معلومات عن تقنية “البومودورو”.. لتبقى مركّزاً طوال اليوم
هل لاحظت أنك متقلب الإنتاجية من يومٍ لآخر؟ احياناً ترى نفسك منطلقاً بالمهام لكنّك أحياناً أخرى تجري ببطءٍ شديد ومهما عملت لكنّك على ما يبدو لا تنجز أيّ شيء!
من الأخطاء الشائعة أنّ العمل لساعات طويلة في يومٍ مزدحم بالأعمال يعطي الشخص جرعة من الإنتاجية العالية، حيث أظهرت الدراسة التي أُجريت عام (2008) لجامعة “إلينوي” في الولايات المتحدة الأمريكية، أنّ الجلوس على المكتب لساعات طويلة يقلّل من الإنتاجية، في حين أنّ أخذ استراحات قصيرة ومتكررة يساعد الشخص على البقاء مركزاً ومُنظّماً.
ليس هذا فحسب، حيث تشير كثيرٌ من الدراسات إلى أنّ جلوسك على مكتبك لفترة طويلة قد يكون ضارّاً بصحّتك، فمن المعروف أنّ فترات الخمول الطويلة قد تسبب السُّمنة ومشاكل في القلب وقد تسبب السرطان والسكري بالإضافة إلى خطر الموت. لكنّ الخبراء حتى الآن يعتقدون أنّ هذا الخطر يمكن تجنّبه بممارسة أنشطة عادية جداً. لكن ومع ذلك فإنّ البحث الذي نشرته العالمة الرياضية السويدية “د. إلين إيكبلوم باك” عام (2010) يقول: “على الرغم من أنّ ممارسة الرياضة أمرٌ مفيد للصحة، لكنّ الاستراحات القصيرة بين المهام هي فقط بإمكانها الوقاية من هذه المخاطر”.
سنكتشف سوياً من خلال هذه المقالة طريقة بسيطة لتحسين إنتاجيتك وحماية صحّتك، ألا وهي تقنية “البومودورو”، وذلك من خلال تشجيعك على وضع استراحات قصيرة في جدول أعمالك اليومي.
ماهي أداة البومودورو؟
البومودورو هي تقنية تمّ تطويرها من قِبل الإيطالي “فرانشيسكو كيريللو” عام (1980). والذي نشر كتابه الحاصل على أعلى نسبة مبيعات والذي يحمل الاسم نفسه “تقنية البومودورو”.
فالبومودورو كلمة إيطالية وتعني “الطماطم”، وتعمل هذه التقنية عن طريق تقسيم عملك إلى فترات كل منها (25) دقيقة، تفصل بينها استراحات قصيرة. واستوحى “كيريللو” الاسم من المنبه الذي استخدمه لإدارة وقته عندما كان طالباً في الجامعة، والذي كان على شكل حبة طماطم.
إنّ الطريقة بسيطة للغاية، فكل (25) دقيقة تمثّل “بومودورو واحدة”. عندما تنتهي من الأولى، خذ قسطاً من الراحة لـ (5) دقائق قبل الشروع بالعمل على البومودورو التالية. عندما تُنهي (4) فترات بومودورو، خذ استراحة أطول لكي تعيد شحن طاقتك.
قد يبدو من غير البديهي في البداية أخذ الكثير من الاستراحات خلال اليوم، لكنّ الأبحاث تظهر أنّ هذا الأمر في الواقع يعزّز تركيزك عند عودتك إلى المهمة التي كنت تعمل عليها.
كيفية استخدام تقنية البومودورو :
اتبع الخطوات التالية لتبدأ باستخدام تقنية البومودورو:
1. تحقّق من جدول أعمالك:
خطوتك الأولى هي التحقق من جدول أعمالك. لذا ألقِ نظرة على قائمة مهامك اليومية أو برنامج العمل الخاص بك، وفكّر بما عليك القيام به اليوم. ثمّ قدّر الوقت الذي تحتاجه كل مهمّة، وذلك وفقاً لعدد “البومودورو” الذي تحتاجه أنت لإتمامها (كل بومودورو هي فترة مؤلفة من 25 دقيقة). والآن ضع الجدول الزمني للمهام بحيث يتناسب بشكل مريح مع التزاماتك الأخرى خلال اليوم.
قم أيضاً بجدولة الوقت الخاص بالاستراحات، والذي هو (5) دقائق بعد الانتهاء من كلّ فترة بومودورو، بالإضافة إلى ما لا يقل عن (20-30) دقيقة من الراحة كفترة استراحة طبيعية (مثلاً بعد الانتهاء من مهمّة معينة أو بعد 4 فترات بومودورو).
ملاحظة:
يوصي “كيريللو” بالعمل لفترة (25) دقيقة، لكنّك قد تودُّ تجربة فترات مختلفة. فعلى سبيل المثال: تخبرنا الأبحاث التي أجريت على الدورة الحيوية للإنسان أنّه بإمكاننا التركيز ولمدة (90-120) دقيقة قبل أن نحتاج لأخذ قسط من الراحة. لكن ومع ذلك، فإنّ الدكتورة “إيكبلوم باك” تشير إلى أنّه ولأسباب صحية، فعلى الأشخاص أخذ استراحة بعد كل (45) دقيقة عمل.
2. اضبط المنبه الخاص بك:
قبل أن تبدأ العمل تأكّد من أنّك تمتلك جميع الأشياء التي تحتاجها للبدء بالمهمّة، بما فيها المفكرة والقلم. ومن ثمّ اضبط منبهك الخاص على الفترة الزمنية التي استقرّيت عليها، (25) دقيقة مثلاً كما كان يفعل “كيريللو”.
بإمكانك استخدام النوع الذي تريده من المنبهات. إن كنت تعمل من المنزل فالمنبه التقليدي قد يفي بالغرض، لكن إن كنت تعمل في مكتب، فعليك أخذ زملاء العمل بعين الاعتبار، فالضوضاء التي قد يتسبّبون بها ستشتت تركيزك. إنّ جميع المنبهات المتوفرة على الانترنت هي مُتاحة أمامك، وبإمكانك كذلك تحميل منبه البومودورو على هاتفك الذكي “الأندرويد والـ i Phone” أو على حاسوبك الشخصي.
عندما تقوم بضبط منبهك الخاص، الزم العمل على المهمّة التي بين يديك، وتذكرّ بأنّك حدّدت هذا الوقت كي تركز كل انتباهك عليها. ثمّ سيكون بإمكانك تلقي المكالمات الهاتفية أو العودة للدردشة مع زملائك خلال فترة الاستراحة.
بعد أن تضع هذه الأمور في حسبانك وقبل أن تبدأ، افعل ما باستطاعتك للحَد من المقاطعات. أغلق باب غرفتك، وأوقف تشغيل منبهات هاتفك المحمول وبريدك الالكتروني والدردشة، واطلب من زملائك ألّا يقاطعوك.
3. اعمل على المهمة التي بين يديك، وعليها فقط:
كرّس كلّ انتباهك على المهمّة التي بين يديك خلال فترة البومودورو، ولا تسمح بأن تُشتّت نفسك بالأفكار المتعلّقة بالمهام الأخرى والتي قد تشغل ذهنك. بل اكتبها على دفتر ملاحظاتك واتركها جانباً لتعود إليها فيما بعد، فبإمكانك عند الضرورة تعديل الجدول الزمني الخاص بك للعمل عليها خلال فترة البومودورو التالية، لكن الآن، ركّز على الشيء الذي عليك القيام به.
إن أتممت العمل قبل انقضاء الوقت المخصص له، استثمر الوقت الفائض للعمل على الأنشطة الروتينية، أو للعمل على مهام قصيرة. وكتابتك ملاحظات بِعدد فترات البومودورو التي تحتاجها منك المهام المُجدولة تُعدُّ فكرة جيدة، ممّا يتيح لك التخطيط للمستقبل أو المقارنة بين مستويات الإنتاجية الخاصة بك مع مرور الوقت.
4. خذ استراحات قصيرة:
عندما يرن المنبه خذ استراحة لخمس دقائق. حيث ينبغي عليك القيام بهذا الأمر حتى ولو كنت في حالة التدفق لأنّ هذه الاستراحات هي بمثابة الوقت المخصص لشحن طاقتك من جديد.
قد تقلق من ضياع الوقت نتيجة التوقف عن العمل وأخذ قسط من الراحة، لكنّ الاستراحات المتكررة تعيد شحن طاقتك وترفع إنتاجيتك إلى مستويات عالية تعوّضك عن أيّ وقتٍ ضائع. حيث يخبرنا “كيريللو” بأنّ مستويات الطاقة هي أهم بكثيرٍ من الوقت. وأنّ طريقة البومودورو تعمل للحفاظ على طاقتك، ممّا لا يجعلك مُضطراً لإهدار وقتك في العمل عندما يكون تركيزك مُنخفضاً.
وللحصول على أقصى فائدة من الاستراحات، استثمرها بالقيام عن كُرسيك والتحرُّك في المكان، سواءً أكانت بالمَشي أو بممارسة بعض التمارين الرياضية. أو حتى مجرد إعداد فنجان من القهوة، أو جلب كأس من الماء، أو حتّى تجميع الوثائق التي في المكتب المجاور لمكتبك، فالنشاط الذي تقوم به كافٍ لتجنّب المشكلات الصحية التي قد تنشأ عندما تكون عضلاتك الكبيرة خاملة.
وخلال فترة استراحتك، تجنّب التفكير فيما أنجزته حتى اللحظة. فهي الفرصة السانحة ليستوعب عقلك ما تعلّمته، لذا فلا تقم بأي شيء يتطلّب منك التفكير الكثير خلال الاستراحة.
قاوم الرغبة الحثيثة في استخدام فترات الراحة الخاصة بك لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي أو التحقق من البريد الالكتروني أو تصفح الانترنت. فقد وجدت الإحصاءات أنّ (70%) من الأمريكيين يُرهقون أعينهم بالنظر إلى العروض الالكترونية لفترات طويلة. لذا استثمر هذا الوقت في القيام بأشياء أخرى بدلاً من ذلك. كترتيب مكتبك، أو بعض التأمُّل، أو تمزيق بعض الوثائق القديمة، أو التحدث إلى زميلك في فريق العمل. وإن كنت تعمل من المنزل، فبإمكانك مثلاً وضع الملابس في الغسالة.
5. أكمل جميع فترات “البومودورو” وخذ استراحة طويلة:
عند انتهاء فترة الاستراحة الخاصة بك، أعد ضبط المنبه من أجل البومودورو التالي وأكمل عملك. عند انتهاءك من أربعة فترات بومودورو متتالية، خذ استراحة لمدة (20-30) دقيقة. واستثمرها بالمشي، أو تناول طعام الغداء أو وجبة خفيفة. أو قراءة كتاب أو القيام بأي شيء يُبعدك عن مكتبك فترة من الزمن، لتريح ذهنك من العمل الذي كنت تقوم به.
على الرّغم من أنّ الإرشادات الخاصة بهذه التقنية تتطلب منك العمل حتى نهاية الفترة المحددة (البومودورو)، لكنّ هذه القواعد لا تُتعبر جامدة ونهائية، كأن تأخذ استراحة طويلة بعد الانتهاء من (4) فترات بومودورو، وتذكّر بأنّ هذا الأمر هو من أجل تجديد طاقتك ليس إلّا.
أن تستمع لجسدك هو أمرٌ في غاية الأهمية. فإن بدأ رأسك يدور أو شعرت ببعض التعب، فلا تُجهد نفسك حتى نهاية الفترة. وتذكّر بأنّ إيقاعات جسدك تتبع وبشكل طبيعي دورة من (90-120) دقيقة، ومن الصّعب معرفة المستوى الذهني الذي كت فيه عندما بدأت العمل على المهمة.
ربما تودُّ تجربة ذلك: فقد تكون ثلاث فترات بومودورو متبوعة باستراحة لمدة (20) دقيقة مناسبة لك أكثر، أو قد تكون خمسة فترات متبوعة باستراحة لـ (30) دقيقة هي الأفضل. وقد تجد أيضاً أن بإمكانك التركيز لوقتٍ أطول في الصباح، وتحتاج استراحات أكثر في فترة ما بعد الظهيرة. فحالما تجد النمط الأمثل بالنسبة لك ستذهلك كمية الأشياء التي سيكون بمقدورك تحقيقها خلال يومٍ من العمل.
إيجابيات وسلبيات تقنية “البومودورو”:
هناك فوائد عديدة من استخدام تقنية البومودورو في إدارتك لوقتك:
إنّ استخدامها يقسّم المهام إلى فترات عمل أقصر وعالية التركيز مما يساعدك على إدارة وقتك بفعالية أكبر، ويجعل المشاريع الضخمة تبدو أقلّ إجهاداً لك.
كما أنّها تشجعك على الحد من المقاطعات، في حين تبعدك عن المماطلة تعدد الهام التي بإمكانها استنزاف تركيزك وإنتاجيتك، حيث أنّك تملك وقت محدد فقط لتنجز أعمالك.
تؤكد الأبحاث أنّ الاستراحات المنتظمة والقصيرة مفيدة لصحتك وتحسن تركيزك، مما يزيد من إنتاجيتك. حيث يشير “كيريللو” إلى أنّ هذه الطريقة تناسب وبشكل خاص الأشخاص الذين يعانون اضرابات نقص التركيز.
بالإضافة إلى أنّ الاستراحات القصيرة المتكررة تعطي ذهنك الفرصة لاستيعاب المعلومات، فسيكون أمامك المزيد من الفرص لترتيب الأفكار، خاصة عندما تأتيك مع بعضها البعض.
يساعدك أخذ بعض الوقت خلال اليوم من أجل الراحة وتجديد الطاقة على السير بخُطى ثابتة، مما يجعلك تشعر بتعب أقل فترة ما بعد الظهيرة.
لكن ومع ذلك، قد لا تكون هذه الطريقة مناسبةً للجميع. فقد يجد البعض أنّ الاستراحات المتكررة تشتتهم للغاية، خاصة إن أتت في الوقت نفسه الذي تتدفق فيه الأفكار.
قد يكون الالتزام بجدول الأعمال الخاص بالبومودورو أمراً صعباً، خاصة إن كنت تعمل في مؤسسة بوتيرة عمل سريعة أو مليئة بالمقاطعات التي يسببها زملاء العمل أو الزبائن.
إنّ العناد من أجل العمل لفترات ثابتة قد يكون أثره سلبياً على الإنتاجية. فعلى سبيل المثال: إن خصصت للاجتماع وقت أقل من (25) دقيقة، فقد يُغريك هذا الأمر لتأجيل البدء ببومودورو جديد فيما تبقى من وقت.
وفي الختام علينا القول بأنّ تقنية البومودورو هي بسيطة وسهلة التنفيذ. فهي لا تتطلب أكثر من منبه وعزيمة على العمل، فبإمكانها تحسين صحّتك وإنتاجيتك. لذا جرّبها بنفسك وشاهد ما إذا كانت ستخدُمُك.
أخيراً…
تقنية البومودورو طوّرها “فرانشيسكو كيريللو” عام 1980، والتي نشرها في كتابه الذي كان يحمل الاسم نفسه.
تستخدم هذه التقنية منبه لتقسيم وقتك إلى فترات زمنية مدة كل منها (25) دقيقة وتدعى “بومودورو”. وبعد كل بومودورو، تأخذ استراحة لمدة خمس دقائق. عند انتهائك من (4) فترات بومودورو سيكون الوقت قد حان لأخذ استراحة أطول تتراوح بين (20-30) دقيقة.
إنّ البومودورو تقنية سهلة الاستخدام ولها فوائد كثيرة على كل من صحتك وإنتاجيتك. فالاستراحات المتكررة تنمّي لديك قدرة التركيز على المهام، الشيء الذي يحسّن من إنتاجيتك. وهي تساعد جسدك أيضاً على محاربة التأثيرات السلبية التي تسببها لك الفترات الطويلة من الخمول الفيزيائي خلال الجلوس على مكتبك.