارية لكمية الخدمة التي تحمل على كل مركز مستفيد.
أما بالنسبة للحالات التي لا يمكن، أو قد لا تفيد فيها إجراء تجربة معملية فإن أسلوب الحساب العلمي يطبق عليها. ونقصد بالحساب العلمي القيام بإعداد علاقات أو ارتباطات بين البند وبند أو بنود أخرى، أو بينه وبين عوامل استخدامه والانتفاع به.
فمثلاً بند القوة المحركة للآلة، فقد يكون الرأي ألا يتم إجراء تجربة معملية على الآلة وإدارتها لمدد متفاوتة ثم حساب ما تستهلكه من قوة كهربائية، فيمكن التوصل لمقدار القوة الكهربائية من خلال الإجابة على السؤال التالي: كم من القوة الكهربائية تلزم لإدارة هذه الآلة ذات المواصفات المعينة وقوة الحصان وذلك لمدة ساعة وفقاً للأصول الفنية والعلمية في هذا الشأن.
وبالنسبة لبند الإضاءة في المركز مثلاً يكون الحساب العلمي بتحديد القدر الكافي لإضاءة المتر المربع مثلاً أو لإضاءة مكان تشغيل معين حين يحتاج إلى إضاءة خاصة.
وبالنسبة لبند العمالة غير المباشرة، فإن الحساب العلمي يجرى بتحديد العدد الكافي من العاملين المساعدين لكل عامل إنتاج وتحديد عدد العاملين الذين يعين لهم مشرف أو رئيس وتحديد الكمية الكافية من كل مزية عينية لكل عامل وذلك كله طبقاً للأصول الإدارية العلمية.
إلا أننا نلاحظ صعوبة أو استحالة الحساب العلمي أو التجربة المعملية بالنسبة إلى بعض البنود دون إدخال عامل التقدير في ضوء الخبرة الماضية. مثل بنود المياه وأدوات النظافة والكتابة والمنح وبدل السفر والانتقالات وغيرها. كما أن معايرة أسعار عوامل الإنتاج لابد وأن يدخل فيها اعتبار التقدير لتغطية احتمالات الفترة المستقبلية في ضوء خبرات الماضي.
هذا بخصوص معايرة مبالغ البنود. أما بالنسبة لمعايرة المعدل الذي بمقتضاه تحمل كل عملية من هذه التكلفة غير المباشرة المعيارية ، فإن الحساب العلمي لهذا المعدل يحتاج إلى مجموع الساعات المعيارية اللازمة للعمليات المخططة لمركز الإنتاج والتي يتم قسمة التكلفة غير المباشرة المعيارية عليها لهذا المركز المذكور لاستخراج المعدل.
وهكذا نخلص إلى أن الطريقة المعملية للمعايرة تهتم بصفة أصلية بركن واحد من أركان المعايرة وهو الاهتمام بدقة الأصول الفنية والعلمية لاستخدام العناصر ومواصفات وتركيب المنتج وطرق الأداء في حين أنها تهتم بدرجات متفاوتة بعد ذلك بالأركان الثلاثة الأخرى للمعايرة. وهي الاستفادة من الخبرات الماضية ومراعاة للظروف والأحوال المستقبلة والأخذ في الاعتبار كافة الإمكانيات والقدرات المتاحة.