مغالطات حول التنمية البشرية
مغالطات حول التنمية البشرية
النقاش الدائر في هذه الأيام حول التنمية البشرية، وما تحققه من إرتقاء بقدرات الأفراد ومن ثم المجتمعات ولكن هذا النقاش جلب معه مغالطات أدت إلى مفاهيم خاطئة فالكل يدلي بدلوه دون أن يمحص ما يقول ويتفحص ما يقال له وعندما تختلط الأمور في الأذهان فحتما ستكون الاستفادة معدومة أو مشوشة.
ومن خلال هذه الأسطر أردت فقط أن الفت نظر القراء الكرام إلى بعض النقاط الهامة والتي هي حسب رأيي المتواضع حاسمة ففهمنا واستيعابنا لمفهوم التنمية البشرية ولكيفية الاستفادة من المهارات والأدوات التي تقدمها سيمكن من حصول التغيير الذي يتبعه النجاح وتحقيق الأهداف والأمنيات والأحلام.
مما لاشك فيه أن للتنمية البشرية فى عصرنا دور قوى وفعال وشاهدنا ما أحدثت من تغيرات ولمسناها بأيدينا ودعنى أتجرأ وأقول لمستها بيدى ورأيتها بعينى على الأفراد وذلك من خلال دوراتى التدريبية أو دورات أحد المدربين الكرام المخلصين المدققين وما أكثرهم .
ولكن هناك أشياء لا تسر عدو ولا حبيب دخلت على المجال أو ساء فهمها لدى البعض قد يظن بعض الأفراد أن التنمية البشرية هى علم جديد لا أصل له بل الحقيقة أنه وجد يوم وجد الإنسان حيث بين الله تعالى لنا أن الإنسان هو خليفته فى الأرض وينبغى عليه أن يرتقى بنفسه وبالأرض وقال الله تعالى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) وقال جل فى علاه أيضا ( قد أفلح من زكاها ) وقال أيضا (قد أفلح من تزكى ).
والتنمية البشرية كما هو معروف ليست علما أكاديميا يعتمد على قاعدة الهرم لتقديم المعلومات والمعرفة، بل هي أدوات وتقنيات يمكن أن يبدأ تعلمها من الأعلى أو الوسط أو القاعدة، لا يهم فالمهم أن تتعلم المهارة والأداة ثم تتدرب عليها لتصبح مع الوقت سلوكا يوميا، ومن يقدم هذه المهارة ويقدمها إلى الآخرين ويدرب عليها الآخرين يجب بالضرورة أن يكون قد تعلمها وتدرب عليها وأتقنها من قبل بمعنى أن تكون له تجارب وخبرات سابقة.
كما أن التنمية البشرية وبالنظر إلى ما تقدمه من أدوات هي عبارة عن خبرات وتجارب الحياة، فكل المدربين العالميين في الميدان لهم كم هائل من التجارب في كثير من دوراتهم يقدمونها للعبرة والدرس.
وميدان التدريب هو الميدان الذي يحتاج أكثر من غيره إلى الخبرة والتجربة من أجل تقديم المعلومة وكيفية توصيلها بطريقة ناجعة فعالة.
ومن خلال قراءتي للاستطلاع وحضور بعض الدورات وجدت ما يدمى له القلب وجدت جهل بهذا الميدان ووجت سعى وراء مال بغض النظر عن الطرح وبغض النظر عن عقول المتدربين ، ومن بين التحامل على التنمية البشرية بعض الأفراد الذي اعتبر أن المهارات التي تقدمها برامج التنمية البشرية تحدث تحويلا في القيم إذا لم يتم أخذ احتياطات دون أن يفسر أكثر ودون أن يقول لنا ماهي هذه الاحتياطات أو كيف يحدث هذا التحويل في القيم، وبودي لو اقترب المتحدث أكثر من الميدان حتى يعرف أن التنمية البشرية ما هي إلا مجموعة من الأدوات البسيطة الفعالة التي تسمح لممارسيها باتصال فعال وبالتحكم الجيد بالنفس وضبطها، كما تسمح هذه الأدوات بالتحكم الجيد والفعال بعلاقتنا بالمحيط.
واسمحوا لي أن أبين أكثر للقارئ الكريم حتى يحكم هل هي فعلا تحدث تحولا أم لا؟
التنمية البشرية وعبر برامجها المختلفة تعتمد بالأساس على سؤالين مهمين: كيف؟ وأين؟
في كثير من أمور حياتنا نتساءل دائما عند مواجهة صعوبات ما “لماذا؟”، التنمية البشرية تذهب مباشرة إلى حل المشكلة عبر إعادة طرح السؤال كيف؟ وأين؟ بمعنى كيف يمكنني حل المشكلة، وأين يكمن حلها؟ فهى مثلا لا تقول لماذا النجاح مهم لانه أى فرد صغير أو كبير يعلم أن النجاح مهم ولكن السؤال التى تجاوب عليه التنمية البشرية هو كيف أنجح أو كيف أكون إنسان ناجح بعبارة أخرى أدوات ومهارت وتقنيات التنمية البشرية تدور حول هدف واحد كيف يمكنني تغيير نفسي وذاتي وتطويرها، هذا ببساطة شديدة تقريبا الميدان الذي تدور فيه التنمية البشرية، أما مازاد عن هذا فهو في غير محله حسب اعتقادي البسيط المتواضع.
وفي النهاية الحقيقة أن هناك الكثير من الجهل بالميدان حتى من طرف الذين دخلوه ويجب على الصادقين من هؤلاء العمل على توعية الناس وترقية فهمهم لهذه التقنيات بعيدا عن الصخب والضجيج الذي لن يأتي بنتيجة، وحتى لا يستغل الميدان من طرف الانتهازيين والوصوليين الذي يستغلون شغف الناس بالاستحواذ على أموالهم دون وجه حق، وقد حدث فعلا هذا في كثير من مناطق الوطن.
ولعل أول شيء يجب فعله من طرف المراكز المتخصصة أن يعاد النظر في تقديم شهادة المدرب، فالتدريب مجال لا يمكن أن يدخله كل من هب ودب، والمدرب ليس أي كان فيجب أن يخضع لشروط معينة وخاصة وإذا خالف هذه الشروط لا يمنح تلك الشهادة وانا بصدق على إستعداد ان أدخل هذا الحيز وإن إثبت عدم جدارتى وكفائتى فى التدريب فانا أول المنسحبين فى هذا العالم وذلك لأن عقل الإنسان أمانة لا مجال لتضيعها ولا لتبديدها والله انا لا أغالى ولكن هى حقيقة .
كما أنه علينا أن لا نكون مقلدين نستهلك كل ما يأتينا من الخليج العربي أو من امريكا وأوروبا أو من مصر ، بل أنه يتوجب علينا الإبداع ومحاولة إسقاط الأمور على واقعنا الذي هو لا محالة لا يشبه ولا يتماشى مع واقع الدول وبعضها ، ودعوني أعطي مثال على ذلك، ففي ميدان المهارات الدراسية، يقوم الكثير من “المدربين” بنسخ ماجاء في محاضرات دكاترة من دول غربية دون تمحيص، ففى مهارات التعامل مثلا نرى يقال فى محاضرات غربية وكتب غربية نرى كلمة الإسراف فى المدح وهذا منافيا للشريعة فقد يصاب الممدوح هذا بالغرور وأيضا بكره الناس له ولكن الثناء الطيب الجميل الذى يأتى بداعى لا شىء فيه والله أعلم أما الإسراف فى المدح فهذا غير صحيح وهو تقليد نحن محاسبون عليه وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم( حثو فى وجه المداحين التراب )
إن الأمر يحتاج إلى متخصصين بالفعل وليس لأفراد عاديين ولا أقصد بكلامى أن التدريب هذا شىء صعب المنال أو أنه لا يحصل عليه إلا الصفوة ولكن ما قصدته هو إتقاء الله عز وجل فى عقول البشر ولكن أن أصبح مدرب فهذا أمر هين إذا فقط تتبعنا السبل الصحيحة والسليمة من التعلم والتفقه الصحيح والوعى بقيمة العقل ، في الأخير أنني أهيب بكل من له صلة بالميدان أن يشارك بالنقاش والحوار الذي سيميط اللثام عن الكثير من الغموض .